حدث وتحليل
العرقلة السعودية في لبنان.. استهداف للحريري ام للتسوية السياسية؟!
[ادارة الموقع]
تتواصل ازمة تشكيل الحكومة في لبنان التي كلف بها سعد الدين الحريري احد حلفاء وادوات مملكة آل سعود في لبنان، ومع ذلك تتجه أصابع الاتهام بعرقلة اتمام ولادة سلسلة وطبيعية لهذه الحكومة الى النظام السعودي نفسه وأذرعه السياسية في لبنان.
وأبرز العراقيل والعقد الموضوعة سعوديا امام تسهيل عملية تأليف الحكومة هي الضغط على سعد الحريري لعدم تجاوز حليف السعودية المسيحي سمير جعجع رىيس حزب القوات اللبنانية الذي يصر على تمثيل حزبه بنسبة تصل الى خمسة مقاعد وزارية، ما يثير رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن خلفه التيار الوطني الحر الذي يرأسه صهره وزير الخارجية جبران باسيل، فهما يعتبران ان حصة القوات هي ٣ مقاعد فقط لا غير بالاضافة الى رفضهما اعطائها منصب ناىب رئيس مجلس الوزراء كما هو حاصل في حكومة الحريري الحالية التي باتت حكومة تصريف اعمال.
عراقيل متعددة.. والهدف ؟؟
ومن العراقيل السعودية امام ولادة الحكومة العتيدة في لبنان، هي الضغط على الحريري بضرورة قبول مطلب وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يريد حصر المقاعد الوزارية الدرزية الثلاثة في حزبه وتكتله النيابي الذي يرأسه نجله تيمور بعد حصده الغالبية العظمى للمقاعد الدرزية في لبنان خلال الانتخابات النيابية الاخيرة التي أجريت في مايو/أيار الماضي (حيث حصد فريق جنبلاط ٨ مقاعد من اصل ٩ ، بالاضافة الى بعض المقاعد الاخرى السنية والمسيحية في قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان).
ومن العقد السعودية ايضا هي الضغط على الحريري لمنع إعطاء النواب السنة المستقلين (وعددهم ١٠ نواب) الحصة الوزراية التي يستحقونها ويطالبون بها وهي وزيران، والضغط السعودي بهذا الاتجاه ناجم ان غالبية هؤلاء النواب هم من حلفاء رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه الاساسي حزب الله، حيث تسعى الرياض لحصر الحصة السنية بفريق "تيار لمستقبل" التابع لها بشكل كامل.
كل هذا الضغط السعودي والعرقلة باتت تصيب اول ما تصيب حليفها الاول في لبنان ووريث مشروعها السياسي هناك والمسمى "الحريرية السياسية" اي سعد الحريري نجل الرىيس رفيق الحريري رجل السعودية التاريخي في لبنان، لان الحريري الابن يظهر اليوم بمظهر العاجز عن القيام بالمهمة الملقاة عليه نتيجة "نيران حليفة وضغوط صديقة مفترضة"، فمن يمنع الحريري عن القيام بمهمته هم السعودية ومن يؤيدها او ينسق معها او يتبع تعليماتها في لبنان، بينما الخصوم يقفون متفرجين على وهن سعد الحريري وضعفه امام اسياده في الخارج الذين سبق ان احتجزوه واجبروه على تقديم استقالته قبل ان تحصل تدخلات غربية وبالتحديد فرنسية لاطلاق سراحه(بحسب ما أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون) بعد الموقف اللبناني الموحد حول ذلك، والحريري اليوم مكبل بالرغم من الاكثرية النيابية التي سمته لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات النيابية التي جرت لاول مرة على اساس قانون النسبية.
أخطاء بالجملة والرهانات تتواصل..
والتساؤلات عن الاداء السعودي هذا يثير الكثير من علامات الاستفهام عن الهدف من عرقلة مهمة الحريري، فماذا تريد السعودية من لبنان ومن سعد الحريري؟ هل الهدف إفشاله في ترأس الحكومة الجديدة او ايصاله ضعيفا ومثقلا بالشروط والشروط المضادة من قبل الافرقاء السياسيين؟ هل من أجبره سابقا على تقديم استقالته يريد اليوم إنقاص رصيده السياسي بفعل منعه من النجاح؟ وهل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لم يتمكن من الحريري عند احتجازه في الرياض لاسباب لبنانية ودولية يسعى للنيل منه سياسيا وهو في بيروت؟ وهل الهدف الاطاحة بالتسوية السياسية في لبنان بهدف ضرب الاستقرار الداخلي وهز الامن السياسي اللبناني؟
الاكيد ان السعودية ترفض التسليم بالهزيمة التي منيت بها عبر خسارة حلفائها للاكثرية النيابية في لبنان، وبالتالي هي ترفض ان ينعكس ذلك على الوضع الحكومي، حيث الاغلبية باتت بشكل واضح مع حزب الله وحلفائه الذين يشكلون ثقلا نيابيا قادرا على منح او حجب الثقة عن اي حكومة وبالتالي كل هذا التعنت السعودي لن ينفع لاعطاء الخاسرين بالانتخابات الثقل الموازي للرابحين فيها، وما تفعله السعودية هو الخسارة من رصيدها بإضعاف حليف بمواجهة حليف وإن تبين انها تقسم الادوار بينهما، فالمشهد العام يظهر خسارة لهذا الفريق بغض النظر من تم إضعافه بداخله ومن تم رفعه سياسيا، ففي النهاية يسجل تراجعا للفريق السعودي مقابل ثبات وتقدم الفريق الآخر المكون من حزب الله وبقية الحلفاء السياسيين كحركة أمل والتيار الوطني الحر والرئيس عون.
والسعودية تضغط على الحريري لرفض مطلب أغلبية القوى السياسية اللبنانية باعتماد معيار واحد موحد لتشكيل الحكومة، بحيث يوضع هذا المعيار وعلى أساسه يتم توزير الكتل النيابية وإعطاء المقاعد لهذا الفريق او ذاك، بما يمنع الحرج أمام الرأي العام اللبناني ويعطي كل فريق حقه السياسي، وغير ذلك هو تأكيد المؤكد ان من يعرقل
تشكيل الحكومة اللبنانية هو السعودية عبر أدواتها في الداخل.
يبقى ان مملكة آل سعود تراهن على الوقت لعلها تحقق اي تقدم في اي ملف من الملفات الاقليمية بحيث يمكنها من تحسين شروطها التفاوضية في لبنان وغيره بمواجهة المحور الآخر، كما انها تراهن على الوقت لعل هذا الجمود في لبنان يساهم بفتح خلافات متنوعة بين القوى السياسية والشعبية هناك بما يمكنها من بث الفتن وتأجيج الخطاب والصراع المذهبي والطائفي بما يغطي على أخطائها المتتالية في الملف اللبناني.
ارسال التعليق