ما أشبه اليوم بالبارحة.. فكيس الخيش بإنتظاركم
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
بنبرة إستعلائية فرعونية يعيد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بين الحين والآخر إستصغار وإستحقار وإذلال لآل سعود والإستهزاء بسلمان (العزم) وابنه على الملأ العام دون وجل أو خجل، ليستحلبهم أموال بترول شعبنا وهم يقدمونه على طبق الاخلاص مطأطئي الرؤوس صاغرين خوفاً من أن يطلهم كيس من الخيش، فرحين ببقائهم في السلطة لأيام معدودات اخرى حيث الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل سنة الذين سبقوهم في الظلم والجبروت والطغيان.
قال الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" يوم الجمعة الماضية وفي حديثه مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، لقد "أبلغت السعوديين بأنهم بلد غني جدا، وعليهم أن يدفعوا مقابل القوات الإضافية، وأودعوا بالفعل وعلى الفور مليار دولار لدينا". مضيفاً: أن "السعودية بناء على طلبي وافقت على أن تدفع لنا مقابل كل ما نفعله".. سوف "نرسل قوات إضافية الى السعودية، وهي حليف جيد... ولاعب مهم جداً بالنسبة لنا في الشرق الأوسط، وهم يشترون منتجاتنا بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وليس المعدات العسكرية فحسب".. أن قيمة المعدات العسكرية تبلغ "حوالي 110 مليارات دولار، وهذا يعني ملايين فرص العمل".
يوم دخل القائد المغولي "هولاكو خان" بغداد قتل العلماء والتجار والقضاة، وقال لجنوده أبقوا المستعصم (الخليفة العباسي آنذاك) حياً حتى يدلنا على أماكن كنوزه. وذهب المستعصم معهم ودلهم على مخابىء الذهب والفضة والنفائس وكل المقتنيات الثمينة فى داخل وخارج قصوره ومنها ما كان يستحيل أن يصل اليه المغول بدونه حتى انه أرشدهم الى نهر مطمور من الذهب المصبوب والمتجمد .. لا يعلم أحد بمكانه؛ فقال له هولاكو "لو كنت أعطيت هذا المال لشعبك لكانوا حموك مني"... لم يبكِ المستعصم على الكنوز والأموال ولكنه بكى حين أخذ "هولاكو" يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة وسرية وألف خادمة وأخذ الخليفة يتضرع الى هولاكو قائلا "مُنّ عليّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر"... ضحك "هولاكو" من قول المستعصم و أمر أن يضعوه فى شوال (كيس من الخيش) وأمر جنوده بأن يضربوه ركلا بالأقدام حتى الموت.
الولايات المتحدة وعلى لسان وزير دفاعها "مارك اسبر" كانت قد اعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن هذه الخطوة عقب هجوم يوم 14 سبتمبر/أيلول الماضي على منشأتي نفط لأرامكو ستراتيجيتين أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه وذلك في منتصف سبتمبر الماضي، تسبب في توقف إنتاج نصف النفط السعودي، لكن لا شيء يذكر على الأرض حتى هذه اللحظة رغم دفع الرياض مبالغ مشابهة آنذاك ايضاً.
تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة، فتحت الباب من جديد، أمام تساؤلات عديدة، تطرح منذ وقت طويل، حول مدى جدية واشنطن في الدفاع عن عرش آل سعود، حيث المؤشرات تؤكد أن "ترامب" يمارس الابتزاز في كل مرة، ويتحدث فقط فيها عن استعداد بلاده للدفاع عن المملكة دون إقدامه على أي إجراء يذكر.. فهو من قال للصحفيين في البيت الأبيض وعقب الهجوم الحوثي على أرامكو، إنه "لم يعد السعودية بحمايتها.. وأن على السعودية أن تفكر في الدفاع عن نفسها بنفسها بجدية"!!.
ليست المرة الأولى التي يطلق فيها الرئيس الأمريكي تصريحات من هذا القبيل، إذ أنه اعتاد على الإدلاء بها في العديد من اللقاءات، التي تجمعه بأنصاره في الولايات المتحدة، حيث يردد دوما بأنه تحدث لقادة ال سعود وقال لهم، "إن عليهم أن يدفعوا إذا ما رغبوا في حماية أمريكا لهم وهم يدفعون له فوراً" صاغرين منبطحين.. ما يعزز قول المراقبين بأن "ترامب" يجيد اللعبة مع آل سعود فهو يستخدم المناسبات للحصول على مزيد من الأموال من السعودية. رغم أن قضم قضمته الكبيرة من الكعكة السعودية الشهية عام 2017 خلال زيارته للرياض وحصوله على 450 مليار دولار ما يعني ملايين الفرص للأمريكان.
يقول المؤرخون أن ما جمعه بنو العباس فى خمسة قرون أخذه هولاكو فى ليلة واحدة، وسيقول المؤرخون ما كان يكفي الأمة العربية لعدة قرون أخذه المخبول "ترامب" فى ليلة واحدة من آل سعود وأشقائهم الخليجيين وهم صاغرين أذلاء.. فلو أنفقت الأنظمة الموروثية الرجعية العربية كل هذه الأموال على التعليم والبحث العلمي ومساندة بعضها البعض لكانت اليوم أقوى الأمم وأكثرها تطوراً وتقدماً حيث أنها صاحبة أعرق حضارة.. فما أشبه اليوم بالبارحة ...
موقع "GZERO" السياسي الساخر نشر مؤخراً مقطع فيديو جديد بطريقة العرض المسرحي للدمى، يظهر محمد بن سلمان بصورة ساخرة، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وذلك تحت عنوان "محمد بن سلمان دمى متحركة.. حقيقة لا يمكن إنكارها"، يظهر فيه ولي العهد السعودي وهو يجري اتصالاً مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" داعياً مساعدته وحمايته من خصومه الداخليين والأقليميين، يطلب فيه الأخير منه إعطاءه "هانتر" نجل منافسه القادم بالانتخابات "جو بايدن"، في إشارة ساخرة من الطريقة التي قتل فيها الصحفي "جمال خاشقجي".
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت وفي تقرير أعده "ديكلان وولش" و"بن هبارد" التحول الجديد في الموقف السعودي من ما أسمتهم بـ"اعداء الرياض"، من أن أمريكا لن تسارع للدفاع عن سلمان وأبنه، مشيرة الى أنه وبعد أشهر من الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة للحوثيين على المنشآت النفطية، قرر ولي العهد السعودي تبني موقف غير معهود في الدبلوماسية يهدف لترطيب العلاقات وتخفيف التوترات مع الأعداء بالمنطقة".. مشيرة الى تكثيف ابن سلمان المحادثات مع جماعة الحوثي في اليمن الى جانب تحركه نحو تخفيف الحصار الخانق وليس إنهاؤه على الجارة قطر، كما وأن السعودية تحركت ايضاً نحو إيران وبحثت عن طرق وسيطة للمحادثات معها، نظرا لخوف السعوديين من الدفاع عن أنفسهم بدون الغطاء الأمريكي، وهو نتيجة إكتشاف السعوديين أنهم لا يمكنهم الاعتماد على الدعم الأمريكي كأمر مؤكد، وهو ما قامت عليه السياسة الخارجية الأمريكية ولعقود طويلة.
"إيميل هوكاييم" أحد كبار خبراء المعهد الدولي للدراسات الدولية والإستراتيجية، يؤكد: "إن دفاع ترامب عن السعوديين في كل لفتة وحركة بات أمراً صعباً رغم تلقيه المقابل المادي حيث يتعرض لضغوط داخلية كبيرة على دعمه للمجرمين والقتلة، ولهذا قررت الرياض تخفيف سياساتها في الوقت الحالي. كما أن العلاقة مع حليفتها الإمارات كشفت بعدما قررت الأخيرة سحب قواتها من اليمن في حزيران (يونيو). وفي تموز (يوليو) قامت الإمارات بعقد لقاء مع ايران حول الأمن البحري في المنطقة الخليجية في محاولة منها لتخفيف التوتر في المنطقة وتأمين أراضيها وحماية سمعتها".
الرئيس الأمريكي أرتبط أسمه بشكل لافت منذ دخوله البيت الأبيض وحتى يومنا هذا، مع مملكة ال سعود، لم يكن بسبب علاقات الود بينهما؛ وإنما لكثرة طلبات "الدفع" والابتزاز التي يمارسها "ترامب" علناً مع الرياض، وتحديداً مع الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد، وأصبح الأمر محل تندُّر في العالم.. فهو يطارد المال السعودي مقابل تسليح المملكة وبيع الوعود التي بدت مع الزمن "فارغة المعنى"، ويعمل (الرئيس الأمريكي) بشتى الطرق على تحقيق أكبر إبتزاز للحصول على مزيد من المال.
الإنصياع المتواصل من قبل الأسرة السعودية الحاكمة لإبتزازات الرئيس الأمريكي بين فترة واخرى لن يجديهم نفعاً ولن يتمكن من تبييض صورة سلمان ونجله الذي أضحت المملكة خلال السنوات الخمس الماضية من توليهم العرش الى أكثر الدول "منبوذية وكراهية" لسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الانسان على المستويين الداخلي والأقليمي خاصة الحرب على اليمن والتي تسببت في وفاة حوالي 100 ألف شخص، وأسفرت عن كارثة إنسانية خلفت حوالي 85 ألف رضيع على وشك المجاعة، الى جانب استمرار السلطة في سياسة القمع وسجن وتعذيب نشطاء الرأي وحقوق الانسان من كلا الجنسين- وفق مجلة "نيوزويك" الأميركية.
ارسال التعليق