كفوا عن استغباء عقل المواطن السعودي.. يا أمة النفاق
[-----------------------]
* جمال حسن
بغية تبييض ما تبقى من ماء وجه السلطات السعودية والتضليل على دورها المساند للعدو الصهيوني خلال الحرب الأخيرة على غزة، أعلنت تل أبيب قبل ايام أن السعودية أغلقت مجالها الجوي بوجه الطائرات الاسرائيلية، والذي كانت قد صادقت على مرورها في نهاية نوفمبر الماضي!.
الإعلان هذا سرعان ما فسره الذباب الالكتروني لأبو منشار بأنه موقف من الرياض لدعم الحق الفلسطيني، لكن سرعان ما كشفت "القناة 13" الإسرائيلية الحقيقة وقالت: إن السعودية أغلقت مجالها الجوي أمام طائرة تابعة لشركة "يسرائيل" كانت متوجهة الى دبي، فقط وليس لكل الطيران.
وقد أوجد ذلك بعض الشكوك حول اسباب منع هذه الطائرة التي كانت ستقلع من مطار "بن غوريون" بالعبور من المجال الجوي السعودي رغم وجود تنسيق أمني عالي المستوى بين الرياض وسلاح الجو الاسرائيلي، وفق الصحافي الإسرائيلي يهوشع ليختر.
الأمر هذا لم يدم كثيراً حتى سارع كبار الذباب الالكتروني لأبن سلمان الى تلطيف الأجواء بدعمهم وتأييدهم لجرائم الكيان الصهيوني المحتل ضد الأبرياء في فلسطين المحتلة وغزة، فكان انسياب القلم الرخيص يمجد بالغارات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين ومنح الحق للمحتل بذلك.
فكتب الباحث الحكومي عبد الحميد الحكيم مخاطباً الاحتلال وقطعان مستوطنيه "نحن معكم بقلوبنا ولا نقبل بإرهاب غزة ضد الشعب الاسرائيلي، فنحن في خندق واحد"، ليكمل احمد بن سعد القرني المشوار بقوله "دولة اسرائيل تقف الارهابيين بقطاع غزة.. اللهم سدد رميهم على مواقع غزة الارهابية"!!.
ليس من العجب أن يستغبي هؤلاء المرتزقة عقول أبناء الجزيرة العربية، وهي ليست المرة الأولى والعقود الأخيرة شهدت هرولة أبناء الجزيرة من وراء الاعلام السلطوي لآل سعود في القضية الفلسطينية وكيف كانوا يدعون القومية ونصرة فلسطين فيما هم أول من خانوها بالعهد الذي قطعه عبد العزيز للمندوب البريطاني السير برسي كوكس بإعطاء أرض فلسطين للمساكين اليهود.."، وذلك عام 1915 أي عامان قبل وعد بلفور المشؤوم.
ثم لا يزال التاريخ وكبار السن من مشايخنا وغيرهم من الفلسطينيين يتذكرون كيف خان عبد العزيز الثورة الفلسطينية عام 1936 بإيفاد أبنه فيصل آنذاك واعطائهم الوعود الخاوية بكسب الحق الفلسطيني ما أن يرموا بأسلحتهم وينهون الثورة التي كانت قد وصلت قطع شريان الاستعمار البريطاني وما آلت اليه مخططاتهم الخبيثة في دعم عصابات الهاغانا الصهيونية في قتل الفلسطينيين العزل.
وأما الكاتب محمد آل الشيخ فقد كتب يقول"انفتاح المملكة والسماح بالتطبيع مع من أهم أسباب تدني معدلات الارهاب"، متجاهلاً حقيقة تأسيس ودعم كيانه لعصابات الارهاب التكفيري الذي استهدف البلاد والعباد في منطقة الشرق الأوسط، وفق ما كشفته وزيرة الخارجية الامريكية "هيلاري كلينتون" في كتابها "الخيارات الصعبة".
فقد وثق "كتاب الخيارات الصعبة" ما اتفقت عليه كلينتون والسلطات السعودية والإماراتية خلال الأعوام 2009-2013، في تأسيس الجماعات الارهابية التكفيرية المسلحة في المنطقة وفي مقدمتها "داعش"، كاشفة عن دور الرياض وأبوظبي في الإمدادات العسكرية والمالية والافراد لتلك المجموعات.
فيما كتب الاعلامي دحام العنزي "نحن والاسرائيليون في خندق واحد.. ندعم العلاقات بين اسرائيل ودول مجلس التعاون، وعلينا ان نتعاون نحن واسرائيل وندعم بعضنا البعض وآمل ان نرى سفارة إسرائيلية في الرياض وسفارة سعودية في القدس.."!!.
ولا عجباً أن لا نرى أية ردود فعل في الشارع السعودي بخصوص هذه الهرولة نحو عدو الله والاسلام وفق ما جاء في القرآن الكريم " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا.." – سورة المائدة الآية 82، ناهيك عن المشايخ والدعاة الذي طبلوا كثيراً بخصوص الجهاد في سوريا والعراق غيرها من مناطق المنطقة الأخرى مستندين بفتاويهم الريالية.
وأما أحمد الفراج فانهي معادلة الانبطاح السعودي الرسمي لبني عمومتهم الصهاينة في مقاله بعنوان "لك العتبى يا نتنياهو حتى ترضى"، متجاهلاً أن من يهين يسهل الهوان عليه ويستذل لمحتل وطاغية وديكتاتور ومتعجرف.. هم قلة كغثاء السيل ليتهم يستوعبوا قبل أن تجرفهم مطامعهم وعمالتهم، حيث الغرب لايحترم الرخيص والدوني!.
هؤلاء على دين وديدن ملوكهم وولاة لقمة عيشهم، تعودوا الإرتزاق من موائد الحكام القتلة وسيبقون هكذا حتى يأتيهم الدور في تقطيع أو اغتيال أو اعتقال دون أي يعوا لأنهم سبقون طول حياتهم هكذا في سكرة ونشوة العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، وسيبقون عبيد لأسياد الدولار والريال هنا وهناك ويخدمون كل من يدفع أكثر، والخيانة عندهم سجية مباركة.
انه من الطبيعي عندما يكون الاحتلال الاسرائيلي هو الحليف الاستراتيجي لنظام قائم على سيف الحرابة وتقطيع الأوصال، وأنه من سيوصل عرش الأرعن الى ساحل الأمان.. فلا بد من أن تكون خيانة القضية الفلسطينية باستغباء شعبها على رأس أولويات السلطة.
مع كل الأسى والأسف شعبنا التزم الصمت طيلة العقود الطويلة الماضية بما جرى ويجري من قمع وتمييز طائفي وقبلي ومناطقي في الجزيرة العربية على حساب الولاء للأسرة الحاكمة، يقطع رأس كل من تسول له نفسه التحدث عن الحرية والتغيير والعدالة والمساواة قريباً كان أو بعيداً، ذكراً كان أم انثى، كبيراً كان أم صغير، وقوائم المعتقلين والمعدومين تشهد على نقول.
فلو تركنا جانباً تاريخ نشوء مملكة التجهيل لآل سعود واحتضانهم للفكر التكفيري الشيطاني الوهابي، وحملات التكفير والتقتيل التي مارستها المؤسستين الدينية والسياسية، بحـق المخـالفيـن لنهجهم حتى مـن باقــي مـذاهـب أهـل السنـة والجمـاعـة؛ هل بامكاننا أن ننسى خيانتهم لقضايا الأمة وتزلفهم لقوى الاستعمار واستحمار الشعوب البريطاني منه والامريكي ودعمهم المساند للكيان الصهيوني في ذبح الشعب الفلسطيني؟.
فازدواجية مواقف آل سعود باحتضانهم للوهابية والتحالف معها من جانب، والإدعاء بمحاربة "داعش" و"القاعدة" التي أوجدوهما هم ودعموهما بالمال والسلاح والأفراد، ما هي إلا إلا اســتغبـاء المـتـذاكيـن الـذي لا يمكـن أنْ يـدوم طـويــلا، حيث انكشف النفاق لآل سعود جلياً على كل المجتمعات العالمية ولم يبق لهم سوى عربان الرذائل ووهابيو التجهيل والاستهبال وحشد من المستغبين.
فبعد أن كان الاستغباء سلوكاً فردياً للشخص الحاكم تجاه شعبه ويستنكره الجميع، وتستهجنه الأخلاق.. أصبح اليوم ثقافة وسياسة للعديد من حكومات العالم، وله حضور قوي في شتى المجالات: الاجتماعية والسياسية والفنية وهو متجذر لدى الأنظمة الخليجية ونعيشه منذ عقود طويلة، وفُرض علينا فرضاً، وبات من الأشياء المسلّم بها؛ لصمتنا وسكوتنا عن أبسط حقوقنا المسلوبة..!.
تسائل البعض "حين تعلن كل قوى العالم الغربي والعربي عجزها من القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة التي اوجدوها هم مثل داعش والتي لا تزال تنشط في إراقة دماء الأبرياء بوجود الكم الهائل من جيوش العالم في منطقتنا.. أليس هذا دليل قاطع على استغباء علني لشعوبنا من قبل الأنظمة الموروثية الجاثمة على رقابنا وكذا الدول العظمى لنموت نحن ويحيون هم؟!"… لذا ما زال مسلسل الاستغباء مستمراً لم ولن ينتهي؛ إلا حين ننتهي من سباتنا الغبي ونكون يداً واحدة في وجه من يستغبينا.
ارسال التعليق