محمد بن زايد حول آل سعود لحصان طروادة
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
مع انطلاق الربيع العربي خلال أواخر عام 2010 ومطلع 2011، تلك التي كانت الثورة التونسية شرارة إندلاعها وأتت على حكم زين العابدين بن علي في تونس (14 يناير 2011)، وحسني مبارك في مصر (11 فبراير 2011)، ومعمر القذافي (17 فبراير 2011)، ثم أتت على نظام علي عبد الله صالح في اليمن (25 فبراير 2012)، ثم في سوريا في آذار 2011؛ كلها بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" سرعان ما بلغ بلدان عربية اخرى هي الأردن والسودان والمغرب وموريتانيا، وكذا دول مجلس التعاون بإستثناء قطر، لينطلق إنذار زعزعة وجود الأنظمة الرجعية التي تحكم بلداننا وتنهب ثراوتنا، وتهز عروشها.
ما أن وصل الخطر للداخل السعودي والبحرين بشكل جدي وأنطلقت حركة الإحتجاجات الشعبية السلمية المطالبة بالعدالة والمساواة في المنطقة الشرقية في يوم الجمعة 28 يناير/كانون الثاني 2011، ساندها الحراك الشعبي السلمي في البحرين المجاورة تلك التي بدأت في 14 فبراير/شباط 2011، مطالبة بالحقوق ذاتها التي طالب بها أبناء المنطقة الشرقية؛ ما أشعر النظام السعودي بالخطر الشديد وهو يحس أن عرشه أخذ يتزلزل من تحت أقدام أمراء آل سعود، دعمه تحذير الاستخبارات الأمريكية البريطانية الإسرائيلية للرياض بالخطورة الكبيرة على مستقبل الأسرة الحاكمة.
الضوء الأخضر من الحليف الأمريكي البريطاني الإسرائيلي جاء مشروطاً بعد إجتماع ضم بندر بن سلطان وكبار مسؤولي إستخبارات الحلفاء في باريس - وفق صحيفة دير شبيغل الألمانية آنذاك، بأن تأخذ البلدان الخليجية دعم الحراك الشعبي في دول الربيع العربي مادياً وإعلامياً ولوجستياً وسياسياً بدءاً من سوريا وحتى مصر وليبيا وتونس وحتى الجزائر التي تجاوزت المحنة بفعل حكمة قادتها؛ سعياً من الاستعمار الجديد ضرب ما يسميه "الاسلام السياسي" الذي يرعبه جملة وتفصيلاً، فكانت السعودية والامارات سباقتان بدعم الأخوان في مصر وإعتلائهم السلطة ثم ضربهم بطريقة لا يستقوون على النهوض من بعدها مروراً بتسميتهم "تنظيم إرهابي"، فيما تم الإيعاز الى قطر والكويت بدعم الإضطرابات التي إجتاحت سوريا والارهاب الذي عصف ببلاد الشام والعراق بإشارة من السعودية.
تهاون أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني في الخضوع بالشكل الذي يرغبه عبد الله بن عبد العزيز دفع بالرياض الى تسليم ملف سوريا الى الدوحة بالتوافق مع ولي العهد القطري تميم بن حمد والتنسيق معه وتسهيل إنقلابه على والده تحت يافطة ديمقراطية جميلة وهي تنازل حمد من العرش لولده في 25 يونيو 2013، بعد أن أحس بحرارة السكين السعودي على رقبته وأن عبد الله إستغله شر إستغلال فيما يخص الملف السوري، حيث بدأت قطر بإرسال شحنات الأسلحة بقيمة مليارات الدولارات الى التنظيمات الإرهابية المسلحة في سوريا وفي مقدمتها ما يسمى بـ"الجيش الحر".
بعد عام من بلوغ تميم بن حمد آل ثاني السلطة، شاركت في ندوة أكاديمية إعلامية سياسية بدعوة مباشرة من حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري آنذاك وكانت لي مداخلة بخصوص تطورات الأزمة السورية، وخلال لقاء العشاء في النادي الدبلوماسي تبادلنا الرأي مع المضيفين بضرورة الحد من دعم المعارضة المسلحة والعمل على حل الأزمة بطرق دبلوماسية، وأن هناك جهة خليجية ستجعل من قطر في سوريا حصان طروادة ما حرك فضول الطرف القطري.. وبعد ساعة وإذا بالمبعوث الأميري يدعوني لشرب الشاي مع أمير الدولة تميم بناءً على طلب الأخير، ليسمع مباشرة ما ذكرت وتحذيري من تغافل الدوحة من نوايا الرياض بهذا الخصوص ما سيشكل في القريب خطراً عليها؛ خاصة وأن السعودية وجدت ضالتها لتتصدر قطر المشهد السوري وتقديمها القيادة وإحترامها لرغبة الدوحة في طرد دمشق من الجامعة العربية.
مع إعتلاء سلمان (المخرف والمصاب بمرض الزهايمر العضال) العرش في المملكة، وجد محمد بن زايد ضالته لتصدّره المشهد الخليجي والإنتقام من آل سعود، حيث "الإمارات والسعودية خاضا 57 معركة ضد بعضهما البعض خلال الـ 250 عامًا الماضية. السعوديون ليسوا أصدقائي الأعزاء، لكنني مضطر إلى التعاون معهم" - (ويكيليكس، نقلًا عن "محمد بن زايد" بتاريخ 31 (يوليو/تموز) 2006)؛ حيث تحمل آل زايد كثيراً من إستحقار آل سعود لهم، وإحتلال أراض وحقول نفط لا يزال نزاع الملكية قائم بين العاصمتين عليها؛ فسعى بكل خبث وذكاء الى توريط الرياض في الحرب على اليمن وجعلها كبش فداء أو كحصان طروادة؛ بذريعة الدفاع عن "الشرعية" وإستعادة اليمن من سيطرة الحوثيين بتقديم سلمان القائد (حصان طروادة) لإستعادة اليمن من سيطرة الحوثيين، ودفعه نحو مستنقع الحرب باليمن، والتي ما دخلها أحد وخرج منها سالماً.
مراقبون يؤكدون أن لأبن زايد رغبة كبيرة في ممارسة أقصى حد من التأثير في الشؤون الداخلية السعودية تدفع بها نحو الاستمرار في التدخل في اليمن، حيث لا تلتقي مصالحه دائماً مع مصالح الرياض يسعى من خلالها أن يضرب محمد بن زايد في العمق السعودي تاريخياً وإيدولوجياً مستندأً على تاريخ من العداوة المذهبية بين القبائل الوهابية في نجد، والتجار المالكيين في الإمارات، منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، قبل حتى أن يبدأ الصراع الفعلي بين آل سعود و آل نهيان في عام 1810، عندما سيطر "آل سعود"، على واحة "البريمي"، البيت التقليدي لآل نهيان، ولؤلؤة الرعاة والصيادين ويبسطوا سيطرتهم عليها لقرابة 150 عامًا.
ثلاث سنوات بعد التحذير وإذا باللعبة الخطرة تنكشف خيوطها في صيف 2017، حيث كشفت تقارير إستخباراتية أمريكية بريطانية عن خطة سعودية إماراتية لغزو وإحتلال قطر على شاكلة ما تم مع البحرين لكن هذه المرة المستهدف الأول والرئيس هو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعرشه، وهو ما كشفه وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "ريكس تيلرسون" في حوار تلفزيوني غير مسبوق مستنداً لمعلومات قدمها مسؤول رفيع لا يزال على رأس عمله في جهاز المخابرات الأمريكية، وأكده إثنان من المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك ايضاً - وفق ما كشفه موقع "إنترسيبت" الإستخباراتي الأمريكي وذكرته كل من صحيفة "نيويورك تايمز".
صحيفة (TheIntercept) الأمريكية كشفت هي الاخرى عن إجراء "تيلرسون" الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إكسون موبيل" ولديه علاقات قديمة مع الدوحة، إتصالات هاتفية مع الملك السعودي وولي عهده محمد، ووزير خارجيته آنذاك الجبير محذراً إياهم حتى من التفكير في مهاجمة قطر أو تصعيد الأعمال العدائية ضدها. في وقت كشفت فيه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية (هيذر ناويرت) للصحفيين، إن "تيلرسون" أجرى أكثر من 20 مكالمة وإجتماعاً مع ممثلين خليجيين وجهات إقليمية اخرى معنية بالأزمة الخليجية؛ أكده أيضاً "روبرت مالي" الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات والمستشار البارز السابق لشؤون الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما".
آل سعود إستخدموا البلدان الخليجية كـ"حصان طروادة" للإبقاء على سيطرتهم على العالم العربي والاسلامي، وهي السياسة ذاتها التي إستخدمها "بن زايد" مع السعودية في الحرب على اليمن، ليرتد السحر على الساحر وبصورة يهدد وجوده جملة وتفصيلاً.. فمن وجهة نظر ولي عهد أبو ظبي أن القيادة والشعب السعودي هم "مجموعة من الأمراء الهرمين عديمي الكفاءة القادمين من الماضي، وغير القادرين على التغيير، ونظام فاسد يتم التحكم به من قبل رجال الدين، وشعب ينتظر الولايات المتحدة لتغير له حكومته، ومنبع خصب لتصدير الإرهاب والتطرف" - وفق ما كشفته برقيات "ويكيليكس" إستناداً لتقارير الإستخبارات الأمريكية؛ فضلًا عن الإزدراء الشخصي الذي أظهره "محمد بن زايد" لبعض كبار الأمراء في السعودية، حيث شبّه "نايف بن عبد العزيز" بالقرد في أحد البرقيات - نشرها "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية في صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية.
ارسال التعليق