حدث وتحليل
محمد بن سلمان.. الهرولة نحو العدو والخوف من الاقربين
[ادارة الموقع]
تتوالى بصورة متسارعة الانباء عن التقارب السعودي الاسرائيلي وتوطيد العلاقات بين الطرفين على قاعدة المصالح المشتركة، وفي هذه الفترة يتفاعل التقارب بخصوص العمل والتمهيد لتطبيق "صفقة القرن" التي تمثل بشكل أساسي مصلحة وغاية اسرائيلية منشودة منذ زمن طويل، إلا ان تطبيقها في الظروف الحالية يحمل في طياته مصلحة لمملكة آل سعود وبالتحديد لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقود دفة الامور في البلاد ويحمل لواء إنهاء القضية الفلسطينية.
فمن يرصد ويدقق في الهرولة غير المسبوقة لمحمد بن سلمان نحو العدو الاسرائيلي وتحقيق مصلحته بالسعي لانهاء حقوق الشعب الفلسطيني يطرح تساؤلات بديهية حول أسباب ومصلحة هذا الحالم بالجلوس على كرسي الملك في السعودية بالرضوخ لهذه الدرجة للاوامر والرغبات الاميركية الاسرائيلية وتحقيق هذا الحلم التاريخي للصهاينة، والتساؤلات تطرح حول حجم المقابل الذي سيناله ابن سلمان من تقديم هذه الخدمات الكبيرة للصهاينة.
ابن سلمان والضوء الاخضر الاميركي الاسرائيلي
فابن سلمان يفعل كل ما يريد في داخل السعودية وفي علاقاتها الخارجية بدون حسيب او رقيب، والرجل يتقدم بخطوات ثابتة للنيل من كل العائلة السعودية الحاكمة والجلوس ليرث كرسي الملك من والده سلمان بن عبد العزيز ضاربا بعرض الحائط كل الاعراف المعمول بها في مملكة التوريث والتسلط، والاكيد ان ابن سلمان ما كان يجرؤ لفعل كل ذلك لولا الدعم الخفي واللامحدود الذي يعتقد انه قائم من قبل الايادي والاجهزة الاميركية والاسرائيلية التي تعطيه الضوء الاخضر ليفعل ما يحلو له وما يعتقد انه يؤمن له الوصول الآمن لرأس السلطة في السعودية.
واذا ما بحثنا في مصلحة ابن سلمان نرى ان الرجل لديه الحافز لفعل كل ذلك لانه لا يبحث إلا عن مصالحه الخاصة ولا يفكر بمصلحة البلاد او بمصالح الناس ولا حتى بمصالح الامة الاسلامية والعربية وشعوبها، وهو حاضر لبيع كل التاريخ والقضايا والقيم نزولا عند مصلحته الذاتية الضيقة ورغبته الجامحة بالوصول الى السلطة ليبقى ملكا على مملكة آل سعود لعشرات السنوات القادمة كما يعتقد وينوي وكما صرح عن ذلك صراحة خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة الاميركية.
لكن المفارقة هي في الموقف السعودي العام سواء الذي يعبر عن رأي عموم الشعب في البلاد او عن الموقف المعبر عن آل سعود بشكل خاص، فأين الشعب السعودي من كل ما يفعله محمد بن سلمان في الامة وقضاياها؟
واذا ما كان الشعب السعودي يقبل بالتضحية بحقوقه وحرياته والصمت عنها فلماذا يقبل بالتضحية بالأمة ومصالحها؟ وأين آل سعود من كل ما يفعله الحالم بكرسي الملك بهم وبالشعب والبلاد والامة؟ ولماذا كل هذا الصمت عن كل هذه الامور؟ ألا يوجد احد قادر او حر في هذه العائلة لينتفض ويرفع الصوت ويقول كفى تجاوزات وممارسات وانتهاكات وجرائم في الداخل وفي اليمن وبحق الامة وفلسطين والمقدسات فيها؟
آل سعود.. والغياب عن هموم الامة
الأكيد ان آل سعود كجهة قائمة وحاكمة في البلاد من عشرات السنين لا تعنيهم كثيرا فلسطين والمقدسات فيها وعلى رأسها القدس المحتلة، ولو كانت تعنيهم لما وصلت الامور تاريخيا الى هذا الحد من قبل العدو الاسرائيلي ومن قبل الادارات الاميركية المتعاقبة وصولا لما قام ويريد القيام به الرئيس دونالد ترامب بدءا بقراره باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال وانتهاءا بصفقة القرن، ولو ان الامة تعني آل سعود لما شهدنا كل هذه الهرولة باتجاه الاعداء ومعهم العديد من حكام الأنظمة الخليجية خاصة في الامارات والبحرين الذين يتواطؤن على شعوبهم وأمتهم تحقيقا لنفس المصالح التي ينوي تحقيقها ابن سلمان، فما الفارق بين محمد بن سلمان وملك البحرين حمد بن عيسى او ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد وغيرهم من اللاهثين خلف اسيادهم في واشنطن وتل ابيب.
كما ان آل سعود لا يعنيهم كثيرا الشعب السعودي وما يجري به وما يعانيه من قمع وكم الافواه، ولو كانوا يهتمون بذلك لكنا شهدنا اوضاعا مغايرة لهذا الشعب وما كنا سمعنا وشاهدنا كل هذا الاضطهاد والقهر والقتل والتمييز الطائفي والمذهبي والطبقي والقبلي الذي عاشته البلاد منذ عشرات السنين وطوال حكم آل سعود الذين أسسوا مملكتهم وحكموها بالسيف والنار.
ولكن كيف يقبل آل سعود الاطاحة بهم بهذه الطريقة والقضاء على الامتيازات والسلطات التي كانوا يتمتعون بها من دون ان يحركوا ساكنا ومن دون أي ردود فعل مجدية، علما ان هناك بعض الامور التي حصلت في السعودية وكان اخرها حادثة اطلاق النار في حي الخزامى في العاصمة الرياض، ولم يظهر حتى الساعة حقيقة ما جرى في تلك الليلة وما اذا كان هناك تحركات لبعض الامراء ضد الملك سلمان وولي عهده.
الغضب من ابن سلمان..
وبالسياق، نقل عن الأمير السعودي المنشق عن العائلة خالد بن فرحان قوله إن "هناك غضبا كبيرا داخل العائلة المالكة بسبب تصرفات بن سلمان"، ولفت الى ان "إزاحته من السلطة مسألة وقت لا أكثر"، واشار الى ان "هرولة ابن سلمان لتمرير صفقة القرن تهدف إلى إقامة علاقة وطيدة مع إسرائيل وتحقيق جميع مصالحه على مبدأ السمع والطاعة لتسهيل وصوله إلى السلطة".
وسبق للعديد من المصادر المطلعة ان تحدثت عن ان اضلاع "صفقة القرن" المتمثلة بـ"ترامب-نتانياهو-ابن سلمان" هي شخصيات متزعزعة وغير ثابتة في الحكم نتيجة العديد من الظروف الداخلية التي يمرون بها، لكن يبقى ابن سلمان هو الحلقة الاضعف بين هذه الاسماء الثلاثة، وما يعانيه هذا الرجل في الداخل السعودي يدفعه للقيام بكل هذا التعاطي القاسي والمتسلط على الجميع بدون استثناء، حتى ان صعوبة موقفه وخوفه الشديد من الاطاحة به دفعه للقيام بالاعتقالات التي طالت ابناء عمومته من العائلة السعودية بمن فيهم شخصيات لها ثقلها الامني والسياسي، فهل سنشهد لاحقا تطورات ما على هذا الصعيد ام ان ولي العهد السعودي اجرى كل الاحتياطات اللازمة لحماية رأسه وحكمه؟
ارسال التعليق