السعودية وأنصار الله... من اتفاق وشيك لإنهاء العدوان على اليمن.. إلى تبادل التهديدات بالعودة الى الحرب مجددا !!...(2)
[عبد العزيز المكي]
في القسم الأول من هذا المقال، قلنا أن النظام السعودي انقلب على الاتفاق الذي توصل اليه مع انصار الله لانهاء العدوان، وكان ينتظر هذا الاتفاق التوقيع والمصادقة عليه سيما بعد تبادل زيارات الوفود بين الطرفين... لكن وعلى خلفية الفشل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر امام أنصار الله ضغطت أمريكا على النظام السعودي للانخراط في الحرب مجدداً عبر الزج بمرتزقة السعودية و الامارات اليمنيين في اتون معركة على جبهات القتال ضد أنصار الله ! وقد بينا كيف ان النظام السعودي استسلم في النهاية لهذه الضغوط وصعد من حربة الاعلامية والاقتصادية ، وسقنا اكثر من دليل على هذا الانخراط السعودي في التصعيد، وللاشارة ان هذا التصعيد اقترن باستعدادات هائلة بين صفوف مقاتلي مرتزقة العدوان من حيث الزج باعداد هائلة من المرتزقة ومن حيث التسليح والدعم الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي لهؤلاء المرتزقة ما اعتبره انصار الله تحركاً جاداً في هذا الاطار أي شن عدوان جديد على اليمن حتى أن بعض المرتزقة من" بشر بقرب دخول صنعاء "! فعلى خلفية هذه المؤشرات جاءت تهديدات أنصار الله والمعادلات التي وصفها السيد عبد الملك الحوثي في المواجهة، ولم تقف الأمور عند هذا الحد وانما وضع أنصار الله النظام السعودي أمام خيارين احلاهما مر،هما أما الانخراط في العدوان الامريكي خدمة وحماية للكيان "الإسرائيلي"، وأما التراجع عن هذا الانخراط والتصعيد في العدوان ، ولذلك تبعات من وجهة نظر بعض الخبراء السعوديين لأن ذلك تعتبره الادارة الأمريكية تمرداً من جانب النظام السعودي على الأوامر الأمريكية!!
وفي خضم هذا التوتر فوض الشعب اليمني أنصار الله بمواجهة العدوان الجديد والذي ينوي النظام السعودي شنة بمعية امريكا وبريطانيا علينا هذه المرة، عبر خروجه بمظاهرات عمت صنعاء وباقي المدن اليمنية، حيث وجهت هذه الجموع الغفيرة رسالة واضحة للسعوديين وللاميركان، بأن الشعب اليمني يقف إلى جانب قيادته في صنعاء في مواجهة العدوان، الأمر الذي اعتبرته السعودية بيعة جديدة للقيادة في صنعاء وأنه لا يمكن عزلها عن الشعب، أو الرهان على اضعاف العمق الجماهيري لها، أو التأثير على صمود هذا العمق وتحمله لأعباء العدوان.. ليس هذا وحسب بل حذر خبراء يمنيون واجانب النظام السعودي من مغبة التصعيد والانسياق مع العدوان الأمريكي الذي يريد توريط النظام السعودي في الجولة الجديدة من الحرب مع أنصار الله.. ففي هذا السياق اكد نائب مدير دائرة التوجية المعنوي في وزارة الدفاع بحكومة صنعاء العميد عبد الله بن عامر في تدوينة على موقع (X) قائلا من السهولة إشعال الحرب أو التسبب في إشعالها لكن من الصعوبة تحمل استمرار حرائقها وهي تتمدد وتتسع في كل إتجاه (( وحذر النظام السعودي قائلاً : " إن كنت جديراً بالحرب فاسأل نفسك عن مستوى استعدادك للخسارة واسأل أكثر عن حجم صبرك عليها لأنها عندما تشتعل لن تستطيع إخمادها ولن تكون قادراً على التحكم بها فالحذر الحذر" .. مشيراً في تغريدة أخرى إلى" أن أول نتيجة متوقعة فيما لو انفجر الموقف لن يكون هناك مكان آمن للاستثمار " .. والى ذلك إعتبر عدد من الخبراء، ان الأمور بين اليمن والسعودية قد تصل إلى منعطف خطير، وستؤثر تداعياتها على المنطقة برمتها، وفي هذا السياق دعا الكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب حفكوف السوداني النظام السعودي إلى إعادة النظر بعناية في استراتيجيته تجاه اليمن، محذراً من إتساع دائرة العنف اذا ما اشتعلت الحرب السعودية مرة اخرى على اليمن، وستعم المنطقة برمتها! فضلاً عن تقويض فرص الاستثمار في السعودية، ومؤكداً أن القوات المسلحة اليمنية، وأنصار الله، قوة لا يمكن تجاهلها، أو الاستهانة بهم، وان وقوفهم ومساندتهم للمجاهدين في قطاع غزة أظهرهم كقوة كبرى في المنطقة، واستطرد هذا المحلل السوداني بعد نصحه السعوديين وتذكيرهم بأن أحدا لا يدافع عنهم وسيتعرضون إلى الدمار ، حيث أكد ان الانتقام اليمني سيكون عظيما وسيتم تعطيل إنتاج النفط وصادراته، بشكل كبير وعلى نحو مخيف بسبب تطور القدرات العسكرية لليمن، كما يمكن لليمنيين التوغل في الأراضي السعودية والوصول إلى القصور الملكية ... من جهته، الخبير الاقتصادي سليم الجعدي يرى أن تحذيرات السيد عبد الملك الحوثي للنظام السعودي هي تحذيرات مباشرة وصريحة، وجاءت رداً على الإجراءات الاقتصادية التي قام بها مؤخراً المرتزقته بأوامر من السعودية، ومنها المطالبة بنقل البنوك من العاصمة وفرض الحصار على مطار صنعاء وعلى الخطوط الجوية اليمنية، والإجراءات التعسفية بحقها ، بالإضافة إلى محاولات إغلاق ميناء الحديدة .. الجعدبي يعتقد ان النظام السعودي يجب ان يدرك أن معادلة الردع الاقتصادي التي اطلقها السيد عبد الملك الحوثي هي معادلة الحرب الشاملة.. وهذه المعادلة ستؤدي الى تدمير تريليونات الدولارات من اقتصاد السعودية ، ذلك لان السعودية تعتبر سوقاً حالياً ضخماً تحتوي على ثلاثة تريليونات دولار .. أي ما يعادل ثلاثة آلاف مليار دولار وبالتالي، فأن استهداف هذا الاقتصاد الضخم سيكون له آثار كارثية على النظام السعودي .. واكد هذا الخبير أنه " إذا تورط النظام السعودي في العدوان الامريكي على اليمن، فأن ذلك سيعرض السعودية لخطر كبير، هذا لأن السعودية هي سوق مالية ضخمة تحتوي على بورصة مالية وشركات مالية مساهمة كثيرة " .. وتوقع الجعدبي احتمال تدمير لـ 90%من الاقتصاد السعودي في حال انخرطت السعودية مع امريكا في الحرب على اليمن شارحاً بالتفصيل الآثار الوخيمة التي ستتركها هذه الحرب على السعودية وعلى مشاريعها واقتصادها وما الى ذلك.. مشيراً الى ان ذلك سيعيد السعودية إلى مرحلة ماقبل النفط وسيكون كارثة اقتصادية هائلة . هذا واتفق معه في التحليل الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، حيث جاءت تحليلاته مطابقة من ناحية النتائج الكارثية للاقتصاد السعودي في حالة المشاركة السعودية في العدوان على اليمن، ومحذراً القيادة السعوية من الإنزلاق في هذا المسار الخطير!!
أيضا أحد الكتاب العرب كتب مقالاً نشرته بعض المواقع الالكترونية، حذر فيه النظام السعودي من تصعيد العدوان في اليمن ومما جاء فيه: " لونفذ الحوثيون تهديد هم وضربوا المملكة، سيجد ( بن سلمان) نفسه متعثراً متخبطاً ، فمن قبل وعد علناً أن ينهي الحوثيين في إسبوعين لكنه مكث ثمان سنوات وبعدها صار يرجو إيقاف الحرب. دفع محمد بن سلمان 200 مليون دولار يوميا ، أي 72 مليار سنوياً في حربه التي خاضها ضد اليمن، وسيدفع أمثالها رغم تعثره ماليا وعدم قدرته على تنفيذ رؤيته التي وعدها .. واضاف هذا الكاتب متهكماً " في هذه الاثناء، يخوض ذبابه واعلاميوه (بن سلمان) معركة شرسه في منصات التواصل ضد الحوثيين والفلسطينيين ، ذلك لأن غبيّا أبلغ بن سلمان انه اذا كتب الذباب " السعودية العظمى ستصبح المملكة عظمى فعلاً. "!! وقال كاتب عربي آخر محذراً السعودية من الانخراط في التصعيد الأمريكي ضد أنصار الله .. )) ان القوات اليمنية تمتلك ترسانة من الصواريخ البالستية وهي تستطيع الوصول إلى عمق الأراضي السعودية، ويستطيعون استهداف القواعد العسكرية السعودية، وتعطيل عملياتها ، واضعاف قدرتها الدفاعية، و بامکانهم استهداف المطارات واعاقة الحركة التجارية. كما ان المراكز التجارية ستتلقى ضربة كبيرة كفيلة بزعزعة استقرار الاقتصاد السعودي." واشار هذا الكاتب الى ان الطائرات اليمنية بدون طيار متطورة وقد وصلت الى حاملة الطائرات الامريكية "أيزنهاور" وان بامكان هذه الطائرات أن تصل إلى السعودية وتصفية شخصيات بارزة فيها .... "وهكذا فهناك العشرات من تحذيرات الخبراء والمقربين والبعيدين للنظام السعودي بعدم التورط في الحرب الامريكية علی انصار الله خدمة ودفاعاً عن الكيان الصهيوني .. على ان النظام السعودي بدلاً من الاستجابة لهذه التحذيرات والنصائح والتراجع عن خياره الأخير والخطير جدا ، سلك طريقاً تكتيكياً غامضاً ، على ما يبدو الهدف منه إمتصاص غضب انصار الله وقياداتهم ، وذلك بحمل رئيس بنك عدن والضغط عليه للتراجع عن قرار نقل البنوك من صنعاء إلى عدن، وذلك بابلاغه عبر رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي ، غير انه رفض هذه الضغوط فاستدعته السلطات السعودية إلى الرياض التي كان العليمي هو الآخر سبقه إليها، ومن هناك اعلن رئيس بنك عدن احمد المعيقي استقالته من البنك حيث رشحت السعودية ثلاث شخصيات لينتخب أحدهم رئيساً بديلاً للمعبقي، طبقا لما اكده الخبير الاقتصادي الجنوبي ماجد الداعري.. واللافت أن السفير الأمريكي دخل على خط الخلاف بين العليمي والمعبقي بقوة لصالح المعبقي حيث طلب فاجن من العليمي التراجع عن إلغاء قرار نقل البنوك الستة من صنعاء، لكنه رفض لأن السعودية هي من امرت بهذا التراجع، لأن قرار نقل البنوك ادى إلى تدهور العملة اليمنية في الجنوب والشمال، ولأن السعودية تريد التهدئة مع انصار الله مماحمل السفير الأمريكي على توبيخ العليمي مستخدما كلمات اوصاف نابية وبذيئة ضده وتهديده بطرده ومجلسه الرئاسي ككل، الأمر الذي يؤكد ان واشنطن هي المسؤولة عن قرار تأجيج الوضع في اليمن واشعال الحرب مرة أخرى من أجل حماية الكيان الصهيوني وفك الحصار البحري عنه .
على ان تلك الخطوة المبتسرة لم تقنع أنصار الله بأن السعودية قررت التراجع عن الانخراط مع الامريكي بدليل استمرار الحصار السعودي على مطار صنعاء ومنعه من مواصلة رحلاته قبل التصعيد الأخير، لذلك كرر السيد عبد الملك الحوثي تحذيره وتهديده واعتبره الأخير قبل اتخاذ القرار الحاسم بالرد العسكري وقد جاء هذا التحذير في الخطاب الذي القاه بمناسبة أحياء عاشوراء في صنعاء حيث حضرته مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني، والذي يعتبر هذا الحضور تفويضاً لقيادة صنعاء باتخاذ القرارات الحاسمة في المواجهة العسكرية والاقتصادية على غرار الحضور الجماهيري المليوني الذي شهده ميدان السبعين في صنعاء قبل أيام بمناسبة رأس السنة الهجرية وهو الحضور الذي وصفه الكثير من المحللين والمراقبين بالاستفتاء الشعبي العفوي على قرارات صنعاء، وهذا ما اشار إليه السيد عبد الملك الحوثي في خطابه الثاني بذكرى عاشوراء حيث قال ان خروج الملايين للساحات ليسمعوا العالم بثباتهم على الجمعة و مناصرة الشعب الفلسطيني رغم أنف ألف عميل (( مؤكداً .. ( في هذا الخروج أبدى الشعب إستعداده للتصدي لأي خطوات اقتصادية داعمة للكيان الصهيوني من قبل النظام السعودي الذي سماه بقارون العصر وقرن الشيطان ) .
وفيما يخص التحذير والنصح الأخير للنظام السعودي قال السيد الحوثي أنصح النظام السعودي ان يصغي لشعبنا في تحذيراته وهتافه وان يكف عن مساره الخاطئ المناصر لامريكا وإسرائيل، والمعادي لله وللمسلمين وليمن الإيمان والحكمة، وإذا أصر على خطواته العدوانية واستكبر وطغى وتجبر، فإن الله تعالى وهو القاهر قد اذل على ايدي شعبنا طاغوت العصر الإمريكيون وبإذن
الله، سيكسر الله جبروت عملائهم ويحطم كبريائهم وغرورهم ويدمر امكاناتهم على ايدي عباده المجاهدين، انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني ومظلومية شعوب امتنا التي تعاني من مؤامرات الأعداء)) وفي ظل تصاعد وتيرة التهديدات المتبادلة ، تواصل القيادة السعودية حالة الارباك والتخفي وراء محاولات التراجع عن التصعيد عبر الوساطات، وعبر اتخاذ خطوات تراجعية من مثل الغاء قرار نقل البنوك من صنعاء، لكن المراقبين يقولون ان هذا التكتيك محفوف بالمخاطر، مالم يحسم بن سلمان أمره لأن. قيادة صنعاء القوية عسكريا وشعبياً باتت قريبة جداً من قرارها الحاسم في المواجهة الشاملة، وحينها ستكون المصالح الاقتصادية السعودية في مهب الريح.
عبدالعزيز المكي
ارسال التعليق