القرار الصائب الوحيد لأبن سلمان.. فما هو وما الهدف منه؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
عندما كتبنا أن بلاد الحرمين الشريفين متجهة نحو العلمنة والصنمية بعد أكثر من 14 قرناً من الاسلام الحنيف، الكثير أخذ علينا هذه النظرة السوداء لما يدور في المملكة وأن الأمور تسير نحو التطور ومواكبة العصر والتقدم والازدهار، لكنهم عندما رأوا أن نظرتنا صائبة التزموا الصمت ولم نعد نسمع منهم قولاً واحداً بخصوص سياسة محمد بن سلمان الداعرة الفاجرة الفاسقة من شرق البلاد الى غربها وحتى البقاع المقدسة لم تكن بمنأ أو منئ عن كل هذا الانحطاط الخلقي الذي اتسع نطاقه يوماً بعد آخر تحت مسمى مساعي هيئة الترفيه.. ثم باتخاذه القرار الأخير أزال الشكوك وأتضحت الصورة أكثر فأكثر لمن تبقى فيه شيء من الشك والريبة بما قلنا.
دعوني أقولها بصوت عالِ مسموع وواضح: أنني مع قرار ولي عهد سلمان الأخير شاء من شاء وأبى من أبى.. عقود طويلة والعالم الإسلامي برمته مخدوع بإسلامية الأسرة السعودية الحاكمة وشعاراتها الملونة الخاوية في هذا الاطار باعتبارها تحكم قلب العالم الإسلامي لكن مهمتم هي قلب العالم الاسلامي ومعتقدات الأمة وتفسيخها وتفتيت عقائدها ووحدة كلمتها تبعاً لرغبة السيد الراعي وما تعهد به خلال زيارته عام 2018 للولايات المتحدة الأمريكية ولقائه كبار قادة اللوبي الصهيوني هناك قاطعاً الوعد بهم لتحقيق مطالبهم خطوة بخطوة دون تريث شرط دعمه بلوغه العرش، فجاءت القرارات المخزية والمحزنة والمرتبكة الواحد تلو الآخر ليكشف في النهاية الهدف الرئيس لذلك.
رئيس وكالة المخابرات الأمريكية CIA السابق "جيمس وولسي" قال في خطاب له عام 2006، ان وكالته "ستصنع للأمة الإسلام الذي يناسبها ثم نجعلهم يقومون بالثورات، ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية طائفية، ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر.. اذا نجحنا في اقناع المسلمين حول العالم الذين هم تحت العبودية كما هو ظاهر فى كثير من هذه الدول اننا نحن الى جانبهم وسوف ننجح فى النهاية كما فعلنا ونجحنا فى الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة ضد الإتحاد السوفيتى طالما نفعل هذا وسوف اختم بهذا: سوف نجعلهم متوترين..سوف نجعل العائلة السعودية المالكة وأخواتها متوترة.. سوف نجعل نظام مصر وعلى شاكلته متوتراً".
اشارة واضحة كل الوضوح أن دخولهم كان سيتم عبر اتوستراد الدين وهو ما تم ونجح كثيراً فكانت ولادة الجماعات الارهابية المسلحة باسم الدين وتكفير الطوائف الاسلامية.. أمريكية المنشأ وسعودية واماراتية وقطرية التمويل والدعم اللوجستي والتسليحي ومصرية وأردنية التدريب وتركية المنافذ طمعاً بثروات منطقتنا الغنية وتنفيذاً لرغبة راعي البقر التي أرادها من بقراته الحلوب باعتراف وصريح وواضح من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" عام 2014 وهي تعترف بالحرف الواحد أن "كنت قد زرت 112 دولة في العالم وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء وفي مقدمتهم السعودية والإمارات وقطر على الاعتراف بالدولة الاسلامية فور إعلانها في العراق وسوريا وليبيا، لكن أحداث مصر...".
"ديفيد واينبرغ" مدير الشؤون الدولية لرابطة مكافحة التشهير في واشنطن، كشف النقاب من أن السعودية أقدمت على حذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تشيطن اليهود والمسيحيين من المناهج الدراسية، وكذا حذف الفقرات التي تتحدث عن قتل المثليين والكفار والسحرة، كل ذلك تنفيذاً للوعود التي قطعها خلال لقائه قادة اللوبي اليهودي بـ"تشجيع صورة أكثر اعتدالا للإسلام السعودي في إطار خطط لتحديث المملكة المحافظة بشدة".. وفي هذا الإطار نشر الأكاديمي د. سعيد الغامدي مقاطع مصورة عبر هاشتاق #تغيير_المناهج_السعودية، حيث تتعلق الفقرات والمواضيع المحذوفة بـ: الجهاد، الولاء والبراء، أرض فلسطين المباركة، الحركة الصهيونية، الشذوذ الجنسي.؛ وذلك استرضاء للصهاينة ومن خلفهم، واحتقارا للشعب وهويته، إلغاء مبدأ الولاء البراء المنصوص عليها شرعا.
سؤال يطرح نفسه، لماذا دخل الأمريكان من باب الدين لا غيره؟؟ الدين وليس السياسة.. الجواب بسيط جداً فالسياسة تحتاج الى دم وخسائر وحروب كما هو الحال في اليمن وسوريا، أما الدخول من باب الدين ما هو إلا صناعة الفتنة والتسلسل من نافذة لا يحتاج الى طرق وأستئذان، لكن يافطة الدين جعلت أرض المسلمين أرضاً خصبة للدم..؟؟ ووجدت واشنطن ضالتها بوجود آل سعود حيث وهم مستعدون للعبث في الأمة عبر الفتنة الطائفية بسهولة.. فقد هب المسلمون بموجة عارمة ضد الرسوم المسيئة للرسول الأكرم في أغلب الدول بمظاهرات والتهجم على سفارات، فيما الباب الأخر أرجوحة "الافتاء" لم تمر سنة دون أن نرى فيها فتاوى لا تخطر على البال.. لسبب بسيط لأننا لم نفهم فقه الدين بصورته الصحيحة وأن دعاة البلاط المنحرفين يستغلونه خبث استغلال لتحريك مشاعرنا، وهنا تقبع الكارثة أننا جاهلون في إسلامنا.
أحداث الشرق وولادة جماعات مسلحة متشددة دينياً بعد عام 2006 وظهورها على السطح السياسي بقوة يدل على أن الخطة الامريكية في الشرق نجحت تماما لسببين، هما سذاجتنا وعمالة حكوماتنا.. فعجباً كل العجب نرى شعوبنا يحبون الشخص الطيب ولكنهم لا يعطونه حقه، ولا يحبون الشخص السيء ولكنهم يحسبون له ألف حساب ويتبعونه ويطيعونه بكل سذاجة!!.. وهنا جاء زمن الضربة القاضية لانهاء كل ما يتعلق بالإسلام في المملكة فكانت موافقة مجلس الشورى السعودي الأخيرة على مشروع تعديل نظام العلم والنشيد الوطني، والتي أحدثت جدلا واسعا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع السلطات المعنية للتوضيح بأن الخبر المتداول عن تغيير شكل ومحتوى العلم السعودي والنشيد الوطني غير صحيح، والحقيقة أن التعديل "لن يمس محتواه بل في نظامه، ولتحديث ضوابط وبروتوكولات استخدامهم"، وهذا التبرير يؤكد استغباء السلطة للشعب وسخريتها من معتقداته.
وكالة الأنباء السعودية «واس»، شددت على أنّ التعديل يأتي لمواكبة الحراك الكبير الذي تشهده المملكة في السنوات الأخيرة وتحديدا منذ تولى الملك سلمان، وولى عهده صاحب رؤية المملكة 2030، والتي تسعى لمراجعة وتطوير العديد من الأنظمة، والنصوص التشريعية الداعمة لأهداف ومبادرات رؤية المملكة 2030؛ متذرعة الى أن نظام العلم قد مضى على صدوره 50 عاما، وأنه هناك حاجة لسد الفراغ التشريعي، بشأن عدم وجود نظام يحدد نشيد الدولة، ويفصل الأحكام المتعلقة به باعتباره مطلبا هاما؛ فيما عزا مقدم المشروع عضو المجلس سعد العتيبي المقرب من محمد بن سلمان، الى ثلاثة عوامل منها ضرورة وضع المحددات والضوابط لاستخدام شعار الدولة في جميع المحافل والمناسبات، بحسب ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية.
لابد لنا من دعم هذه الخطوة وتقديم الشكر لمن أقترحها ووافق عليها بدلاً من الاعتراض والتنديد والتنكيل بهذه الخطوة المباركة التي كشفت وبكل بساطة زيف إدعاء آل سعود ومؤسستهم الدينية بأنهم يسيرون على نهج الكتاب والسنة لكن الحقيقة باتت واضحة من أنهم ورغم حكمهم لقلب العالم الاسلامي لكنهم يسيرون بخطى واضحة نحو قلب العالم الإسلامي وتشتيته وتمزيقه مستهدفين بداية معتقدات الشارع السعودي ليكون كبش فداء وحصان طروادة في هذا المجال، ليجسوا نبض الأمة ثم يأخذوا بزمامها نحو مسلخ الكابوي الأمريكي الصهيوني وتجريدها من كل ما تبقى من معتقد ودين، ومن هنا تأتي خطوة محمد بن سلمان في رفع شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله" من علم المملكة ومن قبلها دعمه الصريح لتوحيد الديانة الابراهيمية المشروع الصهيوني الجديد لـ"اسرائيل الكبرى".
ارسال التعليق