حلم أبن سلمان في أرامكو هل سينزله الى الهاوية
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمريكشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) السابق "ديفيد بترايوس"، أن السعودية تتجه نحو الإفلاس، والمال ينفد من يديها، في إطار طرح إكتتاب الشركة النفطية "أرامكو" لتعويض "المال المفقود"، وانخفاض صندوق الثروة السيادية الى أقل من 500 مليار دولار في الوقت الحالي.. كل ذلك من أجل تحقيق "حلم" محمد بن سلمان ليعتلي العرش في وقت تتسابق فيه رؤوس الأموال الأجنبية وحتى السعودية الهروب من المملكة فيما كشفت فيه تقارير مراكز الابحاث ووكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية وحتى وسائل الاعلام العالمية وبالارقام عن "إن السياسة المتهورة التي ينتهجها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ستدفع بالبلاد الى الافلاس الحتمي".
إنحدار السعودية نحو الافلاس حقيقة لا يمكن إنكارها بعد اعتراف وزير المالية السعودي محمد الجدعان، بأن الرياض مجبرة على قرع سوق الديون العالمية قبل نهاية العام لتمويل عجز الموازنة العامة.. في وقت اعتبرت مجلة "فوربس" الأمريكية الاستثمار في "أرامكو" محاط بمخاطر كبيرة، مما جعلت الدول والشركات الاستثمارية ، تعزف عن الاستثمار فيها، خاصة وانها فقدت الأجواء الآمنة حيث تعرضت لضربة جوية يمنية في ايلول/ سبتمبر الماضي، الامر الذي دفع وكالة "فيتش" للتصنيف الإئتماني الى الاعلان عن انها خفضت التصنيف الأئتماني لشركة "أرامكو" السعودية، وسط استمرار عجز الموازنة في مملكة البترول.
تسارع خطى المملكة نحو الافلاس أمر لا مفر منه، حتى لو عرضت السعودية أسهم "أرامكو" بأسعار منخفضة جداً، حيث الصورة السوداوية للوضع الاقتصادي يزداد قتامة، بعد ان وضع البنك الدولي السعودية في المرتبة الـ92 من أصل 190 دولة، من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية، فيما أشارت التقارير الى أن توقعات النمو الاقتصادي للسعودية سوف تنخفض من 1.9% الى قرابة صفر 0.2%. كما خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للنمو الاقتصادي السعودي لهذا العام من 1.5% الى%0.3؛ كل ذلك سببه إستمرار ولي العهد الأرعن في سياسته المتهورة وغير المتزنة داخلياً وإقليمياً، وفي مقدمتها مواصلة العدوان غير المبرر على الشعب اليمني منذ خمس سنوات، الى جانب إنبطاحه التام أمام رغبات "ترامب" والسماح له بحلب المال السعودي بصورة مهينة جشعة، فيما هو منشغل بمغامراته في تصدير الارهاب التكفيري الذي يكلف الميزانية السعودية الكثير الكثير ويعود بمردوده السلبي على المواطن المغلب على أمره.
مجلة " فورين بوليسي" الأمريكية نشرت مقالاً للكاتب "ستيفن كوك" أعتبر فيه أن محمد بن سلمان يرهن سلطته السياسية بثمن بخس من خلال الخطوات التي يتخذها بشأن شركة النفط العملاقة "أرامكو". مضيفاً: أن ولي العهد السعودي سيأخذ أموال المستثمرين في "أرامكو"، ثم سيدفع ثمنا أكثر مما يتخيل، فهؤلاء المستثمرون سيكون لهم نصيب في صناعة القرار بشأن الشركة التي تُعتبر مركز سلطة آل سعود، لافتاً الى أن هناك الكثير من الإلتباس بشأن مسألة التقييم العام الأولي، إذ أن التقييم كان إحدى النقاط الشائكة طوال سنوات من الجدل والذي وصل الى 1.2 تريليون دولار بحسب بنك أوف أميركا و2.3 تريليون دولار بحسب غولدمان ساكس، في حين يرى خبراء محليون أن قيمة أرامكو تبلغ ما بين 1.7 تريليون دولار وتريليوني دولار.
مراقبون يؤكدون أنه لا شيء مشجعا للرياض التي عوّلت على عوائد البيع لكي تبدأ في مشاريع تنويع الاقتصاد والسياحة. فان أكثر ما ستحصده من عملية بيع الأسهم 25 مليار دولار ولا يكفي أحلام "بن سلمان" لبدء مشاريعه الجديدة- وفق وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية. مشيرة الى أن الأخير تخلى عن تقييمه الأولي لأرامكو وتراجع الى أقل من 1.7 تريليون دولار، ورغم ذلك فقد قال "أمريتا سين" المؤسس المشارك في شركة الاستشارات “إنيرجي أسبيكتس”: ليست هناك رغبة من المستثمرين الدوليين لشراء جزء من أسهم الشركة، خوفاً من تلوث سمعة الشركات من القيام بأعمال تجارية مع السعودية بما تملكه من ملف إرهابي دموي كبير . وهو ما أكده "سين" من إنيرجي أسبيكتس ايضاً مشيراً الى استمرار الحرب على اليمن وقضية خاشقجي والفغم ودور الرياض في حرب سوريا وتدهور الوضع في العراق.
يقول كيث جونسون في تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن التقييم الدولي المتدني لشركة "أرامكو" يهدد بفشل بن سلمان الذي بنى طموحاته عليها وربما سيدفعه الى التخلي عن رؤيته "2030"، و"في النهاية ستكون حفلة جوهرة التاج السعودي التي لطالما تم التباهي بها شأنا محليا، حيث سيتم بيع الأسهم للمواطنين السعوديين والصناديق الاستثمارية في السعودية والشرق الأوسط ودول مثل الصين وروسيا". ما يؤشر لمستقبل صعب جداً أمام طموحات ولي العهد السعودي، وفي النهاية سيكون الطرح أصغر وأرخص مما كان يتصوره وهو ما دفعه الى الإنفتاح على تقييم أقل لضمان نجاح المرحلة الأولى من الاكتتاب.
اعلان "أرامكو" عن انخفاض حاد في أرباحها بسبب الهجمات على منشآتها في سبتمبر/أيلول الماضي زاد الطين بلة، فقد اعتبرت "وول ستريت جورنال" أن هذا الإعلان يسلط الضوء على المخاطر التي ستواجه المستثمرين للاكتتاب العام، مشيرة الى أن الشركة كانت قد أجلت طرح أسهمها للتداول الشهر المنصرم لحين نشر أرباحها، على أمل أن يعكس ذلك مدى مرونة عملياتها، لكن الاعلان الأخير يؤكد على عدم قدرة الرياض على حماية "أصولها الثمينة" والتصدي لهجمات في المستقبل وهو عامل مهم لجذب مستثمرين محتملين. فيما أفاد تقرير مشترك لعدد من الكتاب نشرته وكالة "بلومبرغ" الأميركية أن السعودية ستعتمد على الصين والعائلات الثرية بالمملكة لإنجاح الاكتتاب العام لشركة أرامكو، في ظل عزوف المديرين الماليين الدوليين!!.
خبراء توقعوا أن تكون "قيادة محمد بن سلمان للمملكة إيذانا بسقوط حكم آل سعود، في ضوء ما وصفوها بـ"أخطائه الكارثية" التي یرتکبها، رغم إحكامه قبضته على المؤسسات الحاسمة في جميع أنحاء الدولة السعودية بشكل منفرد، وبعيدا عن صيغة التوافق العائلي التاريخية بين أبناء آل سعود، إضافة إلى عدم وجود أي قيادة من العائلة المالكة يمكنها تحديه - وفق موقع شبكة TRT التركية.
"سامي العريان" مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية (CIGA) في جامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، يعتقد أن القتل المشبوه لـ"عبدالعزيز الفغم"، الحارس الشخصي للملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" يأتي في إطار إضافة "بن سلمان" ضحية جديدة الى قائمة الذين تجرأوا على إعطاء الأولوية لمصالح المملكة على طموح ولي العهد الشخصي، في إشارة الى ولاء "الفغم" التاريخي لآل سعود. مشيراً الى أن "بن سلمان" ليس الشخص المناسب لقيادة المملكة، فهو "مستعد للقيام بأي شيء لتحقيق طموحه، بما في ذلك القتل والتشويه والتعذيب".
التقرير كشف أن خطة "التحديث" التي يتبناها ولي العهد السعودي تقوم على تهميش أو إسكات الزعماء الدينيين المحافظين، إضافة إلى الحرس القديم للمملكة.. ويعد شمول قمعه لعلماء الدين والنشطاء الاسلاميين والعلمانيين والليبراليين وتركيز إصلاحاته على نشاطات "الترفيه" دليلا على أنه غير قادر على تطوير أي صيغة متوازنة ومستقرة للحكم. مرجحاً أن "بن سلمان" لن يحافظ على السعودية و"ربما يكون آخر ملوكها؛ لأن التغييرات السريعة التي يقوم بها الآن ستؤذيه، خاصة داخل المملكة".
رئيسة المجلس الثوري المصري "مها عزام" ترى أن "بن سلمان" يخلق وضعا خطيرا جدا للمجتمع السعودي باتباعه سياسات لا تخدم مصلحة بلد يستمر فيه الفساد ، مضيفة: "أعتقد أنه لم يخن تقاليد بلده فقط، بل تجاهل حقيقة أن التقدم يتطلب مشاركة سياسية للشعب ومساءلة الحكومة". مشددة أن المصلحة الذاتية هي المحرك الوحيد لـ"بن سلمان" ونخبة الحكم الصغيرة من حوله، والتي يمكنه تحريكها لإحداث فوضى في المملكة إذا لزم الأمر. أما أستاذ القانون الدولي بجامعة برينستون "ريتشارد فولك" هو الآخر يتفق مع الكثير من زملائه في أن "بن سلمان" مسؤول عن أخطاء كارثية، مثل اغتيال "خاشقجي" وحرب اليمن، إلا أنه أبدى حذرًا بشأن توقع سقوط حكم آل سعود.
ارسال التعليق