السعودية: لماذا الإعدام؟
[علي ال غراش]
بقلم: علي ال غراش
لماذا اختارت الرياض هذا التوقيت بالضبط لإعدام 37 شخصا منهم 34 شخصا من طائفة واحدة شيعة، أغلبهم بسبب الحراك والمشاركة في المظاهرات السلمية للمطالبة بالتغيير، وبعد العملية الإرهابية الوحشية للتنظيم المجرم في سريلانكا بقتل المئات، هل هي محاولة لاستغلال الفاجعة الأليمة والاستفادة من أجواء المجازر والدماء والإرهاب هناك، أم هي لعبة على الوتر الطائفي وإثارة النعرات الطائفية البغيضة وتصفية الحسابات مع دول في المنطقة؟.
السلطات السعودية حاولت الاستفادة من أجواء المجزرة الدموية في سريلانكا والغضب العالمي على الإرهابيين لتمرير قتلها 37 شخصا باسم الإرهاب، ولكنها هنا هي القاتلة الراعية للإرهاب الرسمي بقتل أشخاص تم اعتقالهم وقتلهم بعيدا عن محاكم عادلة وشفافة، وبالخصوص أن المعتقلين الذين تم قتلهم قد أكدوا على براءتهم من التهم كما أن سيرتهم تثبت أنهم مع الحياة والإصلاح والحرية وعدم تأييدهم للعنف والقتل، وأهاليهم والمؤسسات الحقوقية يؤكدون على براءتهم من التهم، ومفوضية الأمم المتحدة السامية طالبت الرياض بعدم إعدام المتهمين، وأنه لابد من محاكمتهم في محاكم ذات معايير دولية، وهذا لم تفعله السعودية. ماذا يضر السعودية لو تمت محاكمتهم في محاكم دولية عادلة، مادام السلطات السعودية لديها الأدلة الكافية ضدهم؟.
سلطات الرياض لم تقدم لغاية الآن أي دليل ليستحق الذين قتلوا الإعدام بتلك الطريقة العنيفة والبشعة قطع الأعناق وتصنيفهم بالإرهابيين، حيث إن أغلبية من تم إعدامهم اعتقلوا قبل إعلان الحكومة حصول أي عنف أو استخدام أسلحة. ان الاعتماد على دليل الإعتراف فقط لا يمكن الأخذ به في دولة تمارس أبشع الأساليب القمعية لإجبار المعتقل على التوقيع على إقرار مكتوب من قبل المحقق وكما يريد. وقد صرح من تم قتلهم وقطع رؤوسهم لذلك للقضاة حسب أوراق المرافعات.
من خلال هذه المجزرة إعدام 37 شخصا خالفت السلطات السعودية كل من يحاول يروج ويرسل رسائل تطمين بأن تقارب الرياض مع بغداد سيؤدي لتهدئة الأوضاع بين دول الإقليم وحل الخلافات والأزمات مع إيران وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وحل الملفات الساخنة ومنها ملف المعتقلين بسبب التظاهرات والاحتجاجات وفتح صفحة جديدة من الإحترام مع أهالي البحرين والشرقية؛ ولكن الذي حدث هو العكس، فعملية القتل قد فجرت أزمة وغضب شديد.
رسالة ترهيب وتصعيد: لماذا اختارت السعودية التصعيد عمليا بسفك دماء العشرات من طائفة واحدة؟
حتما أنها رسالة انتقام وترهيب وترويع لأفراد تلك الطائفة (الشيعة) أولا ولجميع المواطنين، إذ إنها جاءت في ظل أجواء التصعيد وفرض العقوبات من قبل أمريكا وحلفائها ومنهم السعودية وإسرائيل ضد إيران. وهي رسالة استباقية من الترهيب والترويع لأفراد تلك الطائفة (الشيعة) من التفكير بالقيام بأي عمل ما مثل التظاهر وغيره، ورسالة حكومية سعودية واضحة لجميع المواطنين ان كل من ينتقد أو يعارض سياستها أو يخرج في تظاهرات واحتجاجات ضدها مصيره القتل كما حدث مع من تم قتلهم.
الحروب دمار
العالم العربي وبالخصوص في القسم الآسيوي متوتر جدا فهناك حرب على اليمن من قبل السعودية والإمارات، وحصار ضد قطر، وأزمة كبيرة في البحرين، وحرب في سوريا والعراق وتوتر في لبنان وغليان في فلسطين بسبب صفقة القرن بالإضافة إلى الأوضاع في إيران وتركيا.. فالوضع حساس جدا في المنطقة ربما تندلع حرب مدمرة للجميع في أي لحظة، والكل سيكون خاسرا فالحروب دمار.
المنطقة بحاجة للحكمة والعقل لاستقرار المنطقة والاعمار و إلى حلول سلمية بعيدا العنف والتهديد والقتل. العلاج يبدأ من داخل كل دولة بأن تحترم إرادة شعبها في اختيار نظام الحكم واختيار الحاكم ومجلس النواب حسب دستور يمثل الأمة عبر صناديق الانتخاب المباشر، وأنه من حق الشعب محاسبة كل من يقصر أو يستغل منصبه. العدالة والحرية والكرامة والتعددية والحصول على الحقوق هو ما تريده الشعوب. يكفي عنف واعتقال ودم وقتل.
ارسال التعليق