كاراكوز الاعتدال وهوس تغييب المعتقلين وارتهان أجسادهم
[حسن العمري]
* حسن العمري
فضائيات كثيرة سعودية عربية وأجنبية عديدة تروج لسياسة عولمة محمد بن سلمان في مملكة القمع والذبح والعنف، سعياً منه لتبييض صورته الدموية التي لا يمكن تبييضها مهما اشتغلت ليل نهار بدعايتها الهزيلة بوجود مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت لا تفارقها لا صغيرة ولا كبيرة في أي نقطة من العالم، فما بالك بحكومات القمع الجاثمة على صدور الشعوب الخليجية وفي مقدمتها سلطة آل سعود المعروفة بتاريخها الدموي والإجرامي لكل قاص وداني طيلة اكثر من ثلاثة قرون، العهد السلماني زاد الطين بلة بجرائم التقطيع والتنشير بعد أن كانت بدس السم وقطع الرؤوس حرابة.
"الاعتدال" كان شعار "بن سلمان" في قمة الرياض الشهيرة، التي خرج منها الرئيس الأمريكي السابق ترامب بـ450 مليار دولار معلنة وأكثر من ترليون و500 مليار اخرى باشكال مختلفة؛ وأطلق على إثرها "المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف" وأُطلق عليه "اعتدال".. لكن سرعان ما تبعه موجات اعتقالات عديدة طالت دعاة ومفكرين وعلماء وناشطين وإعلاميين وجامعين من كلا الجنسين، وأقسم محمد بن سلمان في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض بأنه "سوف نُدمرهم اليوم، وفوراً"، ليبدأ تنفيذ سياسته القائمة بالقضاء على كل من يحمل ولو بذوراً للأفكار الرافضة لتقديس "ولي الأمر" والتماهي المطلق معه، وملاحقة وتطويق كل صاحب فكر يؤدي الى تداول السلطة وإعادتها الى مبدأ الشعب.
هي صيغة السلطان العثماني وكاراكوز.. كاراكوز وعيواظ (بالتركية: Karagöz ve Hacivat) هما شخصيتان في مسارح خيال الظل التركي يعود أصلهما للعصر العثماني وانتشرت الى مُعظم مناطق الإمبراطورية العثمانية.. وتبدأ القصة الحقيقية عندما أتى الحاج عوض (مهرج السلطان) بقرة گوز من الآستانة الى بورصة بعدما طلب من السلطان أن يأتي بشخص آخر يساعده. وفي مرة تكلما بكلام أساء للسلطة، فأمر السلطان بقطع رأسيهما.. وفي مرة أمر السلطان أن يُحضرا كاراكوز وعيواظ للمهرجان، فقيل له بأنهما أُعدما بأمر من السلطان فأمر بكجي باشي بأن من يقطع رأسيهما ألحقت رأسه بهما؛ أذهب وأئتني بهما.. خرج الرجل وأخبر عبد الله الششتري بالقصة، فأمر عبد الله بجلود وقصها على هيئتهما، وأخبره بطريقة تحريك الجلود وتقليد أصواتهم، فعُرض العرض على السلطان.
استغلت السلطات السعودية حصيلة اعداماتها المنخفضة عام 2020 في تبييض صورة العهد السلماني، فيما واصلت الإستمرار بتجاهل الآراء الدولية والانتقادات بكل وقاحة. التغير في الأرقام لم يوقف طبيعة تعامل السلطة السعودية مع عقوبة الإعدام ضد معارضيها بوصفها أداة قمعية وانتقامية وتعسفية.. فقد كشفت منظمة العفو الدولية عن اعدام أكثر من 865 شخصاً منذ تسلم الملك سلمان الحكم في 2015، احتوت هذه الأحكام على انتهاكات صارخة وجسيمة للقانون الدولي، وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت إعدام 818 شخصا منذ 2015 حتى 2020، بواقع159 في 2015، و154عام2016، 146 في 2017، 148 في 2018 ، 186 في 2019، و 29 عام 2020.
الكاتب الأمريكي مايكل وولف يقول: محمد بن سلمان يعاني من مشكلة مزمنة وهي تعاطي الكوكايين وألعاب الفيديو، وهو الأكثر إجراماً الأكثر إجراماً بين أعضاء الأسرة على المستوى العالمي.. فهو نسخة متطورة للتاريخ الدموي والخياني لآل سعود بقوة الحديد والنار والقهر الوهابي السلفي، هذه هي الحقيقة وهم يفخرون به و يتفاخرون بقولهم "لقد أخذناها بقوة السيف"، كما إنه تاريخ خياني ارتبط منذ بداياته بالحركة الوهابية السلفية التي شوهت الاسلام، كما ارتبط بعلاقات تبعية للاستعمار البريطاني للوطن العربي وأجزاء كبيرة من العالم الإسلامي.
مصادر المعارضة السعودية كشفت النقاب عن اعتقال السلطة الحاكمة لأكثر من 13 ناشطاً سعودياً من كلا الجنسين على خلفية تغريدات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي من بينهم: عبدالله جيلان، وزينب ولدن، وأبو دحام، و نازا.. منذ ليلة عيد الفطر المبارك ولم يعرف مصيرهم بعد، ما دعى الكثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية الى المطالبة بإطلاق سراحهم وجميع المعتقلين فوراً ودون قيد أو شرط، فيما الخوف ينتاب أهاليهم من احتمال أن يكون مصيرهم مصير جمال الخاشقجي بين تنشير وتقطيع، خاصة وان السلطات السعودية لم تعلن حتى الآن مسؤوليتها عن اعتقالهم أو الإفصاح عن محل اعتقالهم
المصادر التاريخية تؤكد أن كل القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية وخارجها لم تسلم من البطش والتنكيل السعودي مما يؤكد أن عائلة آل سعود عائلة غريبة عن المنطقة بل إن كل المذاهب وان لم تكن في الجزيرة لم تسلم من مذابح ومجازر آل سعود.. حيث إن الإنسان لا كرامة له عندهم وإنما مهمتهم خدمة الأسياد وشهوات أنفسهم، فقد زاد عدد الذين هربوا و شردوا من الجزيرة العربية عن سبعة ملايين مواطن ومواطنة منذ أن جاءت المخابرات الإنكليزية الصهيونية بعبد العزيز آل سعود عام 1901 حتّى تاريخ هذا المقال، فيما بلغ عدد الذين أراق آل سعود دمائهم منذ دويلتهم الأولى في الجزيرة العربية وحتى يومنا هذا حوالي مليوني شخص – وفق وثائق الخارجية البريطانية.
فمنذ قرن وعقدين من الزمن ما تزال تطغى موجة الإرهاب السعودي على الجزيرة العربية حاملة معها الحقد والسفك للدماء والتنكيل بالمسلمين فاستبيحت المحارم وسفكت الدماء واهينت المقدسات وكُفِّر المسلمون وعطلت شعائر الإسلام وحرموا الشعب من خيرات البترول بل حرموا المسلم من أبسط ما يتمتع به الإنسان من كرامة بل من أبسط الحريات ، فلا حرية للمعتقد ولا حرية للعبادة ولا حرية للقول ولا حرية للكلام، فالكتب والصحف محظورة إلا ما مجد السعوديين وأباح جورهم وأشاد بطغيانهم بينما تحرق كتب الإسلام الصحيح وتمزق أسفار الدين القويم،
حساب “سعوديات معتقلات” نشر مؤخراً قائمة محدثة بأسماء المعتقلات في سجون آل سعود تشمل سيدات في الستينات من العمر اضافة الى فتيات صغار في السجن.. تضم كلاً من المعتقلات " حليمة الحويطي، فاطمة آل نصيف، نسيمة السادة، زانة الشهري، إسراء الغمغام، نوف عبد العزيز، عايدة الغامدي، بسمة آل سعود، نعيمة المطرود، مياء الزهراني، آمنة الجعيد، سهود الشريف، سماح النفيعي، خديجة الحربي، أماني الزين، دلال الخليل،رقية الدخيل،كفاية التاروتي، نور المسلم،مريم القيصوم، سمر بدوي ومها الرفيدي".. وقالت إن البعض ممن يطلق سراحه من النشطاء والمعارضين لأبن سلمان يختفون بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحهم دون معرفة الأسباب التي تشير الى وقوف السلطة الحاكمة من وراء ذلك.
ملف الإعدامات وارتهان جثث المعدومين من قبل السلطة السلمانية لازال مرتبكا ويتضمن مواقف غامضة، فالقرارات التي احتفي بها رسميا، وخاصة فيما يتعلق بتغييرات في اعدام القاصرين أكدت كذبها باعدام المعتقل السياسي مصطفى هاشم آل درويش قبل ايام، وهو من أبناء مدينة القطيف في المنطقة الشرقية الذي كان قاصرا عند اعتقاله . فيما الانباء المؤكدة تشير الى أن لا يقل عن 41 شخصا اغلبهم كانوا قاصرين خلال احداث الربيع العربي ما زالوا معرضين لخطر القتل، فيما تؤكد مصادر موثوقة أن العدد الفعلي أعلى بكثير خاصة مع محدودية قدرة المنظمات الحقوقية على تتبع ومراقبة أحكام الإعدام في البلاد.
السلطات السعودية تحرم العائلات من حقها في دفن أحبابها، حيث بلغ عدد الجثامين التي تحتجزها سلطة "بن سلمان" حتى نهاية 2020، 86 جثمانا. من بينها ما يعود لقاصرين أعدمتهم السعودية ما بين عامي 2016 الى 2020 ومن بينها جثامين تعود الى 83 سعوديا، 2 بحرينيين ومصري - حسب رصد منظمة حقوق الإنسان التي تتوقع أن تكون الأرقام أعلى بكثير، خاصة اذا ما الحق بها حالات إعدام العمال الأجانب.. كما أن السلطة الحاكمة تماطل حتى في تسليم أوراق ومتعلقات الأفراد الذين تعدمهم ولا حتى محل دفنهم الذي تدعي انها قامت بذلك، رغم مطالبات العوائل.
ارسال التعليق