هل يستحق "العرش" كل هذه الهستيريا؟!
[من الصحافة]
تعج السعودية بالفوضى داخل القصور الملكية منذ أن تولى سلمان العرش في خريف العام 2015، لتشهد المملكة خريفا فوضويا بدأت رياحه الصفراء تضرب بالبلاد منذ شهر يونيو 2015، الشهر الذي قام سلمان بترقية ابنه محمد "32 عاما" إلى منصب ولي العهد، ليبدأ الابن الشاب ثورته داخل القصر الذي كان منبوذا منه في السابق؛ ثورة كلفت البلاد الكثير على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري، فضلا عن التكلفة باهظة الثمن فيما يخص الروابط العائلية بين أفراد العائلة الحاكمة.
ومنذ أن تولى محمد بن سلمان منصب ولي العهد بعد أن أزال ووالده "محمد بن نايف" من المنصب، بدأ ثورة على كل شيء واستطاع الأمير الشاب جلب توجه العالم إليه في هذه الثورة التي اتضح لنا فيما بعد أنها مجرد "فقاعة" إعلامية وحب ظهور "نرجسي" لم تخدم أحدا من أبناء البلاد ولم تحسن في معيشتهم أي شيء سوى أنها سمحت للمرأة بقيادة السيارة وبعض الأمور الترفيهية الأخرى البسيطة، وحتى هذه الأمور اتضح فيما بعد أنها لخدمة مصالح بن سلمان الشخصية والتي تأتي في سياق وصوله إلى العرش على أكتاف المواطنين ومن جيوبهم.
الطريق إلى العرش
سلسلة من التغييرات حدثت خلال الأعوام الثلاثة الماضية داخل البلاد كان بن سلمان عرابها الأوحد، وإذا فتشت عن خلفية أي منها ستجد أنها تجتمع كلها على هدف واحد يتمثل بـ"تمهيد وصول بن سلمان إلى العرش"، حتى في الأساطير لا تجد هذه الهستيريا في سلسلة التغييرات التي حدثت في المملكة والتي شملت تغييرات وزارية بعضها تم تغييره ثلاث مرات مثل منصب وزير العمل، وهذا إن دل على شيء يدل على عجز بن سلمان عن إحداث أي تغيير في واقع المواطنين على مستوى زيادة فرص العمل أو القضاء على البطالة لذلك نجده يذهب إلى الشكل لعجزه عن تغيير المضمون، أضف إلى ذلك قيامه المستمر بإزاحة كل من يقف في طريقه من أمراء وشيوخ ومسؤولين حتى لو كانوا من أقرب الناس إليه ومصادرة اموالهم، لإيهام الشعب بأن محاربة الفساد تاتي في سلم أولوياته.
هذه الأولوية تعامت عن قيامه بشراء أغلى لوحة في العالم وأغلى يخت في العالم وأغلى قصر في العالم، في ظل حملة تقشف يمارسها هو بنفسه على المواطنين، ولكي يغلق عليهم باب الاحتجاج، يقدم لهم الوعود في تنويع الاقتصاد الذي يعتمد على النفط تم تجسيدها في رؤية "2030" ومشروع نيوم وغيرها من المشاريع النائمة التي لن تستيقظ لطالما "ازدواجية بن سلمان" مسيطرة على آلية ادارة الحكم في المملكة.
ولكي يثبت بن سلمان عنجهيته المفرطة ورغبته الجامحة بالوصول إلى العرش قام يوم السبت بسلسلة تغييرات وزارية أصدرها والده الملك سلمان، ولكن لا يمكننا مطلقا التعامي عن الأيدي الواضحة للأمير الشاب في الوقوف وراء اصدار هذه الأوامر الملكية، والتي تم بموجبها اصدار 23 أمر ملكيا، أبرزها إعفاء وزير العمل من منصبه وإنشاء وزارة للثقافة وفصلها عن وزارة الإعلام، واستحداث هيئات حكومية جديدة.
سلسلة التغييرات الجديدة
وكان بارزا جدا في سلسلة التغييرات الجديدة تغيير وزير العمل لثالث مرة على التوالي خلال ثلاثة أعوام متتالية، حيث اعفى الملك سلمان علي بن ناصر الغفيص من المنصب ، ليحل مكانه أحمد بن سليمان الراجحي ، سليل إحدى أكبر العائلات المصرفية في المملكة العربية السعودية، كان الغفيص وزيراً للعمل منذ ديسمبر / كانون الأول 2016، وقبله كان مفرج الحقباني منذ ابريل 2015، ويطمح بن سلمان من خلال الوزير الجديد استدراك الفشل في عمل هذه الوزارة فيما يخص خفض معدل البطالة بنسبة 12.8 في المئة في وقت تشدد فيه الحكومة على الحد من الانفاق.
وحول هذا الموضوع قالت كبيرة اقتصاديي بنك أبوظبي التجاري مونيكا مالك إن وتيرة التغيير في رئاسة وزارة العمل توضح صعوبة إيجاد فرص العمل ،وأضافت : "لقد كان التقشف المالي على مدى السنوات القليلة الماضية بمثابة رياح معاكسة لخلق فرص العمل ، سواء على الجبهات العامة أو الخاصة".وتابعت مالك إنه من المرجح أن يرتفع معدل البطالة خلال السنوات القادمة حيث تفتح الإصلاحات الاجتماعية قطاعات جديدة للنساء ، مما يوسع نطاق مجموعة الباحثين عن عمل. ومن التحديات الأخرى عدم التطابق بين احتياجات سوق العمل ومؤهلات العديد من الخريجين الجدد مما يعوق قدرة الشركات على توظيف المواطنين.
كما أنشأ المرسوم الملكي يوم السبت وزارة للثقافة وعين الأمير بدر بن فرحان آل سعود- وسيط صفقة ابن سلمان في شراء أغلى لوحة في العالم - وزيراً مسؤولاً عنه. وسيكون التحدي الرئيسي الذي يواجهه الأمير بدر في استيعاب المزيد من الإنفاق السعودي على الترفيه.
قلق وتوجس
كل التعيينات الجديدة توحي بما لايدعو للشك بأن بن سلمان يعيش حالة من القلق المبالغ بها نوعا ما، والتي مصدرها جميعها "الحلم بالوصول إلى العرش"، ويبدو ان هناك شيء يحاك في داخل القصور الملكية يسبب لولي العهد كل هذا القلق ويجعله يحتز ويعتقل ويغير ويتوارى عن الأنظار باستمرار وكأنه يشعر بأن وصوله إلى العرش محفوف بالمخاطر وقد لا يحدث بسهولة، فهل تجريد أحفاد عبد العزيز وأولادهم من السلطة والقوة سيكون كفيلا بوصول بن سلمان الى العرش أم أن للحكاية بقية؟!
ارسال التعليق