بن سلمان يعدم شابين من معارضي الرأي البحرينيين والنظام البحريني يحتفل بقيام كيان العدو في المنامة
[عبد العزيز المكي]
لم يكتفِ بن سلمان بحفلات الإعدام التي يقيمها بين الحين والآخر بحق المعارضين في المملكة، أو بحق المطالبين بحقوقهم أسوة بالآخرين، خصوصاً من أبناء المنطقة الشرقية " الشيعة" ولم يكتف بالملاحقات والاعتقالات للناشطين والناشطات وزجهم في السجون وإصدار الاحكام الجائرة بحقهم، ولم يكتف بما يقوم به في منطقة الحويطات من عمليات تهجير وتهديم لمنازل عشيرة الحويطات ومن عمليات القتل والملاحقة والاعتقال للمعترضين منهم دفاعاً عن أرضهم التي ورثوها من أجدادهم وأجداد أجدادهم وقبل أن يأتي آل سعود لهذا البلد.. لم يكتفِ بن سلمان بتلك الولائم التي تفوح منها روائح الدم والمعاناة، فقد أقدم على إعدام شابين بحرينيين بتهمة " ممارسة الارهاب" في الأسبوع الماضي، وهم جعفر سلطان (33عاماً)، وصادق ثامر (31عاماً)!! اللذان أدينا بتهم واهية تتعلق بالارهاب والتظاهر وحكم عليهما بالاعدام في عام 2021!! والشهيدان كانا قد شكيا من تعرضهما للتعذيب الشديد، لاجبارهما على الادلاء باعترافات كتبها لهم المحقق !! وحرما من الاتصال بمحامين حتى بعد محاكمتهما وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني!! وقد أدان النائب البريطاني الأطول خدمة بيتر بوتوملي إعدام هذين الشابين البحرينيين في مملكة آل سعود، وقال " إنه خطأ جسيم في تطبيق العدالة" وأكد بوتوملي، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس المجموعة البرلمانية لعموم الأحزاب المعينة بالديمقراطية وحقوق الإنسان في اليمن والخليج.. قائلاً: " نداؤنا لم يلق آذانا صاغية" من قبل آل سعود حيث كان قد وجه نداءاً بعدم الأقدام على هذه الجريمة.
و تشكل عملية الإعدام هذه حلقة من مسلسل متواصل ومتسارع فبين الحين والآخر يقيم ولي العهد السعودي وليمة إعدام!! فقد أعقب عملية الإعدام الجائرة هذه بأخرى طالت ثلاثة معتقلين من بلدة العوامية في محافظة القطيف، تم إعدامهم في الرابع من حزيران الجاري، وهم زكريا المحيشي وحسين المحيشي وفاضل إنصيف، كما سبق عملية إعدام الشابين البحرينيين عمليات إعدام طالت عشرة معتقلين أغلبهم من محافظة القطيف ومنذ بداية العام الجاري (2023)، ولحد الآن، أعدم بن سلمان44 شخصاً فيما أعدم العام الماضي 137 شخصاً من بينهم 81 شخصاً في يوم واحد، أكثر من ضعف عدد الإعدامات في العام 2021 البالغ 69 شخصاً النظام السعودي ومنذ مجئ الملك سلمان وإبنه في عام 2015، نفذ اكثر من الفٍ عملية اعدام (1058) حالة اعدام، وذلك بحسب تقرير مشترك منظمة " ريبريف" والمنظمة الأوربية- السعودية لحقوق الانسان نشر مطلع العام الجاري2023.
و في مايو 2023 نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً أشارت فيه الى أن هيئة حقوق الانسان السعودية بلّغتها في مراسلة خاصة أن السعودية في 2022 أعدمت 196 شخصاً وهو رقم أعلى بكثير من الرقم الذي نشرته وزارة الداخلية السعودية (48 شخصاً) الأمر الذي يشير الى ان النظام السعودي يتقصد إخفاء الاعداد الحقيقية خوفاً من ردة فعل وغضب الرأي العام في المملكة.. كما ان تقرير المنظمة الأوربية- السعودية لحقوق الإنسان، وكذلك تقرير منظمة العفو الدولية تحدثا مطولاً عن انتهاكات النظام السعودي بانتهاكات حقوق الإنسان بحق المعتقلين والشهداء المعدومين بتعذيبهم وبإلصاق التهم الكاذبة بهم، وبحرمانهم من الاستعانة بالمحامين، وبإصدار أحكام جائرة مخالفة لكل القوانين والقائمة طويلة جداً من الانتهاكات!!
وفيما يتواصل مسلسل الإعدامات وفق محاكمات تعسفية وتهم ملفقة، أو لمجرد تظاهر أو احتجاج بحسب شهادات منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية، ومجلس حقوق الانسان وغيرها، فأن توقيت الإعدامات الأخيرة فاجأ بعض المراقبين وحتى بعض المعارضين، إذ توقع هؤلاء البعض بعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية، بأن يخفف النظام السعودي من حملته الدموية على المعارضين، والقمعية للشعوب الخليجية في الجزيرة العربية وفي البحرين وفي اليمن أيضاً، إذ توقعوا بأن يشهد الوضع الأمني والسياسي في السعودية إنفراجه، سيما وان بن سلمان يحاول الإيحاء بأنه يتبنى سياسة مرنة وناعمة، وشيئاً فشيئاً يتخلى عن سياسة " العنتريات" والتهديد والوعيد، التي أوقعته في مآزق وأزمات مازال يأن من تداعياتها ومن أخطارها ولحد الآن لم يستطع الخروج من تلك المآزق!! وبالتالي فأن هذه الإعدامات لا تصب في صالح بن سلمان وتوجهاته الجديدة، ولا تصب في صالح مستقبل النظام السعودي والمملكة، إذن لماذا اختار هذا التوقيت غير المناسب لارتكاب هذه الجريمة! أعتقد جازماً ان الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هما وراء إجبار بن سلمان على اتخاذ هذه الخطوة غير الموفقة بتاتاً من أجل إرسال رسائل خاصة، سيما وان وزير الخارجية بلينكن جاء مباشرة بعد ارتكاب بن سلمان هذه الجريمة الدموية، لتعزيز تلك الرسائل وتأكيدها ومنها ما يلي:-
1- إن الولايات المتحدة مازالت هي التي تتحكم بتوجهات الأنظمة الخليجية وتجدد لها سياساتها بالشكل المنسجم مع مصالح أمريكا وحليفها الكيان الصهيوني، رغم ما يشاع ويقال، ان واشنطن انسحبت من المنطقة وانها ضعفت، رغم ما يشاع أيضاً ن الدول الخليجية العربية بدأت تبحث عن خيارات اخرى خارج الدائرة الأمريكية البريطانية، وكانت امريكا قد سبقت هذه الخطوة، بخطوات مماثلة تقريباً، وهي تخريب الاتفاق السعودي مع أنصار الله لإنهاء الحرب، حيث أجبرت النظام السعودي على الانقلاب على تفاهماته مع أنصار الله والعودة إلى المربع صفر وبالتالي انسداد أفق نهاية هذه الحرب المدمرة..
2- أرادت واشنطن ومن خلال تشديد قبضتها على تصرفات وسياسات بن سلمان، أن تجعل أو تقول ان " التقارب السعودي مع إيران" لا يلامس أو يؤثر على الملفات الاستراتيجية في المنطقة، كما تروج إيران ، حيث صرح أكثر من مسؤول إيراني أن من شأن هذا التقارب أن ينعكس إيجابا على بقية ملفات المنطقة ومن أهمها الأمن، لأنه سوف يسحب مبررات التدخل الأمريكي والصهيوني الفج في شؤونها الأمنية والسياسية والاقتصادية، أمريكا أرادت أن توجه رسالة من خلال جريمة بن سلمان مفادها ان باستطاعتها أن تجعل من قضية التقارب السعودي مع إيران مجرد حبر على ورق، لا تترتب عليها أية انعكاسات لصالح المنطقة كما تتمنى أطرافها بدون شك.
3- ان تركيز النظام السعودي على ان يكون الذين طالتهم جريمة الإعدام جلّهم أو كلهم من الطائفة الشيعية من أهالي محافظة القطيف وغيرها.. ان هذا التركيز أرادت منه أمريكا القول إن " الصراع الطائفي بين السنة والشيعة" مازال السلاح الفعال بيد واشنطن وبريطانيا لإضعاف المسلمين واستنزافهم من الداخل، وان النظام السعودي خاصة وأنظمة أخرى عامة مازالت كما كانت في السابق الأداة المنفذة لأميركا وبريطانيا استخدام هذا السلاح في إطار المشروع البريطاني الأمريكي الصهيوني القديم المتجدد، والذي استخدم في العراق وفي سوريا وفي باكستان وأفغانستان ولبنان، ومازالت أمريكا تريده سلاحاً فعالاً لاستنزاف المسلمين وإبعادهم عن التوحد والقوة، حيث أصبحوا أي المسلمين أقرب إلى هذه الوحدة بعد التقارب السعودي مع إيران، مما يؤذن ذلك بطرد القوى المستعمرة ومن ثم القضاء على ربيبتها الكيان الصهيوني الذي يشهد هو الآخر تفككاً وانهياراً داخلياً بسبب التآكل المستمر له من الداخل.
4- كما أن واشنطن وبن سلمان أرادوا من هذه الولائم الدموية بحق الأبرياء من معارضي الرأي توجيه رسالة رعب وخوف على كل المعارضين والمخالفين للتطبيع مع العدو الصهيوني، ورسالة رعب لكل الأمراء المعارضين لما يعتبرونه اغتصاب بن سلمان للحكم في المملكة السعودية!
على أنه من المثير حقاً هو أنه في الوقت الذي يقوم به بن سلمان بإعدام الشباب البحريني، يحتفل النظام البحريني بالذكرى الـ75 لقيام الكيان الصهيوني الغاصب، وأقيمت مراسم صاخبة في المنامة في فندق ويندام جراند، حضرها نواب بحرينيون، ووزير الصناعة والتجارة عبد الله فخرو، ما يؤشر ليس لوقوع هذا النظام في حضيض السقوط والنذالة وحسب وإنما لتأكيد صهيونية انتمائه وهويته الحقيقية فهو ابن الاستعمار البريطاني وربيب أمريكا ولذلك لا نستغرب من احتفالاته ورقص أعضاء حكومته على أشلاء ودماء الشعبين البحريني والفلسطيني. وبدون شك ان انكشاف هويته بهذه الصورة سوف يعجل من قصر عمره وهلاكه، وذهابه الى مزابل التاريخ.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق