بيدق خليجي آخر من بيادق ترامب يتدحرج نحو أحضان الصهاينة
[عبد العزيز المكي]
"انجاز تاريخي آخر اليوم" هذا ما غرد به الرئيس الأمريكي بكل زهو وتفاخر، في 11 سبتمبر 2020، أي تزامناً مع الذكرى السنوية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي ضربت الولايات المتحدة، معلناً، ان نظام جزيرة البحرين وافق على إقامة علاقات رسمية مع العدو، وعقد إتفاق "سلام" معه على غرار ما حصل بين نظام دويلة الإمارات والعدو قبل أقل من شهر!! وقال ترامب... " اتفقت صديقتنا النظام الإماراتي واسرائيلي قبل أقل من شهر!! وقال ترامب... " إتفقت صديقتنا العظيمتان " اسرائيل ومملكة البحرين" على اتفاق سلام، ثاني دولة عربية تصنع السلام مع "اسرائيل" في 30 يوماً".
وبهذا الخصوص أصدرت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والنظام البحريني بياناً مشتركاً جاء فيه ان.. "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجرى إتصالاً بالعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الوزراء الاسرائيلي (بنيامين نتنياهو، واتفقوا خلاله على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل" ومملكة البحرين"! وقال البيان..."ان هذه خطوة تاريخية تجاه تحقيق السلام في الشرق الأوسط، حيث ان الحوار والعلاقات المباشرة بين المجتمعين الفاعلين والاقتصادين المتقدمين من شأنه أن يبني على التحول الايجابي الحالي في الشرق الأوسط، وان يدعم الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة" على حد ما جاء في هذا البيان ومزاعمه...
ومن جهته رئيس وزراء الكيان الغاصب نتنياهو رحب بهذا الإعلان وقال في مؤتمر صحفي بثته قناة" كان" الرسمية في ذلك التاريخ ــ أي 11 سبتمبر 2020- " لقد استغرقنا 29يوماً للتوصل الى إتفاق مع البحرين، هذه حقبة جديدة من السلام" على حد قوله وزعمه، وذلك في إشارة الى المدة الزمنية القصيرة بين اعلان اتفاقيتي التطبيع بين "اسرائيل" وكل من الأمارات والبحرين!! وأضاف نتنياهو زاعماً أن "هذه حقبة جديدة من السلام، لقد استثمرنا في السلام منذ سنوات عديدة، والآن سوف يستثمر السلام فينا، وسوف يؤدي الى استثمارات ضخمة للغاية في الاقتصاد الاسرائيلي"!! واكد أن "دولاً عربية أخرى ستقيم علاقات مع اسرائيل"، فيما قال بيان صدر عن مكتبة " رئيس الوزراء يعلن رسمياً إقامة علاقات دبلوماسية مع مملكة البحرين"!!
من جانبه ملك جزيرة البحريني، وبعد هذا الإعلان عن التطبيع مع العدو بشكل رسمي، أشاد بما أسماه الدور المحوري الذي اضطلعت به الإدارة الأمريكية وجهودها الدءوبة على حد زعمه لدفع "عملية السلام" وإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة بحسب إدعائه وزعمه!
وفي الحقيقة، إن الخطوة البحرينية مثلها مثل الخطوة الإماراتية، لم تفاجئ المراقبين والمتابعين، لأن النظام البحريني سبق النظام الإماراتي في التودد وإقامة العلاقات الكاملة، والتعاون الأمني والتنسيق على أعلى المستويات مع العدو الصهيوني تحت الطاولة، أي بشكل سري، بل ان النظام البحريني أتخذ أو أقدم في السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة، على خطوات وقحة وعلنية في تحدي مشاعر الأمة، بالتواصل مع العدو، وبتبادل الزيارات والتعاون معه في مختلف المجالات الاقتصادية والرياضية فضلاً عن تلك الأمنية والعسكرية أيضاً، فقبل أكثر من سنة حضر الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة مراسم إحياء ما يسمى "بالمحرقة" لليهود في الولايات المتحدة، وكتب تأبيناً بالمناسبة مشيداً باليهود وبالكيان الصهيوني، وقاطعاً بالوعود لإقامة العلاقات والتطبيع معه، لدرجة ان حاخاماً صهيونياً نقل عنه بعد حضوره تلك المراسم، انه كان صديقاً حميماً للصهاينة ولديه شوق كبير للتطبيع معهم!!
وبعد هذه الخطوة أوفد ابنه ولي العهد ومهندس العلاقات- البحرينية مع الكيان الصهيوني "سلمان بن حمد آل خليفة" على رأس وفد رياضي، إلى الأرض المحتلة للمشاركة في سباق دراجات أقيم في القدس، حيث أعلن المسؤولون الصهاينة ان ولي العهد سلمان التقى عدداً من المسؤولين الصهاينة خلال زيارته تلك، بينم "نتنياهو"، وكشف الصهاينة حينها ان العلاقات بين الطرفين تشهد ازدهاراً ونمواً أو توسعاً ولم يعوزها سوى الإعلان الرسمي!!
أكثر من ذلك، ان هذا المهندس- سلمان آل خليفة- بدـ الدبلوماسية الرسمية بمحادثات مع مسؤولين صهاينة خلال قمتي المنتدى الاقتصادي العالمي في عامي200 و2003 اي قبل عشرين سنة مضت! كما التقى وزير خارجية البحرين "خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة" مع نظيره الصهيوني في الأمم المتحدة في عام 2007، وبعد ذلك بعامين التقى الرئيس الصهيوني المقبور "شيمون بيريز" بالملك البحريني في نيويورك على هامش مؤتمر للمنظمة الأممية. وفي عام 2009 سافر وفد بحريني في رحلة غير مسبوقة الى الأرض المحتلة لاستعادة مجموعة من المواطنين المحتجزين لدى الكيان الغاصب كانوا ضمن نشطاء مؤيدين للفلسطينيين، على متن سفينة احتجزتها البحرية الصهيونية أثناء توجهها الى "قطاع غزة" لكسر الحصار في ذلك الوقت.
و في سبتمبر عام 2016 أشاد وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة ببيريز بعد وفاته! وفي عام 2017 ظهر التقارب علنا عندما سمح النظام الخليفي لوفد صهيوني بالمشاركة في مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم في المنامة، كما سُمح لسائق صهيوني بالمشاركة في سباق السيارات الذي أقيم في العاصمة البحرينية. وفي العالم نفسه، أي عام 2017 أرسل النظام البحريني وفداً يضم علماء دين من شذاذ المذاهب واكاديمين وصحفيين الى الأرض المحتلة، للترويج لما أسمته السلطات البحرينية "التسامح والتعايش" في وقت كان الغضب العربي والإسلامي يتأجج تجاه مصير القدس وفي 2018 في شهر مايو أيد وزير الخارجية يومذاك خالد بن أحمد آل خليفة الكيان الصهيوني في اسماه "حق الدفاع عنه" بقصف الأراضي السورية! بل وبارك واثنى على العدوان الصهيوني المتكرر على الأراضي السورية، على العاصمة دمشق تحديداً!! وفي عام 2019 في شهر حزيران أقامت البحرين برعاية الولايات المتحدة ورشة عمل اقتصادية حضرها الصهاينة، وحينها صرح خالد بن أحمد آل خليفة لصحفي صهيوني بان الكيان الصهيوني "جزء من تأريخ المنطقة"!! وبعد أشهر أعلن وزير الخارجية الصهيوني "يسرائيل كاتس" انه التقى نظيره البحريني خلال زيارة لواشنطن.. الخ.
نعم إن هذا غيض من فيض مما هو معلن أما غير المعلن فهو حدث ولا حرج أكثر من أن يحصى، أو يلم به متابع!!
وتجدر الإشارة إلى انه، كما حصل في إعلان التحالف الإماراتي مع العدو، حاول كل من ترامب ونتنياهو تضخيم الحدث واعتباره إنجازاً تاريخياً وما إلى ذلك، لخدمة أهدافهما الخاصة، ولتعزيز آثار الحرب النفسية على الأمة، فيما إعلان السلطات البحرينية التحالف مع العدو، كما بينا هو تحصيل حاصل، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، لأسباب معروفة، نذكرّ بها مجدداً لأنها تفتح لنا الطريق لفهم طبيعة هذه الأنظمة المتصهينة، بل الأكثر من الصهاينة، صهيونية باعتراف المسؤولين الصهاينة أنفسهم! ومن هذه الأسباب ما يلي:
1ـ إن النظام البحريني كما هو حال، والنظام الإماراتي، أو نظيره السعودي... أو.. كل هذه الأنظمة، هي أدوات استعمارية غرسها الاستعمار البريطاني في جسد الوطن العربي، وأدوات أمريكية صهيونية بريطانية في المنطقة تحرس وتسهر على المصالح الأمريكية والغربية والصهيونية فيها، فهي بعيدة عن إرادة شعوبها، هي لا تمثل هذه الشعوب، ولا تعمل من أجل مصلحتها وأهدافها وطموحاتها وهويتها، وهذا ما بات واضحاً وجلياً لا يحتاج إلى الدليل والإثبات، فهي أي هذه الأنظمة تزودنا يومياً بالدليل القاطع على انتمائها للسيد الأمريكي، وهي أداته التي يتلطى ورائها لحكم الشعب أو الشعوب وقهرها ونهب ثرواتها، ولذلك تكفل هذا السيد الأمريكي بالدفاع عنها والمحافظة عليها، لأنه لا يستطيع حكم الشعب البحريني بجنرال أمريكي ولا يستطيع حكم الشعب في السعودية بجنرال أمريكي أو حتى بشخصية سياسية على شاكلة "بول بريمر" العراق، ولذلك فهو يحافظ على هذه الأدوات التي تسهر على مصالحه، اي السيد الأمريكي، وحتى تجربة بريمر في العراق، ورغم أنها جاءت بحكم ظروف خاصة مثل الاحتلال وغيره، فأنها تمت من خلال مواجهة عراقية وثم لم تستمر سوى مدة قصيرة، ولذلك نجد ان القواعد الأمريكية العسكرية تنتشر في دول الخليج العربية، والموساد الصهيوني يسرح ويمرح فيها، من أجل حماية هذه الأنظمة من السقوط، والرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" قال ان هذه الأنظمة مهددة من شعوبها، وترامب قالها أيضاً بأكثر صراحة، بأن هذه الأنظمة لا تصمد أكثر من أسبوعين، اذا رفضنا الحماية عنها، وخص بالذكر النظام السعودي بالذات، وكرر هذا الكلام أكثر من مرة، صحيح ذكر ان التهديد لهذا النظام تمثله إيران، من أجل زيادة التخويف وإرعاب هذا النظام، لكنه أكد في مناسبات أخرى ان النظام السعودي مهدد من شعب الجزيرة، نجد والحجاز بالذات...
نعم إن السيد الأمريكي ونظيره الصهيوني، بعد انكشاف هذه الحقائق وجدا ان من غير المبرر استمرار الحالة السابقة، أي ان تقوم هذه الأدوات بواجباتها وخدماتها للأمريكي والصهيوني بشكل سري، فلابد من التحرك على المكشوف لأن الخوف من ردة فعل جارفة من الأمة تراجع بسبب تدجين هذه الأمة وقمعها وتمزيقها وتدمير مقومات نهوضها بواسطة هذه الأنظمة العميلة، وبسبب ان التحرك العلني يعطي ويمنح أصحابه مساحة كبيرة من المناورة والفعالية على صعيد مواجهة التحديات التي تواجه المشروع الأمريكي والصهيوني.
2ـ ولأن هذه الأنظمة كذلك، أي فاقدة للشرعية، لشرعية الوجود والتسلط على الشعب فهي تبحث دائماً على اكتساب تلك "الشرعية" من السيد الأمريكي والصهيوني، لأنه كما أوضحنا في النقطة السابقة وباعتراف ترامب بمجرد ان يسحب هذا السيد الامريكي يده عنها، تنتهي وتتلاشى وتُرمى بمزابل التاريخ ولذلك نرى هذه الأنظمة تتسابق من أجل إرضاء هذا السيد الذي تتمتع بحمايته، فبن سلمان يفتح خزائنه لترامب لينهب منها مئات المليارات!! واليوم أيضاً تُفتح هذه الخزائن أمام الناهب الآخر نتنياهو الذي يعد الصهاينة باستمرار بالازدهار الاقتصادي بعد التطبيع مع بعض الدول الخليجية العربية!! بل ان النظام البحريني ظل أحر من النار لإعلان التطبيع حتى أعطاه النظام السعودي الضوء الأخضر، فأتصل بجاريد كوشنر صهر ترامب اليهودي المعروف بصهيونيته وقربه من نتنياهو، من أجل ان تكون البحرين الثانية بعد الأمارات "لنيل جائزة الإخلاص والتقرب والود" من السيدين الأمريكي والصهيوني ولتقديم الخدمات الجلّى لهما في هذا الظرف الحساس!! خصوصاً بالنسبة لترامب المهدد بعدم الفوز في الانتخابات القادمة التي ستجري بعد أقل من شهرين. وهذا ما كشفه الصحافي الصهيوني "باراك رافيد" المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة السياسية في "تل أبيب" ومع الإدارة الأمريكية أيضاً، حيث قال نقلاً عن مصادر سياسية رفيعة في كل من واشنطن والمنامة قولها أنه بعد ساعات من إعلان التحالف الاماراتي- الاسرائيلي" إتصل كبار المسؤولين في البحرين بصهر ترامب "كوشنر"، ومع مبعوث البيت الأبيض "آفي بيركوفيتش" واكدّوا لهما: "نريد أن نكون نحن الآن بعد الامارات"!! وشدد رافيد على انه كان "لإسرائيل" والبحرين علاقات سرية لاكثر من عقدين!! واعترف رافيد بان البحرين تتقدم على الامارات من ناحية التعاون والتواصل والتوادد مع الجانب الصهيوني، ولكن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تريثا في منح البحرين الريادة قي اعلان التحالف مع العدو، بانتظار اعطاء النظام السعودي النظام البحريني الضوء الأخضر!
3ـ ما دام الصهاينة والأمريكان اعترفوا صراحة بأن اعلان النظام البحريني التحالف والتطبيع مع العدو بشكل رسمي، جاء بضوء أخضر سعودي، فذلك يعني ان الخطوة البحرينية تشكل درعاً للنظام السعودي، تسوغ له وتمهد الطريق للإقدام على الخطوة نفسها، على خلفية ان تلك الخطوة سوف تجعل من الأمر- إعلان التحالف مع العدو- عادياً ولا تشكل بالتالي استفزازاً للشعب الجزيري وللأمة ككل، ولا تشكل فجوراً ووقاحة وتحدياً لهذه الأمة ومقدساتها من قبل نظام يدعي "الدفاع عن المسلمين السنّة" وعن "الحرمين الشريفين" وباقي المقدسات الإسلامية! في حين هو يتحالف علناً مع ألد اعداء السنّة وغاصب أرض دولة سنّية وهي فلسطين.. ومن أجل تقوية هذا الدرع لا استبعد ممارسة النظام السعودي الضغط على أنظمة خليجية أخرى وعلى النظام السوداني وأنظمة عربية لدفعها للانضمام إلى الحظيرة الصهيونية! بل أكاد اجزم انه حارس هذه الضغوط بالأموال وبشتى الطرق.
4ــ وكما في حال التحالف الإماراتي مع العدو، فأن تحالف البحرين بشكل رسمي مع هذا العدو جاء ليقدم لترامب السيد الأمريكي العون والإنقاذ، في محاولة لمنع سفينته من الغرق في مستنقع الوحل المضطرب في أمريكا بسبب سياساته العنصرية والبائسة، والتي أثرت على حظوظه الانتخابية إلى حد كبير، كما تفيد إحصاءات الرأي هناك، والتي تشير الى ان المرشح الديمقراطي "جو بايدن" يتقدم على ترامب بعشر نقاط.
هذا، وهناك أسباب أخرى نتركها لفطنة القارئ الكريم، لنشير الى قضية مهمة نختم بها هذه السطور، وهي، صحيح ان هذا الإعلان التحالفي مع العدو يشكل ضربة لقضية المسلمين، فلسطين، وحلقة جديدة في تصفيتها وإسدال ستار النسيان عليها من قبل هذه الأنظمة، وصحيح ان ذلك طعنة للأمة ولمقدساتها وهويتها، ولتمكين الشر المطلق- الصهاينة منها ومن ثرواتها وهويتها ومنظومة قيمها كل ذلك صحيح، لكن ينبغي ان ننظر الى هذه الخطوة من المنظار الآخر، المنظار الذي يخدم الأمة ومشروعها المقاوم، ويمكن ان نوضح ذلك بالنقاط:
أـ ان إعلان التحالف مع العدو، يعني إزاحة كل أوراق التوت عن عورات هذه الأنظمة وانكشافها على حقيقتها، وسقوط كل الهالات من حولها، وكل ما نسجته من شعارات وادعاءات بإعلامها المزيف، فللأسف ان هذه الأنظمة ورغم عمالتها وتعاونها الأمني والعسكري مع الولايات ومع الكيان الصهيوني من تحت الطاولة، كان البعض من شرائح الأمة يصدق ببعض شعاراتها وإعلامها المزيف بالدفاع عن المواطن وعن العرب وعن المسلمين وقضاياهم!! أما اليوم فأن هذه الشرائح من الأمة سوف تصبح على بصيرة ودراية تامة بخيانة هذه الأنظمة العميلة وببعدها عن هموم الأمة بعد المشرقين عن بعضهما، اذ يفترض أن تكشف هذه الشرائح- من الأمة، الُمضللة بإعلام وشعارات هذه الأنظمة، حقيقة الأمر، بل يقيني أنها اكتشفت حقيقة هذه الأنظمة وسوف تنحاز إلى قضايا الأمة العادلة.
ب ـ من شأن ما تقدم لهذه الأنظمة، سوف يسارع في تراكم وعي الأمة وفي تحركها بل ويوحدها أمام الخطر المحدق بها، لأن هذه الأنظمة باتت تشكل بوابة الخطر الذي يتهدد الأمة ومقدساتها وثرواتها، ومن غير المنطقي ان تجلس هذه الأمة لتتفرج كيف يعبث بها هذ الصهيوني وهذا البدوي الذي جلبته هذه الأنظمة العميلة الى حواضرها والى أوطانها، لينهب ثرواتها ويتآمر عليها وعلى مقدساتها.. ولعل تراكم هذا الوعي في شأنه أن يسرع من سقوط وكنس هذه الأنظمة وتطهير الأوطان والشعوب من دنسها واستهتارها بمقدرات هذه الأمة.. ولعل في إشارة صحيفة "إسرائيل اليوم" الصهيونية إلى احتمالية تبدل النظام الإماراتي، مؤشر إلى القلق من الجانب الصهيوني بأن الإعلان عن هذا التحالف سوف يعجل من سقوط النظام من قبل الشعب الإماراتي، وذلك في تعليقها على تزويد النظام الإماراتي بطائرات أف 35 المتطورة الأمريكية، حيث قالت الصحيفة ان التخوف لا يمكن في انها تستخدم ضد "اسرائيل" فهي على يقين ــ اي الصحيفة- ان النظام الإماراتي لا يستخدمها ضد الصهاينة، انما الخوف من تبدل النظام الإماراتي بنظام آخر معادٍ لكيان الصهيوني، وقالت الصحيفة بهذا الشأن "هناك تخوف آخر، لا يعبر عنه بشكل علني، هو ان يستبدل الحكم في الامارات وغيرها". ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير قوله.. "نحن نتمتع الآن برياح السلام، ولكننا نعيش في منطقة غير مستقرة، قد يتغيّر فيها اتجاه الريح بسرعة، وعليه، فنحن نحرص أن نكون دوماً على خطوة واحدة على الأقل إلى الإمام مع كل الدول الأخرى في المنطقة".
ج ـ ان إعلان التطبيع الرسمي مع العدو، يكشف أمرين في غاية الأهمية:
الأول: ان هذا التطبيع يعني ضعف هذه الأنظمة وإفلاسها والتماسها الحماية حق العدو الذي بات اليوم عاجزاً عن حماية نفسه، لأنه لو لم تشعر هذه الأنظمة بأنها باتت مهددة من شعوبها، لما نزعت عنها كل أقنعتها، أو أقنعتها المتبقية لتكشف عن حقيقة عمالتها وعن أنها أداة رخيصة بيد السيدين الأمريكي والصهيوني كما أشرنا.
أما الأمر الثاني: فهو هزيمة وانكسار المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وقد أشرنا إلى هذه الأمور في مقالاتنا السابقة، وهنا نكرر لأهمية الإشارة إلى الأمر، بسبب الحرب النفسية التي يشنها أعداء الأمة عليها، التي يحاولون توظيف هذا التطبيع في تعزيز هذه الحرب النفسية، فيما هو مؤشر على انكسارها، أي القوى الأمريكية الصهيوينية والقوى العميلة المتعاونة والمتحالفة معها، ومن شان الوعي بهذا الأمر أن يدفع الأمة إلى تعزيز صمودها ووثبتها لمقاومة هذه الأنظمة ومواصلة إنزال الضربات بالمشروع الامريكي الصهيوني الغربي في المنطقة.
ارسال التعليق