الجدل أمريكي حول جدوى الرهان على ابن سلمان
[عبد العزيز المكي]
لا نجانب الحقيقة إذا قلنا، إن الجدل الأمريكي داخل الأوساط الإعلامية والسياسية، حول محمد بن سلمان خاصة وحول السعودية ونظامها عامة، ازداد حدة واخذ مساحة متزايدة في اهتمامات وتغطية تلك الأوساط المشار إليها!! واللافت أن هذا الجدل تناول رصداً ونقاشاً وتحليلاً وانتقاداً مجالات ومحاور عدة نذكر منها ما يلي:
1ـ انتقاد علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطاقمه في البيت الأبيض مع ابن سلمان وتحميل ترامب المسؤولية عن تهور بن سلمان وعن سياساته الحمقاء نتيجة الدعم الذي يتلقاه من ترامب، وشارك في هذا الانتقاد أوساط كثيرة وحتى مسؤولين أمريكيين، لدرجة أن بعض هذه الأوساط اتهم طاقم البيت الأبيض بتحقيق مصالح خاصة وحتى عائلية على حساب مصالح الولايات المتحدة، ففي هذا السياق، نشر كاتبان أمريكيان تقريراً من جزأين تحدثا فيه عن علاقة ولي العهد السعودي والإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، وهما ستيفن سايمون ودانييل بنجامين، نشرته لهما مجلة "ذي نيويورك بوك ريفيو" في 3/6/2019، وأشارا فيه إلى أن "رعونة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ناتجة عن تحريض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي طالما تفاخرت بعلاقتها مع هذا الشاب الذي غدا الحاكم الفعلي للملكة". ولفتا الى وجود علاقة مصالح بين مستشار ترامب جاريد كوشنر، وابن سلمان. وأضاف الكاتبان في تقريرهما: "أن إدارة ترامب تتجنب انتقاد بن سلمان على ما يصدر عنه من بلايا.." مشيرين إلى أن " البيت الأبيض يشرف بنفسه وبشكل مباشر على إدارة العلاقة الأمريكية السعودية، تماماً كما هو الحال مع إدارة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، بينما لم يكن ذلك بشكل عام مع أي من العلاقات الثنائية الأخرى". ولأن العلاقة بهذا الشكل، بات بن سلمان لا يعير أهمية لمعارضة أمرا انتقادات للكونغرس الأمريكي ولوزارة الخارجية الأمريكية، يقول الكاتبان، اللذان يضيفان "إن القيادة السعودية ظلت باستمرار تسعى خلف الارتباط المباشر بالرئيس نفسه". وتحدث الكاتبان بشكل مفصل عن علاقات كوشنر بمحمد بن سلمان واثر هذه العلاقة في تستر البيت الأبيض الأمريكي على جرائم وأخطاء ابن سلمان، ليس هذا وحسب، وإنما أثرها في الدفاع عن ابن سلمان أمام الكونغرس ووزارة الخارجية ووكالة "السي آي أيه"، وتبرير هذا الدفاع بالأموال التي يتبرع بها بن سلمان للرئيس الأمريكي.وتحدث الكاتبان الأمريكيان بشكل مفصل عن العلاقة الأمريكية السعودية مستعرضين تاريخياً هذه العلاقة، وكيف كانت تجري طيلة الفترة أو الحقبة الماضية بإشراف الجانب الأمريكي، أي أن الأمريكي هو الآمر والناهي ولكن دون أن يتحمل نتائج وتداعيات تلك الإملاءات، إنما يتحملها فقط الطرف السعودي، غير أن هذا الشكل من العلاقة الذي كان يصب في الصالح الأمريكي مئة بالمئة تغير بعد مجيء الملك سلمان وابنه محمد.. حيث قالا- أي الكاتبان- إنهم خدعونا بأن بن سلمان سيغيّر البنية الفكرية والسياسية للنظام ويخرجه من مرتكزاته الفكرية المتشددة الوهابية! وصفقنا لرؤيته 2030 ولإصلاحاته التي أعلن عنها، لكن تبين فيما بعد انه الدكتاتور الصغير الذي استفاد من الدعم العلني للريس ترامب ولمستشاره جاريد كوشنر.. وكأن الكاتبين يقولان أن إدارتنا هي التي جعلت أو صنعت من ابن سلمان دكتاتوراً ومستبداً من دعمها وتأييدها لهذا المستبد الصغير، ومن خلال تغطيتها على جرائمه، التي استعرضها الكاتبان بشكل مفصل، ومنها جرائمه في اليمن، وفي السعودية ذاتها، وسجن وتعذيب الناشطين والمعارضين داخل البلاد وخارجها.. اكثر من ذلك أن هذين الكاتبين أرادا أن يوضعان الإدارة الأمريكية بهذا الدعم شوهت أمريكا وأسقطت سمعتها " الأخلاقية " و" قيمها" من خلال تحملها لمسؤولية ما يقوم به ابن سلمان، من خلال الدعم لإجرام هذا الأخير!!
وذهب الكاتب كريستوفر ديكي في تقريره الذي نشر موقع "الديلي بيست" في 9/3/2020، إلى ما ذهب إليه الكاتبان سلفا الذكر، حيث يقول فيه " أن حلفاء الرئيس دونالد ترامب في الشرق الاوسط يتحولون سريعاً نحو الطغيان "ويشير التقرير، إلى أن محمد بن سلمان، الذي يعد الحاكم الفعلي في البلاد، قام بحملة اعتقالات لعمه ولثلاثة من أبناء عمومته، أحدهم كان ولياً سابقاً للعهد.. ومشيراً وبشكل مفصل إلى جرائم والظلم والعسف الذي يمارسه بن سلمان في بلاده وفي المنطقة إلا انه ورغم هذا السقوط الأخلاقي لنظام ال سعود، نجد ترامب يدعمه ومعه كارتل صناعة السلاح في أمريكا!!
لم يقتصر هذا الانتقاد على ترامب وصهره جاريد كوشنر لعلاقاتهما ودعمها لبن سلمان وحسب، بل إن هذا الانتقاد توسعت دائرته في الآونة الأخيرة لتطال مؤسسات وشخصيات أمريكية من خارج دائرة البيت الأبيض الأمريكي، ففي هذا السياق نشر موقع "بوليتكيو" مقالاً لمسؤول العمليات السابق في السي آي إيه، والاستاذ المساعد في الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، دوغلاس لندن، قال فيه أن مديري المخابرات الأمريكية السابقين، جون برنيان، ومايك بومبيون أخفيا مشاكل السعودية عن الأمريكيين..
وبدأ دوغلاس لندن مقاله بالإشارة إلى كلمة المسؤول السابق في السي آي ايه، والذي قضى فيها 40 عاماً كمراقب محترفا لسعودية، سياسة ودبلوماسية وأمناً واقتصاداً، بروس ريدل، والتي ألقاها أمام معهد بروكينغز في 21 تشرين الثاني 2017 عن العلاقات الأمريكية، السعودية، وحينها قدم ريدل في تصريحاته المدهشة ملاحظتين مهمتين، وهما، أن السعودية مرت في الآونة الأخيرة بتغيّر مهم، فقد تحولت من مملكة غامضة ويمكن التكهن بتصرفاتها، إلى دولة متقلبة ومن الصعب التكهن بها.. أما الملاحظة الثانية، فهي أن الإدارة الأمريكية لدونالد ترامب قررت منح السعودية دعمها الكامل بدون أن تفكر أو تفهم القيادة فيها. وقال ريدل إن ترامب "منح السعودية ورقة على بياض في السياسة الداخلية والخارجية". وينتقد دوغلاس السياسة الحالية لترامب أكثر فيقول "أن السياسة الأمريكية القائمة تقليديا على الحذر وتجنب المخاطر، إلى المغامرة والتدخل، وان لم تكن متهورة، فهي متطرفة". ويتحدث الكاتب كيف أن هذا الدعم الأمريكي لبن سلمان تسبب في تهور بن سلمان، مستعرضا الهزات التي أحدثها، من قبيل توريط أمريكا في المستنقع اليمني، وحرب الأسعار النفطية مع روسيا التي أصابت شركات استخراج النفط الصخري الأمريكية في مقتل، وغيرها. ودعا الكاتب ترامب إلى الاستماع إلى ما يقوله ريدل وغيره من خبراء الاستخبارات مذكراً هذه الإدارة بخطأ إدارة اوباما، عند ما تبنت بنفس الطريقة التي ببنى فيها ترامب محمد بن سلمان، تبنت محمد بن نايف وزير الداخلية وولي العهد السابق ومحذراً من تكرار الخطأ، ومن الانجرار وراء سياسات بن سلمان المراهقة.. والتي كلفت الولايات المتحدة الكثير من الخسائر المادية والسياسية والسمعة، وحتى الإستراتيجية.. ويشرح الكاتب دوغلاس بشكل مفصل من باب التحذير، خطأ إدارة أوباما في تبين محمد بن نايف، ودور بعض رجالات السي آي ايه في تسييس المعلومات الأمنية، ومعتبراً أن رجالات السي آي ايه وقعوا بنفس الأخطاء في عهد ترامب، فالأخطاء هي نفسها مع تغيّر الوجوه فقط.. ومحملاً الإدارة الأمريكية بشكل عام مسؤولية ما جرّته تبعات الدعم الأمريكي لبن سلمان على أمريكا!
2ــ أكثر من ذلك، أن حملة الانتقادات طالت شركات السلاح، باعتبارها الكارتل الأساس الذي يقف داعماً ومشجعاً للرئيس ترامب في دعمه لبن سلمان، لأن هدفها الأساسي هو استمرار تشغيل مصانعها وتصريف إنتاجها من الأسلحة، بل ونعتقد أن كارتل السلاح في الولايات المتحدة، هو أحد الأعمدة التي لها دور في صناعة الرؤساء في أمريكا وفي إيصاله إلى سدة البيت الأبيض. وفي هذا السياق يتهم تقرير لصحيفة النيويورك تايمز الامريكية، أعده الصحافيان مايكل لافورغيا ووالت بغدانيش.. واتهمت الصحيفة المذكورة هذه الشركات بالمسؤولية عن اكبر أزمة إنسانية في العالم في حرب اليمن بما وفرته من أسلحة وقنابل تدميرية بشكل هائل وضعتها في خدمة نظام ال سعود المجرم، نظام بن سلمان تحديداً...
ويستعرض التقرير بشكل مفصل وبالأدلة والوثائق الجدل بين هذه الشركات وبعض رجالات الكونغرس الامريكي المعترضين على صفقات تلك الأسلحة، والمطالبين بوقف دعم بن سلمان بها، وكيف ان هذه الشركات رمت بالمسؤولية على الإدارة الأمريكية لترامب، وانها تابعة للأخير، وهذا الأخير يريد توفير فرص عمل ودعم الوضع الاقتصادي، وبن سلمان يدفع المال الوفير!! وأشار التقرير إلى أن هذا الجدل انتهى إلى إصرار الشركات بتزويد السعودية بهذه الأسلحة، وقال إن هذه الشركات تقول: إن " الرئيس ترامب قال بفخر بأن علينا أن نستمر في بيع الأسلحة للسعودية لأنهم يدفعون لنا الكثير من المال، انه ينظر إلى السياسة الخارجية بنفس الاسلوب الذي نظر فيه إلى تجارة العقارات. وكل بلد هي مثل شركة ووظيفتنا هو توليد المال". وهناك الكثير من التحليلات والانتقادات الأمريكية والغربية لشركات السلاح ودورها في المأساة الإنسانية في اليمن وفي مواطن أخرى كسوريا وليبيا وأفغانستان وما إليها.
3ــ أيضاً تمحور الجدل الأمريكي والغربي، حول بن سلمان نفسه وحول سياساته الحمقاء وكيف تسبب لبلده بالويلات والمصاعب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وكيف تسبب لأمريكا وللدول الغربية الداعمة له بالمشاكل الكثيرة وحتى بالسقوط الأخلاقي فضلاً عن مساهمته من خلال سياساته المراهقة في إضعاف وتراجع ما يسمونه النفوذ الأمريكي والغربي في المنطقة، بل واحتمالات ضياع هذا النفوذ والمصالح الأمريكية بسبب أن نظام ال سعود الحامي لهذه المصالح أو الممثل لها، بات في مهب رياح الأخطار الكبيرة وعواصفها الجارفة نتيجة توريط هذا الأحمق بلاده بأزمات ومشاكل لا يمكنها الخروج منها إلا بتكاليف باهظة قد يكون وجود النظام نفسه من أثمانها..
ففي هذا السياق عدت صحيفة التغراف البريطانية تقريراً، أعدّه لها (إد كلاوز) حول خوض بن سلمان الحرب أسعار النفط مع روسيا، اعتبر فيه الكاتب اد كلاوز، أن المملكة بكاملها أصبحت في خطر بعد حرب الأسعار، في إشارة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية فيها بسبب انخفاض الأسعار، ولفت الكاتب إلى أن القرار- حرب الاسعار النفط بخوض تلك الحرب، " جاء بعد سلسة من الخطوات المتهورة التي اتخذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشكل يضع السعودية أمام مستقبل مجهول".
وبعد أن استعرض كلاوز قرارات بن سلمان المتهورة أو بعض منها، قال " أصبحت القصة رمزاً الطبيعة الأمير المتهورة والغاضبة، وهي صفات يقول الخبراء أنها لن تخدم الحاكم الفعلي للسعودية التي تواجه أخطر أزمة لم يسبق أن مرت عليها".
أما صحيفة الوول ستريت جورنال الأمريكية، فقد كتب احد محرريها وهي الكاتبة كارين اليوت هاوس، مقالاً حول الحرب السعودية بخفض اسعار النفط اعتبرت فيه هذه الحرب، بأنها تنطوي على مخاطر جمة على السعودية قبل غيرها وتحدثت في مقالها مفصلا عن تلك المخاطر..
صحيفة الاسبانيول الاسبانية بدورها أعدت تقريراً حول حرب الأسعار السعودية تتحدث فيه عن الأضرار التي ترتبت عليها، مشيرة إلى أن حتى الأمريكيين امتنعوا من هذه السياسة، لافتة إلى أن مجموعة من ممثلي الولايات المتحدة أجرت محادثة هاتفية لمدة ساعتين مع وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان وقد خلص أحدهم إلى قول: " إنهم يشنون الحرب علينا بينما تحمي قواتنا آبارهم. ليست هذه الطريقة التي يتعامل بها الأصدقاء مع الأصدقاء. أفعالهم لا تُغتفر ولن تنسى".
وانتقد التقرير صداقة الولايات المتحدة لهذا النظام بالقول "في المقابل، يعتبر نظام ال سعود، الذي تحكمه عائلة مكونة من 15 ألف عضو يديرون البلاد بمزيج من التعصب الديني وقوانين العصور الوسطى وتجاهل الديمقراطية وحقوق الإنسان، عميلاً وصديقاً جيداً وحليفا مخلصاً لترامب". لكن التقرير يستدرك ويقول إن الطبقة السياسية الأمريكية لا تتقاسم بأكملها التعاطف الخاص بالرئيس الأمريكي الحالي (ترامب) تجاه السعودية، ففي إحدى المناسبات، وصف جو بايدن السعودية بأنها منبوذة دولياً ووعد بقطع الإمدادات العسكرية عن الرياض إذا وقع انتخابه...
وإلى ذلك فأن تلك الحملة طالت الأجرام الذي يمارسه بن سلمان داخل السعودية تجاه المعارضين، وتجاه الأمراء المنافسين له، حيث احتل هذا الموضوع ساحة واسعة في الصحف الأمريكية والغربية تحليلاً ومتابعة وتشريحاً، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة بلومبيرغ الأمريكية في 9 مارس2020 مقالاً للصحافي بوبي غوش، وحللت فيه أهداف إقدام بن سلمان على اعتقال عمه أحمد بن عبدالعزيز وابن عمه محمد بن نايف ولي العهد السابق وإيداعهم السجن، مستبعداً نظرية الانقلاب لأن الأميرين المذكورين لا يشكلان بنظر غوش أي خطر على بن سلمان بعد تطهيره كل المؤسسات الأمنية من اتباع بقية الأمراء، وبعد لجم أكثر هؤلاء الأمراء وتكميم أفواههم.. وأكد الكاتب على الدوافع العميقة لبن سلمان في الإقدام على هذه الخطوة، ولقطع الطريق على بعض الاتجاهات الأمريكية التي لها علاقة وطيدة مع الأميرين المشار اليهما.. أما صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية فقد أكدت في مقال لها في 9/3/2020 على أن الهدف من زج بن سلمان بعمه أحمد بن عبدالعزيز وابن عمه محمد بن نايف بالسجن هو أجل تشديد القبضة على السلطة.. وترى الصحيفة أن الهدف من حملة الاعتقالات تلك هو تذكير العائلة المالكة على انه لن يتم التغاضي عن أي باردة على عدم الولاء. وتتفق الصحيفة مع زميلتها الأمريكية بلومبيرغ على استباية وإجرام بن سلمان بالقول " إن بن سلمان لم يبدِ أي تسامح مع المعارضة والنقد، مما أدخل السعودية في اكبر أزمة دبلوماسية تواجهها منذ أعوام أثر قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية في اسطنبول في تشرين الأول عام 2018 ".
صحيفة الغارديان البريطانية هي الأخرى انضمت في تقرير لها أعده كاتبها مارتن شولوف، انتشرت ترجمته العربية في 8/3/2020 حول حملة الاعتقالات الأخيرة لبن سلمان لعمه وابن عمه وبقية عدد من الامراء، وقالت في التقرير انها عملية تطهر، مجلية بذلك التقرير الطبيعية القمعية والاستبداية لهذا الدكتاتور الصغير هذا غيض من فيض حديث الاوساط السياسية والإعلامية الأمريكية حول إجرام بن سلمان واستبداديته، وخنقه للسعوديين وملاحقتهم على الشاردة والواردة، كما تقول صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية.. وحول ما يجري في السجون السعودية لبن سلمان من مآسي ومصائب وتعذيب وانتهاك للحقوق ولابسط هذه الحقوق التي كلفها الشرع والدين، وكلفهتا الشرعات والمواثيق الإنسانية..
ماذا يعني كل ذلك، كل هذه التغطية الغربية والأمريكية على الإجرام والاستبداد وعلى التدمير للبلد وللإنسان في المملكة في ظل سياسات بن سلمان، وكشف وتسليط الضوء على الطبيعة الإجرامية له والتحذير من دعمه والانجرار وراء طموحاته الاستبدادية؟
لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أن كل هذه الحملة تعني أمور عدة نذكر منها ما يلي:
أولاً: إن الأوساط الأمريكية والغربية كما قلنا قبل ونعيد التذكير مرة أخرى اكتشفت بالأدلة والمواثيق أن الوجه الإصلاحي لبن سلمان الذي جنّد الأخير المليارات لتسويقه إعلاميا وسياسياً، هو وجه مزيف يخفي وراءه وجهاً قمعياً دموياً، وهذا يعني خسارة نظام ال سعود لهذه المليارات التي صرفها على الإعلام لخداع الرأي العام والدوائر الغربية والأمريكية بوجهه الإصلاحي المزيف والأكثر من ذلك، أن ذلك تسبب في السقوط الأخلاقي المدوي لمملكة آل سعود بين الأمم.
ثانياً: وصول أغلب الدوائر الأمريكية والبريطانية والغربية بشكل عام إلى قناعة تامة بأن هذا الرجل لا يصلح لأن يكون الحارس والمدافع عن المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة بسبب تهوره وحماقاته، وبالتالي فأن ذلك يتسبب في سرعة انكشاف الخطط والمشاريع الأمريكية والغربية وإجهاضها من قبل المحور الآخر المناوئ لهذه الخطط والمشاريع، فنظام ال سعود على عكس ما يجري في عهد بن سلمان ينفذ ما يملى عليه دون أن تنكشف خططه ومؤامراته على قضايا المسلمين، مثلما يحصل الآن.
ثالثاً: أيضاً الأوساط الأمريكية والغربية وصلت إلى قناعة كبيرة بأن الرهان على هذه الحصان السعودي محفوف بالمخاطر الجمة، وهذا ما عكسته وتعكسه التحذيرات المتواصلة من الاستمرار في دعم هذا المستبد المجرم وتعكسه أيضاً الانتقادات المتواصلة لعلاقة ترامب بهذا المجرم واستمرارها، لأن هذه العلاقة سببت لأمريكا الكثير من الاحراجات أمام الرأي العام وأمام حتى حلفاء الأمريكان والآخرين.
رابعاً: وكل ذلك وغيره يعني أن هناك مراجعة أمريكية وبريطانية جادة للتخلي عن هذا الحصان الجامح "بن سلمان"، والعمل الجاد على إدارة الخلافات داخل العائلة المالكة، بما يؤمن صعود شخصية متزنة تحافظ على المصالح الأمريكية والغربية في المملكة والمنطقة، وبالتالي تجنب الانهيار المحتم للمملكة الذي يقودها إليه بن سلمان، أن استمرار الرهان الأمريكي على بقائه.
على أن الخبراء يقولون إن الفجوات الكبيرة التي فتحها بن سلمان في جدران نظام ال سعود، بات من الصعب على أمريكا والغرب ردمها والتقليل من أخطارها فحتى لو استبدل الامريكان بن سلمان بحصان سعودي آخر من الأمراء الآخرين فان الانهيار في بنى النظام لا يتوقف، لان بن سلمان تسبب في اقتلاع بعض الأسس والبنى التي أقيم النظام عليها وظل مستنداً إليها طيلة العقود الماضية.
ارسال التعليق