سلطة متنمرة ودعاة ملونين من التطرف الى التعري
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمريانفلات غير متوقع ومجانب للخيال تقوده السلمانية على الدين الحنيف والقيم والاخلاق وعادات شعبنا المحافظ تحت شعر "الإنفتاح"، ما يخجل الصغير قبل الكبير، والفتيات قبل الشباب وسط ليس صمت مطبق فحسب بل دعم من المؤسسة الدينية الشريك الاستراتيجي للسلطة في بلاد الحرمين الشريفين ومن أعلى الهرم المتمثل بمفتي الديار المقدسة الشيخ عبد العزيز آل شيخ، الذي كنا نسمع على الدوام فتاواه على كل شاردة وواردة .
قبل أيام أعلنت هيئة الترفيه بقيادة وزير المراجيح تركي آل الشيخ، مستبشرة ليس بعصر التمييع والرقص المختلط بل زاد الطين بلة بأن بلاد الحرمين الشريفين ستقيم على أراضيها المقدسة حفلاً غنائياً خليعاً للمغنية الأمريكية المشهورة بالتعري "ماريا كاري" ليعكس للغرب صورة جديدة عن السعودية الحديثة التي يروج لها المنشار محمد بن سلمان، في ظاهرة جديدة بـ"التحريض على الفجور" في المجتمع السعودي الاسلامي المحافظ، بعد أن كان قد سمح قبل ذلك بالموسيقى والغناء في مطاعم ومقاهي المملكة، والتي كانت ممنوعة طيلة السنوات الماضية.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (سورة لقمان: 6)، حيث قال الحسن البصري: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" (تفسير أبن كثير)، وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو..وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه". ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.." (رواه البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91). وقد أقر بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وأبن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير الذين أكدوا حرمة الاستماع الى الموسيقى والمعازف.
الحديث دليل واضح على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين؛ أولهما قوله (ص): "يستحلون"، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم. ثانيا: قرن المعازف مع ما تم حرمته وهو الزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة - أى المعازف - لما قرنها معها" (السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فدل هذا الحديث على تحريم المعازف.. فيما قال الإمام القرطبي وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي، وكذا الإمام أبو العباس القرطبي: الغناء ممنوع بالكتاب والسنة، وقال ابن الصلاح: الإجماع على تحريمه ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح الغناء.. ويقول الإمام الأوزاعي: لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف.
صحيفة The Washington Post الأمريكية نقلت عن مصادر أمريكية وسعودية رفيعة المستوى قولها، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يبدو مستمراً في نمط حكمه الاستبدادي وحملته القاسية ضد المعارضين، وهو بعيد عن تغيير سلوكه المتهور أو إصدار إشارات على أنَّه تعلَّم الدروس من قضية خاشقجي مثلما كانت تدعيه إدارة الرئيس ترامب؛ فهو لم يُغيِّر أساليب التنمر التي كان يتبعها بواسطة رجليه القحطاني وآل الشيخ، مواصلا حملته العنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد المعارضين، حتى بات أشد مؤيدي "أبن سلمان" في الولايات المتحدة ومن بينهم علي الشهابي رئيس معهد الجزيرة العربية المدعوم من الرياض؛ قلقين من حملة مواقع التواصل الاجتماعي هذه- وفق ما نقله أحد كتاب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قبل أسبوعين.
محمد بن سلمان يريد عبر إستخدامه "ماريا كاري" وأمثالها من المغنيين والراقصات ودعاة الفسق والفجور وحفلات الرقص المختلط والتعري الجديد في بلاد الحرمين الشريفين، هي أوراق فاضحة لإيهام الخارج بحجم التغيير الذي يريد إحداثه في بلد له مكانته الدينية والروحية لدى عموم المسلمين حول العالم والمعروف بمواقف هيئاته الشرعية من قضايا الغناء والتمثيل والمرأة لكنه يتناسى أن ملف الحريات داخل المملكة متخم بالأسئلة التي لم تجد لها إجابات مقنعة حتى الآن فحملات الاعتقال التي شنها ولي العهد ضد مخالفيه لم تفرق بين إسلامي وليبرالي ولم تتوقف عند حدود الرجال بل طالت حتى النساء!! - وفق مراقبون؛ وهي وسيلة يريد منشار آل سعود الهروب إليها لعلها تخلصه من استحقاقات أخرى ضرورية لأزمات خارجية وداخلية أقحم نفسه والأسرة الحاكمة فيها فكانت خصما من رصيدها المتراكم عبر سنوات طويلة من التمييز والقمع وسلب أبسط أنواع الحريات الفردية.
بعد أن كنا نسمع بين الحين والآخر أصوات الدعاة وفي مقدمتهم مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على كل شاردة وواردة تتعارض والأحكام الاسلامية من على المنابر والفضائيات ويدفعون بالشارع السعودي نحو التطرف وتكفير الآخر والإلتحاق بالجماعات الارهابية المسلحة تحت يافطة "الجهاد وجهاد النكاح"؛ وليس ببعيد حين صرخ آل الشيخ محرماً وبصوت عالي "السماح للفتيات الصغيرات بإستماع الأغاني والرقص أمام الرجال يعتبر جريمة وخطأ كبيراً في التنشئة على غير هدى"، ما هي إلا أشهر معدودة وإذا بفتواه تنقلب 180 درجة حتى أطل من على الفضائيات مجيزاً سماع الموسيقى وأغاني الجاز، ومؤكدًا أن أدلة تحريم الموسيقى ضعيفة، وأن موسيقى “الجاز” غير محرمة ولا تعتبر من مجالس اللهو والطرب لأنها بلغة أجنبية لا يفقهها المسلم العربي، وأن فتاوى المشايخ السابقين غير مستندة على أدلة والأحاديث ضعيفة!!.
دعاة التطرف والجهل والتزييف ومشايخهم عباد دنانير البلاد أباحوا للمرأة المسلمة الرقص المختلط، والتمايل على نغمات الموسيقى في الملأ العام ومن على منصات الطرب حتى بلغ بهم المطاف أن سمحوا بغناء التعري وفي أقرب نقطة لمكة المكرمة مهبط الوحي والتنزيل، في وقت منعها الله سبحانه وتعالى من الآذان والإقامة حفاظاً على رقتها وعفتها؛ وأباحوا دعاة الشيطان رغبة في سيدهم هبل للمرأة الترنح والتعانق مع الأجنبي الفاسق والخالق المتعال لم يطلب منها حضور الجمعة والجماعة حفاظاً على رقتها وعفتها؛ لكنهم أفتوا بحبسها وإعدامها حرابة إذا ما رفعت صوتها على الظلم والجبروت والتمييز القائم في مجتمعنا.
الفضل كل الفضل في هذا الكم الهائل من تفسيق وإفساد المجتمع السعودي المحافظ يعود لرجلي محمد بن سلمان المقربين، القحطاني صاحب فكرة المنشار ومنفذها، وتركي آل الشيخ ذلك الذي فتك من قبل بالرياضة السعودية خلال 16 شهراً ليأتي دورهما على أخلاق وأصول ومعتقدات ودين المجتمع السعودي، ليخرجوا المرأة السعودية الملتزمة الى الملاعب لمتابعة المباريات وتشجيع المنتخبات الرياضية بشكل فاضح فاحش راقص، والله سبحانه وتعالى أسقط عن المرأة المسلمة الخروج للجهاد لنصرة الدين حفاظاً على أنوثتها ووقارها وعفتها.. أخرجوها من بيتها معطرة ممكيجة بكل أشكاله الفاحشة، والباري الخالق منعها من إصدار صوت خلخال رجلها المخفي حتى لايُعلم ما تخفي من زينتها.
هم لم يريدوا الحرية للمرأة السعودية كما يدعون بل أرادوا حرية وسهولة الوصول إليها طمعاً لإرضاء نفوسهم المريضة معتبرينها وسيلة دعائية إستهلاكية كما يراها الغرب المتشدق بالمساواة والدفاع عن حقوق المرأة، فقد ذكرت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية، إن انتشار حفلات الرقص المختلط في السعودية ما هي إلا محاولة لإخفاء "الجانب المظلم" لولي العهد السعودي، المتّهم بإعطاء أوامر بقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي. فيما كتبت فيفيان نيريم في موقع “بلومبيرغ نيوز” عن مظاهر الفرح والرقص المختلط بين الرجال والنساء تحت الأضواء النابضة في السعودية والميزانية الكبيرة التي خصصها لهذه البرامج محمد بن سلمان، مشيرة الى أنها تخفي الجانب المظلم في ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ارسال التعليق