حدث وتحليل
نجم السعودية يلمع في "إسرائيل".. والعكس صحيح
[علي ال غراش]
تلمح كل من "إسرائيل" والمملكة السعودية مراراً إلى أن العلاقات بينهما مقدسة وبلغت مستويات غير مسبوقة من تاريخ التطبيع العربي الإسرائيلي، حتى أصبحت المملكة من الدول السباقة لإرضاء الغريزة الإسرائيلية ولو كان ذلك على حساب باقي الشعوب.
"أكثر من كبيرة وأكثر من عميقة وأكثر من طويلة الأمد وأكثر مما يُكتب عنها" هذا أفضل وصف قيل عن الاتصالات السرية بين المملكة العربية السعودية والاستخبارات الإسرائيلية، والتي كانت مسبقا توصف بأنها مستترة ولكنها اليوم لم تعد تستر شيء من هذه الاتصالات، ودون أن تكترث للمشاعر العربية حتى.
وبيد أن هناك دبلوماسية سرية لمعالجة المسائل التي لا يمكن معالجتها في العلن أو أمام الصحافة والإعلام، إلا أن الجانبين عمدا مراراً لعقد لقاءات على مستوى السفراء في دول محايدة، بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما، وهو ما جاء على لسان الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية (ناتيف) ياكوف كدمي.
ما الذي يمنع السعودية من إعلان علاقتها بـ"إسرائيل"؟
ويمكن القول إن العلاقات بين السعودية و"إسرائيل" شهدت مداً وجزراً، تماماً كما هي العلاقات بين الكيان العبري وبين عدة دول عربية، فقد شاركت القوات السعودية في الصراع مع "إسرائيل "بدءاً من حرب فلسطين، وحتى حرب أكتوبر 1973.
ولهذا بالضبط، فإن التقارب بينهما لا يمكن أن يجري بسلاسة، فقد سعت السعودية إلى جس نبض الشعوب العربية والإسلامية، وإرسال إشارات من حين إلى آخر لاختبار ردود الأفعال المتوقعة في حال تم تطوير العلاقة الناشئة إلى مستويات أعلى وعلنية، وطبعاً لم تلق أي تأييد.
أسماء لامعة زارت الأراضي المحتلة
ومن الشخصيات التي لمع اسمها في إطار التطبيع السعودي الإسرائيلي، اللواء السعودي المتقاعد أنور عشقي، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية بالشرق الأوسط، الذي زار الكيان الإسرائيلي في يونيو 2015، وأتبع ذلك بظهور متلفز له على قناة "آي 24 نيوز" الإخبارية الإسرائيلية، ثم توالت زياراته تباعاً لحليفه الإسرائيلي دون أي خجل.
عشقي، المعروف عنه ترويجه لضرورة بذل خطوات عملية من قبل الكيان والمملكة لتطبيع العلاقات وتهيئة الرأي العام العربي والإسرائيلي لتقبل الوضع، على اعتبار أن "اسرائيل عدو عاقل يمكن التعاون معه، وأنها أفضل من الصديق الجاهل الذي لا يمكن التعاون معه" كما وصفها.
ورغم أن أنور عشقي ليس مسؤولاً رسمياً لكنه شخصية مقربة من دوائر السلطة، ولم تُتخذ ضده أية إجراءات تعكس رفضاً رسمياً لمبادراته.
واقتصادياً، أكدت عدة تقارير صحفية انطلاق مفاوضات بين الجانبين حول إقامة علاقات اقتصادية تشمل السماح للشركات "الإسرائيلية" بالعمل في الخليج والسماح لطيران "العال" الإسرائيلي بالتحليق في المجال الجوي السعودي.
وضمن إطار الزيارات المتبادلة، أشار بعض الإعلام الإسرائيلي والغربي، إلى قيام الرئيس الأسبق للاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" مئي ردغان، وسلفه تامير باردو، بزيارة الرياض وعقد لقاءات مع المسؤولين السعوديين، في حين تم الكشف عن زيارة قام بها لتل أبيب الأمير بندر بن سلطان، رئيس المخابرات السعودي الأسبق عام 2006، وعقده لقاء مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت.
وفي خطوة غير معتادة، وعندما صدر الأمر الملكي بتعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، رحبت أصوات إسرائيلية على رأسها أيوب قرا بالقرار، أعرب فيها الوزير الإسرائيلي عن تمنيه أن يسهم ذلك في تسريع التقارب مع المملكة.
"إسرائيل" والسعودية ليستا بحاجة للإعلان عن العلاقات المتأصلة بينهما، ولن نقول أن لا دخان من دون نار، فالنار مشتعلة منذ زمن وتحاول المملكة تخبئتها، وفي ظل كل اللقاءات بين الطرفين، فإنها لن تكون مفاجأةً مشاهدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو يحط رحاله في السعودية للقاء ولي العهد محمد بن سلمان.
ارسال التعليق