طريق الانتقام سالكة والارعن لا يعي ما في إنتظاره
[جمال حسن]
* جمال حسن
مرة أخرى فشلت الجهود الكويتية في رأب الصدع الخليجي وعودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين الثلاثي الخبيث المتعنت والشقيق الأصغر وسط عدم مبالاة من قبل سلطنة عمان في هكذا قضايا وهو ما يربك أوراق ومخططات محمد بن زايد في سطوته على القرار الخليجي رغم أن منشار سلمان محبس في أصبعه يلفه كيفما يشاء داخلياً وخليجياً وتطبيعياً.
فقد كشفت مصادر موثوقة قريبة من البلاط أن محمد بن سلمان أظهر موقفاً متزمتاً ومتعنتاً تجاه المساعي الكويتية تلبية لطلب الأستاذ الإماراتي، حتى أنه رفض مرة اخرى التراجع عن شروط ولي عهد أبو ظبي الـ13 التي وضعها عام 2017 لعودة قطر الى الحضيرة الخليجية مرة اخرى، خلافاً لما كان قد وعد به أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح .
هي ليست المرة الأولى التي يطأطئ منشار آل سعود رأسه لرغبة معلمه الشرس بن زايد الذي لا يكن الخير للحجاز وشعبها ولا حتى لآل سعود برمته ولا يزال يحمل في قلبه حقداً كبيراً ضدهم بسبب الاحتقار السعودي للإمارات في العقود الماضية، وباتت الفرصة سانحة له اليوم بعد تولي أرعن سلمان زمام السلطة في المملكة.
ورأى مراقبون أن هذا التعنت الطفولي سيؤدي الى تصعيد التوتر القائم بين الأب المخرف والأبن الطائش الذي لا شغل شاغل له الآن سوى التفكير بكيفية جلب رضى راعي البقر الأمريكي الجديد لدعمه في سطوته على العرش حتى بثمن التطبيع السريع مع كيان العدو الصهيوني.
ويطالب المثلث الخليجي الخبيث وبمعية البلطجي المصري، قطر بعدة أمور منها.. تخفيض التمثيل الدبلوماسي بين الدوحة وطهران، وتسليم المعارضين للأنظمة الحاكمة في الدول الأربع ممن يتواجدون على الأراضي القطرية، وكذلك إغلاق قناة الجزيرة، والقاعدة العسكرية التركية في الدوحة.
وقد كشف أحد أزلام محمد بن زايد عن حقيقة سيطرة الأخير على قرار نجل سلمان بخصوص الأزمة الخليجية، حيث كتب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات عبدالخالق عبدالله: “لن يتحرك قطار المصالحة الخليجية مليمترًا واحدًا بدون علم وبدون موافقة وبدون مباركة الإمارات المسبقة”.
ويشير مراقبون الى أن قرار الرياض هذا جاء متزامناً مع الكشف عن تقرير استخباراتي إماراتي سري للغاية سربت منه بعض نقاطه الهامة، واصفاً محمد بن سلمان بـ"المتهور، الفاشل، السلطوي"، قامت بإعداده «وحدة الدراسات الخليجية» بوزارة الخارجية الإماراتية ورفع مباشرة الى ولي عهد أبو ظبي.
هذا التقرير المطول يؤكد مدى اهتمام محمد بن زايد الكبير بأمر زعزعة سلطة آل سعود، وأنه يستغل نقاط ضعف أرعن آل سعود لتوجيه ضرباته المتتالية على العرش السعودي تمهيداً للانقضاض عليه والتشفي بزوال دويلتهم الثالثة، برصده الكبير لكل تحركات "بن سلمان" الصغيرة والكبيرة حتى في داخل القصور الملكية بتسخيره مصادر سعودية مقربة جداً من بلاط سلمان.
أما صحيفة "فايننشال تايمز" فقد نقلت عن مصادر مقربة من كبير مستشاري ترامب صهره جاريد كوشنر أن هناك مساعي أمريكية كويتية في هذا الإطار لم توفق بعد لأن الرياض تسعى لمنح هذه الفرصة الى الرئيس الأمريكي القادم "جو بايدين" كورقة حسن سلوك في الطاعة والولاء، وهو ما أفسده البلاط الإماراتي.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مستشارين للمحمدين أنّ ذلك سيكون "هدية لبايدن"، مضيفةً أنّ "محادثات جرت بوساطة أميركية - كويتية من أجل وضع أسس المفاوضات المباشرة بين السعودية وقطر"؛ فيما سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، أكد على أنّ "إنهاء النزاع ليس بالأولوية، وأنّ الخلافات مع قطر هي حول اتجاه الشرق الأوسط المستقبلي".
وتفيد مصادر إماراتية أن التقرير السري قد أشرف على إعداده محمد محمود آل خاجة، مدير مكتب وزير الخارجية الاماراتية، تمخض عن رصد حتى الأخبار الخاصة التي تهم أدنى تحركات لأبن سلمان؛ ما يشير الى قدرة الأجهزة الاستخباراتية الإماراتية على جمع معلومات من داخل المملكة عن سلمان ونجله حتى من أقرب الدائرة المحيطة بهما .
ويشير التقرير على المستوى الكبير التي تذهب به الإمارات في التجسس على الغبي محمد بن سلمان في أروقة القصور الملكية ومكاتبه وديوانه وباتت الأمر بخصوص أسرار العلاقة مع "إسرائيل" واللوبي الإنجيلي في أميركا والرئيس ترامب وتأثير مقتل جمال خاشقجي، من الأمور المكشوفة لأبوظبي.
ثم يتوسّع التقرير في رصد وقائع واستنتاجات، منه: ملامح عقيدة ابن سلمان السياسية وأزمة شرعية حكمه، وكذا حجم الخسائر والهزيمة في اليمن، وكذا الانقسام والاستقطاب في المجتمع السعودي وأجنحة العائلة المالكة، وكذا مكامن فشل سياسية ولي العهد الخارجية الآخذة بالضعف و... مدى تأثير محمد بن زايد على قرارات نجل سلمان الداخلية منها والخارجية وهو القسم الأكثر أهمية في هذا التقرير السري للغاية.
يكشف التقرير هذا عن نجاح ولي عهد أبوظبي في توسيع شرخ الخلافات العائلية داخل قصور آل سعود في الرياض وجدة، وكيف تمكن من دفع تلميذه الأرعن نحو موجات التغيير في السلطة وعمليات الاعتقالات الكبيرة التي ضربت البيت السعودي الحاكم تحت ذريعة الفساد تارة والتآمر تارة اخرى، وهي من إيحاءات الاستخبارات الاماراتية الواهية.
هناك شواهد جديدة تضرم النار في الداخل الأسري السعودي الحاكمة، وتقارير الاستخبارات الغربية تشير الى بدء تنفيذ موجة انتقامية جديدة ضد المعارضين لعرش محمد بن سلمان تحت يافطة "مكافحة الفساد" المتهرئة لتشمل عدد آخر من الأمراء رجال ونساء وبعض المناصب العسكرية وكبار رجال الأعمال.
وقد أطلق بعض النشطاء على هذه الحملة التي استعرت منذ أيام تسمية "ميني ريتز" تضم موظفين بيروقراطيين ومسؤولين أمنيين في مختلف المناصب، وكذا بعض المشايخ والدعاة وأئمة المساجد ناهيك عن استهداف الاعلاميين والجامعيين ايضاً، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس" نقلاً عن مسؤول في البلاط.
في هذا الاطار يقول الصحفي الأمريكي المخضرم "ديفيد اجناتيوس"، إن الرياض تقوم بتحضير "تهم فساد وعدم ولاء" ضد ولي العهد السابق "محمد بن نايف"، وكذا عمه "أحمد بن عبد العزيز" وأمراء آخرين محتجزين منذ مارس/آذار الماضي، مرة اخرى ربما ستكون هذه المرة ذهاب البعض منهم الى "سيف الحرابة" ربما - حسب مراقبين.
ففي آخر تغيير أقدم عليه المخرف سلمان بإيعاز من نجله المدلل في سبتمبر/أيلول الماضي، تم إقالة قائد القوات المشتركة الفريق "فهد بن تركي"، كما أطاح بنجله "عبدالعزيز" من منصب أمير منطقة الجوف (شمال الحجاز)، وأحالهما الى التحقيق!!.. حيث رأت مؤسسة "كابيتال ايكونوميكس" الاستشارية، إن هذه الخطوات تعكس محاولة بن سلمان "تقويض المنافسين المحتملين".
مع معمعة التخبط السلماني، كشفت بعض الأنباء عن عودة المستشار المقال من الديوان الملكي سعود القحطاني المتهم الرئيسي في قضية جمال خاشقجي ، الى ممارسة مهامه من داخل مكتبه بالديوان الملكي، دون إعلان وذلك بتوصية من محمد بن زايد الذي يرى في القحطاني أفضل وسيلة لتقصي ما يدور في رأس محمد بن سلمان ودفعه نحو تهور أكبر في شتى المجالات خاصة في تفسيق أكبر للمجتمع السعودي وهو المطلوب إماراتياً.
وكان سلمان بن عبدالعزيز، قد أعلن اعفاء القحطاني من وظيفته بعد كشف جريمة تقطيع جمال خاشقجي في القنصلية السعودي بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتتهمه أوساط حقوقية ودولية بالتورط بها استنادا الى تسريبات الصحف التركية والغربية لمعلومات استخباراتية.
كما أن القحطاني متورط في قضايا حقوق الانسان عديدة منها تعذيبه للناشطات المعتقلات بسجون المملكة والتحرش الجنسي، وتهديده إياهن بالاغتصاب، وتأسيس الجيش الإلكتروني لآل سعود (الذباب الإلكتروني) لممارسة حملة تشويه ممنهجة ضد معارضي آل سعود على شبكات التواصل الاجتماعي، ناهيك عن دوره الريادي في تفسيق المجتمع السعودي أخلاقياً وقيماً.
ارسال التعليق