اعتقال آل طالب؛ مسلسل الاعتقالات يستمر وهذه أسبابه
[ادارة الموقع]
لايكل ولا يمل ولي العهد محمد بن سلمان من اعتقال رجال الدين لدرجة أن اعتقالهم أصبح شغله الشاغل في اطار سعيه للحصول على أكبر مساحة ممكنة من النفوذ داخل المملكة والتحكم في مفاصل الحكم فيها دون أن يضايقه في ذلك أحد ودون أن يشكل عليه أحد أي خطر محتمل في المستقبل، ولكن أن تتجرأ السلطات السعودية على اعتقال أحد أهم خطباء المسجد الحرام وخلال موسم الحج فذلك يوحي بأن البلاد ومن يتحكم بقراراتها وصل إلى حالة هستيرية وفوبيا مرضية قد تقلب المملكة رأسا على عقب، فإلى متى ستبقى الأمور تجري على هذا النحو؟!.
نعم تم اعتقال إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمةالشيخ صالح آل طالب، في سابقة خطيرة تشي بأن هناك توجس من كل من يلقي كلمة قد تشير ولو بشكل غير مباشر لأي شيء يخطط له بن سلمان أو يشعر بأنه موجه إليه ولمشاريعه، وبكل الأحوال الشيخ المعتقل ليس آخر من تعرض لهذا الأمر، فقد سبق أن شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات ضد عشرات الدعاة ورجال الدين والمثقفين والنشطاء، وكان من أبرز من اعتقل الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني وعلي العمري ومحمد الهبدان، وغرم البيشي، ومحمد عبدالعزيز الخضيري، وإبراهيم الحارثي، وحسن إبراهيم المالكي، بالإضافة إلى شخصيات أخرى دينية وسياسية وحقوقية.
ومن المستغرب أن السلطات لا تأتي على ذكر هؤلاء وكأنهم ليسوا مواطنين سعوديين لهم في معرفة أسباب اعتقالهم وكذلك الأمر بالنسبة لشعب المملكة الذي لا تشاركه السلطات أي معلومة ولا تعود إليه بأي حدث قد يجري، عليه فقط أن يكون تابعاً وينفذ الأوامر، ومن تشتبه السلطات بأنه يمارس أفعالا تعارض نهجها الجديد القديم لن تتوانى لحظة واحدة في الاعتقال.
الشيخ صالح آل طالب "44 عاماً" معروف جداً في المملكة، ولعائلته اسم كبير وفضل كبير في تأسيس المملكة العربية السعودية بشكلها الحالي، حتى أن عائلته دافعت ودعمت انشائها بكل السبل المتاحة، وأمدت عائلة آل طالب التي يعود أصلها إلى حوطة بني تميم جنوب الرياض مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود بالمال والسلاح والجنود، ولذلك خصها لتكون وجهته الأولى بعد الرياض.
ولكن مكافأة هذه العائلة جاءت على هذا النحو ، وكما هو الحال مع غيره، دون أن تهتم السلطة حتى بتوضيح الملابسات أو الكشف عن تهم إن وجدت، ورغم أن الأشهر الماضية شهدت تأكيد منظمات حقوقية دولية أن حملة الاعتقالات والقمع في السعودية تصاعدت منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد قبل عام، فإن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها الاعتقالات إلى منبر المسجد الحرام، وفي موسم الحج، وعلى ما يبدو بسبب الدعوة إلى محاربة المنكرات .
فقد تحدث الشيخ آل طالب "الحافظ للقرآن عن ظهر قلب" في الخطبة التي ألقاها من على منبر المسجد الحرام، تحدث عن المنكرات ووجوب إنكارها على فاعلها، وهو نفسه من دعا في خطبة سابقة على من وصفهم بالطغاة الظالمين، ووجه خطابا إلى العلماء ورموز التوجيه لأن يتحملوا عبء الأمانة وأن يكونوا قدوة في الأرض.
وهناك عدة تفسيرات حول حملة الاعتقالات التي طالت رجال الدين والدعاة يمكن تلخيصها بالتالي:
أولاً: تريد السلطات السعودية تطويع رجال الدين على مقاس قراراتها التي تصدرها وفقا لما يراه ولي العهد محمد بن سلمان مناسبا للبلاد، ومن يخالف املاءات السلطات ستكون عواقبه وخيمة احداها الاعتقال، وقد ظهر هذا الكلام جليا في تبعات اعتقال الشيخ سلمان العودة قبل عام من الآن.
ففي ذلك الوقت نقلت صحيفة "العربي الجديد" اللندنيّة عن مقرّب من العودة أن "الشيخ سلمان قد أتته أوامر من قبل مستشارين إعلاميين في جهات مسؤولة، طالبوه فيها بشتم قيادة قطر شخصيًا، ووصفها بالإرهابية والمعتدية، لكن العودة رفض الخضوع للابتزاز"، كما رفض العودة، وفقًا لصحف إماراتيّة، إدانة البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي برفض حصار قطر، في حينه، وهو ما اعتبرته السلطات تأييدًا لقطر وللاتحاد الذي تعتبره السعوديّة "أداةً سياسيّة أنشأتها قطر من أئمة ودعاة موالين للإخوان (المسلمين)"، وفقًا للصُحف.
ثانياً: يبحث ولي العهد محمد بن سلمان عن النفوذ المطلق في البلاد وابعاد المؤسسة الدينية ورجالاتها المعارضين لسياسة ولي العهد عن واجهة المملكة، لاتاحة المجال للأمير الشاب لتمرير القرارات التي يطمح لتحقيقها بمفرده.
ارسال التعليق