هل السعودية ودول التطبيع العربية مشاركة في مذابح ومجازر الفلسطينيين ومعاناتهم وعذاباتهم في غزة ؟؟
[عبد العزيز المكي]
مما لاشك فيه أن عملية " طوفان الأقصى" ، التي قامت بها كتائب عز الدين القسام في السابع من أكتوبر الماضي، كشفت الكثير من الحقائق والمعطيات ومنها ما يختص بدور وطبيعة تعامل النظام السعودي، وبقية الأنظمة العربية المطبعة مع العدو، مع أحداث وتطورات العدوان الصهيوني على أبناء غزة ومع العدو الصهيوني، فإلى ما قبل عملية" طوفان الأقصى " ظلت حقائق ادوار تلك الأنظمة غامضة ومبهمة بالنسبة لقطاع كبير من الشعوب العربية خصوصا في تلك الدول المطبعة بسبب التضليل الذي يمارسه إعلام هذه الأنظمة ليل نهار بتسويق الشعارات الرنانة، والتحدث باسم الشعب الفلسطيني، بل وتبني قضيته وحتى تسويق مشاريع الحلول الأمريكية الصهيونية التصفوية للقضية تحت غطاء إنصاف الشعب الفلسطيني والدفاع عنه " وما إلى ذلك من الشعارات الخادعة لدرجة أن البعض من قطاعات الشعوب في تلك الدول، على خلفية التضليل الإعلامي والسياسي لهذه الأنظمة المشار إليه، صدقوا أن هذه الأنظمة تعمل من أجل حماية الشعب الفلسطيني " ومن أجل قضيته"!! هذا ما تكشفه مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعج بمطالبات البعض من أبناء القطاعات المضللة الأنظمة تلك بالتحرك لنصرة الشعب الفلسطيني ومواجهة الكيان الصهيوني لكي يوقف مجازره بحق الشعب الفلسطيني التي تتواصل يوميا ومنذ أكثر من 100 يوم على التوالي !! لكن الحقائق بدأت تكشف، كما قلنا قبل قليل، حول الأدوار
التي يلعبها النظام السعودي، ومعه الإماراتي المتصهين والأردني والبحريني وحتى المصري للأسف فخلال الأسابيع الأولى بعد طوفان القدس، وبدء العدوان الصهيوني على غزة أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ومبعوث أمريكا السابق في القضية الفلسطينية مارتن انديك خلال جولته في المنطقة لتلمس الأوضاع فيها بعد العدوان الصهيوني على غزة، قال إن المسؤولين العرب الذين التقيتهم يقولون شيئاً في الخفاء ووراء الكواليس ، وشيئا آخر في العلن ، فهم يريدون استمرار العدوان الصهيوني في غزة حتى القضاء على حماس وفصائل المقاومة، ومارتن انديك زار السعودية والأمارات والبحرين ومصر و العدو...و بعد انديك جاء الصحفي الأمريكي الإسرائيلي "باراك رافيد المعروف بعلاقاته الوثيقة مع مسؤولي الحكومتين الأمريكية والصهيونية، ليكشف في 9-12-2023معلومات جديدة حول مواقف هذه الأنظمة ، حيث جاءت تلك المعلومات في منشور له عبر منصة " إكس X » تعليقا على مقابلة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع قناة (بي بي إس)الأمريكية، والتي ينفي فيها أن تكون المملكة تقول للغرب شيئاً مختلفاً في السر عما تقوله للعرب في العلن... وجاء في منشور را فيد بهذا الصدد .." لقد أبلغني أكثر من مسؤول أمريكي في الأسابيع الأخيرة، بأن السعوديين يقولون لهم من وراء الأبواب إنهم يريدون إسرائيل" أن تنهي وتقضي على حماس"!!واضاف .. (( أما المؤتمرات الصحفية التي يعقدها السعوديون بواشنطن وجولاتهم حول العالم فليست إلا ألاعيب للاستهلاك المحلي ) !! يؤكد هذه الشهادات هجوم تركي الفيصل آل سعود رئيس المخابرات السعودي الأسبق وسفير المملكة الأسبق أيضا في واشنطن والذي عادة يسرب النظام السعودي مواقفه من خلاله ، فتركي الذي قاد عملية التطبيع مع العدو الصهيوني وبني جسورها بمعية أنور عشقي ضابط المخابرات السعودي السابق، انتقد عملية طوفان الأقصى وساوى بين العدو وحركة حماس واعتبر العملية (طوفان لأقصى) إرهاباً . معلناً معارضته للأساليب العسكرية في الحصول على الحقوق، ومؤكداً على الخيارات السياسية فحسب، ومحملاً حماس مسؤولية كل ما جرى ويجرى من مجازر في غزة !! ذلك قبل انقلابه على هذه التصريحات والمواقف، ومغادرتها ليثني بعد فترة على حماس ويشير إلى أنها فضحت العدو وكشفت هشاشة قوته العسكرية، ويبدو ان هذه الاستدارة، كما اشرنا في مقالات سابقة، جاءت على خلفية إخفاق نتنياهو في القضاء على حماس وتكبد جيشه الخسائر الفادحة، ولذلك لابد للنظام السعودي من التماشي مع التطورات الجديدة ولا يظل وحده يغرد خارج السرب!!
يبد ان هذا التراجع لا يعني مغادرة النظام لمواقفه الحقيقية أي تمنية ورغبته في ان تتمكن دويلة الاحتلال من القضاء على حماس ولذلك ظل يعمل وراء الكواليس على تحقيق هذا الهدف، ولعل أخطر عمل قام به وبمعية أنظمة الإمارات والبحرين ومصر والأردن، هو الدعم الاقتصادي للعدو الصهيوني وهذا ما اعترفت به الأوساط الصهيونية السياسية والإعلامية!! بشكل صريح ومتواتر حول ان السعودية والإمارات والأردن ومصر والبحرين...كل هذه الدول ساهمت في كسر الحصار البحري الذي فرضه أنصار الله على الكيان الصهيوني من خلال استهدافهم السفن التي تنقل المواد الغذائية والصناعية والعسكرية للعدو من بقية دول العالم ، خصوصا من الهند والصين ودول أوربا الغربية، وتكبيد العدو خسائر اقتصادية فادحة باعتراف المسؤولين الصهاينة، لكن السعودية وبقية الدول العربية المطبعة حلت المشكلة للعدو بايجاد طرق برية عبر السعودية والأمارات والأردن، يتاجر العدو من خلالها مع بقية العالم دون اللجوء إلى الطريق البحري عبر البحر الأحمر المحفوف بالمخاطر !! ولهذا أشادت وزيرة المواصلات الصهيونية ميري ريغيف بدور الحلفاء الخليجيين لإسرائيل في كسر الحصار اليمني في البحر الأحمر وباب المندب المفروض على موانئ فلسطين المحتلة. وقالت في تصريح لها نشر في ٢٢ / ١ / ٢٠٢٤.. ان عمليات اليمنيين في البحر الأحمر اجبرت تل أبيب على إيجاد طرق بديلة للنقل، وذلك عبر الطريق الخليجي البري ) !! مشيرة الى ان الخط الجديد قلص حجم الخسائر والاحتياجات في السوق المحلية! كما أوضحت هذه الوزيرة ان هذه الطريق قلصت الوقت من ٣٠ يوما فيما اذا ذهبت السفن حول افريقيا عبر رأس الرجاء الصالح إلى، 12يوما وكذلك خفضت أجرة نقل الحاويات إلى الأرض المحتلة الى حد كبير !! و وفقاً لخبراء سياسيين، فأن تصريحات الوزيرة الصهيونية جاءت عشية تسريب الاستخبارات المصرية معلومات جديدة حول ربط إسرائيل بموانئ خليجية مؤكدين قيام الكيان بإنشاء خطين بريين ينطلقان من الموانئ الإماراتية والبحرينية عبر الأراضي السعودية وصولاً إلى الأردن، ومن ثم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة (( .. وكانت صحيفة يدعوت احرونوت العبرية ، قد أكدت في ٢٠٢٤/١/٢٠ ان السعودية والأردن تساعدان أسرائيل " في مواجهة هجمات قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالكيان، في البحر الأحمر، وذلك من خلال ما أطلق عليه : الخط العربي ) للشحن البري (( !! وأشارت الصحيفة إلى انه وبدلاً عن الدوران حول القارة الإفريقية عبر طريق رأس الرجاء الصالح والوصول لإسرائيل" عبر طريق طويل ومكلف ، فأن شركات الشحن الإسرائيلية تفرغ حمولاتها في موانئ الإمارات والبحرين، ثم تنتقل برا عبر شاحنات البضائع التي تمر بالأراضي السعودية والأردنية إلى إسرائيل (( !! موضحة أن هذا الطريق الالتفافي، هو طريقة مبتكرة للتحايل على الحصار البحري الذي فرضه اليمنيون على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ) ! بدوره كشف موقع واي نت العبري في تقرير نشره في ٢٠١٤/١/٢٠ وصول عدد كبير من الشاحنات السعودية والأردنية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، تنقل على متنها أطنان من البضائع المختلفة !! ووفقاً لتقديرات وزارة الصناعة الإسرائيلية"، فقد وصلت العشرات من هذه الشاحنات في الشهر الماضي إلى إسرائيل وجلبت البضائع التي كان من الممكن أن تصل في السابق عبر طريق البحر الأحمر!! وهذا ما أكده أيضاً موقع « والا » العبري في تقرير له تحدث عن وصول عشرة شاحنات الى إسرائيل عبر الطريق البري الجديد الذي يصل بين ميناء دبي وتل أبيب مروراً بالسعودية والأردن !! من جهتها قالت صحيفة معاريف العبرية في ديسمبر/ كانون الأول 2023، إنه تم توقيع اتفاقية بين الأمارات والاحتلال الإسرائيلي لتشغيل جسر بري بين ميناءي دبي وحيفا مروراً بالأراضي السعودية والأردنية وذلك لتجاوز تهديد جماعة أنصار الله بإغلاق الممرات الملاحية. وبحسب الصحيفة الصهيونية فإن شركة "تراكنت الإسرائيلية " وقعت الاتفاقية، وأوضحت على لسان رئيسها التنفيذي "حنان فريدمان، أن السفينة التي تبحر من الإمارات إلى ميناء حيفا تستغرق أسبوعين لكن مع النقل البري بالشاحنات يمكن
الوصول إلى حيفا في أربعة أيام ."! وأكدت الشركة الصهيونية أنها بدأت بالفعل بتشغيل الجسر البري، وأوضحت أن الاتفاقية وقعت مع شركة « الخدمات اللوجستية الإماراتية التي تعمل بالتعاون مع شركة الموانئ " Dp World " للتعاون في مجال النقل البري للبضائع على الطريق الذي يربط ميناء دبي والسعودية والإمارات والأردن وميناء حيفا!! واللافت أن الإعلام العبري أشار إلى انه حتى مصر انضمت إلى السعودية والإمارات والبحرين في عملية تسهيل نقل البضائع الصهيونية عبر مصر وكسر الحصار الذي فرضه أنصار الله على سفن العدو ، هذا ما أعلنه حنان فريدمان المدير التنفيذي لشركة " تراكنت " الصهيونية وقال انه تم توقيع اتفاق في24/12/2023 لتوسيع الممر البري ليشمل مصر (ميناءي بورسعيد والعين السخنة ) وهو لا يهدف إلى استبدال الطريق البحري عبر قناة السويس المصرية، ولكن توفير طريق بديل في وقت الهجمات على الممر المائي الدولي (البحر الأحمر)، بحسب المزاعم الصهيونية. واثنى فريدمان على هذه الاتفاقات معتبراً إياها نعمة للاقتصاد الإسرائيلي وقال بالحرف الواحد إن "اتفاقات إبراهيم - لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية - خلفت بالفعل شرقاً أو سطاً جديداً و حولت ميناء حيفا إلى بوابة ربط البضائع من والى الشرق يعد بمثابة نعمة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي"!!
على أن الدعم السعودي والإماراتي للعدو لا يقتصر على مساعدته على كسر الحصار البحري المفروض عليه وحسب، بل توسع هذا الدعم ليشمل مجالات كثير منها الدعم المالي. ، وفي هذا السياق كان موقع " ذاكرادل The cradle الدولي قد نشر تقريراً تناول فيه كيف تمول دولة الإمارات وأنظمة التطبيع العربي الأخرى حرب إسرائيل على غزة وما تتضمنه من مجازر مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين ! و بحسب الموقع المذكور فأن المليارات من الدولارات من تلك الدول العربية تنهال على العدو وتغذي عدوانه على قطاع غزة وكشف الموقع المذكور ( ان جزءا كبيرا من تمويل الصناعة العسكرية الإسرائيلية يأتي الآن من الدول العربية التي قامت مؤخرا بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال"!! وللإشارة فقط، أن ثمة تقارير متواترة وموثقة نشرت مؤخراً حول مساهمة الأمارات في تمويل الشركات الرئيسية الصهيونية لصناعة الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الصهيونية في تهديم وتدمير بيوت الفلسطينيين وفي ارتكاب المجازر المروعة بحقهم، مثل شركتي رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدم وشركة البيت سيستمز" الالكترونيات الدفاعية كما تقول المصادر الصهيونية .. مايعني كل ذلك ما يلي:
1- إن هذه الأنظمة مشاركة في إراقة الدم الفلسطيني ، لأنها أولاً تدعم عجلة الاقتصاد الصهيوني الذي يشكل رافعة للنفقات الحربية من خلال كسر الحصار البحري كما مر بنا، من ناحية ولأن أموالها خصوصا الأمارات تعتبر ركيزة أساسية لاستمرار قدرة وقابلية المصانع العسكرية الصهيونية على إنتاج أسلحة التدمير والقتل المروع بحق الشعب الفلسطيني!!
2- ما تقدم يؤكد أن دعم هذه الأنظمة للعدو ، ليس يشكل طعناً في ظهر المقاومة الفلسطينية وغدرا بها وحسب، وإنما يشكل هذا الدعم عاملاً أساسيا من عوامل استمرار مأساة الشعب الفلسطيني، وعاملاً أساسيا أيضاً في قوة واستمرار هذا العدو!
3- هذا الدعم المشار إليه الدور المباشر في تشجيع العدو الصهيوني على مواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وارتكابه تلك المذابح المروعة بحق نساء وأطفال غزة بصورة يومية..
4- أن هذا الدعم يؤكد أيضا حرص هذه الأنظمة على بقاء العدو، ما يعني ذلك وجود علاقة وارتباط عضوي ووجودي بين تلك الأنظمة والعدو، فزواله والقضاء عليه يعني نهايتها وسقوطها.
5- وأخيراً وليس آخراً، أن ذلك يؤكد مرة أخرى، أن كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من نكبات ومجازر وويلات طيلة الحقبة الماضية هي بفعل خيانة هذه الأنظمة العربية للقضية الفلسطينية، وكذلك عمالتها للمستعمر الأمريكي والغربي..
ولذلك يمكن القول أنه ما دامت هذه الأنظمة موجودة، فستظل هذه الأوكار المتصهينة اوراماً سرطانية تنهش بجسم الأمة الإسلامية، وتبقى خندقاً متقدماً للدفاع عن الكيان الصهيوني !!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق