التقرب من إيران مظلة "بن سلمان" للإفصاح عن تطبيعه مع الكيان الاسرائيلي
[جمال حسن]
* جمال حسن
كشف وزير خارجية الكيان الإسرائيلي "إيلي كوهين"، عن قرب عقد اجتماعات بينه وبين مسؤولين من دولة خليجية كبيرة لا تربطها حالياً علاقات دبلوماسية معلنة مع "الدولة العبرية"، مشيراً الى التوقيع مؤخراً على اتفاق تجاري مع دولة الإمارات ووضع الأسس لاتفاق "سلام" مع السودان.
ولم يتوقف الوزير "كوهين" عند ها الحد بل كشف النقاب عن قرب موعد الإعلان رسمياً عن التطبيع مع هذه الدولة وهي السعودية مشدداً انه سيتم ربما قبل أو خلال العام 2024، وفق تصريحات نقلتها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإثنين الماضي.
وقبل ذلك بأيام قلائل كشف السفير الأمريكي الأسبق لدى تل أبيب "مارتين إنديك" في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن السعودية جادة في المضي قدما بتطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي؛ مشيراً الى قول وزير خاريجة آل سعود فيصل بن فرحان في 8 يونيو الماضي، إن التطبيع بين السعودية و"إسرائيل" يصب في مصلحة الرياض والمنطقة أولاً وأخيراً.
وفي الإطار ذاته كشف وزير الأمن القومي للعدو الصهيوني "إيتمار بن غفير" عن أن الزيارات المكوكية لمسؤولين اسرائيليين الى المملكة ومسؤولين سعوديين الى تل ابيب قائمة على قدم وساق بعيداً عن أضواء الإعلام والتصريحات السياسية، وذلك بهدف تسهيل اتفاق التطبيع وحلحلة العوائق الموجودة أمام طريقها، وفق ما نقلته عنه صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية.
أما صحيفة "يديعوت احرونوت" فقد كتبت في مقال لكاتبها ناحوم برنياع أن الرياض تسعى جاهدة الوصول الى التطبيع مع تل أبيب في ظل تقاربها مع طهران كي تكون بعيدة كل البعد عن أعلامها ومواقفها في هذا الاتجاه، ولهذا السبب نرى ولي العهد السعودي يمضي قدما في الاتفاقات السياسية مع ايران وذلك للتضليل على مسار التطبيع.
وعلى صعيد توثيق ما أشرنا اليه فقد صرحت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، ريما بنت بندر آل سعود، إن بلادها تركز على تكامل العلاقات مع "إسرائيل" وليس التطبيع"، واصفة السلام الإسرائيلي الفلسطيني بأنه يتماشى مع رؤية 2030 في المملكة"!!، وذلك خلال لقاء نشرته قناة "i24NEWS" الإسرائيلية.
ثم أن تمنيات عضوة الأسرة السعودية الحاكمة بخصوص علاقة نظامها مع الكيان اللقيط لن يقف عن هذا الحد بل شددت، "نحن لا نقول التطبيع، نحن نتحدث عن شرق أوسط متكامل، موحد، ككتلة مثل أوروبا، حيث لدينا جميعا حقوق سيادية ودول ذات سيادة، ولكن لدينا مصلحة مشتركة، إذن هذا ليس تطبيعا".
سفيرة محمد بن سلمان ذهبت أبعد من ذلك كثيراً حتى صرحت بكل صلافة "أن السعودية تريد أن ترى إسرائيل مزدهرة، ثم أن التطبيع هو أنك جالس هناك، وأنا أجلس هنا، ونحن نتعايش نوعًا ما، لكن بشكل منفصل، أما التكامل فيعني أن موظفينا يتعاونون، وتتعاون أعمالنا، ويزدهر شبابنا"!!.
هذه التصريحات الواضحة تعكس رغبة النظام السعودي في التوجه نحو التعايش مع كيان العدو الصهيوني بكل الاتجاهات والقطاعات حتى لو أجبر على "النوم مع الشيطان" من أجل تحقيق مصلحة بسط قدرة محمد بن سلمان على العرش والسلطة بكل جوانبها وهو ما تمكن من فرضه بسهولة شرب كأس ماء.
ورداً على تصريحات سفيرة الرياض لدى واشنطن، ألمح وزير خارجية الكيان الإسرائيلي، إيلي كوهين، الى "وجود إمكانية كبيرة لإبرام اتفاق تطبيع مع السلطات السعودية، وأن تل أبيب معنية بدفع اتفاقية سلام مع السعودية، ومتفائلة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاقية من هذا القبيل؛ اتفاق قابل للتحقيق، والذي سيتبعه اتفاقيات مع دول أخرى، والنقاشات في هذا الموضوع تجري من خلال عدة قنوات، أهمها من خلال الإدارة الأمريكية".
هذا ونقلت مصادر مقربة من موقع القرار السعودي أن محمد بن سلمان يريد تصدر الدول العربية في علاقاته مع الكيان الصهيوني حتى أنه بصدد تجاوز كل من مصر والأردن والمغرب التي باتت سنداً حصيناً لضمان الأمن القومي لكيان العدو الغاصب، وما أحداث مخيم جنين القائمة حالياً الا خير شاهد على ما نقول حيث المساعي والضغوط المصرية لإقناع المقاومة الفلسطينية قبول شروط تل أبيب.
ثم نرى في بحبوحة هذه الأحداث الدامية كيف أضحى النظام المغربي سكة قطار لتردد وفود الكيان الاسرائيلي المقيت، فلم يمر أسبوع إلا ووفد صهيوني رفيع يكون في كنف ضيافة واحتضان الرباط لوزير الداخلية (وزير الصحة) الصهيوني الذي جاء بعد أقل من أسبوع على زيارة رئيس الكنيست الاسرائيلي؛ ومن قبل بأقل من أسبوع على زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وكذا زيارة وزيرة النقل الإسرائيلية، ومن بعده زيارة وزير الابتكارات الصناعية، ووزيرة البيئة التي حطت الرحال هناك.
انها هستيريا التطبيع والهرولة البوريطية الطافحة الشاملة باتجاه الصهاينة المحتلين التي تملكت عقل وفكر ورؤى محمد بن سلمان ليكون هو في المقدمة، ويلعب دور القيادي في هذه القضية ايضاً كما فعل من قبل جده عبدالعزيز الذي كان أول من باع فلسطين وقدمها على طبق اخلاص ذهبي لسيده البريطاني لتكون "وطناً لليهود المساكين"، وفق رسالته للمندوب البريطاني في الشرق الأوسط آنذاك السير "برسي كوكس".
لم يكن لولي عهد سلمان كل هذه القدرة على التفكير بهذا الخصوص لولا توصيات مستشاره السياسي الكبير جاريد كوشنر، بأن يقوم بذلك على غرار ما يقوم به العثماني الخائن أردوغان حيث صاحب أقوى العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين الدول الاسلامية والإقليمية مع كل من الكيان الصهيوني وإيران على حد سواء وأموره جارية دون إحراج أو ذكر من قبل الأخيرة.
فقد أوعز كوشنر لمحمد بن سلمان سلوك هذه الطريقة السهلة الوصول الى التطبيع مع العدو الصهيوني ضماناً لبلوغه العرش السعودي دون منافس أو منازع حتى من قبل أفراد الأسرة الحاكمة وفي مقدمتهم محمد بن نايف الذي لا يعرف مصيره حتى اليوم رغم أنه رجل الاستخبارات الأمريكية المفضل وصاحب الميدالية منها دون غيره من المسؤولين العرب.
ومن هذا المنطلق نرى اندفاع مدلل سلمان الأرعن نحو طهران مهرولاً لإعادة العلاقات الدبلوماسية وحتى الاقتصادية مع عاصمة من اسماها أعتى أعدائه وأكثرها حقداً وكراهية ودعماً للإرهاب فيها من جانبه، وبات يوقع على البياض لها مسرعاً بلوغ مبتغاه في التطبيع بعيداً عن سيف انتقادات وسائل إعلامها وسياستها العدائية للكيان الاسرائيلي، هي وأيديها في المنطقة في هذا المجال.
أنه ذكاء ما بعده من ذكاء ولكن ليس من شاب آل سعود الطائش بل من معلمه كوشنر الذي اشار اليه بما قام به استاذه الاقليمي محمد بن زايد في هذا المجال وبات بعيداً عن توبيخات وانتقادات طهران السياسية والإعلامية في هذا المجال ودولته لها أكبر حجم للتبادل التجاري مع ايران دون غيرها من الدول الإقليمية خاصة تلك التي لا تربطها علاقات مع الكيان الصهيوني.
وكان الصحافي الإسرائيلي إنريكي تسيمرمان قد صرح لموقع "آي نيوز 24" الصهيوني من العاصمة السعودية الرياض، نهاية كانون الثاني الماضي أي خلال المباحثات السعودية الايرانية، عن تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل" التي باتت تقترب أكثر مما سبق، وأنه لمس وشاهد بأم عينيه وجود جالية يهودية في الرياض ونشاطاً لرجال أعمال إسرائيليين يعملون منذ فترة في المملكة.
واكد بالقول "نحن أمام بداية حقبة جديدة، هناك أمور جديدة بدأت"، مشيراً الى أن مفاجأة "نتنياهو" المجتمع الدولي في آب/أغسطس 2020 بإنشاء علاقات تطبيع مع كل من الإمارات والسودان والمغرب والبحرين لم تكن لتحدث دون موافقة السعودية، وهي الدولة الأكثر تأثيراً في العالم العربي"، وفق وصفه.
ارسال التعليق