بلد الذهب الاسود.. الأول في إهدار الطعام وفقر المواطن
[جمال حسن]
* جمال حسن
كشف تقرير أممي أن قيمة الطعام المهدور في السعودية سنويا تبلغ أكثر من13 مليار دولار، وهو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصومال وجيبوتي وموريتانيا مجتمعة، وما يعادل 250 كيلوغراماً للفرد الواحد سنويا في المملكة و115 كيلو غراماً للدول المتقدمة و11 كيلوغرامأً في الدول الفقيرة.
موقع "إيكونوميست" البريطاني، نشر إحصائية حول حجم الغذاء المهدور في الدول الخليجية تصدرتها السعودية، مشيرة الى أن ذلك بسبب ترف وبذخ أمراء الأسرة الحاكمة والمحيطين بها، وكاشفة أن هذه الأمر شهد زيادة كبيرة خلال السنوات الستة الأخيرة أي منذ بلوغ سلمان العرش.
وفق وزارة البيئة والمياه والزراعة هي الأخرى أكدت أن السعودية التي يبلغ عدد سكانها 33 مليونًا، تعتبر هي الأولى عالمياً في هدر الطعام، في وقت يشهد الفقر في أغنى بلد بالعالم نمواً مضظرداً تجاوز 30% وفق تقرير لمنظمة العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للأمم المتحدة.
وشدد التقرير أن أكثر من 8 مليون مواطن سعودى يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من الفقر وانتشار العشوائيات والمنازل العشوائية غير اللائقة وذلك نتيجة سياسات سلمان ونجله الخاطئة الى جانب تكاليف الحرب على اليمن والتى بلغت وفق آخر التقديرات حوالي تريليوني دولار إضافة لانخفاض أسعار البترول والخسائر الاقتصادية في السياحة الدينية جراء تفشي جائحة كوفيد 19.
مراقبون أمميون يشيرون الى أن غالبية السعوديين يعيشون تحت خط الفقر ويدفعون فاتورة سياسات العهد السلماني بقيادة أرعن آل سعود بالمنطقة والتى انفقت مئات مليارات الدولارات على الحرب باليمن وفي العراق وسوريا دون تحقيق أية نتائج لصاح البلد، ما تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية والصحية وارتفاع معدلات الفقر خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية الأمر الذى قد يشعل انتفاضة شعبية عارمة.
وتمتلك ما يسمى بالسعودية الغنية بالنفط احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز 500 مليار دولار، وهي الأضخم عربياً، وتعد أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا أنها الأكثر فقراً على مستوى المنطقة الخليجية، إذ بلغت نسبته نحو 30%، بحسب إحصاءات شبه رسمية، في حين بلغت نسبة البطالة بين السعوديين نحو 19%، وفق تقرير لفايز نور الدين نشرته وكالة فرانس برس.
وقد حذّر البنك الدولي المملكة من خطورة ارتفاع نسب الفقر في السنوات المقبلة، وذلك في تقريره "الآفاق الاقتصادية للسعودية"، مشيراً الى أن نسبة الفقر في بلد الذهب الأسود تجاوزت 29%؛ فيما صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية كشفت في تقرير لها عن تزايد معدلات البطالة والفقر في المجتمع السعودي، مستنداً الى تقرير اقتصادي لجمعية الملك خالد الخيرية.
في هذا الإطار يقول مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية مروان سلامة، إن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية تعاني من عدم العدالة في توزيع الثروة على شعوبها، رغم امتلاكها نحو 35% من احتياطي النفط العالمي، وتدير ما يتخطى 2.5 تريليون دولار من الأصول، أي ما يعادل 37% من إجمالي أصول كل الصناديق السيادية في العالم.
فالفقر ومستوى المعيشة المتدني لنسبة كبيرة من أبناء الشعب السعودي يعودان لعدة أسباب، منها عدم العدالة في توزيع الثروة بالمملكة حيث تحتكر الأسرة الحاكمة النسبة العظمى من ايرادات النفط لترفها وبذخها وموائدها الطويلة والعريضة فيما المواطن السعودي بات يبحث في مزابل القصور الملكية والمرفهين من الحواشي على لقمة عيشه، بالإضافة الى الحرب التي يقودها نجل سلمان على اليمن والتي استنزفت مئات مليارات الدولارات من ثروات الشعب السعودي.
وتفيد إحصائيات منظمة العمل الدولية بأن البطالة تتفشّى وسط الشباب السعودي، لا سيَّما الإناث منهم، فقد بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15-24 سنة)، بحسب تقديرات المنظمة، 19 معدل البطالة يتراوح بين 29% و33% في صفوف الذكور الذين يتراوح سنهم بين 20 و24 عاما، و38% في الفئة التي يتراوح عمرها بين 24 و29 عاما.. مقابل النسبة الصارخة للإناث والمقدّرة بـ 46.9%، وهي نسبة صادمة للكثيرين، خاصة في ظل ما تمتلكه المملكة من موارد نفطية ضخمة.
وأوضحت رسوم توضيحية نشرتها جمعية "خيرات لحفظ النعمة" الناشطة بمجال محاربة ظاهرة الإسراف في الطعام بالسعودية، أن حجم كمية "الطعام المهدر للفرد الواحد في المملكة تقدَّر بـ250 كيلوغراماً سنوياً، وهو الأعلى عالمياً"، مشيرة الى أن 90% من الأكل في الحفلات الأميرية والبلاط لا يستفاد منها ويرمى في المزابل فيما الكثر من المواطنين السعوديين يفتقدون لقمة يومهم؛ وهو ما نشرته وحدة المعلومات الاقتصادية بمجلة "الإيكونوميست" البريطانية ايضاً
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد خاصة وأن السعوديون يعانون من ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية من منتوجات غذائية وأدوية وملابس الى جانب الخدمات، خلال السنوات الأخيرة التي تم فيها رفع الدعوم الحكومية وارتفاع نسبة الضريبة المضافة الى 15% أو أكثر في بعض الحالات، وفق بيانات حديثة للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
هذا وكانت الأمم المتحدة، قد أعربت مرارت عديدة عن "صدمتها" من مستوى الفقر بين شرائح المجتمع السعودي، وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بالفقر المدقع وحقوق الإنسان "فيليب ألستون"، إنه صادف ظروفاً معيشية صعبة، مضيفاً: "أعتقد أنها ستصيب المواطنين السعوديين بالصدمة لو تم الإفصاح علنها في وسائل الإعلام".
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا مفزعا، أعده مراسلها في الرياض، عن تزايد معدلات البطالة والفقر في المملكة العربية السعودية، كاشفاً أن الملايين من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر ويكافحون على هامش واحدة من أقوى الاقتصادات في العالم، حيث فشلت برامج توفير فرص العمل والحماية الاجتماعية في مواكبة التزايد الهائل لعدد السكان في مملكة البترول.
ويذكر التقرير أن معدل الفقر بين السعوديين في ارتفاع مستمر كما هو الحال مع نسبة البطالة بين الشباب، علما أن أكثر من ثلثي السعوديين هم تحت سن 30، وحوالي ثلاثة أرباع السعوديين العاطلين عن العمل هم في العشرينيات من عمرهم، وفقا لإحصاءات الحكومة.
أما مجلة "فوربس" الأمريكية فقد قدرت في تقرير لها من أن ثروة سلمان الشخصية تجاوزت 45 مليار دولار، وإن بعض أفراد العائلة المالكة السعودية لا هم لهم إلا إثراء أنفسهم باعتمادهم على خطط فاسدة لجني الأموال والأرباح، مثل مصادرة الأراضي من ملاكها الفقراء وبيعها بعد ذلك الى الحكومة بأسعار باهظة.
ورغم أنه لا تتوفر أرقام دقيقة من مصادر محايدة عن نسبة الفقر والبطالة في البلاد ، ولا تشير بيانات المؤسسات الحكومية الى هذا الموضوع لاعتبار التكتم الشديد من قبل الدوائر الرسمية، لكن التقديرات والشواهد تشير الى تفشي مشكلة الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي والمناطقي في أرض الذهب الأسود خلال السنوات الأخيرة.
فحتى في المدن الكبيرة مثل الرياض، توجد هناك أحياء تعاني الفقر والإهمال، مثل السويدي والجرادية والشميسي، وأيضا أحياء الكرنتينا والرويس في جدة، وفي المدينة المنورة تعيش أحياء سيح والمصانع والزاهدية والمغيسلة وغيرها على حافة الفقر، وهناك عشوائيات يقطنها السعوديون الفقراء والعمال الأجانب، تبرزها مقاطع فيديو كثيرة منشورة عبر يوتيوب، تظهر مفارقات كثيرة لسعوديين وأجانب يعيشون فقرا مدقعا على هامش العاصمة الرياض.
وتحوّلت الحياة في السعودية بالنسبة للطبقة الوسطى إلى معاناة كبيرة في ظل ارتفاع كلفة الفواتير ورسوم الكهرباء والماء، وإلغاء بدل الغلاء، وزيادة ضريبة القيمة المضافة التي وصلت نسبتها إلى 15 في المائة، بداية من شهر يوليو/ تموز الجاري، من المبيعات بدلا من 5%، إضافة الى ایقاف الزيادة عن الرواتب، وإغلاق لمشاريع كبيرة كانت توظف مئات الآلاف من السعوديين بفعل الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها البلاد، وفق تقارير اقتصادية.
ارسال التعليق