محمد بن سلمان والمثلية السياسية.. عهر التطبيع
[حسن العمري]
* حسن العمري
تيتي تيتي بعد ما رحت جيتي.. هي حالة توافد كبار مسؤولي الكيان الاسرائيلي على بلاد الحرمين الشريفين في ضيافة خاصة من قبل محمد بن سلمان تزامنت مع احتفالات اليوم الوطني السعودي (ذكرى احتلال شبه الجزيرة العربية من قبل آل سعود).. فما أن يخرج وزير صهيوني من الرياض حتى يرد عليها آخر بمعية وفود كبيرة الحجم يتلقون كرم الضيافة السلمانية الخاصة على 24 قيراط من كل الجهات؛ وما وزير الاتصالات الإسرائيلي "شلومو كارعي" من أكثر المحرضين والداعمين لتدنيس المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى وتقليص قدرة المسلمين على الوصول إليه؛ وأقام الصلاة التلموذية وقرأ التوراة واحتفل بعيد "العرش" في العاصمة الرياض.. هو آخر من يزور المملكة علناً، وعلى رأس وفد ضم رئيس لجنة الاقتصاد البرلمانية دافيد بيطون، ونائب المدير العام لوزارة الاتصالات، رئيس ديوان الوزير والناطق باسمه، ومديرة العلاقات الخارجية، وممثلي إدارة البريد ووزارة الخارجية.
وزير إعلام الكيان الاسرائيلي كاتس الذي سبق زميله كارعي بأيام قليلة وعلى رأس وفد رفيع المستوى يقال أنه كان ضيف شرف لابن سلمان مشاركاً في مهرجاني "بوليفيا الرياض" و"لحن المملكة"، صرح بعد عودته الى تل أبيب لقناة مكان الصهيونية (@i24NEWS_AR) يقول: "زيارتي للسعودية تاريخية.. استقبالنا في الرياض كان حميميا والتجوال في شوارعها أشبه بالتجوال في شوارع تل أبيب".. قبل أسابيع زار وفد اسرائيلي مختص بالسايبر الدمام وحضر مؤتمراً دوليا هناك وأجتمع مع مسؤولين سعوديين كبار ووقع على اتفاقية تعاون في مجال السايبر لمتابعة معارضي محمد بن سلمان داخلياً وخارجياً – وفق صحيفة يديعوت أحرنوت الاسرائيلية.
محمد بن سلمان وفي مقابلة جديدة له مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، كشف النقاب من إن الرياض تقترب أكثر من تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي أكثر فأكثر، وقال "هناك دعم من إدارة الرئيس بايدن للوصول إلى تلك النقطة.. وبالنسبة لنا فإن القضية الفلسطينية مهمة للغاية. نحتاج الى أن نحل تلك "الجزئية" ولدينا مفاوضات متواصلة حتى الآن. وعلينا أن نرى الى أين ستمضي، نأمل أن تصل الى مكان تسهل فيه الحياة على الفلسطينيين وتدمج إسرائيل في الشرق الأوسط".. القضية الفلسطينية باتت جزئية بالنسبة لولي عهد آل سعود حيث تاريخهم في بيع فلسطين وشعبها بثمن بخس على طبق من ذهب لاسيادهم اليهود.. في الوقت ذاته كشفت تقارير اعلامية اسرائيلية وغربية النقاب عن أن "التواجد الرسمي الاسرائيلي بات على شكل يومي في الرياض بشكل رسمي أو بعيداً عن الأضواء بهدف تعجيل مسيرة التطبيع"!!.
وزير خارجية كيان الاحتلال الاسرائيلي "إيلي كوهين" رحب ترحيباً كبيراً بتصريحات "بن سلمان" الأخيرة معلناً إن “توقيع اتفاقية تطبيع مع المملكة العربية السعودية قريبا”، معتقدًا “أنها ستكون جاهزة في الربع الأول من عام 2024”.. رافضاً جملة وتفصيلاً طرح القضية الفلسطينية من قبل الرياض خلال مسيرة التطبيع، بقوله: أن “الاتفاق مع السعودية غير مرتبط بالتقدم على الصعيد الفلسطيني، وأن القضية الفلسطينية ليست عقبة أمام تحقيق السلام الإقليمي”.. كما رفض بشكل قاطع منح السعودية الإذن بإقامة مفاعلات نووية، مؤكدا أن “الكيان الصهيوني يرفض منح أي دولة في المنطقة الإذن بإقامة المفاعلات النووية”.. وأشار الى أن “التوقيع على الاتفاقية مع السعودية سيعتبر تطبيعاً مع العالم الإسلامي برمته، وأن هناك دولاً كثيرة ستحذو حذوها بعد ذلك”!!، حسب قوله.
تزايد الحديث خلال الأسابيع الأخيرة على وسائل الاعلام الغربية والعربية أن محمد بن سلمان اشترط على إدارة بايدن بناء محطة نووية مدنية بمساعدة أمريكية على الأراضي السعودية، للمضي قدماً في مسيرة التطبيع بين الرياض وتل أبيب، وهو ما واجه تحذيرات شديدة اللهجة في الأوساط الإسرائيلية بذريعة تخوفهم من أن “يخرج البرنامج النووي السعودي مستقبلا عن السيطرة”.. في الوقت ذاته التزم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو التعليق على هذا الأمر لكنه شدد على أن التوصل الى سلام تاريخي مع السعودية قريب جداً وأنه سينهي الخلافات مع العالم العربي (موت القضية الفلسطينية)، مشيرا الى أن التطبيع بين الرياض وتل أبيب سيقطع شوطا طويلا نحو إقرار "السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الأذاعة الرسمية للكيان الاسرائيلي كشف النقاب من إن مسؤولا إسرائيليا كبيرا اجتمع سراً مع مسؤول سعودي سياسي رفيع المستوى، جمع المدير العام لوزارة الصحة الصهيونية "سيفي مندلوفتش" ومسؤولا سياسيا سعوديا في العاصمة الرياض.. حيث لم يتم الكشف عن الاجتماع والذي كان جزءا من سلسلة اجتماعات سرية تدار خلال الأسابيع الأخيرة في إطار تطور العلاقات بين تل أبيب والرياض، والتي لا يزال جزء منها ممنوعا من النشر.. وأوضحت هيئة الاعلام الاسرائيلية أن الاجتماع تم قبل "التصريح الهام والتاريخي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول تقدم العلاقات بين البلدين".. وكالة رويترز من جانبها كتبت تقول أن التطبيع السعودي الاسرائيلي مرهون باتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن هذا الاتفاق سوف لن يرقى لرغبة السعودية في اتفاق مثل حلف الأطلسي.. وسيكون مماثلاً لاتفاق واشنطن مع البحرين لا أكثر.
المثلية السياسية لمحمد بن سلمان باتت تتجاوز الحدود وأضحت مخدوشة بشكل فاضح وعهر التطبيع لم يعد الورقة الأخيرة التي بحث عنها مدلل سلمان لبلوغ العرش، فهو مستعد لتقديم الغالي والنفيس من الجزيرة العربية حتى يبلغ مبتغاه.. ومن عجائب المصادفات أن نرى مسلسل هبوط الطائرات الاسرائيلية بشكل اضطراري في المطارات السعودية، حيث هبطت طائرة تابعة لشركة "طيران سيشل" تقل 128 إسرائيليًا في مدينة جدة بسبب مشكلة كهربائية في الطائرة حسبما زعم ، حيث تم إستضافة قطعان المستوطنين بشكل أكثر من لائق فيما المواطن السعودي مجهول الخدمة في مثل هذه الظروف.. عجباً أن نرى هذا العدد من الطائرات الاسرائيلية التي تجبر في الهبوط في مطارات بلاد الحجاز لأسباب فنية يتم إستضافة ركابها حتى الى أكثر من يوم يلتقي خلالها بعضهم بمسؤولين سعودين، كل ذلك يحصل "بالصدفة المحضة" بعدما تم فتح المجال الجوي أمام الطيران الصهيوني.
اعلام الكيان الاسرائيلي أكد أن تل أبيب قامت بإنشاء طاقم أمني رفيع المستوى، تمهيداً لاتفاق التطبيع مع السعودية؛ حيث تم تشكيل لجنة من خبراء من الموساد، ولجنة الطاقة الذرية والجيش الإسرائيلي، لبلورة توصيات تقدم الى المستوى السياسي بكل ما يتعلق بالمطالب السعودية.. فيما قالت معلقة الشؤون السياسية في “القناة 13” الإسرائيلية موريا فلبرغ: "على الرغم من أننا على الطريق الصحيح، إلا أنّ هناك الكثير من العوائق في الطريق، وهذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً..هناك نقاشات في المؤسسة الأمنية والعسكرية، وفي القريب يتوقع أن تصل شخصيات إسرائيلية كبيرة الى واشنطن ربما يكون نتنياهو من بينها".. هذا و رويترز تقول "الرياض لن تعطّل الاتفاق حتى لو لم تقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للفلسطينيين من أجل إقامة دولةٍ مستقلة لهم"!!.
"العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين المملكة العربية السعودية، أغنى دولة عربية وأكثرها نفوذاً، وإسرائيل، الدولة اليهودية التي نبذتها المملكة منذ فترة طويلة، كانت قائمة منذ فترة طويلة. منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد في عام 2017، حيث عقد "بن سلمان" اجتماعاً سرياً واحداً على أقل تقدير مع نتنياهو.. ثم تصريح محمد بن سلمان الأخير إن الاتفاقية ستكون «أكبر صفقة تاريخية منذ الحرب الباردة» لها مغزى كبير سيكشفه الزمن.. ثم أن لدى كلا البلدين منافس مشترك (إيران)، ويعقدان صفقات تجارية بهدوء، وهناك علاقات أمنية سرية بين البلدين.. لكن ما يحرج ولي العهد السعودي هو أن نسبة 2% من الشباب السعودي فقط يدعمون التطبيع، وذلك بحسب دراسة لمسح الشباب العربي 2023" - نقلاً عن مجلة إيكونوميست البريطانية.
ارسال التعليق