رشيد الرشيد الكثير من المتابعين للأحوال السياسية لبيت الحكم في الجزيرة العربية المعروفة بالمملكة العربية السعودية - نسبة لقبيلة آل سعود الحاكمة - يكادوا لا يستوعبوا حالة التخاذل و الإنكفاء و التراجع و التسليم من قبل أمراء بني سعود للسيف المشهر من قبل فتى يافع لا يتجاوز العقد الثالث من عمره ألا و هو محمد بن سلمان الذي إستطاع تخطي رقاب كهول و عجزة قبيلة آل سعود - تذكر الإحصائيات أن تعدادهم يتجاوز الستة آلاف شخص - و يفرض نفسه حاكما مطلقا بيده جميع وسائل القوة الأمنية و السياسية و الإقتصادية و الثقافية ليتحول بالرغم من كونه وليا للعهد إلى ملك من غير تتويج في ظل وجود والده كملك رسمي لا يزال على قيد الحياة و هو الأمر الذي لم يتوفر لأي ولي عهد في السابق في ظل الدولة السعودية الثالثة التي أسسها عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل. قد يقول قائل أن فيصل و فهد و عبد الله عندما كانوا أولياء للعهد كانوا مسيطرين و لكن هذا الكلام مردود عليه. اولا بالنسبة لفيصل فإن قوته كانت بسبب وجود صقور في الحكم وقفت خلفه و استطاع أن يعزل أخاه سعود في عملية إنقلاب أشبه ما تكون بإنقلاب قبلي حيث من يغلب شيخ القبيلة هو الشيخ، و لكن كان فيصل ملتزم بعدم كسر وصية أبيه و ملتزم بإحترام الخطوط الحمراء لبيت الحكم السعودي و ملتزم بإحترام موازين القوى في قبيلته و في عموم المملكة. فهد أيضا سطع نجمه عندما كان وليا للعهد و لكن بسبب ضعف شخصية الملك خالد و لكن أيضا فهد كانت تحاصره بعض مراكز القوة المتمثلة بأخيه العنيد عبد الله. أما عبد الله فإنه سيطر على الأمور إبان ولايته للعهد بسبب مرض أخوه الملك فهد و أدار الحكم بشمولية و هو وليا للعهد و لكن كان يوجع خاصريته نايف و سلطان وزيري الداخلية و الدفاع و أراحه الموت منهما ليأتي سلمان وليا للعهد و مقرن وليا لولي العهد.  و قد يقول قائل أن عبد العزيز بن فهد و متعب بن عبد الله كانا يديران أمور الديوان الملكي الذي تصدر منه قرارات المملكة كلها من أصغرها لأكبرها و لكن هذا القول برغم صحته إلا أن عهد الإثنين إنتهى بموت فهد و عبد الله.  ما فعله سلمان و إبنه محمد سابقة لم يجرأ عليها أيا من الذين حكموا قبلهم، حيث أن في عهد سلمان تم عزل اثنين من ولاة العهد و هما مقرن بن عبد العزيز و محمد بن نايف، و تم تعيين ابنه وزيرا للدفاع ورئيسا عاما مطلقا لمقدرات البلاد الإقتصادية عبر مجلس التنمية و نائبا لرئيس مجلس الوزراء و وليا للعهد ، و تم عزل رئيس الحرس الوطني و  ربط جهاز المخابرات و امن المملكة مباشرة بالديوان الملكي.  لقد كانت كل هذه المناصب التي إستحوذ عليها محمد بن سلمان توزع على أجنحة الحكم بالسابق لموازنة بيت الحكم السعودي و ضمان عدم اهتزازه و تهرئه، و هذا ما ضرب به سلمان عرض الحائط كاسرا خشوم أفراد قبيلة بني سعود.  السؤال هو كيف إستطاع أن يفعل سلمان ذلك ؟  في حين أنه يعتبر من أقل شخصيات بني سعود فتكا و دموية و كان يعتبر أيام حكمه لإمارة الرياض شخصا يرعى الحفلات الثقافية و الأندية الإجتماعية، و لماذا هذا الصمت المطبق من قبل آل سعود كلهم أمام سلمان و عدم الإعتراض عليه ؟ ألم يعزل فيصل سعود أخاه ؟  ألم يهدد عبد الله أخاه فهد بالحرس الوطني حينما عزم الأخير على تنحية الأول من منصب ولاية العهد ؟ بداية لنؤسس لقول و هو: سلمان لم يتسلم منصب يعبر فيه عن شخصيته الدموية و الفتاكة، لذلك ليس الصحيح القول أنه أقل شخصيات بني سعود فتكا و عنفا و دموية.  إن ما لا يعرف عن سلمان أنه كان المسؤول المباشر و القاضي الخاص بحل خلافات الأمراء أيام حكم فهد و عبد الله و يقال كان من قبل ذلك، و كان يعرف بمؤدب الأمراء، و كانت قراراته قاسية و نافذة و لا يستطيع أيا كان أن يعارضها و يقف بوجهها، و كان أفراد القبيلة الحاكمة يتحاشون سلمان قدر المستطاع، و يقال أن أفراد القبيلة يدعون على بعضهم ب ( الله يسلط عليك سلمان ) و يقصدون به سلمان بن عبد العزيز، هذا أولا.  ثانيا، جاء سلمان في وقت مات فيه جميع الأقوياء و الصقور من أبناء عبد العزيز، حتى هو لم يكن عنده منصب معتبر غير إمارة الرياض في فترة حكمهم، و كانت سطوته و مهابته يعرفها فقط الأمراء لأنه كان شرطي حكام بني سعود و عصاهم الغليضة عليهم. فكيف إذا إجتمعت مع كل ذلك وصوله لسدة الملك و الحكم و الرئاسة المطلقة.  إن ما يقوم به سلمان لا يشي إلا بأنه يريد أن يؤسس الدولة السلمانية التي يحكمها خلفه من أبنائه و هو محمد، و على الرغم من انه وضع شرطا في ما يسمى بدستور بيت بني سعود للحكم أن يكون ولي عهد إبنه من فرع آخر للقبيلة غير الفرع  الذي يكون منهم الملك، لكن ما يعلم و يعرف أن كل ملك يأتي يكسر قرار من سبقه و هذا ما فعله سلمان نفسه حين كسر امر أخيه غبدالله في مقرن و عزله.  إن ما يقوم به محمد ليس بسبب كون أبيه سلمان غير مدرك لما حوله كما يقال، بل إن ما يقوم به محمد بن سلمان هو عين ما يريده أبوه و يرغب به