ما الذي أوصل السياسة الخارجية السعودية الى هذا الحد من التدهور
[ادارة الموقع]
منذ وصول محمد بن سلمان الى ولاية العهد في السعودية في يونيو 2017، والعلاقات الخارجية للمملكة العربية السعودية تشهد تخبطاً غير مسبوق، حيث أصبحت أكثر عدائية مع جيرانها، وذلك بسبب النفس المتغطرس وقلة خبرة أميرها الشاب الذي وضع استراتيجية عدوانية اعتقاداً منه أن نجاحها يسهم في الحفاظ على وجوده ووجود عائلته في السلطة، كما أن مشاركتهم المباشرة في الأزمات المحيطة زادت من الضغوط عليهم وعوضاً عن حل مشكلات السعوديين في العلاقات الخارجية، تعقدت الأمور أكثر وأكثر. فدخولهم في المستنقع اليمني منذ أربع سنوات، إضافة لاعتقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وحصار قطر، والتوتر الدبلوماسي مع ألمانيا، وأزمة العلاقات مع كندا مؤخراً، هي امثلة واضحة على هذا الاندفاع المفاجئ وغير المسبوق للرياض. وأمام هذه الأزمات التي تعصف بالسياسة الخارجية السعودية فإن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو هل ستكون هذه الأزمة مؤقتة وعابرة، أم إن السعودية ستواجه أزمة كبيرة في القادم من الأيام؟
السياسة العدوانية للجيل الثالث من ال سعود
كان الملك السعودي السابق عبد الله وصناع القرار السعودي من الجيل الثاني قد وضعوا استراتيجية متكاملة للمملكة من اجل الحفاظ على كرسيهم وتحقيق أهدافهم ومصالحهم، وكانت تتسم هذه الاستراتيجية بالسلمية في بعض الأماكن، حيث كانت تنص على دعم التدخل الغربي في المنطقة على أن تكون السعودية حاضرة في الدعم اللوجستي من الوراء، وبذلك كانت تتحقق أهدافها ومصالح المملكة دون التدخل المباشر في دول الجوار. أما اليوم فان صناع القرار الجدد، أي بن سلمان وحلفائه كانوا يعتقدون أنه في الماضي لم يكن هناك توازن كافٍ بين الإمكانيات السعودية (المال، واستضافة الأماكن المقدسة الإسلامية والعلاقات مع الغرب) والمشاركة النشطة في السياسة الخارجية، ويعتقد أيضاً أن السياسة القديمة لم تعد تنفع وتصلح في تأمين مصالح السعودية أمام المتغيرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة، فقاموا بالانتقال من السلمية الى العدوانية اللامتناهية مع أعدائهم وحتى مع بعض حلفائهم، وهنا يعتقد محللون أن الرؤية الجديدة للقادة السعوديين ساهمت في سحب قدم الرياض سريعاً إلى أزمات المنطقة، وعوضاً عن حلّها قامت بتفعيلها، ما خلق لها أزمات مع قوى إقليمية فاعلة في المنطقة.
نظام سياسي مغلق
ومن العوامل الأساسية الأخرى التي ساهمت في تقلّب السياسة الخارجية للسعودية، هي الدكتاتورية التي اعتمدها ويعتمدها بن سلمان في التعاطي مع الرعية، صحيح أن الأخير حاول اظهار نفسه كالمنقذ الذي ينقل السعودية نحو الديمقراطية، عبر إقرار بعض قوانين... الا أنه لم يستطع إخفاء ذلك، بسبب استمراره بالتحكم في جميع شؤون المملكة على عكس النظام الديمقراطي الذي لا يمكن لفرد واحد التحكم في اتخاذ القرارات المصيرية، فهناك حكومة وهناك برلمان يلعبان دوراً كبيراً في إقرار قرار أو تعديله بشكل يخدم مصالح البلاد ويسهم في تحقيق أهدافها بأقل تكلفة ممكنة.
فبن سلمان الشمولي والسلطوي يتحكم اليوم بالمنظومة الاقتصادية والاجتماعية والدينية في البلد، كما يقوم بقمع الحريات، فيعتقل النشطاء الحقوقيين وعلماء الدين بسبب تغريدة هنا او هناك على تويتر، ويقوم بكم الأفواه، ويدعم الإرهاب في اليمن وسوريا والعراق، ويقوم باستغلال الدين لتثبيت حكمه، ويتسلط بشكل كامل على كل مقومات الدولة، ويفرض على الجميع قدسية الأسرة الحاكمة، ويسيطر بشكل مطلق على وسائل الإعلام وتحويلها إلى بوق للدعاية للأسرة الحاكمة، كلها عوامل تؤكد دكتاتورية بن سلمان.
اذا نتيجة للقرارات الهجومية الصارمة التي يتبناها بن سلمان في السياسة الخارجية أدت الى حدوث أزمات كبيرة في العلاقات الخارجية السعودية، فتوترت العلاقات مع ألمانيا في عام 2017 وقبلها مع السويد واليوم مع كندا، وهنا قد تكلف هذه السياسة ابن سلمان الكثير، وقد تتمدد نتائجه إلى أماكن لا تحمد عقباها، وهذا لن يكون في مصلحة الأمير الشاب لكونه يبحث عن غطاء دولي في حربه على اليمن وانتهاكه لحقوق الإنسان هناك، وقد تذهب كندا وباقي الدول العالمية التي لديها مشاكل مع السعودية في عنادها إلى أبعد من ذلك وقد تشحن الرأي العام العالمي ضد ابن سلمان، وهذا آخر ما يتمناه وينتظره ولي العهد الذي يلهث بشدة نحو العرش.
ارسال التعليق