ماوراء احتدام الصراع بين المحمدين؛ الأسباب الخفايا
[حسن العمري]
* حسن العمري
"بعد سنوات من الخطط والعمل المشترك.. وسنوات الوحدة والتعاون الاستراتيجي في عدد من الملفات بين البلدين مثل العدوان على اليمن ومقاطعة قطر؛ تبدو العلاقات السعودية الإماراتية ذاهبة نحو التأزم، وهو ما ظهر بشكل لافت خلال الأيام الماضية"- صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية؛ لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير فالمعلم يسعى للإيقاع بالتلميذ في الملفات الإقليمية وإفشال كل مسعى له على المستوى السياسي، ومن الإنسحاب الأحادي الجانب من العدوان على اليمن وكذا النظام الخليفي للمضي قدماً نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي قبل الحصول على الموافقة السعودية؛ في خطوة ذكية للإنتقام من آل سعود كما اشرنا الى ذلك في مقالاتنا السابقة.
سرعان ما تحول التكاتف والتأزر والتعاون الوثيق في المواقف والعدوان والاحتلال بين المعلم والتلميذ الى جبهة للصراع فيما بينهما يقال إنها من أجل عدم التزام المعلم بقرارات أوبك وهو ما سيؤذي التلميذ شر بلاء خاصة في هذه البرهة من الزمن والعدوان على اليمن يحتدم وخسائر الجيش السعودي ومرتزقته في تزايد كبير على مختلف الجبهات في الداخل اليمني وعند الحدود وفي العمق السعودي، وباتت الأمور خارجة عن سيطرة محمد بن سلمان حتى في القصور الملكية فما بالك على الجبهات وفي ساحات التواجد السياسي الإقليمي حيث الفشل يطارده من ملف لآخر بعد أن أوقعه فيها محمد بن زايد من قبل ومن ثم سحب البساط من تحته.
قرارات سريعة اتخذها "بن سلمان" لردع مخطط "بن زايد" الرامي للإطاحة به بعد الكشف عن مؤامرة بالغة الخطورة كان قد خطط لها طحنون آل زايد مستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات مع عدد من أمراء الأسرة السعودية الحاكمة الساخطين على الوضع الحالي وعلى أبو منشار، بمساعدتهم في الإطاحة بمحمد بن سلمان من السلطة هو ووالده والإتيان بعمه أحمد بن عبد العزيز؛ وما الرفض الاماراتي للمقترح السعودي في مجال إطار أوبك إلا ذريعة واهية للتصعيد بين العاصمتين في وقت تخفي كل منهما الأسباب الحقيقية الكامنة من وراء حدة الخلاف القائم الذي يشير الكثير من المراقبين الى أنه ربما يذهب الى حرب بين البلدين.
يجب الوقوف بدقة على تصريحات وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" العربية، بقوله "لا يُعقل أن نقبل باستمرار الظلم والتضحية أكثر مما صبرنا وضحينا.. مسألة دخولنا أو اجبارنا على الدخول في اتفاقية جديدة وربطها بزيادة الإنتاج، لا نراها طلبا منطقيا حتى لو اتّفقت عليه كل الدول.. مطلب الإمارات هو العدالة فقط بالاتفاقية الجديدة ما بعد أبريل/ نيسان، وهذا حقنا السيادي أن نطلب المعاملة بالمثل مع باقي الدول”. لتكشف “كارين يونج” من معهد الشرق الأوسط: إن “المنافسة المتزايدة داخل دول مجلس التعاون مرتبطة بعدد من قضايا السياسة قبل ان تكون اقتصادية”، لافتةً الى تدهور العلاقات السعودية الإماراتية اقترن بتصميم الأخيرة على توسيع نطاقها السياسي عابراً للمملكة.
الرياض لم تقف مكتوفة الأيدي على التسريبات المتتالية ضد عرش نجل سلمان والتهديدات القادمة من أبوظبي، فقد أصدرت قرارات عاجلة بمقاطعة المنتجات الإماراتية المنتجة في المناطق الحرة تلك التي تعد المحرك الرئيسي لاقتصاد الإمارات عبر جذب المستثمرين والشركات الأجنبية إليها.. ما يمثل تحدياً كبيراً لاقتصاد الإمارات مركز التجارة والأعمال في المنطقة؛ ثم أضف الى ذلك منع الحكومة السعودية عن ترسية تعاقدات الدولة على الشركات التي تقيم مراكز أعمالها في أي دولة إقليمية خاصة في الإمارات.. كما أوقفت الرياض الرحلات الى الإمارات تحت يافطة فيروس كورونا، وكأنه لم يكن موجوداً من قبل!!، ومعلومات تتحدث عن قرب صدور أمر ملكي بمنع المواطن السعودي من الذهاب الى الامارات.
“امريتا سين” محللة شؤون النفط لدى “إنرجي أسبكتس” لاستشارات الطاقة قالت: إن الخلافات المتزايدة في الرأي حول السياسات الخارجية والاقتصادية والأمنية بين الرياض وأبو ظبي، آخذة نحو التصاعد في ن ومستقبل يسوده الغموض لم يعرف الى أين سيؤدي"- وفق ما نقلته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية القريبة من القرار الأماراتي؛ خاصة وأن الحكومة السعودية قد هددت قبل يومين "بوقف إبرام العقود الحكومية مع الشركات متعددة الجنسيات التي لم تنقل مقرها الرئيسي الى السعودية، الى جانب سحبها لمكاتب سلسلة قنوات أم بي سي السعودية من الأراضي الإماراتية، وتغيير مسار طيرانها فوق الأراضي الإماراتية باستخدام الأراضي العمانية !! - وفق مراقبين.
أسباب عديدة الى جانب التخطيط الاماراتي الإطاحة بعرش نجل سلمان تقف من وراء الأزمة الجديدة بين المحمدين المنبوذين اقيلمياً وعربياً وعالميا، منها مساعي محمد بن سلمان لتحويل التنافسية في المجال السياحي مع الإماراتي بمشاريع واهية تجعل من بلاد الحرمين الشريفين ملهى ومرقص للسواح تحت يافطة سياسة الانفتاح الداخلي بالترفيه الداعر، في مدينة "نيوم" ذاك الحلم المتزلزل خاصة وأن أكثر من 50% من زوار دبي هم من السعوديين.. أضف الى ذلك طعنة ولي عهد سلمان لمعلمه عبر المصالحة مع قطر والتي كما قال بعضهم أن اتفاقية "العلا" هبطت كصاعقة قاتلة على حكام الامارات، بعد أن جرى اعدادها وتنفيذها بعيداً عن الحلفاء الثلاث الإمارات ومصر والبحرين!.
مراقبون للشأن الخليجي يؤكدون أن إجراءات محمد بن سلمان ضد محمد بن زايد جاءت نتيجة الطعنة القاتلة للأخير في العدوان على اليمن وبعد قراره بسحب القوات الاماراتية المتحالفة مع السعودية من اليمن من طرف واحد عام 2019 دون تنسيق أو تشاور مع الرياض، تذرعت أبوظبي بأن القرار جاء تجنباً لتهديدات الحوثيين التي طالت العمق السعودي منذ ذلك الحين، فيما مصادر النظام السعودي تتهم الامارات بتغذية "بنك أهداف" الحوثيين بكل شاردة وواردة فيما يخص المناطق العسكرية والبنى التحتية للسعودية ما يشير الى دقة استهداف المسيرات والصواريخ اليمنية لتلك المواقع والخسائر الكبيرة التي تخلفها؛ ثم الدور الإماراتي في سحب الحليف الأمريكي للعديد من بطارياته الدفاعية من الأراضي السعودي في الآونة الأخيرة.
هناك من يعتقد أن انفجار الناقلة في ميناء جبل علي بدبي قبل اسبوعين، جاء بعد منح الرياض الضوء الأخضر لقوات علي محسن لاقتحام عدن لمواجهة فصائل الانتقالي التابعة للامارات، وانها كحركة إيذائية أولية تقدم عليها المملكة كرسالة إنذار الى الطرف الإماراتي لكن الأخير قرر برد الصاع صاعين عبر زيادة اتصالاته مع حلف الأمراء المعارضين لعرش "بن سلمان" ودعمهم سياسياً وعسكرياً اذا اقتضت الضرورة، ليكشف عورة المعلم والتلميذ وما يكنه واحدهم للآخر من عداء مستميت وحقد كبير للإيقاع وهو ما يفسر دفعه نحو الحرب ضد اليمن ومقاطعة قطر ودعم الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا فيما أبوظبي تعيد مسارها الدبلوماسي مع دمشق في وضح النهار!!.
معلومات ميدانية نقلتها وكالة "آسوشتيدبرس" الأمريكية تؤكد أن الرياض أوقفت جميع شاحنات النفط التي تنتقل بين حقل الشيبة وخور العديد الى الامارات وتعتبرها من ضمن الأراضي السعودية في حين الإمارات تصدر بطاقات شخصية وتعتبر هذه المناطق من ضمن أراضيها، وهي أحدى أقدم نقاط الخلاف بين النظامين القمعين.
ارسال التعليق