حفلات الرقص الماجنة وخطر سيف الحرابة على رقاب شبابنا
[علي ال غراش]
بقلم: جمال حسن
من سخرية الزمن ووقاحة وقباحة وخبث السلطة الحاكمة أن تعيش بلاد الحرمين الشريفين حالة تفشي العهر والدعارة وحفلات رقص ماجنة مبهرة بمشاركة أبرز الأسماء الموسيقية العالمية، والتي تتشدق وسائل إعلام السلطة الفاجرة بنشرها والتطبيل لها على صفحاتها التلفزيونية والفضائية والمسموعة والمقروءة دون أدنى خجل أو وجل، وسط صمت مريب ذو مخزى الموافقة من قبل مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار علمائها الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وسائر مشايخ العرش الذين يعتاشون على فضلات موائد محمد بن سلمان ويتجاهلون أحكام السماء.
فقد أستعرضت صحف "الشرق الأوسط" و"عكاظ" و"الرياض" وغيرها وعلى صفحاتها الأولى إقامة الحفل الموسيقي الراقص لثلاثة ليالٍ قبل أسبوعين ضمن مهرجان "السعودية للفورمولا إي – الدرعية 2018" بحضور الدب الداشر بنفسه، أقيمت خلالها ليالي سهر ماجنة مختلطة في مدينة الدرعية المدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي بحضور عدة آلاف من الرجال والنساء، التي أشتركت في تنظيمها الهيئات الحكومية المختلفة مثل مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الخيرية "مسك الخيرية" والهيئة العامة للثقافة والهيئة العامة للترفيه وهيئة تطوير بوابة الدرعية وغيرها، إعتلى خلالها المنصة النجمان "إنريكي إيغليسياس" و"جيسون ديرولو" المعروفان بإنحرافهما الجنسي، وفرقة "بلاك آيد بيز" والنجم "عمرو دياب"؛ ما أثار جدلاً واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وأشعل إستياءً شعبياً من اختلاط وقع بين الرجال والنساء خلال حفلات الغناء والرقص في أرض الحرمين الشريفين ضمن هاشتاغ #سعوديون_نرفض_الانحلال# موضحين أن التقدم والرقي لا يتحقق بالاختلاط والحفلات الماجنة.
لكن ولي العهد السعودي الأرعن الطائش لم ولن يكتفي بهذا القدر من تفشي الفسق والفجور في الوسط السعودي الملتزم، وبغية التضليل على تصاعد المطالبات الدولية بمحاكمته لسبب إنتهاكاته الخطيرة في مجال حقوق الانسان والكم الهائل من عمليات الاعتقال والاعدامات التي طالت وتطال خيرة رجال ونساء وشباب المملكة، وكذلك العدوان على اليمن الفقير وقضية مقتل الصحفي المخضرم جمال خاشقجي؛ بل تمادى بوقاحة أكثر فأكثر دون مراعات حتى حرمة الديار المقدسة ليأمر بإقامة حفل موسيقي ماجنٍ آخر قبل أيام في منطقة طنطورة العلا السعودية القريبة من المدينة المنورة مدينة رسول الله (ص)، والتي أشتهرت على مدى التاريخ بآثار "مدائن صالح" المعروفة بـ "الحجر، مملكة دادان" ومآثر تاريخية أخرى، لكنها اليوم باتت على كل لسان خاصة الرُعناء والفسقة في داخل بلاد الحجاز وخارجها، إثر حفل نظمته المغنية اللبنانية ماجدة الرومي الجمعة ليلا، وأثار ضجة داخل المملكة وخارجها، أعتبروه المسلمون "تعديا على مقدساتهم" مطالبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتسليم الحرمين الشريفين لإدارة إسلامية دولية محافظة؛ فيما علق منظمو الحفل من جهتهم على الإشادة بحفل الرومي على الحساب الرسمي للمهرجان بتويتر، وبثوا مقاطع فيديو للمغنية وعلقوا على ذلك بقولهم "غنت ماجدة، فلانت جبال العلا طربًا، وتفاعلت عبقرية الأداء مع جمال الحضور وسحر المكان"!!.
والمثير بقصة هذا الحفل الغنائي الراقص الماجن المختلط الذي أقيم قرب المدينة المنورة المدينة المقدسة الثانية لدى المسلمين، أن وسائل إعلام السلطة نقلت أن الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية داود الشريان أنه أمر بـ "بإبعاد مدير القناة الأولى من منصبه "والسبب قيام القناة ببث فعالية لا تليق بها" - بحسب موقع سبق السعودي. ليرد ناشطون سعوديون على الأمر في موقع التواصل الاجتماعي تويتر بقولهم: فإذا كان نقل الحفل لا يليق بالقناة، فكيف يليق تنظيمه في السعودية، وبمنطقة قريبة من قبر رسول الله (ص)!؟.
فمنذ بدء عهد سلمان المصاب بالزهايمر العضال ونجله الأرعن محمد (23 يناير 2015) وحتى يومنا هذا تعيش بلاد الحرمين الشريفين تراجعاً كبيراً غير مسبوق في العقيدة والإيمان لدى الشاب السعودي لما يخطط له عاهر آل سعود وساكن بارات ومقامر الغرب، وسط غياب كبير للقانون والقضاء العادل وسيادة منطق التمييز الطائفي وتوحش الإعلام الرسمي بقلب الحقائق. وأصبح كل من يجاهر برأيه بوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي مهما كانت طائفته ومنهجه السياسي معرضا لخطر المحاسبة والاعتقال والتعذيب، وبسبب ذلك اكتظت السجون بالمشايخ والعلماء والدعاة والطلبة والجامعيين والمعلمين والأطباء والإعلامين والرياضيين؛ ممن تعرضوا لإنتهاكات فظيعة لحقوقهم الإنسانية عبر إعتقالهم تعسفياً وتعرضهم لمختلف أصناف التعذيب في ظل غياب معايير المحاسبة والعدالة والرقابة الدولية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كشف مؤخراً أن 4 دول في العالم، تنفذ 87 بالمئة من إجمالي أحكام الإعدام في مقدمتها السعودية، حسب معطيات المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فيما كشف موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني، أن عمليات الإعدام في السعودية أرتفعت بشكل كبير في الأشهر الثمانية التي أعقبت وصول محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد؛ حيث تم أعدام 135 شخصاً خلال الفترة ما بين يونيو 2017 ومارس 2018- وفق تقرير أصدرته منظمة "ريبريف" الدولية المعنية بحقوق الانسان ومقرها لندن.
أما المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فقد أكدت أن حكومة المملكة قد نفذت 52 أعداماً منذ بداية 2018 حتى نهاية شهر يونيو ستة أشهر الأولى، كما أن 58 معتقلاً آخر يواجهون عقوبة الحد بالسيف لم يعرف في أي منها عن محاكمة أقيمت بشكل علني أو روقبت من قبل منظمات مجتمع مدني مستقلة أو إعلام حر، في ظل تكتم شديد تمارسه السلطة السعودية مع ملف الإعدام وقضايا الضحايا وسير محاكماتهم، وترهيب ذويهم وإخفاء معلومات حساسة عنهم.
وتعليقاً على وتيرة الإعدامات الهمجية المتسارعة في السعودية، قالت "لين معلوف" مديرة البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، إنه "منذ يوليو/تموز 2017، قامت السلطات السعودية بحملة إعدامات بمعدل خمسة أشخاص في الأسبوع. وهذا يضع المملكة بثبات في مصاف أكثر الدول إزهاقاً للأرواح في العالم؛ فيما أكد تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية بعنوان"القتل باسم العدالة: عقوبة الإعدام في السعودية": مئات الأشخاص قد صدرت بحقهم أحكام بالإعدام عقب إدانتهم في محاكمات جائرة ضمن النظام القضائي السعودي الذي تشوبه الكثير من العيوب الخطيرة، ومحاكمات تشوبها أنتهاكات صارخة لأبسط المعايير الدولية.وتفيد تقارير منظمات حقوق الانسان الأممية والدولية أن ما لا يقل عن 48 من أبناء الطائفة الشيعية يواجهون عقوبة الإعدام حالياً في المملكة العربية السعودية. وقد وجهت إليهم جميعاً تهم تتصل بأنشطة اعتبرت خطيرة على الأمن الوطني. وبين هؤلاء علي النمر وعبد الله الزاهر وداوود المرهون، الذين قُبض عليهم بتهم تتعلق بجرائم مزعومة ارتكبوها وهم دون سن 18، مشددين إنهم عذبوا الى أن "اعترفوا" بارتكاب هذه الجرائم. وهو ما أكده الخبراء المستقلين الخمسة الذين يتعاونون مع محققة الأمم المتحدة المعنية بالإعدام التعسفي "أجنيس كالامارد"، مؤكدين أنه نظرا لأن جميع هؤلاء كانوا دون سن 18 في زمن إعتقالهم إثر تظاهرات 2011 السلمية، فإن تطبيق عقوبة الإعدام عليهم سينتهك القانون الدولي، بما في ذلك معاهدة حماية الأطفال التي أقرتها المملكة.
ارسال التعليق