مغامرة بن سلمان مع كندا تضع الكرة في ملعب الأوروبيين
[ادارة الموقع]
مضى أكثر من 5 أيام على بداية الأزمة الكندية_السعودية ولا تزال نار هذه الأزمة متقدة في ظل تعنت كلا الطرفين بالقرارات التي صدرت عن كليهما وتبعات هذه القرارات، ووصلت الأمور إلى طرق مسدودة تحاول كندا فتحها مجددا بهدوء عبر قنوات ألمانية سويسرية، في مقابل ذلك تريد المملكة أن تأخذ هذه الأزمة أكبر صدى إعلامي ممكن لتعطي درسا لبقية دول العالم عن سياستها الجديدة عبر كندا.
البداية
انطلقت شرارة هذه الأزمة على خلفية تغريدة السفير الكندي في السعودية دانيس هوراك على حسابه في تويتر معربا عن :"قلقه إزاء الاعتقالات التي تقوم بها السعودية ضد ناشطي حقوق الإنسان" والتي كان آخرها الناشطتان السعوديتان نسيمة السادة وسمر البدوي، شقيقة السجين المعارض رائف البدوي.
لترد المملكة بإعلان عدم رغبتها في السفير الكندي داخل أراضيها وطالبته بمغادرة البلد مع إمهاله 24 ساعة لذلك، فضلا عن استدعاء سفيرها في كندا وتجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية، وإيقاف كل برامج التدريب والابتعاث والزمالة إلى كندا.
الغايات
سجل السعودية فيما يخص "انتهاك حقوق الانسان" داخل المملكة وخارجها مليء بالأحداث والتفاصيل الصادمة لمن يقرأها، وفي كثير من الأحيان لم يستطع الغرب التستر على سياسة آل سعود الاقصائية والقمعية تجاه مواطنيها وتجاه دول الجوار بالرغم من كل العطايا التي كان الملوك المتعاقبون يبذخون بتقديمها في سبيل غض الطرف عما يجري داخل أسوار المملكة، وعندما كانت هذه الدول تنتقد السلطات السعودية لم يكن أحد ينبس ببنت شفة وكان يتم امتصاص الأمر وكأن شيئاً لم يكن، فقبل أقل من شهرين على سبيل المثال لا الحصر وجهت الخارجيّة الأمريكية الانتقاد نفسه للحكومة السعودية لكنها لم تحرّك ساكناً، إذا لماذا كل هذا الاستعراض السياسي اليوم؟!
في الحقيقة بالغت السعودية في ردها على كندا ولكنها ومن خلال متابعة دقيقة للصحف السعودية وتصريحات المسؤولين السعوديين، سنصل إلى نتيجة مفادها أن ولي العهد محمد بن سلمان يقوم بهذا الاستعراض كله عن سابق اصرار وترصد، فوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أظهر ما يريده بن سلمان عبر تغريدة له على تويتر قال فيها: إن "المملكة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى ولن تقبل أي محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية"، مضيفا "نتعامل مع ذلك بكل حزم".
هذا الحزم الذي اعتدنا عليه في سياسة بن سلمان لم يجلب أي نتائج ايجابية له لا على الصعيد الداخلي ولا على الخارجي، فقد حاول ان يكون حازما مع اليمن وأطلق حرباً ضدها تحت اسم "عاصفة الحزم" وحتى اللحظة لم يحزم شيء، ولا نستبعد أن يحزم حقائبه من اليمن قريبا بعد الفشل الذريع الذي تتعرض له قواته هناك، واشد ما نخشاه أن يكون الحزم الجديد مع كندا مشابه لحزمه في اليمن.
ماذا يريد ولي العهد؟
تقلصت طموحات الأمير الشاب كثيرا منذ عام وحتى الآن، فبعد أن كان يبحث عن قيادة الأمة الاسلامية ووضع الجميع تحت جناحه، هرب من جواره الجميع وبقي هو تحت جناح واشنطن.
في السابق كان ولي العهد يطرح مشاريع اصلاحية للبلاد تحمل طابع تحرري نوعا ما على عكس السياسة القديمة للبلاد، ومن ثم حاول اخضاع قطر، رفضت الأخيرة فحاصرها، حاول أيضا في لبنان والعراق وسوريا واليمن، ولكنه فشل ايضا، وتحول من شخص يريد أن يغير سياسة البلاد ككل ورفع شأنها بين دول العالم إلى شخص يبحث عن مطالبة الغرب بعدم التحدث عن انتهاكات حقوق الانسان داخل البلاد ونقطة آخر السطر.
نعم ما يريده اليوم بن سلمان من تأزيم الأمور مع كندا، ينحصر حول رغبته بمنع بقية الدول بالتحدث عن حقوق الانسان داخل المملكة مهما كان تصرف ولي العهد تجاه المدافعين عنها ونشطاء البلاد، يعني بالمختصر "كم الأفواه في الداخل والخارج".
يقول بن سلمان للجميع من خلال سياسته المتشددة الجديدة والتي بدأ برسم معالمها مع كندا، لا يجوز لأحد الحديث عن الاعتقالات المتكررة التي تحدث داخل البلاد تحت اي ظرف، خاصة وأن السعودية اختلفت مع المانيا والسويد حول نفس الموضوع، وبالتالي تبقى الكرة اليوم بملعب الأوروبيين والغرب وكيفية التعامل مع هذا الملف، هل سيصمتون أمام دولارات بن سلمان أم سيتجاوزون ذلك ويدافعون عن حقوق الانسان داخل المملكة؟!.
ارسال التعليق