بصمتنا نقدم شعبنا قرابين لأبن سلمان.. أين كرامتكم؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
نفذت السلطات السعودية خلال الأشهر العشرة الماضية من العام الجاري 2022 ضعف عدد أحكام الإعدام التي نفذتها ضد المواطنين خلال العام الماضي، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية نقلاً عن تقرير لمنظمة العفو الدولية (أمنيستي) قبل ايام، وقد واجهت جريمة أبن سلمان هذا موجة تنديد من قبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.. مشيراً التقرير الى انه تم اعدام حوالي 150 شخصاً خلال الفترة المذكورة فيما هناك حوالي 75 مواطناً سعودياً ينتظرون تنفيذ أحكام مشابهة صدرت بحقهم من محاكم صورية هزيلة بتهم واهية منها المشاركة في مسيرات سلمية وتغريدات تطالب بالعدالة والمساواة وحرية الرأي والتعبير.
"في الحياة رذيلتان اثنتان فقط: أن تكذب على نفسك, وأن تخاف من انسان يمرض مثلك ويموت مثلك, تخلص منهما وكن جرئ القلب تكن رجلا فاضلا.. إن حضارة الانسان وتاريخه ومستقبله، رهين بكلمة صدق وصحيفة صدق وشعار صدق، فبالحق نعيش وليس بالخبز وحده ابدا، نصيبنا من الخلود هو مانضيفه الى وعاء الكل.اما شخوصنا وافرادنا فمصيرها الى العدم؛ إن لم يشترك الشباب في صنع الحياة فهناك آخرون سوف يجبرونهم على الحياة التي يصنعونها" - مصطفى محمود؛ فيما قال تشي جيفارا: "إذا لم يجد الإنسان شيئا في الحياة يموت من أجله، فإنه أغلب الظن لن يجد شيئا يعيش من أجله".
عشرات المنظمات الحقوقية الدولية (36 منظمة) أرسلت خطاباً مفتوحاً الى كل من مكتب الأمم المتحدة المعني بحقوق الانسان، والهيئة الدولية لمراقبة الاعدامات التعسفية، طالبة منهما اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تنفيذ أحكام الإعدام بحق العشرات من أبناء السعودية وغيرهم في صور بعيدة كل البعد عن العدالة، كاشفة من أن الأعداد تتجاوز 147 شخصاً الذين اعلن رسمياً عن اعدامهم من قبل السلطات السعودية غالبيتهم بقطع الرؤوس، حيث لا تنشر الرياض عدد الأفراد الذين تنفذ بهم العقوبة أو أسماءهم أو وضعهم القانوني.. بالإضافة الى تعرض المساجين للتعذيب وسوء المعاملة ومنهم من تعرض لاعتداء جنسي، الى جانب حرمانهم من أبسط حقوقهم، بما في ذلك الحق في الدفاع القانوني المناسب؛ وذلك في نقض واضح وصريح لما زعمته السعودية في يناير/كانون الثاني عام 2020 بانها أوقفت أحكام الإعدام.
يؤكد ديننا، أن للإنسان قيمة غير عادية، ولعلمه الدقيق بخلقه فقد أنزل الله سبحانه وتعالى له المنهج المتكامل الذي يلزمه لإصلاح شأنه.. الإنسان هو المقصود غاية وهدفاً في ابتعاث الرسل، واختيار الأنبياء، وإنزال الكتب والصحف، فأنه خليفة الباري تعالى في الأرض واقتضت حكمته ومشيئته ورحمته بأن لا يخلقه عبثاً ولا سدى.. ولهذا أكرمه بالهداية والرشاد بالتي هي أقوم.. الانسان مخلوق كريم على الله جل وعلا، فجعله خليفته في الأرض كما نص ذلك في القرآن الكريم: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} - البقرة: 30.. وعلى هذا الخليفة مسؤوليات جسام يجب أن يقوم بها خاصة في مجال التصدي للظلم والجبروت والطغيان لا أن يلتزم الصمت ويقبل بالذل والهوان من أجل أن يعيش.
في الجزيرة العربية عدالة زائفة ميزانها مائل يخلط الحق بالباطل ويعمل وفق مصالح الحاكم المستبد الديكتاتور السفاح.. حيث خطر الإعدام يلتف على أعناق شبابنا وعلمائنا ودعاتنا ونشطاءنا وكل من ينادي بالحرية والعدالة من مختلف شرائح شعبنا.. فيما غالبيتنا الغالبة تلتزم الصمت والسكون متجاهلين أن"قيمة الإنسان هي ما يضيفه الى الحياة بين ميلاده وموته.. هناك مهمة ورسالة وتكليف, كل منا ينزل الى الأرض وفي عنقه هذا التكليف، بان يضيف طوبة جديدة الى القلعة الحصينة التي بنتها الحياة لتتحصن فيها وتقود منها التاريخ وتسوس الكون والطبيعة لصالحها ونحن مزودون من اجل هذه المهمة بكافة الأدوات الضرورية, بالعقل والإرادة والإصرار، ومزودون بتراث من العلوم والمعارف والخبرات" - مصطفى محمود.
السكوت عن الظلم، والقبول به فإنه يؤدي إلى تشجيع الظالم على ظلمه، ويحفزه نحو المزيد من الظلم، وانتهاك حقوق الآخرين.. الواجب علينا بالإضافة الى مقاومة الظلم بكل الوسائل الممكنة والمشروعة، العمل على مساعدة المظلومين، والمطالبة بحقوقهم، والدفاع عنهم، والوقوف معهم؛ بشتى الوسائل المتاحة لدينا من مقاومة الظلم ورفضه وإدانته ببيان أو تصريح أو تظاهر أو رفع مطالب أو تحرك سلمي أو تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي ليعي من حولنا وسائر شعوب العالم ما نعانيه من استبداد وقمع ممنهج من قبل سلطات آل سعود التي لم ولن تتوانى في إراقة الدم البريء، وعهد سلمان ونجله سجل أكبر صفحة سوداء حمراء في تاريخ هذه الأسرة الحاكمة الجاثمة على ارض الجزيرة منذ قرون.
لن يستطيع الحرف أن يدرك الغاية من وجوده إلا إذا أدرك الدور الذي يقوم به في السطر، الذي يشترك في حروفه، وإلا إذا أدرك المعنى الذي يدل عليه السطر في داخل المقال، والمقال في داخل الكتاب.. أهل الحقائق في خوف دائم من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم الى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة، وأمام الله سبحانه وتعالى في رجفة، إذا لم يقم بواجباته تجاه سائر الخلق خاصة من أبناء جلدتهم والسعي الحثيث في مساعدتهم وإنقاذهم مما هم فيهم وما يعانوه من ظلم حاكم مستبد متفرعن مجرم دموي لايفقه سوى لغة التصدي بقوة اليد والصراخ بوجهه.. أنه الجهاد الأكبر الذي أوصانا به الحبيب المصطفى محمد صلوات الله وسلامه عليه: "أفضَلُ الجِهادِ"، أي: أعظَمُ وأنفعُ الجِهادِ الذي يكونُ في سَبيلِ اللهِ تَعالى. "كَلِمةُ عَدلٍ"، أي: أمرٌ بمَعروفٍ أو نَهيٌ عن مُنكرٍ أيًّا كانَت صُورتُه قَولًا أو كتابةً أو فِعلًا، "عندَ سُلطانٍ جائرٍ- أو أميرٍ جائرٍ"- موقع الدرر السنية، الراوي: أبو سعيد الخدري/ المحدث: الألباني/ المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4344/ خلاصة حكم المحدث: صحيح، التخريج : أخرجه أبو داود (4344) واللفظ له، والترمذي (2174)، وابن ماجه (4011).
صمت الناس وجهلهم بحقوقهم وقوة وحدتهم كان ولا يزال وسيلة لصناعة الحكام الطغاة.. ووسيلة لملء السجون بالأحرار المطالبين بأبسط الحقوق، وتقطيع رؤوس خيرتهم، وشنق دعاة التغيير والعدل والمساواة والحرية، فيما يكرم أصحاب الرذيلة والفسق والفجور؛ وتتبدل القيم الأخلاقية والخلقية في المجتمع، وينساق العامة الساذجة من وراء الرخوة والطمع والفساد والفتن والعمالة والوضاعة التي يسوقهم اليها المتصدي للسلطة وهم جنود ذلك الشيطان هبل أل سعود قلباً وقالباً ومسيرة، يشترون رضى الخالق بسخط المخلوق، وحياة الدنيا الفانية بالآخرة الدائمة السعيدة.. أمة لا تقرأ بعد أن كانت أمة أقرأ وحملت رسالة التوحيد ونور الهداية الى مشارق الأرض ومغاربها، فأخرجت الناس من ظلم العبودية والاضطهاد نحو توحيد رب العباد، حمل رسلها رسائل العلم ونور الحق الى مختلف أصقاع المعمورة يعلمون الناس ويفقهونهم ويهدونهم سبيل الرشاد؛ فاهتدى الآخرون فيما هي تتقهقر الى الوراء نحو العصر الجاهلية والوثنية والرق.. لا ندري متى ستفيق وتعيد كرامتها!!.
ارسال التعليق