قمع النظام ال سعود ودمويته.. ومحاولات التلميع
[عبد العزيز المكي]
قراران لافتان اتخذهما نظام ال سعودي خلال نهایة الشهر الماضی (نيسان)، هما إلغاء عقوبة الإعدام على مرتكبي الجرائم من الُقّصر، وإلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير، ووفق الوثيقة الصادرة عن المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد)، فأن عقوبة الجلد التي جرى إلغاؤها سيتم استبدالها بعقوبة السجن أو الغرامة أو بهما معاً، أو أي عقوبة بديلة مثل الإلزام بتقديم خدمات اجتماعية ونحو ذلك.
أما بالنسبة للقرار الآخر، إلغاء عقوبة الإعدام للقصر، فبحسب بيان صادر عن رئيس هيئة حقوق الإنسان "عواد العواد" فأن الأمر الملكي بإلغاء عقوبة الإعدام للقصر، "يعني أن أي شخص حُكم عليه بالإعدام في جرائم ارتكبها عند ما كان قاصراً لم يعد يواجه خطر الاعدام". وسيتم استبدال العقوبة الملغاة، بالحكم بسجن الفرد مدة لا تزيد على عشر سنوات في منشآت احتجاز للاحداث، وفق البيان.
وتعد سلطات ال سعود من أكثر الدول التي تنفذ أحكام الإعدام في حق القاصرين، وهو ما يخالف حقوق الطفل الموقعة سنة 1989، وتخطر تطبيق عقوبة الإعدام على الأفراد الذين يبلغ عمرهم أقل من 18 عاماً وقت إرتكاب الجريمة. وخلال العام الماضي نفذت السلطات في المجمل، أحكام الإعدام بحق 184 شخصاً كان بينهم سنة نساء و178، منهم من القاصرين.
واللافت ان هذين القرارين قوبلا بحفاوة وتبجيل اعلاميين كبيرين محلياً وحتى خارجياً لدرجة ان المتابع يتولد لديه إنطباع من خلال متابعة التغطية الاعلامية للقرارين الآنفين، وكأن نظام ال سعود حقق إنجازاً ضخماً للشعب في بلاد الحرمين، في حين ان هذين القرارين طالبت بهما المنظمات الدولية منذ عقود مضت!! ففي هذا السياق يصف عواد العواد رئيس هيئة حقوق الانسان السعودية، إقدام نظام ال سعود على اتخاذ هذين القرارين، بأنه يوم مهم للسعودية، ومجرد واحدة من الكثير من الاصلاحات في الآونة الأخيرة بالمملكة لإ وخطوة مهمة الى الامام في برنامج المملكة الاصلاح حقوق الأنسان بما يتفق مع المعايير الدولية، بحسب زعمه وادعاءه. ما يؤشر ذلك بوضوح الى المبالغة في تمجيد هاتين الخطوتين!! وهي مبالغة عززتها المحكمة العليا السعودية عندما وضعت الوثيقة الصادرة عنها، القرارين في سياق "الإصلاحات والتطورات المتحققة في مجال حقوق الإنسان، بتوجيهات من الملك سلمان بن عبد العزيز ومتابعة واشراف مباشرين من قبل محمد بن سلمان"!! على حد مزاعم هذه المحكمة وادعاءاتها..
أما دوليا، فقد ثمنت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية لحقوق الانسان الخطوة السعودية، معتبرة على لسان نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أريقيا بالمنظمة آدم كوجل، أنه " تغيير موضع ترحيب ولكن كان ينبغي أن يحدث منذ سنوات " على حد قوله.. لكن كوجل طالب بنفس الوقت نظام ال سعود باصلاح نظامها القضائي الذي قال انه غير العادل.
أمر آخر لافت، ومثير للتساؤل، وهو ان هذين القرارين، اي الغاء إعدام القصر وعقوبة الجلد في قضايا التعزير، أقدم على اتخاذهما النظام بعد مرور أقل من 48 ساعة على وفاة المفكر الحقوقي الدكتور عبد الله الحامد في سجن حائر بالرياض، وأيضاً بعد مرور أيام معدودة على قتل المواطن عبدالرحيم الحويطي، وبدم بارد لا لذنب سوى انه رفض التنازل عن منزله وأرضه التي يريد بن سلمان سلبها منه ومن عشيرته الحويطات لاقامة مشروع نيوم عليها خدمة لكيان الصهيوني وأمريكا، ذلك دون تعويض مناسب، أو ايوائهم في منطقة أخرى إنما لأن مصيرهم التشريد وبات مجهولاً رفض أبناء عشيرة الحويطات التنازل عن أرضهم ومنازلهم، غير ان نظام ال سعود وأجهزته القمعية استخدمت معهم القوة، والرصاص الحي حيث قُتل عبد الرحيم الحويطي!
قتل الحويطي، ثم وفاة الدكتور عبد الله حامد في سجن حائر أثار ضجة عارمة أعادت الى الواجهة الوجه القمعي الدموي لنظام ال سعود حيث انعكس ذلك في وسائل الاعلام الأجنبية، ولذلك فأن الأقدام على هذه القرارات جاء مدروساً من قبل النظام، لتلميع وجهه الدموي في محاولة يائسة، وذلك من خلال ما يلي:
1ـ محاولة التغطية على جريمة قتل المواطن عبدالرحيم الحويطي، ورحيل الدكتور عبد الله حامد، لأن هذه الجرائم، برزت الوجه الحقيقي القمعي للنظام، وبالتالي ان ذلك بدد كل محاولات تغطية ال سعود على تلك الجرائم، من أجل إسدال ستار النسيان على تلك الجرائم.. ففي هذا السياق سلطت مجلة فورين بوليسي في 28/4/2020 الضوء على القصة الدامية لمقتل المواطن عبدالرحيم الحويطي، لافتة الى أن هذه القصة تروي الحلم الدموي لمحمد بن سلمان.. وأوضحت المجلة.." أن الحادثة تكشف المشاريع العبثية لمحمد بن سلمان وضحايا سلوكه الطائش المستمر" لافتة الى ان " قبيلة الحويطات وعلى مدى مئات السنين، كانت تسيطر على القرى والبلدات في هذه المنطقة، بما في ذلك العاصمة التاريخية، ضريبة، في الشمال الغربي من مدينة تبوك، ولكن حكومة ال سعود تحاول الآن طرد 20 ألف شخص أمام مشروع نيوم" وأشارت المجلة الامريكية الى انه " بدلاً من التشاور مع المجتمع المحلي والسعي ودمجهم في الخطط الطموحة للمنطقة، فقد تعاملت حكومة ال سعود مع مواطنيها مثل شيء يمكن التخلص منه".. وشددت المجلة على ان " ما حدث هو إشارة في الواقع واضحة، لكل ما هو خطأ في نموذج الحاكم الاستبدادي المتهور والقاسي في مواجهة سكان لا يريدون التخلي عن موطن أجدادهم، فقد عاشت القبيلة في هذه المنطقة منذ مئات السنين، قبل فترة طويلة من تأسيس المملكة في عام 1932، وقد اندلعت الاحتجاجات على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، وتم اعتقال ما لا يقل عن عشرة أشخاص وفر البعض من البلاد"! وتابعت المجلة الامريكية منتقدة بشدة بن سلمان، وكاشفة الوجه الحقيقي له في التعامل مع مواطني البلاد الذين يحكمهم بالقول: " هذا ما يحدث عند ما يعلن حاكم شرير أنه ووحده الذي يقرر مستقبل بلاده، وهذا الحاكم، مستعد للاستماع للعديد من المستشارين الامريكيين على بعد آلاف الاميال، ولكنه يتجاهل رأي المواطن بشكل خاص أو ربما يسعى لاسكاته أو أبادته ".
هذا نموذج من فضحية اجرامية ودموية واستبدادية النظام، وهو الأمر الذي كما قلنا تضاعف في متابعة وسائل الاعلام الغربية والأمريكية بعد وفاة المعارض السلمي المفكر عبد الله الحامد، فعلى سبيل المثال، وكما أشرنا في مقالنا السابق وبشكل مفصل، ان منظمة العفو الدولية نعت الدكتور الحامد واعتبرته بطلا لحقوق الانسان في السعودية لا يعرف الخوف وكان عازماً على بناء عالم أفضل للجميع بينما قالت منظمة هيومن راتيس ووتش الامريكية " فقدنا أحد الوجوه القيادية التي أنارت حركة حقوق الانسان في السعودية". واللافت ان كل هذه المنظمات وغيرها حمّلت نظام ال سعود مسؤولية وفاة الدكتور الحامد، لتعمده حرمانه من العلاج الطبي!! ذلك بالاضافة الى نعي شخصيات محلية وخارجية مرموقة الفقيد الحامد، مثنية عليه ومنتقدة النظام ومحملة أياه المسؤولية المباشرة عن وفاته في السجن بحرمانه من اجراء عملية في القلب كانت ضرورية له..
انكشاف الوجه الدموي القمعي لنظام ال سعود، وانعكاسه في الصحافة الغربية والأمريكية لم يتوقف عند هذا الحد، بل تجاوز حدوداً فاجأت بن سلمان وشكلت له إحراجاً ولنظام ال سعود وضغطاً نفسياً بل وضيقاً ومحاصرة له، فهذه صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تصف النظام الذي يسيطر عليه حالياً بن سلمان بأنه " الاكثر قمعاً في التأريخ السعودي الحديث"! وقالت في مقال نشر ترجمته موقع المسيرة في 29/4/2020.. " جاءت وفاة الحامد لتكون علامة سوداء أخرى على جبين محمد بن سلمان، الذي أصبح منذ توليه السلطة مشهوراً بالاشراف على الاعتقال الجماعي لكبار رجال الاعمال، وتعذيب وسجن الناشطات في مجال حقوق المرأة، وقتل الصحفيين".. وتمضي الصحيفة الأمريكية في فضح بن سلمان وتعتبر ما اعلنه من (اصلاحات) إنما هي اجراءات شكلية لا تغير من الواقع الاستبدادي القمعي لهذا الشخص، بن سلمان، وتقول: أن "رفع القيود عن المرأة والسماح بدور السينما وغيرها من وسائل الترفيه العامة، جاءت لتكون كلها تغييرات رمزية، هناك ما لا يقل عن ستة من السجناء تحت سن الـ18 عاماً ينتظرون الإعدام، بمن في ذلك العديد ممن شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة من قبل الأقلية الشيعية".. وتؤكد واشنطن بوست أن: " الاصلاح بالنسبة لمحمد بن سلمان هو ممارسة استبدادية، يسيطر عليه وحده ويضر عمداً بالنشطاء الساعين من أجل التغيير، بالتوازي مع منح النساء الحق في قيادة السيارات في 2018، إعتقل النظام 18 من اكثر المدافعين المتحمسين عن هذا الحق، وتعرض العديد منهم للتعذيب الوحشي، ولا تزال إثنتان منهن وهما لجين الهذلول ونسيمة السادة مسجونتين على الرغم من عدم ادانتهما بارتكاب جريمة " وتضيف الصحيفة بلغة تهكمية قائلة: "سيقوم محمد بن سلمان بأمرين في الوقت نفسه، قمع جميع الأصوات المستقلة في المملكة بوحشية وتسجيل أنه قام بالإصلاحات التي يوزعها كمستبد خيّر".
هذا الزخم الاعلامي في فضح بن سلمان وقمعه الدموي لابناء البلاد، ان استمر فأنه ينسف، أو هو نسف " الوجه الاصلاحي" المتسامح و" المنفتح" الذي يريد بن سلمان تصديره للقوى الغربية، هذا الوجه الذي كشف تجاعيده وقسماته الدموية اللايره وراء هذا التلميع "الوجه الاصلاحي" عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي المروعة والتي فضحت بن سلمان وزيف خواء القضاء والاعلام التابعين لسلطات ال سعود.. ولذلك فبن سلمان يريد من الاعلان عن تلك القرارات إمتصاص هذا الزخم الاعلامي المتصاعد والمتجدد الكاشف للوجه الحقيقي القمعي الأستبدادي لبن سلمان، وبدون شك فأن هذه الخطوات ستبقى قطرات يتيمة مشكوك حتى في تبنيها فعلاً من قبل النظام، في بحر القمع والدموية لهذا النظام الذي، اي هذا البحر، غرق فيه حتى أقرب الناس لبن سلمان، وهم أبناء عمومته من بعض الأمراء لمجرد شكوكه بمنافستهم له على السلطة والعرش!
2ـ بحسب ما ذكرته الصحافة الغربية والامريكية عبر تقاريرها المتواترة وعبر تغطيتها الاعلامية لتطورات الساحة في المملكة السعودية، فأن قتل المواطن عبد الرحيم الحويطي بالشكل الذي أثار حفيظة أغلب الاوساط الحقوقية العالمية واغلب الأوساط الاعلامية، كما أشرنا، قبل قليل، وكذلك وفاة المفكر الاصلاحي السلمي عبد الله حامد في السجن، الذي أثار كل تلكم الضجة الدولية حول دور نظام ال سعود في وفاته.. كل ذلك رفع منسوب الأحتقان الشعبي ليس في داخل البلاد بل حتى في خارجها بدليل ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من موجة غضب وانتقاد بل وحتى تحدي لنظام ال سعود وسياساته القمعية.. وللإشارة ان هذا الاحتقان يشهد تصاعداً بسبب المآسي التي يتعرض لها المجتمع داخل البلاد بسبب استمرار العدوان على الشعب اليمني وتداعيات هذا العدوان على المواطن، الضاغطة جداً، سيما الخسائر البشرية المتصاعدة في صفوف جيش ال سعود، وكذلك الضغوط الاقتصادية والنفسية التي يتعرض لها هذا المجتمع بسبب استمرار هذا العدوان، ثم جاءت انهيارات أسعار النفط بسبب حماقات بن سلمان لتزيد الطين بله، ما يعني ذلك كله بحسب توقعات بعض الصحف الغربية، ان المجتمع في البلاد مقبل على انفجار كبير لا يبقي ولا يذر، وطبقاً لهذه التوقعات، ان هذا الانفجار سوف يحول مملكة بن سلمان الى شظايا وشلل وامارات متصارعة ومتضادة!! ولذلك فأن بن سلمان بهذه الخطوات اليتيمة يريد امتصاص الغضب الجماهيري وخفض منسوب الاحتقان.. لكن ذلك سوف يبقى محدود التأثير قبال " تهور بن سلمان الذي يجّرع البلاد الخسران والاهانات" و" يغرق البلاد في الأزمات ومع ذلك ما زال الطامح بالمُلك ولو على أشلاء أبناء بلاده يثير الفساد والقلاقل فيها وفي الاقليم" و" منذ يوم ارتقاء بن سلمان سلم السلطة وترامب يبتزه ويبتز قوت الشعب" و.و، كما يقول الدكتور أسامة أبو ارشيد الكاتب وبالباحث الفلسطينين المقيم في واشنطن في مقاله المنشور في 1/5/2020 تحت عنوان " تهور بن سلمان يجرّع السعودية الخسران والاهانات".
3ـ جاءت هذه القرارات أيضاً للتغطية على الاهانات المشينة التي تعرض لها بن سلمان من ترامب الصديق الذي ابتزه مئات المليارات من الدولارات طيلة الفترة الماضية وما يزال ومن المؤسسات الامريكية أيضاً سيما الكونغرس الأمريكي والتي سببت لبن سلمان إحراجاً كبيراً واذلالاً مهيناً!! هذا اولاً، وثانياً للتغطية على الفشل المدوي في سياسته في خفض أسعار النفط والتسبب بهذه الكارثة المالية لسلطات ال سعود قبل غيرها من الدول المنتجة للنفط، فبالنسبة لهذه النقطة الأخيرة، فأن بن سلمان شن حرب الأسعار بأوامر أمريكية للاضرار بالاقتصاد الروسي ونظيره الايراني كما هو معلوم، غير ان الروس قد أعدوا العدة مسبقاً وقرروا بدورهم توجيه ضربة للنفط الصخري الامريكي، فرفعوا إنتاجهم وانخفضت الاسعار الى مادون العشرين دولاراً، أي أقل بكثير من كلفة استخراج البرميل الصخري الامريكي التي قد يقبل الى حوالي 30 دولاراً للبرميل الواحد، وهو ما أدى الى استفلاس الشركات الامريكية الصغيرة وتعطيلها ثم جاءت حائجة كورونا لتزيد الوضع الامريكي سوءاً حيث ارتفعت نسبة البطالة، وسرحت الشركات النفطية الأمريكية الصغيرة عمالها، الأمر الذي دفع بترامب والكونغرس وبعض المؤسسات للتدخل للضغط على بن سلمان لايقاف هذه المهزلة، اي وضع حد لتدهور الأسعار، ووصل الحد الى تهديد الأميركات لبن سلمان بالتخلي عن حمايته وبعدم شراء النفط السعودي والقصة معروفة، وقد استجاب بن سلمان لمطالب الامريكان وتوافق مع روسيا على خفض الانتاج لتعديل الأسعار، وفيما لم يؤدِ ذلك الى تحسين الاسعار بالمستوى الذي أرادته أمريكا، فأن الذي حصده بن سلمان من هذه السياسة، الخسائر المالية الضخمة والإذلال والاهانة من الاميركان وعلى رأسهم ترامب، الذي هو من ورطه في هذه الحرب النفطية.. ففي هذا السياق يقول الباحث الفلسطيني والكاتب المقيم في واشنطن الدكتور اسامة أبوا رشيد الذي سبقت الاشارة اليه" ولأن بن سلمان يبدو عاجزاً عن ادراك الخراب الذي يحدثه إقليمياً ودولياً، فأن هذا استدعى لطمة توبيخ من واشنطن، إذ اطلق أعضاء في الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الامريكي، الغاصبون من اغراق سوق النفط وتداعيات ذلك على الشركات النفطية المحلية الامريكية، تحذيرات له بأن الولايات المتحدة قد تعيد النظر في العلاقة التحالفية بين بلديهما" ويتابع ابو رشيد القول في توجيه الاميركان الاهانات لبن سلمان.."و وصل الأمر حداً بالغ الأهانة، في أواخر شهر مارس/آذار الماضي، وذلك عندما أجرى 13 من الشيوخ الجمهوريين مكالمة هاتفية مع السفيرة السعودية في واشنطن، ريما بنت بندر، هددوها فيها، بشكل مباشر، ليس باعادة النظر في العلاقات الاستراتيجية المشتركة فحسب، بل حتى العمل في تقويضها" ويضيف الكاتب ان الاميركان واصلوا توبيخاتهم للسعوديين، حيث اتصلوا بوزير النفط السعودي عبدالعزيز بن سلمان، فبالاضافة الى توبيخهم اياه، هددوه بعرض مشروع قانون ينص على سحب جميع القوات الامريكية وأنظمة الدفاع الصاروخية في السعودية ما لم تقم الرياض بدور بناء باعادة الاستقرار في أسواق النفط.. وهذا ما اكدته وكالة رويترز في 30/4/2020 حيث قالت ان ترامب اتصل ببن سلمان مهدداً اياه بأنه لم يكن بوسعه منع اعضاء مجلس الشيوخ من سن قانون تشريع لسحب القوات الأمريكية من المملكة، اذا لم تتخذ منظمة اوبك خطوة لتوقف تدهور اسواق النفط. وتقول وكالة رويترز ان ولي العهد السعودي تفاجأ بتوبيخ وتهديد ترامب، وحتى لا يطلع أحد على الأهانة التي تلقاها من ترامب أمر كل مساعديه بالخروج من الغرفة كي لا يسمعوا الاهانات التي وجهها ترامب له.. وتضيف وكالة رويترز القول نقلاً عن دبلوماسي شرق اوسطي، قوله" إن إحتمال فقدان الحماية العسكرية الأمريكية بعد تهديد ترامب جعل العائلة السعودية المالكة تنحني على ركبتيها وتخضع لمطالب ترامب بخفض الإنتاج النفطي".
وعلى خلفية هذه الاهانات االمتلاحقة والشعور بالخذلان من الحامي الامريكي جاءت هذه القرارات لاشعال الرأي العام بها عن الحديث بتلك الاهانات وشماتة بعض الأطراف به، وبسياسته الحمقاء وتهوره الأهوج، لكن عملية ومحاولات التلميع كما قلنا، لا يمكنها التغطية على تجاعيد وجه النظام الاجرامية وسياساته البائسة.
ارسال التعليق