الصهاینة وحلفاؤهم السعوديون والإماراتيون ...والمزاعم بقصف العدو لصنعاء تزامنا مع الحرب الأخيرة في غزة
[عبد العزيز المكي]
بتاريخ13آب2022, تقريباً زعم رئيس الأركان الصهيوني أفيف كوخافي بأن الجيش الصهيوني هاجم دولة عربية ثالثة, في الوقت نفسه الذي هاجم فيه هذا الجيش منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري واغتاله, في حرب غزة الأخيرة!! ثم جاء تصريح وزير الدفاع بيني؛ المماثل ليعزز هذه المزاعم!
و فيما ذهبت الأوساط الإعلامية والمحللون الصهاينة يميناً وشمالاً في تحديد اسم " الدولة الثالثة"؛كشفت القناة ١٤الصهيونية أن المقصود بالدولة الثالثة هي اليمن؛ وان الهجوم استهدف مواقع أنصار الله في صنعاء!!
و زعمت تلك الصحيفة ان " الجيش الإسرائيلي" نفذ هجوماً عسكرياً في اليمن بالتوازي مع العملية العسكرية الأخيرة في قطاع غزة"! ومنذ ذلك التأريخ والأوساط الإعلامية الصهيونية؛ والتي التحقت بها أيضاً الأوساط الاعلامية السعودية والإماراتية؛ وهي تثير موجة من الصخب الإعلامي حول ما تدعيه من تأثير ذلك القصف المزعوم و" قوته" و" شدته"؛ وحول القلق الذي بات يخيم على العدو من احتمالات رد أنصار الله على العدوان بعد الاعتراف الرسمي؛ ولكن في خضم هذه الزوبعة الاعلامية الصاخبة جاء الرد اليمني على لسان القيادي في حركة أنصار الله؛ محمد علي الحوثي؛ بتكذيب هذه المزاعم؛ وبأنها مجرد أكاذيب مفتعلة من العدو طبل لها إعلامه وإعلام حلفائه السعوديين والإماراتيين؛ وقال محمد علي الحوثي: إنها " تسريبات إعلامية غير صحيحة."إسرائيل" لم تضرب في اليمن ولم تتحرك هنا".
وأضاف الحوثي: "كنت اتمنى أن تكون معركتنا المباشرة مع العدو " الإسرائيلي"؛ مشيراً إلى أن" الحروب التي تشن على اليمن هي حروب استباقية يعمل العدو على استنهاضها لتبقى الأمة مليئة بالجراح في مختلف البلاد كاليمن وسوريا وليبيا".
وإذا كان الادعاء الصهيوني بقصف اليمن مجرد أكاذيب ومزاعم اذن لماذا كل هذه الضجة والقلق من رد أنصار الله؛ وتضخيم قوتهم وقدراتهم و" خطرهم" على العدو الصهيوني!؟ وللإجابة على هذا التساؤل نطرح الاحتمالات التالية:-
1- محاولة خلق مظلومية مزيفة لاستدرار العطف والعون من قبل الرأي العام الأمريكي والغربي؛ فالعدو بات اليوم قلقاً أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب تصاعد النفرة والاشمئزاز من أوساط الرأي العام في أمريكا والدول الغربية بعد انكشاف حقيقة هذا العدو الإجرامية وانكشاف أنه السبب في الكثير من المآسي التي يعانيها اليوم المواطن الأمريكي والغربي؛ نتيجة انصياع واشنطن وبقية العواصم الأوربية لمخططات هذا العدو..بل أكثر من ذلك؛ إن هذا القلق في تصاعد مستمر بعد تحول هذا النفور؛ و انعكاسه على بعض الأوساط السياسية إلى مطالبات بقطع العلاقات أو إعادة النظر بها مع الكيان الصهيوني؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ إن مخرجين عالميين كانوا قد طالبوا بطرد الكيان الصهيوني من مهرجان الأفلام؛ الذي اقيم في يناير٢٠٢٢ بنيوزيلندا؛ لأن هذا الكيان دولة فصل عنصري تستخدم المهرجان كأداة لتلميع صورتها العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب؛و من بين هؤلاء المخرجين كول يومان وهو مخرج فيلم (طريق ميلفورد) وغابرييل شيبتون مخرج فيلم (إيثاكا) وهو شقيق جوليان أسانج؛ وهايدي كاتسلر مخرجة فیلم (الأحلام الذاتیة)؛ كما أن أكثر من عشرين مشاركاً في هذا المهرجان الذي نظم في ذلك التأريخ أعلنوا مقاطعتهم قبل٤٨ساعة من ليلة الافتتاح..كما ان الحزب الديمقراطي الأمريكي في ولاية كارولينا الشمالية وصف في قرارات اعتمدها مؤتمر الحزب العام للولاية؛ " إسرائيل" بأنها " دولة" فصل عنصري تنتهك حقوق الإنسان الفلسطيني. والجدير بالإشارة في هذا السياق هو تصاعد نسبة الجمهور في أمريكا والدول الغربية التي تمقت الكيان الصهيوني وتدعو إلى مقاطعته؛ حتى أن الأوساط السياسية والإعلامية الصهيونية باتت تتحدث كثيرا عن ازدياد ظاهرة صدور الكتب والمقالات المعادية للكيان الصهيوني في أمريكا؛ فبحسب تقرير في صحيفة هاآرتيز العبرية فأنه في الفترة الأخيرة ازداد عدد الكتب التي تصدر بالولايات المتحدة من قبل ادباء يهود امريكيين؛ الذين وضعوا نصب اعينهم الصهيوني القبيح هدفاً للمسخرة والتكهن والاستهزاء كما يقول الكاتب زهير أندرواس في تقريره ان " الكتاب الأخير من تأليف الأديب اليهودي الامريكي جو شاع كوهين ؛ جاء في اطار سلسلة واسعة من الأعمال الأدبية التي تضع في المركز شخصية " الاسرائيلي" القبيح والذي يُعرَض كشوكة في مؤخرة اليهود الأمريكيين"!!
2- لأن أنصار الله قوة عسكرية وسياسية أثبتت جدارتها في المجالات العسكرية عبر صمودها وصناعتها للاسلحة المتطورة ووقوفها وصمودها العسكري أمام قوى وجيوش " التحالف" المدعوم امريكيا وغربياً ...و كذلك كفاءتها السياسية في إدارة الدولة وتكوين مؤسسات سياسية وخدمية ومجتمعية مستقرة وجاذبة للمواطن اليمني؛ لدرجة ان الكثير ممن يعيشون في ظل الاحتلالات المختلفة بدأوا یترکون دیارهم بسبب الفوضی وانعدام الأمن ویرحلون إلى مناطق ومحافظات الیمن التی یسیطر علیها أنصار الله؛ الآمنة والمستقرة...و لأن هذا الواقع بدأ يعترف به الأمريكي والغربي ويوطن نفسه أو يحاول ذلك؛ بالتكيف والتعامل مع هذا الواقع الذي بات مفروضاً على رغم أنفه؛ لذلك جن جنون العدو؛ وحاول التركيز على ارتباط أنصار الله بمحور المقاومة والزعم بأن لديهم أسلحة تصل إلى العدو الصهيوني؛ من أجل قطع الطريق على مضي الاميركان والغربيين في الاعتراف المتصاعد بأنصار الله وبالتالي فرض واقع جديد يعتبره الكيان الصهيوني مهدداً له من عدة نواحي؛ منها:
اولاً: تحول أنصار الله الى قوة مهابة ومتصاعدة في منطقة استراتيجية جداً مشرفة أو قريبة على بعض الممرات المائية والبحرية الاستراتيجية مثل باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب وما اليها؛ والعدو ينتابه القلق المتزايد على مستقبل سفنه وتجارته عبر تلک الممرات؛ لأن أنصار الله لهم موقف واضح من العدو الصهیونی ومن نصرة الشعب الفلسطيني.
وثانياً: خوف العدو من مشاركة أنصار الله في أي حرب إقليمية يخوضها محور المقاومة ضد العدو وضد النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وثالثاً: وجود قوة متحررة وصاعدة يمكن أن تشكل تهديداً للمطبعين من الإماراتيين والسعوديين الذين يقعون على مقربة من اليمن أو الذين يشتركون في الحدود معهم؛ فوجود هذه القوة سوف يقيد حركة هؤلاء المطبعين كما يقيد حركة العدو نفسه العسكرية وغير العسكرية في هذه الدول المطبعة.
3- و لأن الولايات المتحدة والدول الغربية يريدون الاعتراف والتعايش مع یمن أنصارالله؛ وهذا یعنی تطور قوتهم وزیادة نفوذهم وبالتالي تصاعد احتمالات " الاخطار" المشار اليها عند الصهاينة؛ فهم يحاولون استدراج أنصار الله للمواجهة العسكرية وبالتالي تبرير التدخل العسكري الصهيوني في العدوان على اليمن وبشكل سافر؛ وتحوله من المشاركة السرية المحدودة الى المشاركة الواسعة النطاق العلنية؛ ثم إجبار الولايات وبريطانيا وفرنسا على المشاركة في تلك الحرب وبالتالي يحقق العدو عدة أهداف استراتيجية؛ حتى لو لم ينجح في القضاء على أنصار الله؛ فهو يعتقد انه يمكن استنزافهم ومنعهم من التطور ومراكمة الانجازات والتقدم في صناعة الأسلحة؛ هذا من جانب ومن جانب آخر؛ ان العدو يرى في المشاركة في تلك الحرب العدوانية مبرراً كافياً لتكديس القوة العسكرية في السعودية والأمارات؛ اللازمة لمواجهة إيران وعراق الحشد الشعبي وما الى ذلك. ومن جهة أخرى يمكّنه هذا الحضور العسكري المكثف من التحرك بحرية في نسيج المنطقة؛ وإغراقها بالفتن والحروب البينية وصولاً إلى إشغال المجتمعات الإسلامية ومنعها من التآلف ومن النهوض والتآزر ويبقى هو بين أوساطها لاعباً خبيثاً له السطوة والتأثير الكبيرين!
4- هذا بالإضافة إلى أن العدو بهذه اللعبة أراد أن يغطي على جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة؛ إذ لأول مرة تتصاعد أصوات أمريكية وغربية بهذه الصراحة وبهذا التحدي تتهم العدو بالإرهاب وبانتهاك حقوق الإنسان؛ ولذلك فهو يريد من خلال هذه اللعبة الإيحاء بأن ما يقوم به في الأرض المحتلة؛ إنما هو دفاع عن النفس وما يتعرض له في غزة والضفة جاء في إطار استهداف إقليمي له؛ غير أن هذه اللعبة لم تنطلِ لا على الغربيين بل حتى على الصهاينة أنفسهم!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق