حرب الإبادة الصهيونية في غزة... تدفع بعض الغربیین إلى التحرك .. بينما الأشقاء العرب في عداد الأموات !!
[عبد العزيز المكي]
حرب الإبادة التي يواصلها العدو الصهيوني بحق أهالي غزة منذ أكثر من أربعة أشهر، ومشاهد المجازر المروعة، حيث أبيدت أحياء بكاملها على رؤوس أهلها من النساء والأطفال والمسنين العزل، وحيث أشلاء هؤلاء الأطفال والنساء متناثرة بين ركام البيوت المدمرة ، هذه الحرب التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها أذ فاقت حتى مذابح الحرب العالمية الثانية،بمشاهدها الدموية المروعة والبشعة، والمقرونة بفرض الحصار والتجويع على من استثنته قنابل الموت والفناء الصهيونية، حتى أنهم لجئوا إلى أعلاف الحيوانات، لطحنها وخبزها ثم أكلها ، وحتى هذه الأعلاف نفذت من الأسواق المدمرة !! فالعدو مصر على إبادة هذا الشعب بكل الأساليب بالتدمير والتفجير والجوع والحصار.. نقول أن حرب الإبادة بكل مشاهدها المأساوية لم تثر لحد الآن مشاعر ونخوة "الأشقاء العرب" إلا لماما أو حتى أقل من هذا اللمام !! فلا الحكومات العربية تحركت أو حركت جيوشها "المتكرشة" ، ولا حتى فتحت أفواهها ولو لتهدد لفظياً لإخافة العدو!كأن " الخرس" أصاب هذه الأنظمة من أقصاها إلى أقصاها، فلجم أفواهها .. بل على
العكس من ذلك نجد بعضها يقف في خندق العدو الصهيوني ضد هذا الشعب الأعزل الذي يتعرض للمجازر، فالأخبار تتواتر حول مساهمة القطاع الصحي الإماراتي في إسعاف وتطبيب جرحى الجيش الصهيوني !! وحول مشاركة بعض الطيارين الإماراتيين في ارتكاب المجازر في غزة إلى جانب الطيارين الصهاينة!!
أما الشعوب العربية فهي الأخرى تلوذ بالصمت المطبق باستثناء الشعبين العراقي واليمني واللبناني!!فلا رابطة الانتماء الى العقيدة والمقدسات الإسلامية باتت قادرة على تحريك مشاعر هذه الشعوب، ولا رابطة الانتماء الإنساني باتت قادرة على تحريك هذه الشعوب!! وكأنها لا تسمع ولا ترى، في حين أن مشاهد القتل والإبادة تتكرر بكل تفاصيلها المأساوية أمام أعين هذه الشعوب، وعلى
الهواء مباشرة بالنقل الحي!!
ليس هذا وحسب، بل إن هذه الشعوب يلفها الموت المطبق تجاه تلك الإبادة الدموية في الوقت الذي بدأت به بعض قطاعات الشعوب الغربية التي لا تربطها بأهالي غزة سوى رابطة الانتماء الإنساني بدأت تتحرك بمظاهرات صاخبة غاضبة ضد مجازر العدو الصهيوني في غزة، بينما أكثر" الأشقاء" العرب في" سبات " عميق !! افمتى يستيقظ هؤلاء من سباتهم ؟؟ لا ندري! بل أكثر من ذلك أننا لاحظنا أن هذه المجازر حركت مشاعر عدد من المسؤولين والشخصيات الاجتماعية البارزة في المجتمعات الغربية، في الدول الحليفة والداعمة للعدو، وتقدمت بالاحتجاجات والتعبير عن الغضب ضد حكوماتها، مطالبة إياها بوقف الدعم العسكري السياسي للعدو الصهيوني القاتل لدرجة ان هذا التحرك يتسع يوماً بعد آخر، ويأخذ أبعاداً جديدة في إطار الضغوط على الحكومات الغربية وفي إدانة العدو وتعريته وكشف اجرامه ودمويته. ففي هذا السياق، ولعله أبرز تحرك غربي، اصدر أكثر من 800 مسؤول في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي رسالة مفتوحة معارضة لما اعتبروه دعم حكوماتهم للعدو الصهيوني في حربه على غزة،وقد نشرت الرسالة صحيفة النيويورك تايمز، وترجمها موقع" الخليج الجديد" ونشرت الترجمة في 2-2-2024، ومما جاء في هذه الرسالة ان هؤلاء المسؤولين من واجبهم كمسؤولين وكموظفين تصويب سياسات حكوماتهم ، لأن السياسات الحالية المتمثلة بدعم العدو، يمكن أن تأخذهم إلى الهاوية، وأنهم سبق وان عبروا عن هذه المخاوف داخليا وتم تجاهل مطالبهم، وجاء في الرسالة أيضًا: "إن السياسات الحالية لحكوماتنا تضعف مكانتها الأخلاقية وتقوض قدرتها على الدفاع عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان على مستوى العالم ".. كما أشار المشاركون أن .. " هناك خطراً قائماً في أن تساهم سياسات حكوماتنا في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، وجرائم الحرب وحتى التطهير العرقي أو الإبادة الجماعية" وقال أحد المنظمين إن حوالي ٨٠ من الموقعين هم من وكالات أمريكية، ويعمل أغلبهم في وزارات الخارجية ومؤسسات الاتحاد الأوربي".
وحسب الصحيفة، فأن هذه الخطوة تكشف أن " السياسات المؤيدة "لإسرائيل بين القادة الأمريكيين والبريطانيين والأوربيين تلقى معارضة من موظفي الخدمة المدينة، بما في ذلك العديد من الذين ينفذون السياسات الخارجية لحكوماتهم. وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن رئيس الحكومة الأيرلندية ليو فاراد كار دعا لمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي وإسرائيل، كما أشارت الصحيفة إلى أن عدداً من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوربي تتحدث أيضاً عن احتمال الاعتراف المشترك بدولة فلسطينية بعد إنتهاءالصراع الحالي .. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن " هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها صوت المسؤولين في الدول الحليفة عبر المحيط الأطلسي، في رسالة واحدة، لانتقاد حكوماتهم علنا بشأن الحرب "
هذا إلى جانب ظاهرة تصاعد استقالات بعض الموظفين في الدوائر الحكومية وغير الحكومية الأمريكية والأوربية، وتزايد مظاهر الاحتجاجات الشعبية في العواصم والمدن الرئيسية الأوربية والأمريكية احتجاجاً على سياسات حكوماتهم الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب والقاتل...
مقابل هذا التحرك في الجانب الغربي على الصعد التي أشرنا إليها لم نلحظ تحركاً، ولو شكليا من جانب الحكومات أو الشعوب العربية، لم تؤثر فيها لا العواطف ولا المشاعر ولا الانتماءات الإسلامية أو القومية كما اشرنا في بداية الحديث، ولرب سائل يسأل ، بل طرحت مثل هذه التساؤلات؟ ومنها لماذا تلوذ الأنظمة العربية بالسكوت بل والخنوع إزاء الإبادة الصهيونية بحق أهالي غزة، بينما سارعت إلى تشكيل "حلف عربي " من ١٧ دولة عربية بقيادة السعودية لشن الحرب على الشعب اليمني، في حين أن هذا الشعب لم يرتكب جرائم إبادة ومجازر بحق السعودية. أو الإمارات مثل ما يقوم به الآن ويقترفه الكيان الصهيوني، وظل هذا الحلف يشن الحرب لمدة تسع سنوات ويقتل ويقترف المجازر المروعة بحق اليمنيين ويفرض الحصار عليهم، ويدمر بنية بلدهم التحتية!! فلماذا لا تشكل السعودية نصف هذا الحلف لإنقاذ أهالي غزة من الذبح الصهيوني المتواصل ؟؟ الأولى محاربة أنصار الله في اليمن وهم لم يقترفوا الجرائم ، ام محاربة العدو الغاشم وهو غاصب ومحتل ويرتكب المذابح بشكل يومي وينكل بالشعب الفلسطيني الأعزل في غزة والضفة الغربية وفي لبنان حيث يعتدي على أهالي الجنوب ويعتدي على سوريا وعلى العرب بشكل عام !؟ مثال آخر نذكر به هذه الأنظمة الساكنة، هو العدوان الأمريكي على العراق فحينما قررت أمريكا شن الحرب على العراق بحجة" تحرير الكويت"، هبت هذه الأنظمة للانضمام إلى الحلف الأمريكي يومذاك، لاسيما الأنظمة الخليجية وشاركت طائراتها والقواعد الأمريكية الموجودة على أراضيها في العدوان على العراق بل حتى قواتها البرية مثل السعودية !! والسعودية لم تكتف بهذه المشاركة فحسب بل جندت قطعان الوهابية في القاعدة ومن الدواعش ومن لف لفهم من باقي التسميات والعناوين .. جندت هذه الفصائل وحولتها وسلمتها إلى جانب قطر والإمارات ودفعت بها إلى العراق وسوريا لتحريرها من الرافضة"!و من شعوبها ) مثلما يريد الأمريكي والصهيوني، وباعتراف رئيس الوزراء القطري السابق وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم آل ثاني، اكثر من ذلك أن النظام السعودي جند لهذه القطعان علماء الوهابية يفتون لهم بقتل الشيعة وتدمير المسلمين!! و على خلفية هذه الفتاوى قتلت القاعدة عبر التفجيرات والمفخخات الآلاف من ابناء الشعبين العراقي والسوري !! فلماذا لا يتحرك علماء الوهابية السعوديون هؤلاء لإصدار ولو نصف فتوى لمقاتلة الصهاينة ؟ ماذا يعني هذا السكوت ؟ لماذا سارعوا بسرعة البرق لإصدار الفتاوى وتسويغ القتل وانتهاك وسبي الأعراض بحق المسلمين في العراق وسوريا ولبنان، بينما يلوذون بالسكوت إزاء المجازر الصهيونية بحق أهالي غرة ، وهم ليسوا من" الرافضة" أنهم من " السنة" بل بعضهم ينتمي إلى المذهب
الذي ينتمي إليه هؤلاء علماء الوهابية!! ماذا يعني ذلك؟
لنترك ذلك كله، وحينما قررت أمريكا والعدو الصهيوني تصفية وكالة "الأنروا" التي تقدم مساعدات وأغذية للاجئين الفلسطينيين بحجة أن فيها ١٣ شخصا من مجموع ١٣ ألفاً يعملون في غزة وأكثر من ٣٠ ألفاً يعملون في مناطق أخرى، هم جواسيس يعملون لصالح الفلسطينيين، وهي تهمة واهية، لكن الصهاينة يريدون حل هذه الوكالة ودفع الممولين إلى وقف تمويلهم لها ، تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين" وفعلاً سارعت بعض الدول الغربية الممولة إلى قطع تمويلها في حين بإمكان دولة عربية خليجية حل هذه المشكلة لوحدها وإفشال مشروع أمريكا والعدو الصهيوني الرامي إلى تصفية الوكالة ولذلك طالب هذا الرجل الاجنبي الغيور كريستوفر روبرت بول غونيس الذي وقف لوحده مدافعاً عن الوكالة وكشف أهداف أمريكا والعدو من هذه الحرب التي شنوها على تلك الوكالة، ومطالباً دول النفط العربية قطع الطريق علي هذه المؤامرة، بقوله .. " رسالتي إلى العالم العربي، وخاصة إلى الخليج، أين انتم ؟لأنهم يكسبون المليارات كل يوم من عائدات النفط أن نسبة ضئيلة من عائدات النفط تلك ستؤدي إلى اختفاء المشاكل المالية للأونروا بين عشية وضحاها. ويجري غونيس حسابات بسيطة ليؤكد ان بامكان الدول العربية النفطية إنقاذ الأونروا من قبضة أمريكا والعدو، وبالتالي تصفية خدماتها التي يقول غونيس إنها توازي خدمات دولة للفلسطينيين ..حيث يقول" لنكن واضحين، لدينا وضع اجمالی، ایرادات النفط لأوبك في عام ٢٠٢٢ كانت ۸۸۸ مليار دولار ميزانية الأونروا هي 5/1 مليار. هذا2 .0% من كل ذلك الربح النفطي لأوبك إذن يمكن لأوبك حل هذه المشكلة في لحظة وسيغير ذلك الديناميكيات تماما عما يحدث الآن" ، فلماذا لا تبادر السعودية أو قطر أو الإمارات أو الكويت لحل المشكلة في لحظة كما قال هذا الرجل الغيور!؟ كل ذلك يشير إلى عدة أمور منها ما يلي:
1- إن قطاعات كبيرة من الشعوب في الدول العربية استمرأت الذل والهوان والعيش في ظل السحق والعبودية التي تمارسها بحقها الولايات المتحدة والعدو الصهيوني والدول الغربية بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر الأدوات العميلة من الحكام والأنظمة.. أنكى من ذلك، هو أن بعض الرموز العرب تحولوا إلى أدوات منفذة لمشاريع أمريكا الرامية إلى فرض هذا الإذلال على الأمة وإلحاق الهزيمة النفسية والعسكرية بها، بل إن هذه الرموز أو بعضها بات يتفاخر بأنه من خدمة أمريكا، ويتفاخر بحماية الكيان الصهيوني ويسهل أو يمرر أو حتى يشارك
في عدوان أمريكا على الأمة ومقدساتها، كما الحال بالنسبة لمرتزقة اليمن ومرتزقة وخدمة الاستعمار في العراق أو سوريا ولبنان والأردن و.وهكذا فأن ذلك يعني أن هذه الشرائح فقدت البوصلة وتخلت عن عقيدتها وعزتها فلبست ملابس الذل والهوان والخنوع للأمريكي !!
2- السبب الأساسي لركون الشرائح المشار إليها إلى أحضان العبودية والعيش في ظل هوانها وإذلالها، والرضا بكل هذا الإذلال، هو الابتعاد عن القرآن وعن العقيدة الإسلامية، الذي أدى إلى مغادرة هذه الشرائح فريضة الجهاد التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين من أجل قهرهم الذل والعبودية والعيش بعزة وقهر لظلم، والظالمين وإلحاق الهزيمة بهم مهما كان جبروتهم وقوتهم ! وما لم يرجع أبناء الأمة إلى عقيدتهم والى قرآنهم فأنهم سيرون وسيتعرضون إلى المزيد من الإذلال الأمريكي الغربي لهم
3- غياب رواد الأمة من العلماء ومن المثقفين ومن الكتاب الوطنيين، عن هذه المعركة المحتدمة بين الاستكبار والأمة، على صعيد ساحة الوعي، وعلى الصعد العسكرية والسياسية حتى، فبماذا نفسر هذا الغياب المريب في هذه المعركة الوجودية في الوقت الذي يجند فيه الأعداء كل المفكرين والخبراء والإعلاميين الغربيين ونظرائهم العملاء من أبناء جلدتنا من أجل تضليل الأمة وتجهيلها وإبعادها عن عقيدتها الإسلامية وتدجينها على الذل والعبودية والرضا بتسلط الأمريكي وعملائه في المنطقة على رؤوس أبناء هذه الأمة ! أين منظمة المؤتمر الإسلامي وعلمائها إين منظمة المؤتمر الإسلامي اين رابطة لعالم الإسلامي ؟ أين الزيتونة والأزهر !؟ وباقي المدارس الإسلامية، واين طلائع أكثر من مليار مسلم من المفكرين والكتاب والخبراء ؟ لماذا لا يتصدون ويقفون صفا مرصوصاً بوجه جحافل العدو ويقودون الأمة نحو النصر المؤزر وتدمير هذا العدو؟ أين هم!؟ لماذا لا تتصدى طلائع هذه الأمة، لأدوات الاستعمار، بعض الأنظمة العميلة التي سلطها الأمريكي والبريطاني على رقاب شعوب أكثر الدول العربية والإسلامية. لماذا لا تستفيد هذه الطلائع من دروس التاريخ الحاضر والغابر في اقتلاع حصون الطغيان والقضاء عليها وعلى الزمر الخائنة المتمرسة فيها وتمارس الإذلال والتجهيل بحق الأمة !؟ يجمع كل أهل الخبرة في العالم، أن اقتلاع حصون هذه الأدوات الحاكمة، سوف يؤدي إلى اقتلاع حصون الاستعمار الأمريكي وغدته السرطانية في المنطقة" إسرائيل"، وحينها ستدخل هذه الشعوب عصراً زاهراً مفعما بالعزة والتقدم والتطور على كل الأصعدة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق