هذا ما يعنيه إستهداف "بقيق وخريص" بالتعاون من الداخل السعودي
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
"تتجه السعودية لأن تصبح مشتريا كبيراً للمنتجات المكررة بعد هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة يوم السبت الماضي، ما أجبرها على وقف أكثر من نصف إنتاجها من الخام وبعض إنتاج الغاز الذي أثر بشكل كبير على عمليات المصافي في بقيق وخريص، والذي أدى الى توقف إنتاج أكثر من 5.7 مليون برميل يوميا من الخام السعودي، كما عطلت الهجمات 18% من إنتاج الغاز الطبيعي و50% من إنتاج الإيثان وسوائل الغاز في المملكة؛ ما سيدفع بأرامكو الى شراء كميات كبيرة من البنزين والديزل وربما زيت الوقود، بينما تخفض صادراتها من غاز البترول المسال"- حسب شركة "إنرجي أسبكتس" للاستشارات العالمية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أول من اتصل بمحمد بن سلمان، مشيراً الى التأثير السلبي للهجمات على الاقتصادين الأميركي والعالمي لسبب توقف إنتاج هذا الكم الهائل من النفط السعودي الزهيد الثمن الذي كان يستحصل عليه من بقرته الحلوب يدعمه بشكل كبير في حملته الانتخابية للوفاء بوعوده أمام الشعب الأمريكي خاصة وهو يقترب يوماً بعد آخر من خوض المعركة .
البيان العسكري لجماعة الحوثي اليمنية بعد العملية الناجحة لطيرانها المسير الذي ألحق كل هذا الدمار الكبير بعد طيه مسافة كبيرة جداً، قال "تعتبرُ هذه العمليةُ إحدى أكبرِ العملياتِ التي تنفذُها قواتُنا في العمقِ السعودي وقد أتت بعد عمليةٍ استخباراتيةٍ دقيقةٍ ورصدٍ مسبقٍ وتعاونٍ من الشرفاءِ والأحرارِ داخلَ المملكة!!"، متوعدة بعمليات قادمة أوسع بكثير مما جرى حتى اليوم؛ مؤكداً ما نشرناه في مقال سابق من وجود تحرك أميري عسكري أمني داخل المملكة ضد سلطة محمد بن سلمان وبلوغه العرش من بعد والده.
وكالة الأنباء السعودية واس ونقلاً عن وزير الطاقة عبدالعزيز بن سلمان قوله أن "الهجمات على معملي بقيق وخريص نتج عنها توقف في عمليات الإنتاج، فقد أدت الانفجارات لتوقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو 2 مليار قدم مكعب يومياً تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي مما سيؤدي لتخفيض إمداداتها بنسبة تصل الى نحو 50%"، مبرراً أنه سيتم تعويض الانخفاض في عمليات انتاج النفط من المخزونات؛ في وقت كشفت وكالة "رويترز" البريطانية نقلاً عن خبراء في سوق الطاقة من أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لشركة "أرامكو" السعودية كبيرة ولا يمكن إصلاحها بين عشية وضحاها وهي بحاجة الى وقت طويل ربما يدوم لشهور.
مصدر موثوق من داخل القصور الملكية أشار الى أن عدد كبير من القادة العسكريين والأمنيين ممن شملتهم قرارات سلمان المتسارعة في عزلهم وإحالتهم الى التقاعد أو نقلهم الى مناصب اخرى، الى جانب بعض المسؤولين الكبار من داخل الأسرة الحاكمة ووزراء سابقين يلتفون حول ولي العهد السابق محمد بن نايف ويدعمونه لتولي العرش ويعملون بتنسيق إستخباراتي مع جهات أمنية عسكرية أماراتية لنقل المواقع الدقيقة التي يشملها بنك الأهداف اليمنية الى الحوثيين كي تكون الضربات القادمة أكثر إيلاماً وتدميراً ما يعجل بسقوط ولي العهد وعزله والإتيان بشخص آخر ذو حنكة وحكمة ينهي ما بدأه سلمان وابنه من حرب مدمرة على الشعب اليمني الجار الفقير وينقذ ما تبقى من ماء وجه للسعودية.
الآثار المدمرة للعملية الكبيرة التي نفذها اليمنيون باستخدام الطائرات المسيرة فوق المنشآت النفطية لشركة آرامكو السعودية العملاقة شرقي المملكة، بدأت تظهر الى العلن أكثر فأكثر بتصريحات متقطعة لوزير الطاقة بعد أن عمدت الرياض وكعادتها الى تقليل الخسائر في بداية الأمر، لكنها سرعان من أجبرت للكشف عن بعض الحقائق المستورة بعد أن بدأت شركات الطاقة ووسائل الاعلام العالمين بالكشف عنها، فقد كتبت صحيفة نيويورك تايمز أمريكية تقول: "أن منشأتا أرامكو المستهدفتان تنتجان 8 ملايين برميل نفط يوميا ما يشكل غالبية إنتاج السعودية".
وكالات الأستخبارات الغربية كشفت النقاب عن وجود تعاون إستخباراتي بين أماراتي مدعوماً من الداخل السعودي مع الحوثيين منذ أكثر من عام لضرب السعودية وعملائها في اليمن، لتأتي الاتفاقات والتفاهمات بين ابو ظبي وطهران الأخيرة وتلقي بظلالها بشكل مباشر على التوازنات السياسية والعسكرية في اليمن، وتجعل السعودية مرمى الهدف السهل للحوثيين.. فبعد 3 أيام فقط من سيطرة القوات الموالية للإمارات على عدن، أعلنت الرياض وفي 17 أغسطس الماضي عن تعرُّض حقل "شيبة" البترولي في المنطقة المحاذية لدولة الإمارات، لـ"عمل إرهابي" بطائرات يمنية مسيَّرة.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية هي الاخرى كتبت: "السعودية أوقفت نحو نصف إنتاجها من النفط بعد هجمات الحوثيين على منشآت نفطية"، مشيرة الى أن الحوثيين نفذوا منذ بدء العدوان على اليمن عشرات الهجمات على البنية التحتية النفطية للمملكة، إلا أن العملية الأخيرة هي الأكثر فاعلية حيث أسفرت عن اندلاع حريق كبير في هجرة خريص، أحد أكبر حقول النفط في السعودية، وبقيق، أكبر مصفاة لتكرير النفط عالميا. مشيرة الى أن حقل هجرة خريص ينتج نحو 1.5 مليون برميل نفط يوميا، بينما تساعد مصفاة بقيق على إنتاج ما يصل الى 7 ملايين برميل يوميا. تزامن ذلك مع اعلان العديد من الشركات السعودية عن تعرّض إنتاجها للشلل، بسبب مواجهتها نقصاً حاداً في إمدادات الوقود ومشتقاته، منذ السبت الماضي، بعد هجمات الطائرات اليمنية المسيرة. وقالت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، إنها تواجه نقصا في إمدادات بعض مواد اللقيم بنسب تقدّر بنحو 49% لبعض شركاتها التابعة.
الدبلوماسي السعودي السابق سلطان الطيار، كتب في تغريدة له على "تويتر" تورط الإمارات الحليف الأقوى للسعودية، في دعم المليشيات الحوثية لاستهداف المملكة، مستنداً بذلك على تقرير مجلس الأمن، الذي أشار الى اعتراض ما تسمى بـ"قوات الشرعية" في مأرب شحنة طائرات قادمة من دبي تم شراء مكوناتها عبر الإمارات (ذكرت اللجنة اسم البنك ورقم الحساب)، ثم أرسلت الى اليمن من خلال دبي، كما يتحدث التقرير.
وكالة "بلومبيرغ: الأمريكية العالمية أكدت أن "السعودية أوقفت نصف إنتاجها من النفط بعد هجمات للحوثيين بطائرات مسيرة على منشآت أرامكو"، في الوقت ذاته سارعت وزارة الطاقة الأمريكية باصدار بيان قالت فيه: "مستعدون لتعويض النفط من احتياطياتنا الاستراتيجية إذا لزم الأمر عقب الهجوم على المنشأتين بالسعودية!!"، ما يثير هذا التصريح أكثر من سؤال حول الموقف الأمريكي المتباين من هجمات الطائرات اليمنية المسيرة على مراكز الطاقة والمطارات السعودية، هل أن هناك تنسيق أمريكي أماراتي والمعارضة في داخل الأسرة السعودية الحاكمة لإنهاء حكم سلمان ونجله والإتيان بشخص آخر ربما يكون أحمد بن عبدالعزيز أو محمد بن نايف للخروج من مستنقع اليمن الذي زادت خسائره وفضائحه للمملكة وحلفائها وداعميها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؟!.
محمد المسوري محامي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، هو الآخر كشف النقاب من أن الإمارات هي التي "تهرب الطائرات المسيَّرة للحوثيين". مضيفاً في تغريدة نشرها على "تويتر": "هذا ليس قولي وإنما تقرير فريق الخبراء الدوليين، أَبَعد هذا تقولون لنا إن الإمارات جاءت لدعم إعادة الشرعية؟! كيف تريدون منا أن نوجه البوصلة نحو تحرير صنعاء والإمارات تقاتلنا من الأمام وتطعننا من الخلف؟!".
أما، بيت القصيد هو أن البيت الأبيض أطلع الصحفيين على صور تظهر المواقع التي تعرضت للأضرار جراء الهجوم على منشآتين نفطيتين لشركة "أرامكو" في السعودية يوم السبت الماضي، حيث تؤكد الصور من أن 19 موقعا على الأقل للبنية التحتية الحيوية في معملي بقيق وهجرة خريص، ضربت بـ"دقة عالية"، 17 منها في بقيق.
ارسال التعليق