محنة ابن سلمان.. بعد سحب أمريكا منظمة باتريوت وطواقم عسكرية أمريكية
[عبد العزيز المكي]
عملية سحب الولايات المتحدة لاربع بطاريات صواريخ باتريوت واكثر من 300 جندي، وسربي طائرات مقاتلة، بالاضافة الى تخفيض في القوة البحرية، والتي أعلنت عنها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية المقربة من الاوساط السياسية الأمريكية، في 7/5/2020.. هذه العملية أثارت الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام لدى المراقبين والمحللين الأمريكيين والغربيين حول الهدف والدوافع من وراء الأقدام على تلك الخطوة، لاسيما وان بعض هذه البطاريات والطواقم العسكرية نشرتها الإدارة الامريكية في السعودية قبل عدة أشهر، بعد هجوم جماعة الحوثي اليمنية بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة على منشآت أرامكو في بقيق وهجرة خريص، والذي تسبب في إيقاف نصف الانتاج السعودي من النفط، أي ايقاف إنتاج اكثر من خمسة ملايين برميل يومياً...
وما زاد هذه التساؤلات وجعلها اكثر حدة وإلحاحاً، بل ودفع المحللين الى إطلاق العنان لتحليلاتهم وتفسيراتهم لدوافع الانسحاب المشار اليه، هو ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين قولهم: ان القرار جاء بعد إعادة تقييم البنتاغون للتهديد الذي تشكله طهران، ولم يعد يعتبره خطراً مباشراً على المصالح الاستراتيجية، بحسب الصحيفة.. وهذا ما يتنافي تماماً مع ما اعلنه في ذات الوقت وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، والذي زعم حينها بأن ايران تشكل خطراً متصاعداً للمنطقة، وتهديداً للمصالح الامريكية بحسب قوله یضاف الی ذلك التوتر فی الخلیج بین طهران وواشنطن علی خلفیة التهدیدات المتبادلة بین الطرفین، واتهام أحدهما للآخر، بتهدید قطعاته البحریة فی الخلیج، الأمر الذی ضاعف من التكهنات بأن ثمة دوافع أخری لهذا الاجراء الأمریكي، ولذلك غرّب وشرّق المحللون الغربیون فی تفسیر هذه الدوافع فالبعض منهم اعتبر ذلك عقاباً لبن سلمان من جانب ترامب بعد تسببه فی النكبة التی مُني بها النفط الصخري الأمريكي، إثر اشعاله لحرب الاسعار النفطیة مع روسیا، ما ادی الی إنخفاض الأسعار، الذی أدی بدوره الى استفلاس الشركات الأمریكیة الصغیرة، وتوجیه ضربة غیر متوقعة للاقتصاد الأمریكي ولقطاع العمل فی أمریكا، لدرجة ان ترامب تدخل شخصیاً، ومارس الضغوط علی ابن سلمان، بل إنه هدده برفع الحمایة الأمریكیة، ان لم یوقف حرب الاسعار مع روسیا، والعمل علی رفع الاسعار... ومن المحللین من ذهب الی أن ما تعاینه أمریكا من أوضاع استثنائیة بسبب جائحة الكورونا، وبسبب تردي الأوضاع الاقتصادیة، هو الذی دفع الإدارة الأمريكية الی سحب بعض قواتها من السعودیة... ولعل هذه التفسیرات أو غیرها قد تكون صحیحة وقد تكون غیر ذلك.. ففي كل الأحوال، ان هذه الخطوة نذیر شؤم لبن سلمان لاسباب كثیرة نذكر منها ما یلي:
أولا: ان النطام السعودي، بات لیس بذات الأهمیة للولایات المتحدة، مقارنة بالعقود الماضية، حیث ساوی أحد الرؤساء الأمريكان بین تكساس والسعودیة من ناحیة الأهمیة الاستراتیجیة بالنسبة للأمن القومي الأمریكي، أما الآن، فأن هذه الأهمیة تراجعت كثیراً، سیما في السنوات الخمس الأخیرة، أي بعد مجيء الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان الی سدة الحكم، بعد وفاة الملك السابق الملك عبد الله بن عبد العزیز.. ذلك لعدة عوامل نشیر الی بعض منها ما یلي:
1ـ تغیّر مفهوم العلاقة الاستراتیجیة المشار الیها بین السعودیة والولایات المتحدة، من معادلة، ان حمایة أمریكا للسعودیة نظاماً ومملكة، هی حمایة أو تساوي حمایتها للأمن القومي بسبب النفط أو الموقع الاستراتیجی فی المنطقة للمملكة، الی معادلة جدیدة باتت اكثر وضوحاً فی عهد ترامب، وهی معادلة البقرة الحلوب، أي ان تقدیم الحمایة للسعودیة، لا تحتل فیه الأولویة للأمن القومي الامریكي كما كان سابقاً، وانما الاولویة فیه للدفع المالي وعقد الصفقات العسكریة وتبني المشاریع الاقتصادیة الامریكیة وما الی ذلك... ومن جانب آخر فان الامریكي بات یتعامل مع السعودیة الی جانب تعامله كبنك مالي؛ كأداة لتمریر المشاریع الأمریكیة السیاسیة والأمنیة والعسكریة في المنطقة، ومتی أخلت بهذه المهام أو الالتزامات یجري التخلي عنها!! وبسبب هذا التبدل في المعادلة المذكورة لاحظنا كثرة تحلیلات الصحفیین والمحللین الغربیین والامریكیین، حول الابتزار الأمریكي المالي للنظام السعودي كدافع من دوافع سحب هذه القوات، وأیضاً حول ما اسموه تفكك اسس التحالف السعودي الامریكي، فعلی سبیل المثال حذرت مجلة "فورین بولیسي" الامریكیة المعروفة فی مقال لها، نشرته فی نهایة الشهر الماضي ابریل 2020 بقلم كاتبیها " روبي غرامر، وكیث جونسون".. من ان " زواج المصلحة الهش القائم الآن بین الولایات المتحدة والمملكة السعودية منذ الحرب العالمیة الثانیة یواجه حالیاً خطر الانهیار". وبعد اشارة المقال الی التحالف السعودي الامریكي القائم منذه 1945 وكیف التزمت به أمریكا والسعودیة، یقول، ان امریكا باتت غیر ملزمة الآن بحمایة النفط السعودي كما كان فی السابق، سیما وان الكثیر من هذا النفط یذهب الی الصین والی دول أخری لیست دولاً أوربیة، واستعان المقال بالتفاتة الخبیر فی الشأن السعودي الذی عمل علی مدی ثلاثة عقود في وكالة المخابرات المركزیة السي آي إي، بروس ریدل، الی ان " الولایات المتحدة لم تعد تحتاج الی السعودیة، ویبقی تعاطف ترامب مع المملكة حالیاً الشيء الوحید الذي یدعم العلاقات بین الدولتین، لكن هذا الأمر قد یتغیر علی وجه السرعة في حال تولى للمرشح جو بایدن مقالید الحكم بعد انتخابات الرئاسة القادمة، وخاصة أنه سبق أن وصف السعودیة بدولة منبوذة، وتعهد بقطع المساعدات العسكریة الأمریكیة عنها ".
2ـ بات الأمریكان یعتقدون ان النظام السعودي بمنظومته الفكریة الوهابیة، والقبلیة التقلیدیة، یشكل عبئاً علی الولایات المتحدة، فهم یعتقدون أو یعتقد الكثیر منهم، ان فكر هذا النظام السعودي، أي الفكر الوهابي بات یشكل خطراً علی الولایات المتحدة نفسها، ولقد كرست حادثة الحادي عشر من سبتمبر2001، وحوادث أخری من قبیل الهجمات الارهابیة لدارسین سعودیین ضد الامريكان مثل الهجومات التی تحصل فی المدارس الحربیة الامریكیة، او الهجمات التی یقوم بها أصحاب هذا الفكر الوهابي ضد القوات الامریكیة المنتشرة في المنطقة، في السعودیة نفسها او في أفغانستان، وباكستان .و.و..كرست هذا الاعتقاد، ولذلك يری الیوم الكثیر من المشرعین الامریكیین أو من الخبراء الامریكیین یطالبون بمعاقبة هذا النظام، وتغییر بنیته الفكریة، ووضع حد لسلوكیاته وتصرفاته الأجرامیة ففي هذا السیاق تقول صحیفة "بلومبرغ" الامریكیة في مقال لها: ان " ولي العهد (محمد بن سلمان) یقترب منه كونه شخصاً منبوذاً بشكل لم یكن علیه أبداً أحد من أعضاء العائلة المالكة خلال 70 عاماً من التحالف السعودي الأمریكي، فهو یتعرض لهجوم مستمر من جمیع الجهات في واشنطن بسبب مجموعة واسعة من القضایا، من حرب الیمن وحصار قطر الی سجن النشطاء الحقوقیین من النساء الی أغتیال الكاتب والصحفی جمال خاشقجی.." ویضیف المقال " حتی أعظم الجمهوریین مثل لیندس غراهام؛ یعتبرونه -محمد بن سلمان- شخصا متقلباً وغیر جدیر بالثقة. هناك دعم كبیر من الحزبین فی واشنطن لاتخاذ إجراءات عقابیة ضد الریاض تتراوح بین تقیید مبیعات الاسلحة والمطالبة بالعدالة لخاشقجی، كما ان الحرب النفطیة اكسبت بن سلمان المزید من الخزي، لكن هذه المرة من المنتجین الأمریكیین الذین تأثروا بشدة نتیجة إنخفاض الاسعار ". وتصف الوضع الذی یعاني منه الیوم حاكم السعودیة بن سلمان قائلة " لقد أصبح الأمیر الآن فی مأزق، وهو بحاجة ماسة لاعادة نباء الجسور مع الكونغرس، لكن الأمر سیكون أصعب الآن لأنه أضر بمصالح النفط الأمریكي، والآن لا یمكنه أن یخضع بسهولة لضغط المشرعین الأمریكیین في القضایا الأخری دون أن یفقد بذلك ماء وجهه في بلاده، وفي العالم العربي". وللاشارة ان عدداً من المشرعین الامیریكیین مثل كیرمي وساندرس وبایدن وغیرهم طالبوا بمعاقبة هذا النظام وایقاف الحمایة له، كما ان عدداً آخراً من هؤلاء المشرعین اعادوا احیاء قانون جاستا الذي ینص علی حق مقاضاة ذوي ضحایا الحادي عشر من ایلول عام 2001، النظام السعودي، باعتباره المتهم الرئیس في تورطه باحداث تلك الحادثة المروعة!
3ـ رغم ان بن سلمان حاول وما یزال بتقدیم وجه إصلاحي وجدید للنظام السعودي العشائري التكفیري، من قبیل السماح للمرأة بسیاقة السیارة، وباقامة الحفلات الماجنة والترویج للثقافة الغربیة المنفتحة فی المجتمع السعودی وما الی ذلك.. الّا ان كل تلك المحاولات لم تجدِ نفعاً لان النظام لم یغادر بنیوته الفكریة وتركیبته العشائریة، فهو فی الوقت یمنح المرأة حق السیاقة، یعتقل الناشطات النسوة المطالبات بهذا الحق ویقوم بتعذیبهن، وفی الوقت الذي یدعي فیه الانفتاح، یعتقل المعارضین ویعدمهم، حتی ان احكام الاعدام تضاعفت في الفترة الأخیرة، أي فترة حكم سلمان وابنه، مقارنة بفترات الملوك السابقین!، بالاضافة الی ارتكابه الجرائم المروعة فی الیمن، ودعمه للارهاب والإرهابيين كل ذلك كرس ذلك الوجه الدموي القبیح للنظام عند الاوساط الأمریكیة والغربیة.
ثانیاً: الانسحاب الإمریكي من السعودیة، ربطه اكثر المحللین الغربیین والامريكان بالتوتر الحاصل بین ترامب وبن سلمان علی خلفیة حرب الإخیر مع روسیا والتي تسببت في نكبة انتاج النفط الصخري الامریكي...بینما تجاهل هؤلاء المحللین حدثین بارزین عمداً أو سهواً في الوقت الذي اولتهما الأوساط الاعلامیة والسیاسیة في الكیان الصهیوني أهمیة بارزة، هما: التحدي الإیراني الواضح للوجود العسكري الامریكي إبتداءاً من سقوط أو اسقاط الطائرة الامریكیة المتطورة (غلوبال) ومروراً بقصف قاعدة عین الأسد في العراق وتسدید ضربات دقیقیة جداً رداً علی اغتیال الشهید قائد فلیق القدس الایراني قاسم سلیماني، واخیراً ولیس آخراً الرد علی التحرشات الأمریكیة في الخلیج، ما یعني ذلك في القاموس الأمریكي، ان سیاسة التخویف والترغیب لا تؤثر في الجانب الایراني، ولیس لها محلاً من الاعراب، من جانب ومن جانب آخر ان هذا التحدي حطم هیبة الوجود الأمریكي في المنطقة، أما الحدث الثاني فهو نجاح ایران في، طلاق القمر الصناعي العسكري (نور)، والذي اعتبره المراقبون الصهاینة تطوراً خطیراً وتهدیداً اكثر خطورة للمواقع العسكریة وللقوات الصهیونیة والامریكیة، فهؤلاء الصهاینة اعتبروا ان هذا القمر لا یجعل تحركات قواتهم وقوات حلفائهم الامريكان تحت المراقبة والرصد الایرانیین وحسب، وانما سیساهم في جعل الصواریخ الایرانیة الدقیقة أساساً اكثر دقة واكثر إیلاماً لهذه القوات، ان حصلت مواجهة مع الجانب الأیراني...
هذه الخطورة أضافت مبرراً جدیداً للأمريكان لسحب قواتهم، فهم باتوا یعتقدون ان المنطقة لیست بذات الأهمية السابقة نظراً لاكتشاف النفط الصخري، ثم ان نفقات الانتشار العسكري في السعودیة، مكلفة صحیح ان السعودیة تغطي نفقات هذا التواجد العسكري لكنه یطل مكلفاً لأمريكا، نظراً لتراجع اقتصادها ولتراجع قوتها، وفضلاً عن ذلك استجماع قوتها فی مواجهة التحدي الصیني، وهذا ما یشكل مشكلة لبن سلمان وللعائلة السعودیة، لأن الأخيرة، رهنت وجودها ومنذ قیام حكم العائلة في الجزیرة العربیة عام 1932 م الی الحمایة البریطانیة ومن ثم إلى الحمایة الأمریكیة، وبالتالي ان هذا التراجع الأمريكي نذیر احتمالات تخلّي الأمريكان عن تلك الحمایة، وكما یقول ترامب ان رفع هذه الحمایة تعني ان النظام سوف یسقط خلال أسبوعين، لیس من عدو خارجي عن طریق الغزو أو ما شابه ذلك، وانما یسقط من الشعب الجزیري الذي یختزن الآن مرجلاً من الغضب الذي یمكن أن یتفجر ویدمر العائلة السعودیة في أیة لحظة تقل فیها الحمایة الأمريكية لهذه العائلة الفاسدة.
وللإشارة فقط، ان الكثیر من الخبراء الأمریكیین حذروا من ان القوة الأمریكیة تتراجع عالمیاً قبال صعود قوی عالمیة اخری مثل الصین وروسیا وحتی الهند فضلاً عن صعود قوی إقلیمیة مثل ایران، وكما حصل للإمبراطورية البریطانیة والإمبراطوريات التی سبقتها فأنها حینما تبدأ بالأفول تسحب قواتها الی المركز وتتخلی عن مستعمراتها، واللافت أو ما یثیر الاستغراب ان الخبراء الامريكان بدأوا یتحدثون بصریح العبارة عن بدایات أفول امبراطوریة بلادهم بینما ما زال السعودیون فی سكرة الحمایة الإمریكیة والقوة الأمریكیة القاهرة!! بعكس القوی الأخری، فحتی الكیان الصهیونی بدأ یخطط لمواجهة هذا الفراغ المحتمل، بالتودد للصین وبتوطید العلاقة مع روسیا!! وكان الأولى ان یكون ذلك دافعاً كبیراً لآل سعود للتصالح مع الشعب فی الجزیرة العربیة كخطة استباقیة لحمایة أنفسهم علی أقل التقاریر!
ثالثاً: ان الانسحاب الامریكي یؤشر بوضوح الی الانزعاج الامریكي من النظام السعودي، وبالتالي فأنه یشكل رسالة عدم رضا وتهدید بنفس القوت لیس للنظام السعودي وحسب وانما لبقیة الدول العربیة الحلیفة لواشنطن، لیس لان السعودیة شنت حرب الاسعار النفطیة ضد روسیا وتسببت في نكبة انتاج النفط الصخري الامریكي، كما اشرنا وحسب، بل ولأن السعودیة والأمارات بعثتا ومعهما الكویت باشارات أنها لا تدعم ولا تؤید علناً ضم الكیان الصهیونی لغور الاردن ولاكثر اراضي الضفة الغربیة، صحیح ان السعودیة والامارات قطعتا اشواطاً بعیدة في عملیة التطبیع مع الكیان الصهیوني وفي معاداة الشعب الفلسطیني وفي العمل الحثیث علی تصفیة قضیة، لكن الكیان الصهیوني لا یكتفي بالتطبیع ومطالبة لن تتوقف عند حد معین، من هذه الانظمة المهرولة نحوه للتطبیع وللتعاون الأمني والعسكري معه، مثل السعودیة والامارات وفي ضوء توقعات العدو وامریكا، بات علی السعودیة تحدیداً والامارات تلبیة مطلبین بارزین، هما، الاعلان الصریح للتحالف مع أمریكا والكیان الصهیونی في مواجهة ایران، والموافقة علی توظیف كل الامكانات المالیة والجغرافیة والسكانیة فی أیة مواجهة عسكریة مقبلة أو محتملة مع ایران وحلفائها، وهذا ما رفضته بعض الدول الخلیجیة عسكریة مقبلة أو محتملة مع ایران وحلفائها، وهذا ما رفضته بعض الدول الخلیجیة مثل عمان وقطر والكویت وحتی االامارات نفسها علی ما یبدو. واما الاستحقاق الثاني، فهو الاعتراف الصریح من جانب هذه الدول لضم نتنیاهو أراضي الضفة الغربیة الی الكیان الصهیوني بشكل رسمي، لیكون ذلك غطاءاً عربیاً للعدو لدفع الدول الغربیة للحاق بواشنطن فی الاعتراف بهذا الضم، ولقطع الطریق علی أي تحرك معارض من جانب الشعب الفلسطیني أو بقیة الشعوب العربیة.. بید ان بعض من هذه الدول أیضاً أعلن تبرمه مما یریده الامريكان والصهاینة من إبداء حماس وتأیید ودعم لهذا الضم للاراضي الفلسطینیة ففي هذا السیاق كان وزیر الخارجیة الإماراتی عبدالله بن زاید قد أعلن أن كل عمل إحادي یعیق السلام الدائم، في إشارة غیر مباشرة للتحرك الصهیوني لضم اراضي الضفة الغربیة، كما انه رفض تصریحات بنیامین نتنیاهو رئیس وزراء كیان الاحتلال الصهیوني بشأن إتفاق العرب الضمني علی هذه المشاریع وأكد ان هذه التصریحات معناها تجاهل الواقع وحقیقة المواقف العربیة. ذلك ان الدعم العلني لهذه الحكومات للاجراءات الصهیونیة من شأنه أن یحرج هذه الحكومات أمام شعوبها، والأكثر من ذلك ان هذه الحكومات تعتقد ان الدعم العلني سوف یعرضها لدائرة الخطر من غضب ونقمة الشعوب العربیة لخیانتها وتحدیها لمشاعر ومقدسات وحقوق الأمة وبالأخص الشعب الفلسطیني، غیر ان الامريكان والصهانیة آخر ما یفكرون به مصلحة هذه الانظمة والاخطار التی تهددها، إنما یریدونها أبقاراً حلوبة تضخ الحلیب دائماً لهم الأموال، ولا تعصي لهم أمراً، ولذلك لا نستبعد ان یكون سحب القوات الامریكیة من السعودیة، وحتی من الكویت، هو رسالة ضغط ترامبیة لهذه الانظمة، بأن تتخلی عن ترددها وتبرمها من تأیید العدو الصهیوني لضم الاراضي الفلسطینیة، وإلّا فأن هو التخلي الامریكي عن الحمایة لهذه الانظمة! ما یرجح هذا الأمر ان المسؤولین الأمریكیین تركوا الباب مفتوحاً لتلك الحمایة، ففي هذا السیاق قال المبعوث الامریكي المكلف بالملف الایراني "براین هوك" في مقابلة مع شبكة "السی إن بی سی" الامریكیة، بأن "هذا القرار- سحب القوات الأمریكیة من السعودیة- لا یعني ان ایران لم تعد تشكل تهدیداً، فنسبة تواجد قواتنا تزید وتقل حسب الظروف، لكن مهامنا ثابتة ولم تتغیر علی الاطلاق". واضاف.. "نقف مع شركائنا وحلفائنا فی المنطقة، ونقوم بكل ما وسعنا لحمایة المصالح الامریكیة...". واشار هوك الی أن "واشنطن أبرمت عدداً من صفقات الأسلحة مع السعودیة وسنستمر فی دعم أمنها " علی حد أقواله بمعنی أنكم اذا مضیتم معنا الی آخر الخط فی دعم الكیان الصهیوني والاصطفاف معه في سیاساته الداخلیة والخارجیة، وعدم الاكتفاء بالتطبیع فحسب، فأن الحمایة الأمریكیة لهذه الانظمة ستستمر.. ما یعني كل ما تقدم ان بن سلمان خاصة والنظام السعودی وبقیة بعض الانظمة الخلیجیة فی مأزق متفاقم لا یمكنها الخروج منه بسبب تبعیتها وانقیادها الاعمی لترامب ولنتنياهو!
ارسال التعليق