بوحدة صفوفكم يتزلزل عرش "بن سلمان" وتتحقق الأماني
[حسن العمري]
* حسن العمري
"إن محمد بن سلمان لن يبقى طويلا في الحكم لأنه سيسقط تحت وطأة انقلاب يتم تدبيره داخل القصر.. بريطانيا الداعم الأول للأسرة السعودية الحاكمة منذ أوائل القرن الماضي أعطت الضوء الأخضر لوسائل إعلامها وفي مقدمتها البي بي سي باستهداف ولي العهد دون مراعاة العلاقات القائمة بين الرياض ولندن تمهيداً لعزله من الساحة السياسية السعودية، فما كان من الأخيرة إلا أن بدأت بانتاج وثائقيات تؤكد دعم نجل سلمان للجماعات الارهابية المسلحة بالمال والعتاد والرجال للجماعات الارهابية المسلحة في الشرق الأوسط خاصة في سوريا حيث تمدهم بالاسلحة البلغارية، ما يكشف الهول الكبير بدعم الرياض لهذه الجماعات الارهابية من جيش الإسلام إلى أحرار الشام..." – من مقال للكاتب البريطاني البارز والصحفي المخضرم "بيتر أوبورن" على موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
مؤتمر المهجر الخامس للمعارضة السعودية وفي نهاية سلسلة اجتماعاته مؤخراً في العاصمة البريطانية والذي رعته مؤسسة “ديوان لندن” التابعة لوزارة الخارجية البريطانية، اكد من جانبه ضرورة تشكيل كتلة ضغط أكبر على نظام آل سعود الاستبدادي واتخاذ خطوات ملموسة للمزيد من فضح ممارساته القمعية في المحافل الدولية.. داعياً الى “العمل على تأسيس منصة تجمع النشطاء للتعاون وتبادل الخبرات والنقد ومحاولة تفهّم مواقف بعضهم بعيدا عن كل من لا يريد خيرا للعمل الوطني والمعارضة.. وضرورة “التنسيق والتعاون في الأعمال الحقوقية والسياسية المشتركة، وفي مقدمتها العمل معاً من أجل تفكيك الاستبداد وحماية شعبنا المسحوق من القمع المستشري.. داعياً للتعاون في حملات الضغط العالمية لتشكيل كتلة ضغط أكبر على النظام الاستبدادي والتعاون مع المؤسسات الإعلامية والحقوقية وتبادل الخبرات لتشكيل هذا الضغط”.
لابد من التذكير بأن مهمة المعارضة هي دفع الناس ليكونوا مستعدين نفسياً ومؤمنين بقدراتهم وشجاعتهم ومطالبهم ورغباتهم، وأن يكونوا في غاية الأمل والتفاؤل باعتبارها الخلية الأولى للشعب الباحث عن الحرية عبر توحيد الجهود ودعم بعضها الآخر في هذه الفترة الزمنية العصيبة، بعيداً عن المشاحنات والتوترات والاختلافات الجزئية والبسيطة لطالما أن إسقاط النظام الديكتاتوري القمعي القائم هو الهدف السامي للجميع؛ ومن هنا أرى توحد كل المعارضة الشعبية والنخبوية جهودها، ووضع اليد باليد للخروج بوجهة نظر موحدة وعمل مشترك نحو نظام جديد قائم على التعددية والانتخابات الحرة والنزيهة، قائم على دستور يكتب بأيدي أمينة وخبيرة تهيئة الأرضية اللازمة لبناء وطن تقدمي مدني يعيش شعبه متساوون الحقوق والواجبات.
الفساد المستشري في علاقات عائلة آل سعود الحاكمة مع الأنظمة الغربية وشركات تصنيع وتوريد الأسلحة فيها، هو محور الحلقة الثانية من الوثائقيات الذي يسلط الضوء على العمولات الضخمة التي تدفعها الشركات الغربية لأفراد العائلة السعودية الحاكمة لتسهيل الفوز بالمناقصات والعقود التجارية، على الرغم من أن كلمة "العمولات" ليست الوصف الصحيح لهذه الدفعات.. وقد تتجاوز نسبة هذه العمولات خمسين بالمائة من قيمة العقد. ويبين الفيلم أن المشكلة ما فتئت تتفاقم بشكل مضطرد مع مرور الزمن خاصة خلال الحقبة السلمانية الحالية حيث يقبض محمد بن سلمان على كل الأمور فتكون العوائد نحو حساباته المصرفية في الغرب؛ في الوقت ذاته ركز الجزء الثالث من الوثائقيات على ما تمارسه النخبة السعودية الحاكمة من نفاق وما تنتهكه من قوانين فيما يتعلق بقضايا الجنس والجندر وحقوق الإنسان وغير ذلك من الأمور.
الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي عبد الله العودة أشار خلال اجتماعات المعارضة في لندن، الى أن فهم النظام السعودي خاصة الملك وولي عهده لمصطلح “ولي الأمر” هو أنه لهما “توكيلاً عامًا وحرّ التصرف” في قيادة الشعب نحو المجهول مهما كلف الأمر، وهو يتجافى مع الحقيقة.. النظام السعودي يعتقد أنه وكيل عام عن الشعب، فيما الانتخابات هي البديل الوحيد لفكر الوكالة العامة التي تؤمن بها الشعوب..نظام آل سعود ربما نجح في تأسيس دولة لمجرد كسلان سياسي، وقام على خصام الشعب والمجتمع ولم يأخذ في الاعتبار المعطيات الموجودة وعدم معاداة الواقع على الأرض.. ما يفعله استبداد السلطة الحاكمة يستحق كل الجهود، والعمل المؤسسي والتعاون وتقبل الاختلافات ووضعها في مجالها الطبيعي والابتعاد عن سلوك السلطات ورغباتنا الشخصية”.
كل ذلك ولم تنبس الرياض بحرف واحد اعتراضاً على ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام البريطانية والغربية في هذا المجال خلافاً لما حدث قبل أربعة عقود مع عرض فيلم "موت أميرة"، رغم أن هذا الوثائقي يسلط الضوء بصورة مباشرة على القضايا الكبيرة التي تهدد وجود وبقاء سلمان ونجله على أقل تقدير.. ها هو محمد بن سلمان يتصرف بطريقة لم يسبقه إليها حاكم سعودي من قبل، والمنهمك في عملية الاستحواذ على السلطة المطلقة داخل المملكة، بما في ذلك الاستيلاء على ممتلكات العديد من الأمراء والأثرياء السعوديين، منهياً حتى توازن القوى داخل الأسرة السعودية الحاكمة على مر العقود الطويلة ليكون هو المصدر الوحيد للسلطة والنفوذ والمحسوبية داخل المملكة.. وهذا يعني أن محمد بن سلمان ليس بإمكانه أن يبقى طويلاً، فقد أهان عائلته وأهان النخبة، وكان اختياره لحلفائه غاية في السوء - والقول للكاتب البريطاني البارز والصحفي المخضرم "بيتر أوبورن"
مراقبون يؤكدون أن محمد بن سلمان سيسقط تحت وطأة انقلاب يتم تدبيره داخل القصر، أو يكون مصيره كمصير الذي انتهى إليه شاه إيران محمد رضا بهلوي بثورة شعبية عارمة، خاصة وأن الظروف باتت سانحة لانطلاقها في المملكة التي كانت ولا تزال المصدر الرئيسي للعنف وانعدام الاستقرار في مختلف أرجاء العالم الإسلامي. ولم يعد ثمة شك في أن سقوط حكم آل سعود، وهي واحدة من أكثر السلالات الملكية فساداً وانحلالاً في تاريخ البشرية، يساعد في حل الأزمة التي تطبق حالياً على عنق الإسلام السني.. ومن هذا المنطلق نرى أنه هناك تحرك من قبل بعض الأمراء الغاضبين على نجل سلمان للتقارب مع المعارضة في المهجر لتوحيد الصف وأن اتصالات سرية بدأت من جانبهم بهدف إقامة تحالفات مع الساخطين على الحقبة السلمانية وسياساتها، مثل النشطاء والمفكرين والدعاة والعلماء وقواعدهم- وفق موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت النقاب عن تعرض العديد من أمراء آل سعود خلال الفترة الأخيرة الى مرحلة جديدة من الاعتقال والتعذيب، بمن فيهم أحمد بن عبد العزيز ومقرن ومحمد بن نايف وأبناء الملك عبد الله وغيرهم، وأن ذراع نايف ومحمد بن نايف السابق سعد الجبري، الموجود الآن في كندا، قد كشف عن أسرار محرجة حول محادثات مع محمد بن سلمان عندما هدد باستهداف الملك عبد الله بخاتم مسموم (ذكرناه في مقال سابق تفصيلاً)، الى جانب قتل واغتيال نشطاء ودعاة وعلماء ومفكرين وجامعيين وصحفيين معارضين للوضع الراهن بصورة مستمرة عبر حوداث مدبرة، أو تركهم مهملين وحرمانهم من الرعاية الطبية في السجن حتى وفاتهم بعد اعتقالهم بتهم واهية باسم "الخروج على ولي الأمر" سيف المؤسسة الدينية التي قضي عليها بفعله ايضاً.
"من الخطط الاستراتيجية التي تستخدمها الحكومات والأنظمة القمعية والديكتاتورية للسيطرة على الشعوب بطريقة لا يمكن للشعب أن يقاومها ولا يرفضها هي استراتيجية التَّدرُّج، وهو بأن يتم التخطيط لتغيير شعب في مدة عشرة سنوات، يتم فيها تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية حتى يتم السيطرة على الشعوب وكأنهم في حالة من التنويم المغناطيسي" – المفكر المنظر الأمريكي المخضرم "نعوم تشومسكي".. وهذا ما يحدث حالياً لشعب الجزيرة العربية وما مخرج منه سوى توحيد الصف لبناء دولة حديثة تقوم على دستور يضمن ضرورة المشاركة الشعبية في كل مناحي السلطة.
ارسال التعليق