السعودية...حقائق وخفایا...یفضحها الحکم القاسی علی الناشطة الدكتورة سلمى شهاب!
[عبد العزيز المكي]
في٩ اغسطس الماضي٢٠٢٢ حكمت إحدى محاكم النظام السعودي المختصة بجرائم الارهاب على الناشطة السعودية الدكتورة سلمى الشهاب؛ بالسجن٣٤سنة؛و تُمنع بعدها٣٤سنة من السفر!!و الأخت سلمى لم ترتكب ذنباً أو جرماً يستحق هذه العقوبة القاسية جداً؛سوى أنها تمنت على موقعها في تويتر الحرية لمعتقلي الرأي في السعودية؛ الذين يقبعون في سجون بن سلمان؛ فما أن عادت الى بلدها من بريطانيا لقضاء إجازة مع أهلها؛ العام الماضي؛حتى أقدم نظام بن سلمان على اعتقالها ومنعها من العودة الى بريطانيا لاكمال دراستها العالية في جامعة ليدز حيث كانت في السنة الأخيرة لنيل شهادة الدكتوراه في طب الأسنان؛ وخلال فترة الاعتقال تعرضت الأخت سلمى الى مختلف صنوف التعذيب على أيدي جلاوزة بن سلمان حيث قالت انه على مدى٢٨٥يوماً تتعرض على يد خمسة رجال لصنوف التعذيب والأذى والحرمان والمعاناة؛و في ذلك الوقت أي في عام٢٠٢١حكمت المحكمة المذكورة على سلمى بالحبس ست سنوات؛لكن سلمى استأنفت الحكم على أمل تقليل المدة؛و على عكس توقعاتها وآمالها؛نكلت بها هذه المحكمة بتمديد مدة السجن وإصدار هذا الحكم التعسفي؛ الذي يعتبر فريداً من ناحية تعسفة وظلمه في العالم؛فالنظام السعودی اول نظام استبدادی فی العالم یصدر مثل هذه الأحكام «القرقوشیة» ويحرم المحكوم من الدفاع عن نفسه؛ بل ويجبر المتهم على الإقرار بارتكاب مخالفات ضد النظام لم يرتكبها ولم يفكر بها أصلاً؛ كما قالت الأخت سلمى وقبلها لجين الهذلول وبقية الناشطات والنشطاء الذين يقبعون في سجون ومعتقلات النظام السعودي.
و لأن هذا الحكم جائر وظالم؛ فأنه ووجه بموجة استنكار وانتقاد من قبل أغلب الاوساط "الإنسانية" الدولية مثل العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس وغيرهما؛و أيضاً من قبل بعض الاوساط السياسية والاعلامية الغربية خصوصاً من الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية والبريطانية والألمانية وان جاءت خجولة لكنها تكشف فداحة هذا الظلم الذي وقع على هذه الأخت الأمر الذي يجعل السكوت عنه تواطئاً ومشاركة للنظام القمعي الدموي بقيادة بن سلمان في الرياض...
و فيما ينبغي أن تتطور هذه الانتقادات وموجة الاستنكار الدولية وتشكل أداة ضغط فاعلة على بن سلمان للإفراج عن هذه الأخت البريئة وغيرها من الأبرياء الذين يقبعون في سجونه؛ فأن هذا الحكم الفظيع والتعسفي يؤشر الى جملة معطيات نذكر منها ما يلي:-
1. ان نسيان الغرب لجريمة بن سلمان المروعة بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي؛ ثم فك العزلة عنه؛من خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ولقائه هذا القاتل (بن سلمان)؛ وكذلك استقبال بعض الدول الأوربية له؛ كل ذلك شجعهُ أو أطلق العنان له للتصعيد في عمليات القمع والملاحقة واصدار الاحكام الجائرة بحق أصحاب الرأي والمعارضين في الداخل والخارج؛ وفعلاً منذ زيارة بایدن وحتی الحال الحاضر یمکن رصد ثلاث تطورات خطیرة في الإطار المشار إليه في سياسة المستبد بن سلمان تجاه المعارضة هي: اولاً: تشكيل وحدة أمنية من النخب المدربة على الرصد والملاحقة لمتابعة معارضة الخارج والداخل أيضاً ورصد تحركاتهم ومن ثم الفتك بهم؛ وتخضع هذه الوحدة الأمنية الجديدة لاشراف بن سلمان وجلاوزته مباشرة!و ثانيا:زادت معدلات الاعتقالات والملاحقة والتضييق في صفوف الشعب الجزيري؛ كما أكدت ذلك منظمات حقوق الانسان المحلية والدولية مثل العفو الدولية وهيومن راتيس وغيرهما. وثالثاً: زادت معدلات الاعدامات أيضاً بشكل مثير حتى لأسياد بن سلمان الامريكان ...و في هذا السياق كشفت المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان في١٨/٨/٢٠٢٢ ان السعودية اعدمت ١٢٠ شخصاً في الاشهر الستة الاولى من عام ٢٠٢٢..و نشرت المنظمة احصاءات دقيقة لإعدامات بن سلمان مؤكدة بالأرقام الخط التصاعدي لهذه الاعدامات!
2. ان هذه الاحكام الجائرة تشير بوضوح بل تؤكد أيضاً؛ ان قانون الإرهاب الذي تجري المحاكمات والاحكام بالاعدام الصادرة عنها؛ ثم الاعتقالات والملاحقات وكل أشكال القمع والتدمير؛على أساسه؛ إنما تحول الى أداة بيد بن سلمان لاسكات المعارضين ؛ وكل من يتنفس ضد بن سلمان او يتفوه بكلمة من باب التمني على تويتر أو الفيس بوك كما حصل للاخت سلمى!فهذا القانون سن في السعودية من أجل التخلص من التكفيريين والإرهابيين الحقيقيين الذين تفرخهم مدارس النظام السعودي نفسه؛ أصبح سيفاً مسلطا على رقاب أبناء الشعب!! وهذا ما أكدته الأوساط الحقوقية في العالم والمنطقة؛ حيث إتهمت النظام السعودي مباشرة بأنه المسؤول عن انتشار الفكر الإرهابي؛ وعن نشوء وانتشار هذه القطعان الإرهابية في ارجاء العالم سيما في المنطقتين العربية والاسلامية! واتهمته مباشرة بممارسة ارهاب الدولة ضد المعارضين وضد الشعب الجزيري....و لذلك طالبته بعض الأصوات بالكف عن هذا الإرهاب وعن القمع بحق الشعب هناك؛فهذه النائبة لمديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنيابة في منظمة العفو الدولية ناديا سمعان طالبت النظام السعودي في بيان لها.."بالتوقف عن مساواة حرية التعبير بالإرهاب في السعودية" قائلة.."يجب على السلطات السعودیة إلغاء أو تعديل نظامي مكافحة الإرهاب وجرائم المعلوماتية اللذين يجرمان المعارضة. وسن قوانين جديدة تتوافق تماماً مع القانون والمعايير الدولية لحقوق الانسان".و أضافت سمعان.."ان الحكم بسجن سلمى لمجرد استخدامها توتير يمثل عقوبة قاسية وغير قانونية".
3. كشف الحكم الذي أصدره نظام بن سلمان الجائر على الدكتورة سلمى الشهاب مرة أخرى؛ الظلامية القصوى التي تتعرض لها المعارضة في مملكة آل سعود؛ والأقليات خاصة؛ وبقية شرائح الشعب الجزيري عامة؛ فهناك إجماع تقريبا من أغلب المراقبين وخبراء حقوق الانسان في أمريكا والدول الغربية؛و من اغلب منظمات حقوق الانسان الدولية والإقليمية على ان النظام السعودي في عهد بن سلمان من اعتى الانظمة الاستبدادية عتواً ودموية وجرفاً للمعارضة والمعارضين وسحقاً للاقلية في أرض الحرمين الشريفين؛ والشهادات في هذا السياق متواترة؛ وثمة اجماع أيضاً من هؤلاء الخبراء علی ان الحکم علی سلمی..و هذا ما اکده الخبیر فی مرکز البحوث التطبیقیة بالشراكة مع الشرق- ومقره ألمانيا... سيبا ستيان سونز؛ في حديثه مع التلفزيون الألماني "دويتش فله DW”؛ والذي قال فيه "ان الحكم القاسي ضد سلمى التي تنتمي الى الأقلية الشيعية؛ يمكن أن يرسل رسالة تحذيرية الى الشيعة الذين يعيشون في المملكة" وأضاف قائلاً: " ما تزال الأقلية الشيعية في السعودية ضحية للتمييز والتهميش وذلك منذ عقود....و غالباً ما يجري استخدامها ككبش فداء سياسي للترويج للقومية السعودية. وفي هذا الإطار ينظر إلى الحكم باعتباره ضد الشيعة في السعودية".من جهته قال رمزي قيس الزميل القانوني في " منظمة منّا لحقوق الإنسان":" ان صعود محمد بن سلمان الى السلطة عام ٢٠١٧ترافق مع تبني قوانين صارمة؛ مثل قانون مكافحة الإرهاب لعام ٢٠١٧؛ وإنشاء رئاسة أمن الدولة والنيابة العامة" وأضاف رمزي علي ان الحكم الذي صدر بحق سلمى يدل على ان السلطات السعودية " تتجرأ في استخدام محكمة أمن الدولة كأداة؛ سواءً لقمع؛أو مقاضاة؛ ومعاقبة أي شكل من أشكال التعبير الذي ينظر إليه بأنه ينتقد السلطات..."!
4. ان الحكم السعودي المغلظ ضد الدكتورة سلمى الشهاب ثم ارتفاع وتيرة الاعتقالات والاعدامات في السعودية... كل ذلك يؤكد زيف الاصلاحات و"الانفتاح"؛ و" إطلاق الحريات"...تلك التي يتغنى بها بن سلمان واعلامه؛ وكذلك يؤكد كذب الوعود التي قال الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ ان بن سلمان وعده بها في زيارته الأخيرة للسعودية؛ ومنها تخفيف القيود واطلاق السجناء وتخفيف الأحكام وما الى ذلك من المزاعم؛ بل على العكس؛ كما مر بنا ان بن سلمان تضاعفت شراسته واستبداده وقمعه للمعارضة وازدادت مناسيب دماء الإعدامات بشكل اثار حفيظة حتى حلفاء السعودية الاميركان!!
و لذلك سخرت الكاتبة الأمريكية ميجان ستاك؛ من "اصطلاحات بن سلمان"في مقال لها نشرته صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية؛ بعد إصدار الحكم على سلمى؛ حيث وصفت الحكم؛..بأنه برهان على ان " تحرر المرأة السعودية لا يبدو حقيقياً " وأضافت أنه " من الصعب الحديث عن حرية المرأة بينما تحاكم المملكة العربية السعودية النساء والرجال بتهم الإرهاب لمجرد انخراطهم في السياسة". وذلك ما يفسر تعالي بعض الأصوات الأمريكية والغربية من أوساط الكونغرس ومن اوساط اعلامية غربية مطالبة التراجع عن دعم بن سلمان؛ التراجع عن فك العزلة عنه؛ وعن مده بالسلاح؛ لأن ذلك يعني تشجيعه على مواصلة القمع والقتل وارتكاب المزيد من الجرائم كما فعل صدام تماماً بعد الدعم الأمريكي والغربي له.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق