فشل يلحق بفشل.. هذا ما جنته براقش على نفسها
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري ـ
ما أن تولى موقع محمد بن سلمان بغش ونفاق وخيانة عائلية، وأحكم قبضته على السلطة سعياً منه الى تطبيق ما صمم له عقله الصغير وطيشه الكبير، إعتماداً على سخائه الاقتصادي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسعى لدعمه بإعتلاء العرش.. نرى كيف أنه يجر أذيال الخيبة من فشل الى فشل آخر أكبر من سابقه وأعمق يكشف عن سوأته وعدم بلوغه ونبوغه في الحكم، يجر من ورائه البلاد وأمنها وماء وجهها ومنزلتها العربية والاسلامية الى وحل الإنحطاط والحضيض.
مجرد أن تولى قيادة أمور البلاد والعباد نيابة عن والده المصاب بخرف ومرض الزهايمر العضال، حتى أعلن ابن سلمان الحرب على الجارة اليمن هذا البلد المسالم الفقير، ثم كشر عن أنيابه للجار المسلم ايران ليهددها بنقل المعركة داخلها قبل أن يضع الشقيق القطري في خانة الأعداء ويفرض على شعبه الحصار الثلاثي، ويلتف داخلياً في زج بأبناء عمومته من كبار الأمراء الى الإقامة الجبرية في قصورهم بعد تجريدهم من مناصبهم وحبس العديد منهم مع كبار المسؤولين ورجال الأعمال في سجن "الريتز كارلتون" بالرياض مبتزاً إياهم أكثر من 110 مليار دولار قبل أن يطلق سراحهم.
منذ اليوم الأول الفشل في قراراته يطارده من موقع لآخر ومن محيط أقليمي الى آخر عربي وإسلامي ثم لدى الأوساط الغربية والحلفاء، فكان وضع السعودية على لائحة دعم الارهاب يتصدر القرارات الدولية والأممية لم يتمكن من غسل عارها برشاوى المليارات للحلفاء الغربيين حتى أنطبقت عليه مقولة "البقرة الحلوب" لراعي الكابوي الأمريكي ترامب جملة وتفصيلاً مبتزاً إياه بأكثر من 450 مليار دولار خلال مشاركته في ثلاث قمم منحوسة فاشلة في الرياض كان لصدى فشلها إيقاع كبير على مستوى المجتمع العالمي، أضحى بعدها أضحوكة القريب والبعيد، الصديق والعدو مشيرين اليه بأصابعهم بأنه بقرة ترامب الحلوب والأخير لا يتوانى من تكرارها دون خجل أو وجل كلما خطب في حشد من أنصاره في المدن الأمريكية، ذلك الحليف الذي يعتبره ولي العهد السعودي "هدية السماء" التي تسهل استثمارها ضمانة العرش المنتظر وتمرير الخطط المجنونة.
الحرب على اليمن يعتبر الفشل السياسي العسكري الأبرز لنجل سلمان الطائش حيث الأماني التي مر عليها حوالي خمس سنوات تتلاشى بشكل فضيع لا يمكن التغطية عليها، فسماء وأرض المملكة وحدودها البرية ومنشآتها الحيوية من مطارات ومصافي للنفط كلها أضحت في مرمى صواريخ وطائرات الدرون اليمنية متى ما يشاء الغريم الحوثي، ما وجه صفعة موجعة للعقل السياسي المرتبك بطيء الاستيعاب أن ذراعاً لإيران حديدية نَمَت في حديقتهم الخلفية، وها هم هؤلاء يعجزون عن هزيمتها أو وقف نموّها- كما قالها احدهم، باحثاً في مسقط والكويت التوسط له لدى طهران لتسهيل خروجه من المستنقع اليمني بما تبقى من ماء للوجه إن بقي منه شيء.
المراقبون للشأن الخليجي يؤكدون أن ما جنته الرياض وسائر العواصم الخليجية المرادفة والمتحالفة معها ليس سوى خيبة الأمل الكبيرة من وراء حصارهم لقطر التي هرعت ايران لنجدتها ففتحت أجواءها وأراضيها ومياهها الأقليمية لتسهيل الأمور على الشعب القطري بعد أن طعنه أشقاؤه الخليجيون بالظهر نفاقاً وغدراً ومنعوه حتى من أداء فريضة الحج والعمرة. ولا ننسى ضربة الامارات بفتحها صفحة جديدة مع طهران وواشنطن بفضها الشراكة مع الرياض.
ايران هذا الخصم الذكي هو أهم أسباب الفشل المتلاحق لسياسات محمد بن سلمان في المنطقة العربية والاسلامية، ودفعه نحو زاوية الحلبة ليضحى فريداً بعزلة عربية وأوروبية على صعيد تحالفه العسكري ضد اليمن، أجبر الأمارات أقرب الحلفاء للرياض على الرضوخ لإنسحاب من بلاد سبأ حفاظاً على أمن وإستقرار أبوظبي ليبقى الشاب الأرعن وحيداً في الوحل اليمني بعد أن هجرته من قبل حلفائه التقليديين كل من الأردن والمغرب في التحالف الخيالي الهش الذي سرعان ما غاب قبل أن يأتي أوكله، ومن قبلهم قطر ليلتحق السودان هو الآخر بهم بتخفيف عديد قواته بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها على يد الحفاة الأباة .
لا يختلف أثنان من أن ولي العهد السعودي يعيش ومنذ فترة طويلة مرحلة عدم اليقين في سياساته الداخلية والأقليمية، لذا نرى "إن السعودية تحاول مد جسور مع إيران وغيرها من أعدائها الإقليميين، وهي قلقة بشأن المخاطر التي يخلفها الصراع على اقتصادها الذي يعتمد على النفط" - وفق ما أكدته صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية، متحدثة عن الرسائل المتبادلة بين الرياض وطهران عبر الوسطاء، وكذا المحادثات المباشرة بين السعوديين والحوثيين"؛ ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله إن "السعودية مجبرة على التعامل مع إيران بالتزامن مع إدراج أرامكو في التداول".
جريمة تقطيع الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، أعتبرها المراقبون بانها شرارة فشل كبير لسياسة بن سلمان والسبب في تسليط الأضواء على سجل المملكة المارقة في خرق أبسط حقوق الانسان والحالة القمعية الهمجية البشعة التي تنتهجها الأسرة السعودية الحاكمة طيلة العقود الماضية والتي إزدانت أجراماً ودموية أكبر وأكثر خلال العهد السلماني ما دفع بالأوساط الدولية ومنها الحليفة الستراتيجية الى طرح سؤال عن مدى أهلية "أمير المنشار" ليكون من النوع الموثوق به في المستقبل؟!.
الهرولة السلمانية وراء التطبيع مع كيان العدو الصهيوني فشل آخر في سجل الدب الداشر، فبعد أن كانت العلاقة بين الرياض وتل أبيب في السر ظهرت الى العلن بشكل كبير وتحولت الى علاقة تودد وحب وتحالف ودعم مفتوح لإنهاء القضية الفلسطينية من بوابة "صفقة القرن" بتطميع الخونة من الفلسطينيين والأردنيين للقبول بها بعشرات المليارات السخية التي عرضت عليهم من قبل ولي العهد السعودي علناً وخفية وكشفتها وسائل الاعلام الاسرائيلية قبل غيرها.
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية كتبت في تقرير لها مؤخراُ أن السعودية انفقت في حربها على اليمن أكثر من 725 مليار دولار حتى الآن طبقاً للوثائق الرسمية فيما الخافي أعظم من ذلك بكثير، مشيرة الى أنه لو أنفقت الرياض هذه الأموال على نهضة المملكة لنهضت وتحولت لدولة متطورة, فيما كساد وركود الاقتصاد السعودي هو أحد إرتدادت هذه الحرب غير المتكافئة ناهيك عن التفكك في الأسرة الحاكمة لسبب التذمر من سياسات سلمان ونجله ملحقاً العار والذل بالمملكة وتسببت بهروب الأموال والاستثمارات الى خارجها. ناهيك عن مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء وجرح آخرين وتدمير الكثير من البنى التحتية.
"ورشة البحرين" التي أنهت أعمالها بفشل مدو أعترف به القاصي والداني وأطلقت عليه وسائل الاعلام الاسرائيلية بأنه "مزحة سخيفة" من قبل المتولين لها!!، ليست الأخيرة في سجل مسلسل الفشل الذي يلاحق ابن سلمان، فمن قبله أنهى مؤتمر "دافوس الصحراء" السعودي للاستثمار أعماله بفشل مماثل بالإعلان عن 20 مليار دولار فقط من اتفاقيات الاستثمار، مقارنة بـ56 مليار دولار في العام الماضي، ما يعني فشلاً مدوياً لطموح ولي العهد السعودي، بوصول الرقم الى مئات المليارات.
عدم حضور أمير قطر الى قمة الرياض الخليجية الأسبوع الماضي رغم تلقيه الدعوة الرسمية من سلمان بن عبد العزيز، كانت ضربة مهلكة اخرى لقرارات وسياسة محمد بن سلمان ودفعت نحو إتساع الشرخ القائم بين دول مجلس التعاون، برر المراقبون للشأن الخليجي خوف وفزع الشيخ تميم من أن يطاله المنشار الذي طال الفقيد الخاشقجي في إسطنبول ويكون ضحيته الثانية؛ لتكون تغريدة شقيقه بهذا الخصوص الضربة النهائية لإعلان فشل القمة الخليجية قبل إنعقادها بساعات حيث كتب يقول "حالة مجلس التعاون تدهورت بسبب خطأ في التشخيص" من قبل الذي يدعي أنه الأخ الأكبر.
ارسال التعليق