حدث وتحليل
قطر أقوى بعد الحصار.. والسعوديون لولي عهدهم: ما هكذا تورد الإبل
[ادارة الموقع]
عامٌ كامل مرَّ على حصار قطر ولم يجني منه فارضوا ذلك الحصار وخصوصًا رُبانه محمد بن سلمان سوى الخزي والعار، فلا بلح الشام طال ولا عنب اليمن، بل على العكس زاد من قوة تلك الدولة الجارة، حيث تمكّنت قطر بعد ذلك الحصار الذي فُرض عليها من إيجاد بدائل كان بن سلمان وجوقته في غنىً عنها، غير أنّ السياسة الهوجاء وغير المحسوبة أدت إلى خسارة بن سلمان وبقيّة دول الحصار لدولةٍ كان من المُمكن أن تُشكل معهم محورًا قويًا في ظل تكتل كافة دول العالم في محاور لتحفظ بها مصالحها، الأمر الذي أنتج رأي عام سعودي وخليجي ضدّ ذلك الحصار، وبدأت العديد من المطالبات بإنهاء ذلك الحصار الفاشل، وبدأ العديد من السعوديون برفع أصواتهم لإنهاء هذه المهزلة، مؤكدين على أن فرض النفوذ على الصعيد الدولي لا يكون بهذا الشكل.
تلك الدولة "الصغيرة" كما يصفها ساسة دول الحصار تمكّنت وخلال العام الأول من الحصار أنّ تُعلن عن أكبر ميزانية في تاريخها حيث وصلت تلك الميزانية إلى مائتين وثلاثة مليارت دولار، كما نما حجم اقتصاد هذه الدول
ة التي لا تُقارن باقتصاد السعودية أو مصر أو حتى الإمارات، حيث وصل حجم هذا الاقتصاد ليقارب من ربع اقتصاد العربية السعودية ونصف اقتصاد مصر والإمارات، ناهيك عن الأزمات التي تضرب دول الحصار في حين خرجت قطر من تلك الأزمات وقد بات اقتصادها أقوى، وعامل الأمان والاستقرار جلب المزيد من المستثمرين إليها.
أكثر من ذلك؛ فمُحاولة السعودية اللعب على عامل المعارضة القطرية التي تتشكل من أبناء عمومة حُكام قطر، نتج عنها التحامًا شعبيًّا حول شخص الأمير القطري من جهة، وبين أبناء المجتمع القطري من جهةٍ أخرى.
وبعد فشل هذا الحصار جملةً وتفصيلًا، بات العديد من مواطني السعودية يتسائلون عن مدى قدرة بلادهم وولي عهد ملكهم على مجابهة دول أقوى بكثير وذات اقتصاد أقوى كتركيا وإيران على سبيل المثال، حيث أعلن محمد بن سلمان وأكثر من مرّة على تحديّه تلك الدول، غير أن واقع الحال يقول أن ما يقوله بن سلمان ليس أكثر من خطاب طائفي شعبوي يهدف من خلاله إلى السيطرة على الرأي العام داخل المملكة.
فالصراع الإقليمي بين السعودية وإيران وتركيا؛ يبدو وأنّه قد انتهى، فخلال العقد الماض، نما النفوذ الإيراني في المنطقة بشكلٍ ملحوظ، وتمكنت طهران من الوصول إلى مياه الشرق الأوسط من جهة، و من جهةٍ أخرى وصل النفوذ الإيراني إلى جنوب السعودية من خلال حلفائها الموجودين في حكم اليمن، أما تركيا فقد تمكّنت من الوصول إلى سواحل البحر الأحمر من خلال القواعد العسكرية التي أنشأتها في عدد من الدول الإفريقية المُطلّة على البحر الأحمر وباتت تُشرف على سواحل البحر الأحمر السعودية وهو الأمر الذي شكّل حالةً من الرعب في دوائر الحكم في المملكة، خصوًا وأنّ لتركيا الكثير من المُريدين في المملكة من مؤيدي التنظيم الإخواني الذي يتزعمه الرئيس التركي أردوغان.
وبناءً على ما سبق؛ فإنّ الحصار الذي فرضه بن سلمان على قطر لم يخرج بأيّة نتائج ذات فائدة، بل على العكس أنتجت سياسته الرعناء اصطفاف أعدائه أمامه، كما حوّل الكثير من أنصاره إلى أعداء، وبات يطلب ودّ الكيان الأسرائيلي ليقف معه ضد أعدائه وتحوّلت تل أبيب من العدو الحقيقي والأزلي للشعوب العربية والإسلامية قاطبة إلى حليفٍ مهم لابن سلمان نتيجة سياساته الهوجاء، الأمر الذي سيعود على بن سلمان وكما يرى الكثير من المراقبين بالدمار الشامل، فلن يستطيع العودة إلى حلفائه السابقين كتريكا وقطر، ولن يتمكن من البقاء مع تل أبيب حيث أنّ أول ما سيجد من معارضة ستكون في الداخل السعودي الذي يعمل بن سلمان على تهيئته لقبول هذا الحلف من خلال تطويعه وتمييعه، غير أنّ الواقع على الأرض يقول غير ذلك، فالنار الموجودة تحت الرماد ستُطيح بأحلام بن سلمان في الوصول إلى عرش المملكة، وبات الكثير من الأمراء يتحينون الفرصة للإنقضاض عليه وتحويل مسار العلاقات الخارجية للملكة لما كانت عليه قبول وصول هذا الصبي إلى ولاية العهد.
أما خُلاصة القول هي أنّه كيف لابن سلمان الذي عجز عن إخضاع دولة قطر من خلال حصاره البري والجوي وحتى البحري الذي فرضه عليها، بدلًا من كسب ودّها وجعلها دولة حليفةً له كما كانت سابقًا، وحوّلها إلى عدوٍّ لدود، كيف له أن يُجابه دولًا أكبر وأقدر على المواجهة كتركيا وإيران اللتان باتتا تُحاصران المملكة من كافة الجهات لا سيما وأنّ قطر باتت حليفةً لكلتا الدولتين، حتى أنّ تركيا باتت تتمتع بقواعد عسكرية فيها.
ارسال التعليق