لماذا يستثمر مال المواطن السعودي على مجموعة فاسدين...نواز شريف نموذجا؟!
[عبد العزيز المكي]
تبني السعودية علاقتها مع المحيط على أساس السيطرة والإملاءات، وفي أي تحالف خارجي تبنيه تسعى لتكون الطرف المسيطر في العلاقة، وذلك عبر دعم سياسيين ورجال أعمال للوصول إلى السلطة وإعلان الولاء لها، وقد نجحت في هذه السياسية خلال العقود الماضية ولكن كل ما بنته في تلك العقود بدأ ينهار خلال السنوات القليلة الماضية، ومن سوء حظها أن من دعمتهم أُقيلوا من مناصبهم بتهم فساد ما أدّى لتشويه صورتها من جديد بعد أن كانت تسعى لتحسينها مع وصول ولي العهد الجديد محمد بن سلمان، فلماذا انهار حلفاء السعودية بهذه السرعة؟!.
السعودية تسير بالعلاقات الدبلوماسية مع الدول نحو العلاقات الشخصية بما يصبّ في مصالحها، ففي باكستان على سبيل المثال كان رئيس الأركان رحيل شريف خير نموذج حيث وضعته السعودية لاحقاً قائداً لما يسمى بالتحالف العسكري الإسلامي، وإذا بحثت عن سبب تنصيبه في هذا الموقع ستجد أن الجنرال شريف كان يتناغم مع سياسة السعودية بشكل كبير، وكان يدافع عن مصالحها وكأنه يدافع عن بلده، فخلال عمله سابقاً قائداً للجيش الباكستاني صعَّد لهجة الحديث تجاه إيران معتبراً أي تهديد للسعودية سيثير ردّاً قويّاً من جهة باكستان.
علاقة السعودية مع باكستان يشوبها الكثير من التدخلات من قبل الأولى تجاه الثانية، وعندما تتعارض المصالح لا ضير في عزل المعارض لسياسة السعودية وقد شهدنا مثال ذلك مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق، نواز شريف، فقد كشفت تقارير صحفية عن كواليس سرية يتم إدارتها في السعودية لدولة إسلامية كبرى، وأشارت صحيفة "ذا ديلي تايمز" الباكستانية في تقرير لها بعنوان "ما الذي يتم طهيه في السعودية؟"، إلى تدبير السعودية لتغييرات سياسية في باكستان.
وقالت الصحيفة الباكستانية: "بعد 5 أشهر من استقالة نواز شريف من منصبه وفشله في تصعيد شقيقه، يتجه الطرفان إلى السعودية في زيارة سرية"، وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني السابق، نواز شريف، وشقيقه شاهباز شريف، غادروا إلى السعودية آخر يوم من العام الفائت 2017وسط تقارير عن نية قيادات السعودية إعادة دعمها لنواز المستمر منذ 17 عاماً، بعدما انقلبت عليه الأشهر الماضية.
وأشارت مصادر للصحيفة الباكستانية إلى أن نواز شريف يسعى من خلال زيارته للسعودية إلى إقناع السعوديين بإعادة دعمهم له عقب صدور حكم من المحكمة العليا بعزله من منصبه في 28 يوليو/تموز.
هذا العزل جاء بناءً على قرار المحكمة العليا في الدولة، بعدما أقرت بعدم أهليته للبقاء في منصبه، وذلك بعد تحقيق في اتهامات بالفساد تتعلق بثروة أسرته إذ حكمت المحكمة بأن شريف كان غير صادق مع البرلمان والنظام القضائي، ولم يعد مؤهلاً لمنصب رئيس الوزراء.
وحُكم على شريف في وقت لاحق بالسجن 14 عاماً إضافية بتهمة الفساد، ولكن أفرج عنه بعد ستة أشهر عندما توسّطت الرياض في صفقة بأن يُنفى إلى السعودية.
وهذا يُظهر أن السعودية تمتلك نفوذاً واسعاً في المؤسسات الأمنية الباكستانية، ولكنها فيما بعد انقلبت على نواز شريف ويعود سرّ انقلاب السعودية على نواز شريف وحزب الرابطة الإسلامية بسبب انقلاب موقفه بشأن الحرب في اليمن وأزمة قطر.
قضية نجيب عبد الرزاق
رئيس وزراء ماليزيا السابق والذي يعدّ رجل الإمارات والسعودية الأول لم يستطع الصمود أمام تحالف المعارضة برئاسة مهاتير محمد في الدورة الانتخابية الماضية، ولكن لم تقف الأمور عند هذا الحد إذا بدأ مهاتير محمد معركته ضد الفساد بعد وصوله إلى السلطة، وبعد فترة وجيزة تم الإعلان عن أكبر عملية مصادرة في تاريخ البلاد، في إطار التحقيق في أكبر فضيحة فساد في التاريخ بطلها رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق.
وإلى جانب الإمارات، ظهر اسم دولة عربية أخرى هي السعودية في ملفات اتهامات نجيب بالفساد إذ يواجه الأخير تهمة فساد تتعلق بتلقيه مبلغ 680 مليون دولار دفعت من الصندوق لحسابه.
فبعد أن أصدر النائب العام الأسبق أمراً باعتقال نجيب بسبب هذه القضية، عزل نجيب النائب العام مع وزراء تساءلوا عن دوره في الصندوق السيادي، وعيّن نائباً عاماً جديداً برّأ ساحته سريعاً بعد أن قال إن هذا المبلغ عبارة عن تبرّع لحزبه من أحد أفراد العائلة المالكة بالسعودية.
وسارع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للتصريح الشهر الماضي بأن المبلغ كان "تبرّعاً دون مقابل" من السعودية لنجيب.
وبالإعلان عن أكبر عملية مصادرة في تاريخ ماليزيا اليوم، عاد للأضواء اسم عقيلة عبد الرزاق "روسمة منصور" التي طالما أثارت الجدل في ماليزيا إزاء البذخ والترف الذي تعيشه.
وخلال الفترة الماضية أعلنت الشرطة عن أكبر عملية مصادرة أموال ومقتنيات ثمينة في تاريخها بطلها رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق، وتبلغ قيمتها 273 مليون دولار من بينها كمية كبيرة من المجوهرات وحقائب فاخرة، وقال رئيس قسم الجرائم المالية في الشرطة أمار سينغ في مؤتمر صحافي إن الشرطة نفذت اليوم "أكبر عملية مصادرة في تاريخ ماليزيا" لأموال ومقتنيات تعود لرئيس الوزراء السابق لافتاً إلى أن قيمة هذه الممتلكات تتراوح بين 910 ملايين و1,1 مليار رينغيت أي ما يعادل 225 و273 مليون دولار.
ارسال التعليق