ما وراء التعديل الوزاري السعودي واستهداف الحوثيين للأمارات؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
بعد غياب له عن الساحة منذ أكثر من 6 أشهر، ظهر "الملك" سلمان بن عبد العزيز فجأة وفي مقطع مصور لا يتجاوز أربعة دقائق ليصدر أوامر ملكية جديدة شملت تعديلا في منصب وزاري وتعيينات في الديوان الملكي ومناصب عليا.. شملت العديد ممن لم يرغب بهم نجله المدلل، لكن ما يهم هو تعيين "عبد الله بن صالح العويس" نائباً لرئيس أمن الدولة بمرتبة وزير، و"ماجد المزيد" محافظا لهيئة الأمن السيبراني، وذلك بعد أيام من قرار العاهل السعودي إقالة مدير الأمن العام في المملكة الفريق أول "خالد بن قرار الحربي" وإحالته للتحقيق، بعد مزاعم تورطه في قضية فساد كبيرة في المملكة.
ضربة صاعقة أفقدت آل زايد صوابهم لم يتوقعوها أن تحصل وبهذا الحجم، حيث استهداف منطقة "مصفح" الصناعية بالقرب من خزانات "أدنوك"، ما أدى الى انفجار 3 صهاريج نقل محروقات بترولية جنوب غرب أبوظبي، ومطار أبو ظبي أطلق اليمنيون عليها عملية "إعصار اليمن" شاركت فيها 20طائرة مُسيّرة من طراز صماد 3 و10 صواريخ باليستية يمنية مجنحة نوع قدس 2 وذوالفقار طالت أهدافاً حساسة في الإمارات اقتصادية وعسكرية وأمنية تطبيعية، منها غرفتي عمليات سرية تضم ضباط قيادة وأركان اسرائيليين ينسقون العمليات الجوية الاسرائيلية تحمل شارات سلاح الجو الاسرائيلي، ترابط في قاعدة الظفرة الاميركية الشهيرة- وفق مصادر عسكرية اسرائيلية.
تغييرات منتصف الليل لسلمان تعود عليها الداخل والخارج، لكن ما يلفت الانتباه أنها جاءت بعد حوالي شهر من زيارة محمد بن سلمان الى الإمارات ولقائه محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، سبقه لقاء نائب رئيس هيئة الأركان العامة قائد القوات المشتركة المكلف الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية الفريق الركن مهندس عيسى بن سيف المزروعي، بمقر قيادة القوات المشتركة القائد المشترك لعمليات رياح الغرب، تخلله عتاب شديد من قبل الطرفين بخصوص خيانة بعض القيادات العسكرية في كلا البلدين للتحالف ضد اليمن- وفق ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
مراقبون عسكريون غربيون أكدوا أن الحرب على اليمن دخلت مرحلة تصعيدية خطيرة جديدة وهذه الهجمات رسالة تحذيرية متوقعة وغير مسبوقة، وانها الرد الاول على مشاركة الامارات بقوة مباشرة أو عبر حلفائها في شبوة ومأرب بعد أن اعلنت انسحابها من تحالف العدوان وهو الاعلان الذي وجه طعنة من الخلف لأبن سلمان باعتراف الأخير، فما كان منه إلا أن يترك دفة القتال في الفترة الأخيرة للاماراتي حتى يذوق الأخير البأس اليمني الذي اكتوى فيه حكام الرياض لسنوات.. وقد ذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية: الهجوم الحوثي ضخم وكبير، ويُذكِّرُنا بالهجوم على منشآت نفطية سعودية عام 2019.
المزروعي نقل لضيفه السعودي بأن لدى بلاده معلومات استخباراتية بوضع بعض القيادات السعودية بنك أهداف الاماراتي تحت تصرف الحوثيين، ليذكره الأزيمع بأن الإمارات هي من طعنت التحالف الدولي من الخلف باعلانها العام الماضي خروج قواتها من اليمن.. في الوقت ذاته يتهم مسؤولون في حكومة هادي المنتهية ولايته الإمارات، بالخروج عن الأهداف الرئيسية للتحالف العسكري، من داعم رئيسي لما يسموه الحكومة الشرعية وانهاء الانقلاب الحوثي، إلى مقوض لها، ومنازع عبر دعم مليشيات انفصالية جنوبي البلاد، وأخرى مناهضة للشرعية غربي البلاد؛ الى جانب وضع بنك اهداف لقوات الرئيس المستقيل والسعودية تحت تصرف الحوثي خلال المفاوضات التي جرت قبل ذلك في الرياض.
وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أكدت أن تقارير تشير الى ان منشآت النفط الإماراتية لحقت بها اضرارا جسيمة بسبب هجوم الطائرات المسيرة اليمنية؛ مما يثير قلق مراقبي سوق النفط لوجود تهديد مستمر ضد البنية التحتية النفطية في المنطقة والذي ادى الى ارتفاع الأسعار بنسبة 3ر0 دولار للبرميل الواحد وهذا ما يقلق الأطراف الدولية كثيرا خاصة وأن الطلب على الطاقة كثير في فصل الشتاء.. فيما كشفت الباحثة في شؤون الخليج من جامعة حيفا موران زاغا: أن استهداف الإمارات هذا له مردودات كبيرة على الوضع الداخلي في الكيان الاسرائيلي، اذا كان الحوثي يملك هذه القدرة الصاروخية ومن المسيرات فماذا يحدث لو شنت الحرب بين تل أبيب وطهران؟!.
الضغوط السعودية على الامارات دفعت الأخيرة الى خرق اتفاقها مع حكومة صنعاء خلال مفاوضات احتضنتها مسقط، من طرف ومع ما تعهد به طحنون لطهران خلال زيارته لها قبل أكثر من شهر، بوقف دعم الانفصاليين ومرتزقة "العمالقة" وقوات هادي المستقيل لتتوسط لدى الحوثيين بإبعاد الإمارات ومنشآتها العسكرية والاقتصادية من استهداف المسيرات والصواريخ البالستية اليمنية، لكن سرعان ما نقض أبنا زايد ما تعهدوا به وقامت قواتهم بسلاحيها البري والجوي بدعم قوات المرتزقة "العمالقة" في شبوة في الحرب ضد القوات اليمنية المشتركة وتحقيق بعض التقدم على الأرض.
وكانت صنعاء قد هددت الامارات باستهدافها "في العمق" إذا استمرت في "التصعيد" في الداخل اليمني بدعم المرتزقة، وذلك بعد إحراز التحالف السعودي الإماراتي تقدما ميدانيا في محافظتي البيضاء وشبوة من قبل "الوية العمالقة" المؤسسة والمنظمة والمدعومة إماراتياً تسليحياً ومادياً.. فقد هدد عضو المكتب السياسي لجماعة انصار الله محمد البخيتي إن الحوثيين سيواصلون القتال لاستعادة الجبهات التي خسروها في معارك شبوة في الآونة الأخيرة، وأن صواريخهم جاهزة لاستهداف معاقل "كل من تجرأ" على دعم الإرهابيين والانفصاليين، كاشفاً عن صفقة بين السعودية والإمارات تقضي بأن تسلّم السعودية كل المحافظات الجنوبية بما في ذلك شبوة الى الإمارات، في المقابل تقوم الأخيرة باستخدام كل طاقتها العسكرية كما كان الوضع سابقاً.
معهد "واشنطن لدراسات الخليج" كشف النقاب من أن المحكمة العسكرية السعودية اتهمت الفريق أول الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، قائد قوات التحالف السابق في اليمن والذي اعتقل ونجله الأكبر قبل أكثر من عام، بتهمة "الخيانة العظمى" أبعد بعدها من السلطة وتم احالته الى التقاعد وسلب كل انجازاته العسكرية (فضائح الفشل في الحرب على اليمن طيلة حوالي أربع سنوات بقيادته قوات تحالف العدوان)، مشيرة الى أن الأخير وضع "بنك أهداف اماراتي" تحت تصرف اليمنيين عبر وسطاء سعوديين، وهو ما أشار إليه المزروعي خلال لقائه الأخير مع الأزيمع كما ذكرنا سلفاً.
العجيب في الأمر أن الكيان الاسرائيلي هو أول من يصرخ ويطلق العويل ويندد ويدين هجمات اليمنيين على كل من السعودية والإمارات.. هو يدرك ويحلل ويعرف ماذا تعني هذا الضربات التأديبية.. الإسرائيليون المحتلون يتوقعون ان دور التأديب آتٍ اليهم لا محال لأنهم مشاركون مباشرة بهذه الحرب الهمجية، العبثية والإجرامية ضد الشعب اليمني باعترافهم أنفسهم حيث قال "هيداي زيلبرمان" المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في حديثه لموقع "إيلاف" السعودي نهاية العام 2020، أن قائد الأركان الاسرائيلي "أفيف كوخافي" قالها مراراً أن لنا حضوراً عسكرياً مباشراً في "الدائرة الثانية" من دول المنطقة في معرض تهديداته لإيران، كان يقصد اليمن والعراق مِن بَعد "الدائرة الأولى" المُتمثّلة في لبنان وسوريا.
"توربيورن سولت فديت" المحلل في شركة الاستخبارات المخاطر "فيرسك مابلكروفت"، أكد إن "الهجوم في أبو ظبي يُسلّط الضوء على التهديد المستمر ضد البنية التحتية المدنية والطاقة في المنطقة وسط التوترات الإقليمية المتزايدة.. وأن التقارير عن الأضرار التي لحقت بالمخازن وشاحنات الوقود والتخزين تثير قلق مراقبي سوق النفط.. ويزيد خطر التدهور الأمني في المنطقة". في الوقت ذاته كشفت مصادر عسكرية أن الضربة التي تلقتها الأمارات هذه المرة كانت صاعقة وموجعة وليست كسابقتها.. ففي 3 ديسمبر 2017، استهدف الحوثيون مفاعل براكة للطاقة النووية في أبو ظبي بصاروخ كروز؛ وفي 27 أغسطس/ آب 2018، تم قصف مطار دبي الدولي بطائرة مسيّرة ردًا على ما الجرائم الاماراتية؛ وبعدها بأيام وتحديدًا في 1 سبتمبر/ أيلول 2018 أعادت صنعاء قصف مطار دبي بطائرة مسيرة من طراز "صمّاد 3".. تلك الهجمات التي نفتها الإمارات ولم تعقب عليها لكن القادم سيكون أعظم وعلى محمد بن سلمان أن "يعتبر" وهو المستبعد.
ارسال التعليق