لماذا لم يتمكن الحريري من تشكيل الحكومة حتى اللحظة؟!
[ادارة الموقع]
في 24/5/ 2018 كلف الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس الحكومة سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة بعد أن فشلت جميع الجهود الرامية لتشكيل حكومة تحظى برضى جميع الأفرقاء في لبنان، وبعد اجراء الانتخابات البرلمانية في السادس من مايو/أيار 2018 أصبح الأمل أكبر بتشكيل الحكومة، ولكن وبعض مضي أكثر من ثلاثة أشهر على تكليف الحريري بتشكيل الحكومة لا تزال البلاد عالقة في مكانها تواجه شد وجذب وتبادل تهم بين القوى السياسية المختلفة حول تعطيل تشكيل الحكومة.
الحريري والمملكة
سعد الحريري أعلن يأسه وعدم قدرته على تشكيل الحكومة حتى اللحظة، ووصل الحريري إلى حد التأكيد مرارا وتكرارا أنه لا يستطيع أن يقدّم أكثر مما قدم حتى الآن، ما يفتح باب التساؤل حول الطرف الذي يعرقل سير عمل رئيس الحكومة حتى الآن ومالغاية من ذلك إن كانت الانتخابات البرلمانية جرت بموافقة جميع الأطراف ولم يعترض على نتائجها أحد؛ من يأخذ لبنان نحو الهاوية؟!
جميع الدلالات تشير إلى أن آل سعود المسؤولين بشكل كبير عن عدم استقرار لبنان، وهذا الكلام لا يحتاج إلى كثير من الشرح، فقط يكفي أن نستذكر تصرفات وزير الشؤون الخليجية ثامر السبهان وزياراته المكوكية التي أوصلت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى حد احتجاز رئيس وزراء لبنان واجباره على اعلان استقالته من الرياض في ظاهرة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، وهذا ما اعتبرته جميع الدول تدخلاً صارخا في شؤون لبنان الداخلية وتعدي على سيادة هذا البلد، ما اضطر رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون على التدخل على خط الأزمة والسفر إلى السعودية لاطلاق سراح الحريري، وهذا ما حصل بالفعل لتجري بعدها انتخابات برلمانية كانت الغاية منها الوصول إلى حكومة وطنية يشكلها الحريري بشكل ديمقراطي مبني على نتائج صناديق الاقتراع، ولكن ما حصل كانت على عكس توقعات ابن سلمان.
نتائج الانتخابات البرلمانية جاءت لصالح الطرف المخالف لسياسة ابن سلمان في لبنان، ولم يتمكن حلفاء المملكة من الحصول على غالبية المقاعد البرلمانية، ما أغضب ولي العهد ودفعه لمعاقبة سعد الحريري مرة أخرى عن طريق تجميد عمل شركة "سعودي أوجيه" التي تمثل المورد الرئيسي لتمويل تيار المستقبل وحلفائه في لبنان، ومع ذلك لم يذهب الحريري نحو تعميق الخلاف مع السعودية على عكس ما كان متوقع، وكا يسعى الحريري لامتصاص غضب السعودية وعدم خسارة دعمها المالي له، فالحريري من دون المملكة ودعمها لن يستطيع البقاء لكونه يعاني من ضغوط اقتصادية كبيرة، ويرى أن الحل بإعادة الحصول على دعم المملكة للمساهمة في حل جزء من مشاكل لبنان الاقتصادية، ولكن ذلك لن يتحقق لطالما أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة لا يلبي طموح السعودية.
من تريد السعودية؟
بن سلمان بعد الخسارات المتتالية التي مني بها في السياسة الخارجية على طول هذا الاقليم لم يتبقى له سوى ورقة لبنان للتمسك بها، حتى لا يمكننا القول بأنه يملكها بالكامل ولكنه يستطيع أن يؤثر عبر الضغط على حلفاءه هناك، خاصة سعد الحريري الذي يتولى مسؤولية تشكيل الحكومة والذي نراه بشكل او بآخر محرجا نتيجة فشله من التخلص من الضغوط السعودية عليه ومن ناحية ثانية عدم قدرته عن اتمام المهمة التي أوكلت اليه نيابيا على الرغم انها جاءت بزخم لبناني كبير بعد الانتخابات النيابية.
واليوم يلعب الأمير الشاب على ورقة الحصول على أقوى تمثيل نيابي لحليفيه الأساسيين حالياً "القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي" ولكون نتائج الانتخابات لا تتوافق مع تطلعات بن سلمان، اصبح من المستحيل تشكيل الحكومة في ظل محاولة الحريري منع تمثيل الكتلة النيابية السنية المعارضة له ولحليفه، والقريبة من سوريا وحزب الله.
قبل حوالي شهر صرح المسؤول البارز في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق لوكالة "سبوتنيك" قائلاً: "السياسة السعودية لم توفر أحدا من شرها، فهي لا تزال تشكل تهديدا مباشرا للوفاق الوطني اللبناني ولاستقرار الحياة السياسية في لبنان"، مؤكدا أن لبنان لن يكون ساحة للإملاءات والوصاية والهيمنة السعودية.
مستقبل لبنان لا يزال ضبابيا لطالما أن ولي العهد السعودي ومن خلفه الامارات لا يريدان حلاً في لبنان يخالف تطلعاتهم في هذا البلد، وهذا ما سبب احراجا كبيرا للحريري الذي حشرته السعودية ،وأضعفت دوره ومسؤوليته بعد ان منحته الكتل النيابية ثقتها بتشكيل الحكومة، وفي حال بقيت السعودية على هذا الموقف، لابد ان يتخذ الحريري قرارا منصفا بحق شعبه الذي منحه الثقة.
ارسال التعليق