التدخل السعودي بشؤون لبنان.. استمرار بالمكابرة أم رضوخ للواقع؟
[ادارة الموقع]
ما تزال تتفاعل مسألة تدخل مملكة آل سعود بالشؤون الداخلية للدول الاخرى ولا سيما دول المنطقة، فقد أثير موضوع التدخل السعودي بالشأن اللبناني بعد كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن اعتقال الرياض لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين رفيق الحريري قبل أشهر وقيام فرنسا بحراك ادى الى إطلاق سراحه، ما استدعى ردا سعوديا عبر ما سمي انه مصدر في وزارة الخارجية الذي نفى كلام الرئيس الفرنسي ماكرون وأكد دعمه للبنان وللحريري شخصيا بشتى الوسائل.
مسألة الدعم للحريري تظهر ان مملكة آل سعود تتدخل بشكل مباشر بالشؤون اللبنانية عبر ادواتها وحلفائها هناك ومن جملتهم الرئيس الحريري، الذي سارع بعيد تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة الى زيارة السعودية لاستطلاع الاجواء هناك والاستماع الى (النصائح) المختلفة حول المرحلة المقبلة التي تلي الانتخابات وتتوج بتأليف الحكومة وكل ما سيتخللها من مسائل لها علاقة بالحصص الوزارية والتقسيمات بين مختلف الاطراف السياسية.
الحريري في السعودية.. والحكومة على الابواب
وفي هذا الاطار، اشارت مصادر مطلعة الى ان "زيارة الحريري الى الرياض هي تكريس للتدخل في الشؤون اللبنانية وإلا لماذا يجب على رئيس حكومة مكلف الذهاب بنفسه الى دولة اخرى للقاء بعض قياداتها والتدارس على مسائل لها علاقة بتشكيل الحكومة ومن ثم الخوض في اعداد بيانها الوزاري"، ولفتت الى ان "الحريري وإن تحجج ان زيارته محض عائلية الى السعوية للقاء افراد اسرته، إلا ان ذلك لا يمنع الغطاء السعودي عن الحريري الذي ما زال يعمل تحته رغم ما جرى سابقا من احتجازه واجباره على تقديم استقالته من رئاسة الحكومة".
وليس سرا ان من ابرز حلفاء السعودية اليوم في لبنان هو حزب القوات اللبنانية التي يثار بعض الاخذ والرد هو حصتها الوزارية المقبلة، وبالسياق قالت المصادر إن "احد بنود جدول اعمال زيارة الحريري للرياض هو استيضاح رأي المسؤولين السعوديين حول حصة القوات وكيفية التعاطي معها وامكانية السير بحكومة بدون هذا الحليف القوي للسعودية في لبنان"،يريد زيادة حصتها الوزارية والحصول على وزارة مما يسمونه في لبنان "سيادية".
فمصادر القوات اللبنانية تعتبر انه عندما كان للقوات كتلة نيابية مؤلفة من 8 اعضاء حصلت على 3 حقائب وزارية(في حكومة الحريري الاخيرة) بينها نائب رئيس الحكومة، ولذلك من الطبيعي ان تزيد حصتها اليوم مع حصولها على كتلة نيابية من 15 عضوا، وتطالب القوات بحسب ما ينشر في وسائل الاعلام بـ5 حقائب وزارية بينها حقيبة "سيادية"، الامر الذي يثير حفيظة الطرف المسيحي القوي المتمثل بتيار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبما ان الاخير والحريري ابرما صفقة اوصلت كل منهما الى الحكم فإن الحريري يخشى على هذه العلاقة فيما لو ذهب بعيدا بالاستجابة الى القوات اللبنانية التي تنافس "تيار عون" في الساحة المسيحية.
البيان الوزاري.. ولوائح الارهاب
ومن الامور التي تنتظر الحريري ويحتاج فيها الى معرفة سقفه السياسي امام السعوديين هو موضوع البيان الوزاري، حيث سيطرح العديد من الاطراف في لبنان(وعلى رأسهم حزب الله وحلفائه الذي باتوا اغلبية في البرلمان) إدراج بند حول معادلة الجيش والشعب والمقاومة، الامر الذي سيشكل احد أسباب الاحراج للحريري امام السعودية، لانه لن تنال الحكومة اللبنانية الثقة في مجلس النواب بدون تبنيها بندا حول المقاومة وحماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية، بينما الحريري سيعاني ربما لاقناع السعوديين بهذا الامر، وهو سابقا دفع ثمنا لاسلوبه السياسي الواقعي في لبنان عبر اجباره على تقديم استقالته في الرياض.
كما ان الحريري يريد الاستماع الى الموقف السعودي من مشاركة حزب الله الجدي والقوى في العمل الحكومي خاصة بعد القرار السعودي والخليجي بالتعاون مع الاميركيين لادراج قيادات هامة من الحزب بينها امينه العام على لوائح الارهاب، الامر الذي يتضمنا تناقضا بين السعودية وحلفائها، فكيف للاولى ان تدرج قيادات في حزب على لائحة الارهاب بينما يكون حليفها مترئسا لحكومة فيها وزارء من هذا الحزب؟ هل هذا الامر يشكل ضغطا على الحريري ام على حزب الله؟ وهل الاحراج هنا لرئيس الحكومة ام لوزراء الحزب؟
الاكيد ان الايام المقبلة ستظهر مدى رضوخ السعودية للواقعية السياسية في لبنان عبر الاعتراف ان الاطراف الاخرى لها كلمتها وحجمها وتأثيرها على الساحة السياسية كما في ميدان القتال، ويبقى المأمول ان يشكل هذا الامر فرصة للحكام في السعودية للقبول بالواقع في كل المنطقة حيث يتلقون الهزائم والانتكاسات في العديد من الملفات والافضل لهم ولعموم المنطقة الذهاب للحوار والبحث عن حلول بدل مواصلة سياسة المكابرة والهروب الى الامام.
ارسال التعليق