مجازر جديد بانتظار أبناء الجزيرة بمطرقة القضاء المسيس
[حسن العمري]
* حسن العمري
أعلنت السلطات السعودية، عن تنفيذها 61 إعداماً خلال النصف الأول من العام الجاري 2023، في الوقت التي أكدت مصادر حقوقية عربية وغربية من أن العدد أكثر من هذا بكثير.. حيث أن أول الإعدامات الظالمة التي تم الإعلان عنها نفذت في مارس/آذار 2023، وبالتالي، فإن كل الأحكام الواحدة والستين نفذت في 4 أشهر، والتي شملت وفق البيانات الرسمية (45) سعودياً البعض منهم كانوا قصراً حين تم اعتقالهم لمشاركتهم في مسيرات سلمية مطالبة بالاصلاح والتغيير، و2 من البحرين على خلفية طائفية وفق "أمنستي" والباقي من جنسيات مختلفة، غالبيتها كانت بحد السيف المتعارف لدى سلطات القمع السعودية لإرعاب المجتمع.. وذلك خلافاً للوعود التي أطلقها ولي عهد سلمان عام 2018- وفق منظمة العفو الدولية.
مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة وخبراء دوليون وفرق عاملة قد أكدوا انطواء غالبية هذه الأحكام على شوائب جوهرية واعتبروا أن تنفيذها هو "قتل تعسفي"، مشددين على انعدام أسس المحاكمة العادلة في قضية شباب المنطقة الشرقية والبحرينيين حيث تجاهلت السلطات السعودية الآراء الحقوقية الدولية وعمدت الى تنفيذ الأحكام الجائرة والظالمة التي تعد الى جانب كونها إشارة على إصرار نظام آل سعود المضي في تنفيذ أحكام القتل ضد كل من ينبس بكلمة معارضة ضد السلطة حتى ولو كان بخصوص البطالة والغلاء والفقر؛ فأن إعدامات النصف الأول من العام الجاري 2023، تؤكد استخفاف السلطات السعودية خاصة قضائها المسيس التابع لرغبة الحاكم بالتزاماتها وبالآراء والقوانين الدولية.
"القضاء السعودي مسيس وبأعلى درجات التسييس وتابع لرغبة السلطات الحاكمة ويصر على إبقاء المحاكمات سرية وغير معلنة ودون مشاركة وكلاء الدفاع أو حضور أولياء المعتقلين.. بقاء المحاكمات سرية هو جريمة حرب ضد الإنسانية وفق القانون الدولي بحد ذاته ناهيك عن كيفية إقامتها, كما وانها جريمة لا تقل بشاعة ودموية عن جريمة تسييس القضاء نفسه والذي يفتقد لأدنى شروط المحاكمات القضائية العادلة والعلنية, مع عدم وجود إعلام ومحامي أو على الأقل هيئة محلفين ولو حضوريا شكليا فقط وبدون تدخل يمنع معرفة أسباب الظاهرة , وكأن السلطات السعودية تتعمد سريتها لأسباب وغايات نجهلها.. نتابع ببالغ القلق ما يجري من عمليات قتل جماعية للمعارضين السلميين في المملكة ورصدنا عمليات إعدامات شبه يومية, بقطع الرأس طال عشرات الأشخاص أعلنت وتعلن عن بعضها السلطات السعودية كل يوم , خاصة في الأشهر الأخيرة"- جانب من تقرير "منظمة ثمن الدولية لحقوق الإنسان" ومقرها لندن.
باحثون في الشأن السياسي أكدوا أنه "إذا فسد القضاء فسدت الدولة، وإذا فسدت الدولة فسد المجتمع، ولذلك إذا أردت القضاء على أي مجتمع فعليك بقضاته فإنه يسلم إليك ما تريد، فماذا بعد فساد القضاء والقضاة؟! وإذا صارت مؤسسة القضاء أداة بيد السلطة التنفيذية وسلاحًا تصفِّي به القريب والبعيد، المجرم والبريء فاقرأ على باقي مؤسسات الدولة السلام، وكذا على أمن المواطن وسلامته واستقراره؛ إذ أنه الخاسر الأكبر من كل ذلك.. منظمة العفو الدولية وفي تقرير حديث لها أكدت مرة اخرى على أن السعودية هي الأول عربياً والثالث دولياً في عمليات الاعدام، مشيرة الى زيف محاكمها وقرارات قضاتها المسيسين القائمة على اعترافات منتزعة تحت التعذيب الجسدي والروحي وحتى الاعتداءات الجنسية.
يحكى أن قاضيا من القضاة مرتشي إختصم عنده رجلان، أحدهما بائع دجاج والآخر بائع بطيخ، فأرسل اليه بائع الدجاج بقفص من الديوك كرشوة، وأرسل بائع البطيخ بخمس بطيخات ليحكم له، قرر القاضي أن يحكم لصالح بائع الدجاج باعتبار أن ثمن القفص أكبر وبعد أن طبخت له زوجته ديكا من القفص وأكله، قال لها: ائتني ببطيخة، فقالت له: ألم تحكم لصاحب الدجاج؟، قال لها: لا بأس أن نتذوق شيئا من البطيخ، فشق بطيخة فوجد بداخلها ليرة من الذهب، وشق الأخرى فوجد بداخلها ايضا ليرة ذهبيه.. وكلما شق بطيخة وجد ليرة أخرى من الذهب، هنا قرر القاضي أن يحكم لصالح بائع البطيخ، وفور النطق بالحكم صاح بائع الدجاج غاضبا وقال: مابال مؤذن الفجر؟!، فقال له القاضي: اتضح لنا أنه منافق يؤذن في الناس ولا يصلي معهم، أما الآخر فايمانه في قلب، كلما شققنا عن قلبه وجدناه ناصعاً لامعاً براقاً.. فما بالك والراشي هو ولي عهد آل سعود.
إصرار دون مبرر من قبل السلطات السعودية على تنفيذ اسبوعي ممنهج ووحشي لعقوبة الإعدام ضد النشطاء والعلماء والمفكرين والجامعيين والاعلاميين والحقوقيين ، فقد شدد منظمة "أمنستي" إن عدد الذين أعدمتهم الرياض خلال عام 2022 هو الأعلى الذي رصدته المنظمة في المملكة ليس خلال السنوات الخمس الماضية بل على مدى ثلاثين عاماً، في الوقت ذاته تؤكد منظمات الدفاع عن حقوق الانسان الدولية مثل هيومن ووتش رايتس وغيرها إن عدد الذين أعدمهم محمد بن سلمان بمحاكمات صورية هزيلة خلال العام الماضي 2022 تجاوز 240 شخصاً غالبيتهم المطلقة لأسباب طائفية أو مشاركة في مسيرات سلمية مطالبة بتساوي الحقوق ونبذ التمييز الطائفي والقبلي والمناطقي الذي تتعرض له المنطقة الشرقية وأطراف "نيوم" ومناطق الجنوب في شبه الجزيرة العربية- وفق ما قالته دانة أحمد الباحثة في منظمة العفو الدولية لبي بي سي.
هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، تكشف النقاب عن أن عشرات الأبرياء القابعين في سجون السلطات السعودية معرضون لخطر الإعدام ظلماً والذي سيتم تنفيذ غالبيته بسرية، وهذا ما يتناقض بشكل فاضح مع اعلان ولي العهد محمد بن سلمان بوضعه حداً لاستخدام عقوبة الإعدام ضد المعارضين السياسيين خاصة ضد أحداث دون سن 18 عاماً وقت وقوع التهمة أو الاعتقال، فيما الأنباء تؤكد أن حوالي 10 من هؤلاء القصر المعتقلين معرضون لخطر الإعدام الوشيك بعد أن أيدت محكمة استئناف عقوبتهم. وسيشكّل إعدامهم، تصعيداً مروعاً لاستخدام عقوبة الإعدام الذي حطم رقماً قياسياً، حيث زاد عدد عمليات الإعدام في البلاد سبعة أضعاف في السنوات الثلاث الماضية وحدها.
"تمكن محمد بن سلمان من تحويل النيابة العامة أداة طيعة لرغباته المقيتة وجعل النائب العام عبارة عن أداة لتمرير قرارات الديوان الملكي، كما حول المحكمة الجزائية المختصة لأداة قمع وترهيب المواطنين والمعتقلين السياسيين والناشطين من كلا الجنسين، وقد دفعت المحاكمات الأخيرة لعدد من الحقوقيين والحقوقيات في سجون آل سعود الى التحرك على المستوى الدولي والأوروبي ضد هؤلاء القضاة القتلة الى إدراج أسمائهم في قائمة المجرمين لمحكمة العدل الدولية لتجميد جميع أصولهم ومنعهم من دخول دول أوروبا وأمريكا وكندا.. لقد حان الوقت لتطبيق عقوبات Magnitsky على القضاة والمدعين العامين في المملكة" - "بيل براودر" رئيس منظمة ماجنيتسكي الدولية.
منظمات حقوقية سعودية وغربية منها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان كشفت عن تعرض أبناء الجزيرة العربية لموجة جديدة من المجازر وقطع الرؤوس ستشمل (65) معتقلا على أقل تقدير خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، ومن بين المهددين بالاعدام (9) قاصرين على الأقل هم: عبدالله الحويطي، عبد الله الدرازي، جلال اللباد، يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريريص، ومهدي المحسن؛ ثم الى جانب هؤلاء القاصرين المتهمين بالمشاركة في مسيرات احتجاجية سلمية فقد صادقت محكمة الاستئناف على أحكام "قتل بالحرابة" بحق أفراد آخرين بتهمة التظاهر والإساءة للعائلة المالكة ايضاً.. حيث كشفت التقارير الحقوقية عن تعرض المعتقلين لانتهاكات جسيمة وتعذيب شديد، بينهم محمد آل لباد، وعلي آل ربيع، وسعود الفرج، ومحمد عبد الله الفرج وغيرهم.
ارسال التعليق