بعد هزيمتهم العسكرية المدوية أمام أنصار الله... الأمريكيون وحلفاؤهم وعملاؤهم يصعدون الحرب الاقتصادية على الحوثيين!
[عبد العزيز المكي]
بعد تعويقها وإفشالها إتفاقية السلام وانهاء العدوان، التي توصل اليها أنصار الله والحكومة السعودية بوساطة ورعاية الامم المتحدة وسلطنة عمان، باعتراف السفير الأمريكي في اليمن ستيفن فاجن، الذي قال في ندوة أقامها معهد واشنطن للدراسات السياسية عن خارطة السلام في اليمن" الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى، من خلال استمرار حصولهم على الاسلحة، والصواريخ البالستية والطائرات المسيرة
هذا الأمر مستحيل، لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة ) !! واضاف فاجن ، مؤكداً اليد الامريكية الطولى في اقرار السلام أو استمرار العدوان في اليمن قائلا : " لذلك علينا عدم التسرع، وكذلك ان لانبني احتمالات غير واقعية "لافنا إلى " ان سيطرة الحوثي على كامل اليمن ستكون كارثية على المنطقة "!! مهدداً بان اليمن - ان واصلت السعودية وانصار الله المضي بهذه الاتفاقية سيكون بلا تنمية وسيكون وضعه مشابها للصومال"!! على حد زعمه، وذلك اشارة الى ان أمريكا تريد ان يمضي ملف السلام في اليمن وفق مصالحها في المنطقة لا وفق صالح السلام اليمني والاقليمي والدولي! نقول انه بعد اعاقتها لاتفاقية السلام التي من المقرر ان يوقع عليها الطرفان السعودي والحوثي بصورة نهائية، قامت الولايات المتحدة إلى جانب عدوانها البحري والجوي على اليمن والمحتدم منذ ستة أشهر، بتصعيد أقتصادي خطير يستهدف ما تبقى من بنية اقتصادية في المناطق التي سيطر عليها أنصار الله بهدف ارباك الوضع الاجتماعي في تلك المناطق وادخالها في فوضى عارمة على خلفية التجويع والارباك الاقتصادي، على أمل ان يؤدي ذلك إلى تحرك الناس ضد أنصار الله !! ذلك باعطاء الأوامر عن طريق السعودية الى مرتزقتها في اليمن للقيام بهذه الخطوات غير المدروسة وغير الحكيمة، والمتمثلة، باصدار مدير بنك عدن الذي يستلم أوامره من السعودية مباشرة ، قرارات في الثلاثين من نيسان الماضي، بايقاف التعامل مع ستة بنوك تجارية في صنعاء بعد رفضها نقل مقرها إلى عدن، كما امر بسحب العملة القديمة من الأوراق النقدية المطبوعة قبل عام ٢٠١٦ وهي التي يتم التعامل بها في المناطق اليمنية التابعة لحكومة صنعاء ... وكما قلنا ان هذا التصعيد الاقتصادي ضد اليمن يشكل خطوة متقدمة في إطار الاستراتيجية الأمريكية المتكاملة عسكرياً واستخباريا ومحاصرة اقتصادية وحربا اعلامية وما الى ذلك ، وتهدف هذه الاستراتيجية الى إضعاف الحوثيين واسقاطهم او إخضاعهم للارادة الامريكية ان تعذر اسقاطهم، وبالتالي التخلص من خطرهم على الكيان الصهيوني الذين يفرضون عليه حصاراً بحريا يزيد فى معاناته وضيقه يوماً بعد آخر بالرغم من الحرب الامريكية البريطانية وحتى الغربية التي يشنونها على اليمن بهدف منعهم من فرض الحصار ولكن دون جدوى كما نرى لاحقا. وفيما اعتبر المسؤولون في صنعاء بدءاً بالسيد عبد الملك الحوثي وحتى آخر موظف مسؤول بالشأن الاقتصادي والسياسي، ان ذلك عدواناً على اليمن وان السعودية متورطة فيه، وانهم سيردون عليه، وبحسب فهم صنعاء لهذه القرارات يقول وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والاحصاء والمتابعة أحمد حجر خلال حديث له .. ان الهدف منها هو سحب السيولة لدى البنوك في عدن، إلى جانب السيطرة على مجموعة ايرادات البلد من النقد الاجنبي. وبالتالي تشديد الخناق على اليمن والشعب لأن ذلك سيؤدي إلى التحكم بالنقد الأجنبي. وبالتالي التأثير على الواردات » وبحسب حجر فأن ذلك يمكن بنك عدن من السيطرة على التمويلات التي تقوم بها البنوك التجارية وفقاً لرغبة دول العدوان وعلى رأسهم امريكا، ما يؤدي إلى انكماش اقتصادي مع ندرة في النقد الاجنبي وارتفاع معدلات التضخم، وهذا من شأنه ان يؤدي الى أزمة اقتصادية في اليمن يتضرر فيها المواطن اليمني بشكل خاص !! هذا من الناحية النظرية على ما يبدو، لأن تلك القرارات غير حكيمة كما اشرنا وغير مدروسة في اجماع أغلب الخبراء الاقتصاديين أنها سوف تضر بالناس في المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى بالشرعية أكثر مما تضر باخوانهم في مناطق الحوثيين نظراً لكثافة السكان ونشاط العجلة الاقتصادية والتداول بالعملات ونجاح الحوثين بفتح قنوات بنكية خارجية كثيرة عوضتهم عن تحكمات بنك عدن وتلاعب العدوان بالعملة الصعبة .. ليس هذا و حسب وانما أقدمت صنعاء على خطوتين في غاية الأهمية والخطورة هما:
١ - تهديد السعودية بضرب المراكز الاقتصادية والعسكرية الحساسة، تهديداً جادا و قاطعاً ان لم يتراجع مرتزقتها عن قراراتهم الطائشة التي تستهدف كل ابناء الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه حماية للعدو الصهيونى !! وقد جاء هذا التهديد ولاكثر من مرة على لسان السيد عبد الملك الحوثي ومسؤولين آخرين ما يعني جديته وقاطعيته. وقد أقر اكثر الخبراء بأن تنفيذ هذا التهديد سوف يقلب الأمور في المنطقة رأسًا على عقب، وستكون النتائج وخيمة بالنسبة لأمريكا. وللسعودية وحتى لمرتزقتها في اليمن، وهذا ما اكده الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية العميد عبد الغني الزبيدي ... والذي أضاف ان... الولايات المتحدة الامريكية لا تستطيع استخدام خياراتها بشكل مباشر لذلك تلجأ الى هذه الأساليب ، ولكن يبدو أننا أمام ردود صعبة ستقوم بها صنعاء وهذا الموضوع لن يتأخر، ولدي قناعات بأن الاعمال العسكرية ربما تكون هي احدى الخيارات الفاعلة ). ويقول الخبراء انه اذا ما أقدمت صنعاء على ضرب المنشآت الاقتصادية في السعودية فأن ضخ النفط سيتوقف تماماً ، لأنه اذا كان انصار الله قد أوقفوا نصف الإنتاج النفطي السعودي، اي اكثر من ستة ملايين برميل يومياً، قبل عدة سنوات، فماذا ستكون ضرباتهم بعد هذا التطور الهائل الذي حققوه في المجالات العسكرية والتي اعترف بها الخبراء الأمريكان أنفسهم ، حتى ان حاملة طائراتهم ، ايزينهاور لم تحم نفسها من سلاح أنصار الله، من صواريخهم ومسيراتهم...
واستطراداً، اذا ما قررت صنعاء ضرب المرافق الاقتصادية والنفطية السعودية، فأن الآثار السلبية لهذا الامر لن يقتصر على السعودية والمنطقة بل ستكون له مردودات سلبية حتى على مناطق الشرعية في اليمن نفسها وهذا ما أقر به صحفيو وخبراء (الشرعية) بأنفسهم، فهذا الصحفي الجنوبي المعروف فتحي بن لزرق يقول ان بنك عدن مفلس، وبالتالي فأن القرارات ستحدث في المقابل ضرر كبير في المحافظات المحررة وهو ضرر للاسف الشديد سينعكس على وضع الناس ومعيشتها وسعر صرفها ولن تهب هذه القوى المعالجته .
2- رد أنصار الله لم يقتصر على التهديد الجاد والقاطع بضرب المنشآت الاقتصادية والعسكرية السعودية وكذلك القواعد الأمريكية في المنطقة وحسب، وانما شمل اجراءات فاعلة قام بها البنك المركزي في صنعاء باعلان المقاطعة مع ١٣ بنكاً في عدن والمحافظات التي تقع تحت حكم الرياض - أو ما يسمى الشرعية" كما اعلن مركزي صنعاء إنه سيقوم بتعويض المبالغ من العملة القانونية التي يتم تداولها حاليا في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الشرعية " بما يقابلها من القيم الحقيقية بالعملة المتداولة في تلك المحافظات وبحسب الأسعار السائدة كل يوم ... وأنا لست خبيراً إقتصادياً، لكن لاحظت أن اغلب المحللين والخبراء الاقتصاديين يؤكدون ان اجراءات صنعاء جعلت أضرار قرارات بنك عدن المركزي الكثر ضررا على الناس في المحافظات التي تسيطر عليها حكومة (الشرعية ). يقول الكاتب اليمني طالب الحسني في مقالته المنشورة في ، / حزيران / ٢٠٢٤ ، ما خلاصته انه مثلما استطاع أنصار الله تجاوز أزمة نقل البنك المركزي الى عدن وجعل اضرار هذه الخطوة من قبل مرتزقة العدوان أقل ما يمكن، بل الى حد الصفر، فأنهم - أي أنصار الله اخذوا اجراءات فعالة، وساق اسباب مقنعة تؤكد ان الانصار تمكنوا من أفشال هذا التصعيد الجديد في الحرب الاقتصادية التي تشنها دولة العدوان بقيادة الولايات المتحدة والسعودية على اليمن.. واشار الى ان الدورة الاقتصادية والنشاط التجاري والتحويلات تجري حيث الثقل السكاني وحكومة صنعاء تدير حوالي ٨٠٪ من سكان الجمهورية اليمنية وهذا سبب كاف لبقاء البنوك تعمل في هذا الشق وخاصة بعد أن قرر بنك صنعاء المركزي هو الآخر إيقاف التعامل مع 13 بنكا مقراتها خارج العاصمة صنعاء، وقد تظهر مصفوفة جديدة من الإجراءات لحماية البنوك التي تعمل في صنعاء وحماية المنظومة الاقتصادية، من جهته الخبير الاقتصادي والباحث عبد الحميد المساجدي، تجد أن قرار نقل مقرات البنوك الى العاصمة المؤقتة عدن لن يؤثر على نفوذ الجماعة الحوثية ، بل سيعفيها من الالتزام باكثر من 2تريليون ريال يمني (الدولار يساوي نحو ٥٣ ريالاً يمنيا في مناطق سيطرة الجماعة ) .. وتوقع الباحث المساجدي .. ( ان نقل البنوك الى عدن لا يوفر أي ضغط على الجماعة ، لأنها قد أقدمت على خطوات في سبيل تصفية القطاع المصرفي، عندما أقرت قانون منع المعاملات الربوية وغير ذلك من الإجراءات )). على أي حال، أن التصعيد الامريكي مع انصار الله على الصعيد الاقتصادي يؤشر إلى أمرين في غاية الأهمية هما:
1- تسليم الولايات المتحدة الأمريكية بالهزيمة العسكرية البحرية أمام أنصار الله، وهذا ما ذكرته أوساط أمريكية ذاتها.. فقد تناول تقرير لموقع كومنست رد "communist red " والذي يقدم تحليلات نقدية لسياسات القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة واثرها على الدول والمناطق الأخرى، الحرب البحرية التي فرضتها الولايات المتحدة على اليمن وقال الموقع بهذا الصدد " إن حملة القصف الجوي التي شنها الامبرياليون الغربيون وحلفاؤهم العرب ضد قوات صنعاء في اليمن فشلت، في محاولة لحماية أرباح شركات الشحن الكبرى . واضاف الموقع . . ان القوات اليمنية بدأت في نوفمبر الماضي بخنق حركة المرور في البحر الاحمر وخليج عدن للضغط على "اسرائيل" لوقف الحرب على غزة ، مما أثار استياء الامبريالية الأمريكية. واشار الموقع إلى انه وبسبب العمليات اليمنية تأثرت الخطوط البحرية وتضاعفت تكاليف الشحن العالمية بسبب تقليص مضيق باب المندب لنسبة %80-70 منذ ديسمبر ٢٠٢٣ ) . واضاف - ( وعلى الرغم من جهود تشكيل تحالف دولي لمحاربة الحوثي فأن المهمة الامريكية البريطانية فشلت بشكل ذريع وتحدث التقرير عن خسائر العدو الصهيوني الاقتصادية نتيجة الحصار اليمني، وعن الخسائر العسكرية الأمريكية، مشيراً إلى تخلف الاسلحة الأمريكية وعدم مواكبتها التطور الذي تشهده الاسلحة اليمنية قائلاً : ( ان المؤسسة العسكرية الامريكية تعرضت لصعوبات في مواكبة التطورات العسكرية المتنامية في اليمن وتراكمت فجوة سوداء بقيمة مليار دولار في ميزانيتها بسبب تكاليف مواجهتها للصواريخ والطائرات اليمنية في البحر بدون فائدة ...
من جهته كشف الخبير العسكري العميد اكرم سريوي في تصريح لقناة القاهرة نيوز، إن هنا انقلاباً في المشهد العسكري، فسابقاً كان هناك سيادة دولية للفرقاطات وحاملات الطائرات وهي الذراع الاقوى لامريكا الذي تتفاخر به الأخيرة، أما اليوم فالسيادة. للمسيرات والصواريخ، وباتت هذه الاسلحة الضخمة غير قادرة حتى على حماية نفسها من ضريات أنصار الله. واكد هذا الخبير قائلا ان المعادلة العسكرية أصبحت كالتالي المعركة في اليمن، في مقابل ان القوات اليمنية قادرة على الحاق الضرر الدائم بهذه الفرقاطات والقطع البحرية الأمريكية وهو ما يجبرها على الانسحاب وترك ميدان المعركة .. وذهب الخبير العسكري الى ان امريكا وحلفائها أصبحوا في وضع صعب جدا، كونهم لا يستطيعون الدخول في حرب برية في اليمن، كما يصعب عليهم الانسحاب من البحر الأحمر، وهذا ما يجعلهم في ورطة ومأزق حقيقى في مواجهة القوات اليمنية، وفيما يخص استهداف الحوثيين حاملة الطائرات الأمريكية آيزنهاور، اشار هذا الخبير الى ان هذه العملية توضح قدرة الحوثين الاستطلاعية في معرفة وتحديد هوية السفن وأماكنها مضيفاً إنهم نجحوا بالطائرات المسيرة والصواريخ في احداث فرق كبير والحاق الضرر بالقوات الأمريكية والبريطانية .. هذا فيما يؤكد خبراء عسكريون آخرون أن ضرب انصار الله لحاملة الطائرات ايزنهاور يشكل اختراق جديد لموازين القوة واهانة كبرى للقوات الأمريكية الضارية.
3- أصبح أنصار الله قوة عسكرية متقدمة فرضت وجودها ودورها وتأثيرها في الساحتين الاقليمية والدولية، ولعلنا تعرضنا فيما تقدم من الحديث إلى شهادات بعض الخبراء
بالقوة التي بات أنصار الله يمتلكونها والتي الحقوا بها الهزيمة العسكرية المدوية بالقوتين الأمريكية والبريطانية الضاربة... وفي هذا السياق أيضاً يقول الخبير والمحلل العسكري اليمني زين العابدين عثمان أن العمليات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في هذه المرحلة بدأت تتخذ طوراً استراتيجياً جديداً في توسيع نطاق العمليات وزخم الضربات، مشيراً إلى تزايد عدد العمليات الحربية، فخلال ساعة نفذت القوات اليمنية ستة عمليات طالت سفن تجارية ومدمرة أمريكية وحاملة طائرات. وقال هذا الخبير انه على كافة المستويات التكتيكية والعملانية هناك إرتفاع غير مسبوق في زخم الضربات كما وكيفاً، وهناك أيضاً إختيار جديد لأهداف بالغة الحساسية للعدو الأمريكي، منها حاملة الطائرات التي جرى استهدافها رداً على ارتكاب طيران العدو الامريكي مجزرة الحديدة بحق المدنين فيها ... ويضيف هذا الخبير قائلاً لذا مع صعود العمليات وتوسعها من البحر الاحمر والعربي الى المحيط الهندي والبحر المتوسط هناك أيضاً نقلة كبرى حققتها القوات المسلحة اليمنية باستهداف حاملة الطائرات التي تعتبر القوة الضاربة التي تعتمد عليها امريكا في حماية كيان العدو الصهيوني من جهة، وفي إطار العدوان على اليمين من الجهة الأخرى، لذا مسألة استهدافها هو كسر لقواعد المعركة، واختراق مدمر لقوة الردع الأمريكية الموجهة ضد اليمن والمنطقة وكذلك العالم .... من جهته الخبير العسكري العميد الركن فضل الضلعي أكد ما ذهب إليه الخبير عثمان واتفقا على أن القوات اليمنية في تطور مستمر وحتى عملائهم. و متصاعد الأمر الذي سيزيد من مأزق الاميركان والبريطانيين والصهاينة أيضاً وحتى عملائهم.
عبدالعزيز المكي
ارسال التعليق