المملكة منشأ كل قبيح.. هكذا أراد لها آل سعود أن تكون
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري..
يقول عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي في مقدمته: "لا تولوا أبناء السفلة والسفهاء قيادة الجيش ومناصب القضاء وشؤون العامة، لأنهم إذا أصبحوا من ذوي المناصب اجتهدوا في ظلم الأبرياء وأبناء الشرفاء وإذلالهم بشكل متعمد، نظراً لشعورهم المستمر بعقدة النقص والدونية التي تلازمهم وترفض مغادرة نفوسهم".. كلام واقع وصادق دون شك على مر التاريخ، لكن ابن خلدون غض الطرف عن السبب الحقيقي لهذا الأمر وهو كما يقول المثل الشهير "الطيور على أشكالها تقع"، أي أن ذلك ينتج من وجود حاكم ديكتاتوري فاسد فاسق مستبد منافق.
عندما تتحدث لغة الارقام والأعداد في تقارير المنظمات الأممية والدولية والاستخبارات العالمية والرأي العام العالمي، بخصوص الارهاب والتمييز والتكفير والنفاق والكذب والدجل والمذلة والمهانة والإلحاد وخيانة قضايا الأمة، تأتي السعودية في المقدمة رافعة رايات كل ذلك بلا هوادة لتكون السبب الأول والرئيس في "الاسلاموفوبيا" على الصعيد العالمي، وهي المهمة المناطة لأسرة آل سعود بجعل بلاد الحرمين الشريفين مركزاً للارهاب التكفيري بأموال بترولها؛ وشعبها قرباناً لتنفيذ مخططات اليهود "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" - المائدة: 82.
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون"، كانت قد فجّرت في كتاب لها أطلقت عليه اسم “خيارات صعبة”، مفاجأة من الطراز الثقيل، عندما اعترفت بأن الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المعروف باسم “داعش”، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، وذلك بمساعدة مال البترول الخليجي حيث السعودية كانت ولا تزال في مقدمة الداعمين مادياً ولوجستياً وأفراداً وفتاوى.. مضيفة “كنت قد زرت 112 دولة في العالم من أجل ذلك.. وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء وفي مقدمتهم السعودية وقطر والامارات على الاعتراف بـ”الدولة الإسلامية” حال إعلانها فورا وفجأة تحطم كل شيء”. الإدارة العامة للسياسات الخارجية في البرلمان الأوروبي أكدت في تقاريرها السنوية منذ عام 2013 وحتى 2019 من أن "السعودية هي أكبر مصدر للتمويل في العالم لجميع الجماعات الجهادية الإرهابية المسلحة، مثل “تنظيم القاعدة” و”حركة طالبان” الأفغانية وتنظيم “عسكر طيبة” في جنوب آسيا و"بوكو حرام" في نيجيريا و.. وهذه الظاهرة المدمرة أصبحت تتم تحت اسم “الجهاد بالأموال”. فيما كان مجلس الشيوخ الأمريكي قد اعلن في تقرير له عام 2003، أنه في السنوات الـ 20 السابقة (1980-2000م) أنفقت السعودية 87 مليار دولار على تعزيز الفكر الوهابي التكفيري في جميع أنحاء العالم. تحت يافطة تمويل 210 مراكز إسلامية، و1500 مسجد، 202 معهد ديني.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اعترف في حديثه لمحرري صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في نهاية آذار 2018، عن دعم المملكة للفكر الوهابي المتطرف في العقود الماضية، وذلك إستجابة لطلب حلفائها الغربيين أثناء الحرب الباردة، الذين حثوها أيضا على استخدام مواردها لإغلاق المنافذ أمام التغلغل السوفياتي في العالم الإسلامي، متعهدا بإعادة الأمور الى نصابها في هذا الشأن. فيما تشير التقديرات الى أن الحكومة السعودية لا تزال تنفق أكثر من 5 مليار دولار سنوياً وعبر عدة جبهات لدعم الجماعات الارهابية وانتشار الفكر الوهابي التكفيري حتى الآن في العديد من مناطق العالم.
أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان الدكتور محمد المختار الشنقيطي يقول: "إن تعامل السلطة السعودية مع الدين يدخل في خانة إستخدامه وتأميمه وتحويله الى ملكية للسلطة السياسية.. الجديد هو الاعتراف والمجاهرة بتأكيد "نجل سلمان" دعم بلاده للفكر الوهابي بطلب من الحلفاء الغربيين مما يدل على الإستهتار بالرأي العام السعودي والرأي العام الإسلامي، خاصة بشيوخ المدرسة الوهابية التي كانت في ميثاق تاريخي مع آل سعود.
خلال تغطيتها لمهرجان الزهور في بلدة العوامية بمحافظة القطيف في نوفمبر 2019، قالت مذيعة قناة "الإخبارية": "لا شك أن حكومتنا، حكومة المملكة العربية السعودية، هي المتصدر الأول للإرهاب عالميا ودوليا".. هي حقيقة باتت مكشوفة لكنها أثارت ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها صدرت من قناة تابعة للسلطة الحاكمة. فيما جاء في تقرير عن BBC إن “الاستخبارات المتحدة حذرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون آنذاك في مذكرة سرية تم تسريبها أن الجهات المانحة في المملكة العربية السعودية كانت "أهم مصدر لتمويل الجماعات الارهابية السنية في جميع أنحاء العالم".
ليس من قبيل المصادفة أن عدة آلاف من السعوديين انضموا الى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وتصدروا قائمة الانتحاريين فيهم، كل ذلك نتيجة دعم البترودولار الخليجي ووعاظ السلاطين في المملكة بفتاوى الجهاد وجهاد النكاح وغيرها وفي مقدمتهم " محمد العريفي، عادل الكلباني، عدنان العرعور، محسن العواجي، محمد حسان، ناصر العمر" وآخرين كثر غيرهم. الى جانب الدعم المالي واللوجستي من قبل الرياض ومؤسستها الدينية ومشايخ النفاق والتزييف والتزوير.. ونحن، أمريكا، تركناهم يفعلون ذلك لأننا “مدمنون على النفط ومدمنين على عدم قول الحقيقة ومواجهتهم بما يروجون - وفق مقال للمفكر الاميركي استاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو “جون ميرشايمر” في صحيفة "واشنطن بوست". فيما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقال للكاتب الشهير فريدمان نقلته معظم الصحف الامريكية الكبرى قبل أيام، يقول فيه: "إن السعودية تدعم الارهاب في العالم وواشنطن تتغاضى عن ذلك طمعا بالنفط السعودي".
وتيرة عمليات الإعدام في السعودية تتصاعد رغم تعهد محمد بن سلمان، في مقابلة مع مجلة تايم عام 2018، بـ "تقليص" استخدام عقوبة الإعدام وحصرها بقضايا خاصة مثل جرائم القتل. فقد كشفت منظمة ريبريف Reprieve في يناير الماضي، إن المملكة أعدمت 184 شخصاً العام الماضي منهم 90 من الأجانب، في أعلى رقم تسجله المنظمة منذ 2014 وهو تاريخ بدء تتبعها للإعدامات التي يعلن عنها رسمياً في البلاد غالبيتهم لأسباب سياسية وطائفية، حيث كانت قد أعدمت 88 شخصاً عام 2014.
من الصعب جداً الوقوف على نسبة اللإلحاد في السعودية جراء التعتيم الذي تفرضه السلطة الحاكمة، لكن حسب المعهد الأميركي فإن "حوالي 19% من السعوديين يرون أنفسهم غير متدينين أو ملحدين"، وهي الأكثر ارتفاعاً مقارنة بدول عربية حتى مع تلك التي تعرف بميولها العلمانية كتونس ولبنان.. وعقد الملاحدة أول ملتقى لهم بداية العهد السلماني بمدينة الوحي والتنزيل مكة المكرمة.
ورقة التوت سقطت عن آل سعود وبات تآمرهم على الأمة وقضاياها ظاهراً لا يخفى على صاحب عقل؛ وليس ثمة إستغراب في سير علاقات آل سعود مع الكيان الصهيوني الغاصب الحاضرة حالياً لمن له أدنى تأمل في تاريخ هذه الأسرة المجرمة وكيفية بلوغها للسلطة وتشكيل دويلتهم الثالثة بداية القرن الماضي، حيث مقولة ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أن ''إنشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول ، فيما المشروع الثاني من بعده هو إنشاء «إسرائيل».. لا تزال تصدح في أروقة التاريخ.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صرّح لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية نُشر الاثنين (2 نيسان/أبريل 2018): إن "الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وإن كل شعب بأي مكان له الحق في العيش بسلام".. هو ذات التفويض الذي وهبه من لا يملك جده عبدالعزيز ال سعود عندما قدم فلسطين على طبق الاخلاص الى "اليهود المساكين" من قبل عبدالعزيز ودور آل سعود في إخماد الثورة الفلسطينية وخيانة قضية الأمة و.... حتى يومنا هذا.
ارسال التعليق