بين المملكة المانحة والسلمانية المقترضة.. شعب جائع ورشاوى بالجملة
[جمال حسن]
بقلم: جمال حسن
كشفت مصادر مالية دولية بأن الوضع الاقتصادي السعودي أكبر مصدر للبترول في العالم، آخذ نحو الإنهيار وإن صندوق الثروة السيادية السعودي جمع قرضا بقيمة 11 مليار دولار من بنوك، ويبحث عن المزيد لترميم موازنة العام الجاري التي تشهد عجزاً كبيراً غير مسبوق، بعد أن أجلت الرياض الى أجل غير مسمى خطط إدراج شركة أرامكو النفطية العملاقة في البورصة دون الإفصاح عن الأسباب.
انهيار كبير في القطاع الاقتصادي والاستثمارات السعودي لم يشهد من قبل يدفع السلطات نحو بيع الكثير من اسهم الشركات السيادية التي تدر على المملكة أرباحاً طائلة، حيث قرر صندوق الثروة السيادية وبأمر من محمد بن سلمان الى بيع 70% أو كامل حصته في شركة الصناعات الأساسية (سابك) لأرامكو السعودية، وهي رابع أكبر شركة للبتروكيماويات في العالم. ويبلغ رأسمالها السوقي 98 مليار دولار؛ لتسديد النفقات التي تعهد بها الأرعن الطائش الى سيده راعي البقر ترامب بخصوص تأمين نفقات القوات الأمريكية في الحرب على سوريا وكذلك نفقات العدوان على اليمن.
وقد بدأت الحكومة السعودية الاستدانة من الأسواق الدولية من خلال قروض وسندات قبل عامين، من أجل تعويض ما فقدته خزائنها بسبب انهيار أسعار النفط، ونفقات الحروب بالوكالة، حيث كشفت وكالة "رويترز" أن صفقة ال 11 مليار دولار شارك فيها بنوك "إتش.إس.بي.سي" و"جيه.بي مورغان" و"ميتسوبيشي يو.إف.جيه" وبنك الصين و"سيتي بنك" و"كريدي أغريكول" و"بنك ميزوهو" و"البنك الصناعي والتجاري الصيني" و"ستاندرد تشارترد" و"بي.إن.بي باريبا" و"غولدمان ساكس" و"سوسيتيه جنرال" و"بنك أوف أميركا ميريل لينش" و"دويتشه بنك" و"مورغان ستانلي".
هذا وأعلنت هيئة السوق المالية السعودية، اليوم، إدراج أدوات دين حكومية بقيمة 204.385 مليار ريال (54.5 مليار دولار)، للتداول في سوق الصكوك والسندات المحلية. فيما ارتفع الدين العام السعودي بنسبة 38% خلال 2017، إلى 116.8 مليار دولار، مقابل 84.4 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ويشكل الدين 17% من الناتج المحلي في 2017، فيما كان 13.1% في 2016. مشيرة (والكلام لرويترز) أن الرياض ترغب أن يشكل الدين المحلي 65% من إجمالي ديون البلاد تمهيداً لعدم سداده في المستقبل.
وزارة المالية السعودية قالت في بيان لها إن إجمالي حجم الطرح بعد إعادة فتحه صعد الى 7.465 مليارات ريال (1.990 مليار دولار). فيما الميزانية العامة مدينة بمبلغ كبير لنحو 20 مليون مواطن لم يتم تسدديها بعد . تزامناً مع ذلك أعلن صندوق النقد الدولي أن السعودية قدمت للدول مساعدات بقيمة 32,831,124,077 مليار دولار أمريكي؛ 123,116,715,287 مليار ريال سعودي وذلك للعديد من الدول ذهب النصيب الأكبر منها مصر، في حين شملت المساهمات المالية في المنظمات والهيئات الدولية 489 مساهمة بمبلغ إجمالي 929,711,258 مليون دولار أمريكي؛ 3,486,417,218 مليار ريال سعودي، لعدد 37 جهة مستفيدة، بلغت المساعدات التنموية 493,889 مليار دولار، ومساعدات إنسانية بنحو 353,440 مليار دولار، في حين بلغت المساعدات الخيرية 82,381 مليار دولار!!؛ فيما المواطن السعودي محروم حتى من أبسط الخدمات خاصة الطبية منها الى جانب إرتفاع مستوى البطالة ونسبة التضخم وأرتفاع السعار وحذف الدعم الحكومي من الأدوية والطاقة والمواد الأساسية، مما زاد نسبة المواطنين الذين يعيشون دون مستوى الفقر في مملكة الذهب الأسود.
فقد أعربت الأمم المتحدة عن "صدمتها" من مستوى الفقر في السعودية التي تحتل المرتبة الأولى من إنتاج النفط على مستوى العالم، حيث ظاهرة الفقر آخذة في التسلل السريع نحو الطبقة المتوسطة من المواطن السعودي، في ظل إخفاء الإحصاءات حول أعدادهم أو نسبتهم، وفي المقابل كشفت تقارير غير رسمية عن أن نسبة الفقر تفاقمت لتصل الى 25% من إجمالي عدد السكان البالغ 18 مليون نسمة. بينما تتزايد معدلات البطالة، حيث يعيش نحو 5 ملايين شخص على أقل من 130 دولاراً شهرياً- وفق المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، الذي قام بزيارة للمملكة العام الماضي وتحدث عن مشاهدات "صادمة" لمستوى الفقر المتفشي في الشارع السعودي وقال "رغم الثروة الهائلة من النفط، لكن المداخيل الضخمة لم تمنع من تسلل الفقر الى فئات واسعة من المجتمع السعودي" وهو أمر لا يصدقه الكثير من الناس.
في هذا الاطار أنهت سوق الأسهم السعودية تعاملات الأسبوع الماضي باللون الأحمر، بعد تراجع المؤشر العام بأعلى وتيرة خسائر في قرابة عامين، وهبوط مؤشر السوق الموازية للجلسة الرابعة على التوالي، متأثرا بالأداء السلبي لأغلب الأسهم، وخاصة بالقطاعات الرئيسية. حيث فقدت القيمة السوقية للبورصة السعودية نحو 68.49 مليار ريال (18.26 مليار دولار) بنسبة تراجع 3.62%، لتغلق عند 1.825 تريليون ريال. وأغلق عند أدنى مستوى في الأشهر الستة الماضية أي منذ 19 مارس/آذار ليستقر المؤشر عند 7710.57 نقطة.
أما صحيفة “واشنطن تايمز” الأميركية ذكرت في تقرير لها، أن إلغاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لاكتتاب عملاق النفط “أرامكو” في الأسواق العالمية أضاع هيبة ولي العهد محمد بن سلمان. خاصة بعد أن كان المسؤولين السعودين يصفون هذه العملية بأنها خطوة حاسمة في عملية الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. واشار تقرير الصحيفة الى ما كتبه محرر الشؤون الدولية بصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية ديفد غاردنر الأسبوع الماضي من أن “إلغاء” خطة بيع أسهم أرامكو انتقص، دون أدنى ريب، من هيبة ولي العهد السعودي.
وتشكل البطالة بين الشباب السعودي جزءا كبيرا من مشكلة الفقر. وتظهر الأرقام الرسمية أن نسبة البطالة بلغت 16.9% في الربع الثاني من الجاري للرجال و32.8% للنساء، ولكن تقديرات الخبراء تشير الى أن المعدلات أعلى بكثير. ووفقا لبعض التقديرات، فإن معدل البطالة يتراوح بين 29% و33% في صفوف الذكور الذين يتراوح سنهم بين 20 و24 عاما، و38% في الفئة التي يتراوح عمرها بين 24 و29 عاما. بينما تصل نسبة البطالة في صفوف الإناث بين 48 الى 58 % وفق أرقام نشرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية.
وحسب مراقبين دوليين في شؤون الاقتصاد، فإن البرامج التي أطلقتها الرياض لم تنجح في الحد من الفقر رغم امتلاكها مقدرات وثروات هائلة، إذ يبلغ حجم الاحتياطي النقدي في السعودية نحو نصف تريليون دولار، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم ما يوفر موارد مالية ضخمة متجدّدة، ومن مظاهر ثراء السعودية ضخ أموال تقدر بنحو ترليون و460 مليار دولار في أميركا بذريعة أنها دفعت لشراء أسلحة وإقامة استثمارات جديدة هناك، بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض في مايو/أيار العام الماضي. وهي بالاصل دفعت كجزية خوفا من بطش ترامب ورشوى لتأجيل سريان قانون جاستا.
واطلقت وسائل الاعلام الغربية على محمد بن سلمان لقب "المقامر الخاسر" وذلك جراء توالي الفشل لبرنامجه "رؤية 2030" وفي هذا الخصوص تناول موقع "ميدل ايست آي" في مقال بقلم "ديفيد هرست" وبعنوان.. "المقامر الخاسر ... هذه هي حقيقة بن سلمان" افكار ولي عهد السعودية، واصفة اياه "الفقاعات الجوفاء"، و"أوهام بن سلمان لرسم الافاق الاقتصادية واصلاح المجتمع السعودي".
ارسال التعليق