صفقة القرن.. صناعة أمريكية.. أم صناعة سعودية إماراتية
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبدالعزيز المكي..
أن يتقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشكر للإمارات والبحرين، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني في 28/1/2020 والذي أعلن فيه عما يسمى به "صفقة القرن" أو سرقة القرن كما سمتها بعض وسائل الإعلام العربية.. وان يشكر ترامب قبل هذا المؤتمر السعودية!! وان يعبر نتنياهو عن حبوره وسعادته بحضور سفراء الأمارات والبحرين وعمان، مؤتمر ترامب الذي أعلن فيه عن الصفقة.. نقول أن يعلن ترامب ونتنياهو هذا الشكر وهذا الترحيب ليس لان هذه الدول العربية حضرت عبر سفرائها في واشنطن مهرجان ترامب ونتنياهو بإعلان " صفقة القرن" وحسب، وإنما لأن لهذه الدول دور أساسي في إنتاج وصياغة وتشييد أركان هذه الصفقة، فهذه الأخيرة لم تكن وليدة اليوم، ولم تكن من بناة أفكار ترامب، وان يحاول الأخير استغلالها كانجاز له لكسب دعم وأصوات الوسط المسيحي المتصهين الأمريكي، في انتخابات القادمة، إنما الصفقة حصيلة جهود ومساعي خبيثة قام بها الأميركان والصهاينة ومجموعة العرب المتصهينين، وعلى رأسهم آل سعود وآل زايد، وعلى مدى عقود من الزمان!! وتتضح الصورة أكثر لو أجرينا مسحاً سريعاً للدور السعودي، في تصفية القضية الفلسطينية على سبيل المثال، حتى انتهينا بصفقة القرن، وإعلان ترامب القدس عاصمة الكيان الصهيوني الموحدة!! فكما هو معروف أن نظام ال سعود كان وما يزال لقناة والوسيلة الأساسية لتمرير المشاريع الأمريكية الصهيونية في عملية تصفية القضية الفلسطينية، فمنذ مشروع فهد في الثمانينات، في ما يسمى بمبادرة السلام التي تقدم بها الملك السعودي السابق، عبد الله بن عبد العزيز، يوم كان ولياً للعهد، إلى القمة العربية في بيروت عام2002م، والتي عربت " مبادرة السلام " السعودية، حيث تم تبنيها من قبل أنظمة الجامعة العربية الحليفة لواشنطن، والتي تتضمن اعترافا صريحاً بالعدو الصهيوني، ثم انقلاب نظام ال سعود، على هذه المبادرة والالتفاف على شروطها، ومنها رهن التطبيع مع العدو بموافقته على هذه المبادرة، وهناك مشاريع وخطوات كثيرة في هذا المجال، القاسم المشترك فيها كلها ما يلي:
1ــ التدرج في تدجين الأمة على التنازلات للعدو الصهيوني، فقد بدأت التنازلات صغيرة، إلى أن تحولت إلى تنازلات كبيرة اعتادت عليها الشعوب العربية للأسف.2ــ تبرير هذه التنازلات بزرع اليأس والإحباط في نفوس الأمة في نفوس المقاومين الفلسطينيين تحديداً.
3ــ محاولة بن ربط منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتصدر مشهد المقاومة بالنظام العربي الرسمي، السعودي الخليجي بشكل خاص، من أجل تعطيل المقاومة، وتوظيف المساعدات المالية لهذه المنظمة في عملية التدجين ورهن قرار المقاومين بنظام ال سعود، حتى وصلت الأمور إلى توقف عملية المقاومة، أو تعثرها على أقل تقدير.
4ــ منع أي مساعدة عسكرية للمقاومة الفلسطينية، بل محاربة أي جهة عربية أو اسلامية تقوم بدعم المقاومة عسكرياً !
5ــ عملية تيئيس وزرع إحباط مستمرة لأبناء الأمة في البلدان العربية، ولأبناء الشعب الفلسطيني بشكل خاص...
وإذ كانت التحركات والأدوار السعودية في الاتجاهات المشار إليها تجري وراء الكواليس، أو من خلال الطروحات والمشاريع الدبلوماسية، فأنها بعد ظهور قوة ضاربة في المنطقة، بدأت هذه الأدوار تظهر للعلن، فرئيس الوزراء الصهيوني السابق إيهود اولمرت قال صراحة، أن بعض الدول العربية الخليجية كانت تطلب منا ضرب حزب الله اللبناني وسحقه بقوة، وقال أيضاً تفاجأنا بوقوف هذه الدول إلى جانبنا في حرب 2006 مع حزب الله اللبناني، وذكر السعودية بالاسم.. ومنذ ذلك الوقت بدأت سلطات ال سعود تتحرك على المكشوف ضد الحركات المناهضة للصهاينة، وكان لها أدوار كبيرة في اضطراب الساحة الفلسطينية واللبنانية عبر حلفائها في تلك الدولتين، والقصة معروفة لا تحتاج إلى مزيد من التفاصيل.
على أن دور السعودي في تصفية القضية الفلسطينية انتقل إلى مرحلة جديدة في عهد سلمان وإبنه، يمكن رسم معالم هذه المرحلة بالآتي:
أولاً: حملة إعلامية مكثفة ومدروسة وممنهجة بلغت مستويات تصعيدية بشكل لافت ومنذ عهد الملك السابق عبد الله، تمحورت حول محاولات التشكيك بقدرات الأمة العربية والاسلامية، والتشكيك بجدوى المقاومة والحروب مع العدو والإيحاء بأن هذه المقاومة لا تجلب سوى الدمار والخراب، وأثمانها ستكون باهظة.. وما إلى ذلك من أساليب ومحاولات زرع الإحباط والتيئيس لدى الأمة من المقاومة ومن جدواها، وما عزز هذه الحرب الإعلامية والنفسية التي يواصل شنها نظام ال سعود عبر أجهزته الإعلامية الجبارة حتى اللحظة، هو انخراط منظمة التحرير الفلسطينية بالمفاوضات مع العدو!
بيد أن هذه الحملة بلغت حداً خطيراً عندما بدأت تطرح خيار أن الأولوية لمعاداة إيران، حيث بدأت وسائل الإعلام السعودية بإثارة التساؤل "هل إيران العدو أم الكيان الصهيوني!؟ وظل الجدل يثار ويحتدم بين الإعلاميين والمحللين العرب وبدفع سعودي، بحيث انشغل المدافعون عن قضية الأمة سنوات بالرد على قطيع ال سعود من الإعلاميين والمحللين الذين تحركهم الأموال السعودية وللأسف نجح آل سعود في زرع مفهوم الأولوية، وبمعنى آخر تمكنت هذه الحملة من حرف بوصلة الصراع الإسلامي والعربي من الصراع مع العدو الصهيوني وضرورة تحرير المقدسات من دنسه إلى مواجهة ما يسمونه الخطر الإيراني المزعوم، لدرجة لاحظنا كيف أن أوساط إعلامية عربية وقفت مع نظام ال سعود في انتقاده للمقاومة الفلسطينية في حربي 2009 و2012 مع العدو الصهيوني، حيث كان إعلام ال سعود ينعت الصواريخ الفلسطينية بأوصاف تقلل من شأنها وتقزم تأثيراتها، ويعتبرها عبثية، "لا تؤدي إلا لزيادة معاناة الشعب الفلسطيني"! فيما مسؤولوا العدو الصهيوني نفسه ومراكز دراساته وخبراؤه ومحلليه اعترفوا مراراً وتكراراً بتصريحاتهم ودراساتهم إنهم هزموا وخسروا الحربين مع المقاومة الفلسطينية واجبروا على قبول الهدنة خوفاً من تداعيات الحرب والمواجهة على مستقبل الكيان الصهيوني، بسبب هروب الصهاينة إلى الدول الغربية والولايات المتحدة التي جاؤوا منها إلى الأرض المحتلة..
وللأسف إلى الآن ما زال هناك من المحللين والكتاب العرب من يعتبر أن إيران أخطر من العدو على العرب" انسجاما بقصد أو غير قصد برشوة أو غير ذلك مع إعلام ال سعود، لكثرة ما ضخ هذا الإعلام من حملات تشويه للحقائق، ولكثرة ما اشغل الأمة بمسائل هامشية تافهة، الغرض منها كما قلنا حرف البوصلة عن اتجاهها الحقيقي !
ثانياً: محاولة إقناع شرائح من الأمة، بأن ما يسمونه "الخطر الإيراني" يفرض عليهم مهادنة العدو الصهيوني ووضع القضية الفلسطينية في السلم الأخير من اهتمامات آل سعود ومن يدور في فلكهم من عملاء أمريكا والكيان الصهيوني، ولعلكم تتذكرون أيها الأخوة القراء الضخ الإعلامي والسياسي من جانب ال سعود وحلفائهم من الحكام العرب، وطيلة السنوات الماضية وحتى اليوم، حول "الخطر الإيراني الداهم" وكيفية التصدي له، والنفخ فيه وتضخيمه وإشغال الشعوب العربية فيه، حتى وصلت الأمور إلى تسويق مقولات كانت محرمة في العقود الماضية، من مثل "التقاء المصالح الصهيونية والعربية" ومثل "الهموم المشتركة للعدو وللدول العربية" و"ضرورة التحالف مع العدو لمواجهة إيران"!! وهكذا.. وقد شهدت هذه المحاولات أوجها في عهد بن سلمان لدرجة أن المسؤولين الصهاينة وعلى رأسهم نتنياهو يصرحون قبل ثلاث سنوات أن السعوديين وغيرهم يقولون إن همنا مواجهة إيران، وان القضية الفلسطينية في آخر سلم اهتماماتنا، وكان ذلك مدعاة فرح كبير للمسؤولين الصهاينة بالتحول الكبير الذين يقولون إن الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية قد شهدته في السنوات الأخيرة، واليوم بعد هذه الحملة المستمرة بدأ الإعلاميون السعوديون يجاهرون بالدفاع عن المقولات السابقة لترسيخها في أذهان وفي تفكير الأمة! ولو رجعنا إلى تغريدات ومقالات وتصريحات الكتاب السعوديين المقربين من بن سلمان، مثل عبد الحميد الغبين، ومحمد سعود، ومحمد آل الشيخ وتركي الحمد وغيرهم كثير نجدها مفعمة بهذا النوع من الخطاب بل تجسيداً من الألف إلى الياء لهذا الخطاب الذي يدعو إلى الاهتمام بما يسمونه "الخطر الإيراني"، والتودد مقابل ذلك للعدو الصهيوني!! والتأكيد على مزاعم المصالح المشتركة معه بذريعة مواجهة إيران!!
والأخطر في هذا النوع من الخطاب، هو تبرير التحالف والمهادنة مع العدو الصهيوني للتفرغ للخطر الآخر (إيران)، لأن العدو قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر!! على حد زعمهم، وهذه مقولة سوقها الامريكان والصهاينة أنفسهم لنظام ال سعود ولبقية الأنظمة لتبنيها والنفخ فيها من أجل خداع الأمة وبالتالي إيجاد فضاءات سياسية وإعلامية تبرر التحالف مع هذا العدو !!
ثالثاً: على أن التحالف مع العدو وقيام جبهة مشتركة عربية (سعودية وبحرينية، وإماراتية و.و.) مع العدو الصهيوني تتطلب أمرين هما :-
أـ التطبيع مع العدو الصهيوني، وقد لاحظنا كيف أن هرولة السعودية والأمارات تسارعت في الآونة الأخيرة نحو الارتماء في أحضان العدو الصهيوني وكسر القيود والحواجز النفسية التي كانت تحول دون المجاهرة بهذه الهرولة، ولقد أشرنا في مقالات السابقة، وأشار كتاب ومحللون آخرون الى مفاصل هذه الهرولة وكيف بدأت وتطورت، حتى وصلت إلى مستويات خطيرة، من التحالف والتنسيق الأمني والعسكري بين هذه الأطراف، والقصة باتت معروفة للقاصي والداني.
ب ـ تصفية القضية الفلسطينية، وفي هذا المجال كان وما يزال لنظام ال سعود دوراً بارزاً في تصفية القضية الفلسطينية، والمجاهرة بهذا الأمر سيما بعد أن أصبح بن سلمان ولياً للعهد!! فهذا الأخير أعلن صراحة الاعتراف بالعدو الصهيوني وبما أسماه حق اليهود في العيش على أرضهم كما جاء ذلك على لسانه في حديثه لمجلة اتلانتيك الأمريكية العام الماضي، وبعد ذلك تناقلت وكالات الأنباء الغربية والأمريكية والصهيونية، إن صفقة القرن التي وضعها كوشنر بالتعاون والتنسيق مع بن سلمان، حيث قالت هذه الأوساط أن الرجلين بقيا إلى الفجر في جدة، في احد زيارات كوشنر صهر الرئيس ترامب، يتدارسان ويناقشان بنود صفقة القرن وانتهيا إلى الصيغة التي أعلنها ترامب مؤخراً!! وحينها قالت الأوساط الإعلامية وحتى الأوساط السياسية الصهيونية أن بن سلمان تعهد لكوشنر بالضغط على محمود عباس بالموافقة عليها، وإذا لم يوافق عليها فسيمضي ال سعود وحلفاءهم الاميركان والصهاينة في تطبيق وفرض هذه الخطة أو هذه الصفقة وإنهاء القضية الفلسطينية. وفعلاً مارس بن سلمان ضغطاً هائلاً على عباس وسلطته من أجل حمله على الموافقة على الصفقة، لدرجة انه لم يكتفِ معه بتهديده بتجاوز السلطة الفلسطينية وحسب وإنما أغراه بتقديم عشرة ملايين دولار كرشوة لموافقته، لكن الرجل رفض ذلك.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرح عندما اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده إليها، بأن هذا التصريح بل لاذوا بالسكوت مما يؤكد أن الرجل كان صادقاً في هذا الأمر، بل إن ما يؤكد الأمر أكثر، هو أن بعض الأوساط الإعلامية العربية والغربية كانت قد سربت معلومات بن سلمان برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مفادها، أن الأول أخبر الثاني بأن عليه القبول والتسليم بأن القدس عاصمة الكيان الصهيوني!
هذا بالإضافة إلى الجوقة الإعلامية السعودية والإماراتية أيضاً، بالتسويق لما يسمى صفقة القرن منذ لقاء كوشنر ببن سلمان في العام الماضي وحتى اليوم وهذا يفسر الترحيب الإعلامي السعودي والإماراتي بالصفقة بعد إعلان عنها.
ففي هذا السياق أصدرت وزارة خارجية ال سعود بيانا شكرت فيه ترامب والولايات المتحدة، ودعت الفلسطينيين والصهاينة إلى التفاوض لتطبيق وتنفيذ صفقة القرن! وفيما حاولت خارجية ال سعود تضليل الرأي العام بحقيقة الموقف السعودي الداعم لصفقة القرن، جاء الموقف الإماراتي أكثر صراحة ووضوحاً على لسان وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش حيث قال في 1/2/2020 في تغريدة له "من المهم أن يخرج اجتماع الجامعة العربية اليوم ومنظمة المؤتمر الإسلامي الاثنين بموقف بناء يتجاوز البيانات المستنكرة، موقف واقعي واستراتيجية إيجابية تواجه إحباط السنوات الماضية، الرفض وجلد الذات دون وجود بدائل عملية، تراكم تاريخي ندفع ثمنه" على حد قوله.. أكثر من ذلك. أبدى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد انتقاده لرفض الفلسطينيين خطة السلام الأمريكية المسماة صفقة القرن في تغريدة له يوم 31/1/2020 قال فيها.. "في كل مرة يقول الفلسطينيون لا، يخسرون" على حد زعمه. هذا وأعلن احد الموقع الخبرية المشهورة في 31/1/2020 ونقلاً عن عضو المجلس الثوري لحركة فتح يحيي رباح اتهام الأخير للإمارات ولمحمد دحلان بالمشاركة في وضع الخطوط الرئيسية لصفقة القرن! وذكر الموقع الآنف أن موقع (لوبي لوغ) الأمريكي كشف في سبتمبر 2019، أن دحلان هو من ستوكل له مهمة تنفيذ بنود "صفقة القرن" بتوجيهات ودعم من ولي عهد أبو ظبي. في حين أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن ترامب وصهره جاريد كوشنر اعتمدا بشكل أساسي في صياغة بنود الصفقة على مقترحات قدمها محمد بن زايد، الذي قدم أول رؤية للتسوية من الخارج للقضية الفلسطينية بحسب الصحيفة. كما تحدث خبراء ومحللون فلسطينيون وعرب عن الدور الإماراتي في صياغة ودعم هذه الصفقة بالتفصيل. وكان السفير الإماراتي يوسف العتيبة قد لعب دوراً كبيراً في إخراج وتأييد صفقة القرن كما تقول صحيفة هآرترز الصهيونية. وبالعودة إلى موقف نظام آل سعود، فأن النظام أطلق العنان لقطيعه الإعلامي لتمرير موقفه من صفقة القرن ففي هذا السياق، قال الكاتب السعودي المتصهين والمقرب من الديوان الملكي محمد آل الشيخ في تغريده له في 31/1/2019.." أقسم برب البيت لو أن النضال في القضايا السياسية يمكن تحقيقه بالشتم والسب وسلاطة اللسان لا صبح الفلسطينيون قوى عظمى" على حد قوله.. وتطاول على الشعب الفلسطيني داعياً إياه إلى القبول بصفقة القرن بالقول "أيها الفلسطينيون اقبلوا بالقليل لأنه هو المتاح وإلا فإن الفناء في انتظاركم" على حد قوله وزعمه، فهذا المتصهين لم يكتفِ بدعوة الفلسطينيين إلى التنازل عن حقوقهم وحسب، وإنما هددهم بالفناء إن أصروا على رفضهم!! الكاتب السعودي تركي الحمد هو الآخر طالب الفلسطينيين بقبول الصفقة في تغريدته يوم 30/1/2020 بالقول "لا أظن القيادات الفلسطينية سمعت باستراتيجية "خذ ثم طالب" بل تمارس لعبة " كل شيء أو لا شيء " ولذلك ضاعت القضية الفلسطينية رغم عدالتها، فالعدالة وحدها لا تكفي".. بحسب قوله!! وشاطره مواطنه الكاتب عبد الرحمن اللاحم، متهماً الفلسطينيين بعدم رغبتهم في السلام، ورغبتهم في استمرار الوضع الحالي من أجل "المتاجرة بالقضية الفلسطينية، التي تبيض ذهباً" على حد زعمه، وذهب الى هذا الرأي المزعوم عبد الخالق عبد الله مستشار ولي عهد أبو ظبي السابق بالقول "ان لا أحد أساء للقضية الفلسطينية أكثر من قيادتها، وان تلك القيادة وكافة الفضائل الفلسطينية تتحمل ما أسماه مسؤولية ضياع فلسطين" على حد زعمه، وذلك ما يؤشر إلى التناغم والتطابق الإماراتي السعودي في تسويق وتأييد صفقة ترامب !
واستطراداً، كان يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن قد اعتبر في بيان، أن الخطة نقطة انطلاق مهمة للعودة إلى المفاوضات ضمن إطار دولي تقوده الولايات المتحدة، وأضاف العتيبة "أن هذه الخطوة هي مبادرة جادة تتناول العديد من المشاكل التي برزت خلال السنوات الماضية" على حد زعمه.
إذن يتضح لنا مما ذكرنا ومما لم نذكر وهو كثير، ان صفقة القرن، حصيلة جهد السعودي إماراتي على مدى عقود لتصفية القضية الفلسطينية ونترك ما أكده الخبراء والمحللون في هذا المجال، ونكتفي بما قاله الأمير خالد بن فرحان بشكل لا لبس فيه ولا غموض حيث كتب في تغريداته على تويتر يوم 29/1/2020 قائلا " صرحت في يونيو/آب 20118 عن الشروط الأمريكية لتولي بن سلمان عرش المملكة عبر تغريداتي في تويتر وفي الإعلام، وذكرت عدة شروط مستقبلية، وقد تحققت جميعها في خلال عامين فقط. القاعدة الأساسية في هذه الشروط هي الانصياع المطلق الكامل لأمريكا و" إسرائيل " وتحقيق كل مطالبهم " وأضاف الأمير خالد: " تم تحقيق ثلاثة شروط على أرض لواقع لإتمام هذا الاتفاق وهي باختصار: العمل جدياً وسريعاً لتوطين جميع سكان غزة بشمال سيناء في مصر كوطن بديل لهم، مع تكفل كل من السعودية والإمارات مالياً لتحقيق ذلك الشرط، ونرى جميعاً أن هناك تهجيراً قسرياً لسكان سيناء بمصر لاحلالها بالفلسطينيين". وتابع الأمير خالد قائلاً.. " القضاء على حركة المقاومة الإسلامية " حماس"، وخاصة كتائب عز الدين القسام ومن يدعمهم، وها نحن بصدد حرب شنعاء شنت من جانب مثلث الشيطان العربي السعودي المصري الإماراتي عن الفلسطينيين وحركة حماس". وبعد أن تعرض الأمير خالد فرحان إلى ما تضمنته الصفقة من العمل على تسليم مصر لجزيرتي تيران وصنافير، رغم حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية ببطلان هذا الأمر، وذلك بغرض حرية الملاحة " الإسرائيلية " في خليج العقبة.. أشار الأمير فرحان إلى أن " العربون الهائل المتمثل في الجزية التي بلغت حوالي النصف تريلون دولار، والتي دفعها الملك سلمان للرئيس الأمريكي ترامب بقمة الرياض بـ 2017 أثناء زيارته المهينة للملكة وللمسلمين، كرشوة للرئيس ترامب لإزاحة محمد بن نايف وإحلاله محمد بن سلمان ". وقال " ها نحن اليوم بصدد تنفيذ آخر شرط لقبول ولي العهد محمد بن سلمان حاكما منفرداً مستقبلياً على المملكة: وهي تمرير وتنفيذ بصفقة القرن والخسة والمهانة والخيانة (صفقة القرن)، التي سوف تلقي كل ضالع في وحلها إلى مزبلة التأريخ من أقذر أبوابه".
ما يعزز كلام الأمير فرحان، ما كشفه تقرير نشره موقع " المركز البريطاني لبحوث الأمن الإنساني " في 28/1/2020، عن اجتماع عقده كوشنر صهر الرئيس ترامب مع البعض من مسؤولي البيت الأبيض الأمريكي وبحضور كل من ريما بنت بندر آل سعود سفيرة ال سعود لدى الولايات المتحدة، ويوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة والسفير "الإسرائيلي" رون ديرمر، ويقول التقرير أن الاجتماع الذي عقد في 27/1/2020 أي قبل يوم من إعلان صفقة القرن، قدم التفاصيل النهائية لهؤلاء السفراء، تعهد لهم شخصياً بدعمه وصول محمد بن زايد ومحمد بن سلمان في عام 2021 إلى رأس السلطة وان يصبح كل منهما الملك والرجل الأول في بلاده! لقاء دعمهما صفقة القرن ودورهما التاريخي أو دور بلادهما السابق والحالي في تصفية القضية الفلسطينية !!
ارسال التعليق