مستشار ابن نايف..حماية أمريكا لآل سعود حماية لمصالحها!!
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكيمنذ إهانة الرئيس الأمريكي ترامب للملك سلمان آل سعود الأخيرة، قبل أكثر من أسبوع، والعرب والمسلمون ينتظرون رداً من الملك نفسه، أو من نظام آل سعود على تلك الأهانة، وما زالوا ينتظرون ولو عشر التهديدات والاهانات التي يوجهها آل سعود إلى الشعب اليمني أو إلى قطر، أو إلى دولة عربية أو إسلامية تتعرض لهم، إذ يسارعون إلى هز"ذيولهم" كالأسود ويعدون من أساء إليهم بالويل والثبور.. لكن أمام السيد الأمريكي أو من السيد الصهيوني، فهذا النظام وإعلامه لا يحرك ساكناً، إنما يلوذ بالصمت، كصمت أصحاب القبور ويبلع لسانه دون أن يتفوه بكلمة.
لكن المطالبات المستمرة من أبناء شبه الجزيرة العربية، ومن أبناء الشعوب العربية والإسلامية، لآل سعود بالرد على هذه الأهانات المتكررة بين الحين والآخر من الرئيس الأمريكي ترامب، على ما يبدو شكلت إحراجاً للملك سلمان ولأبنه ولكل أمراء آل سعود، فانبرى مستشار محمد بن نايف ولي العهد السابق المطرود، للرد على ترامب، ولكن بلغة ناعمة ولينة، وبنفس الوقت مؤكداً حقائق مهمة، وكاشفاً لأمور، ما كان ينبغي الكشف عنها، لأنها تسئ لآل سعود، بدلاً من أن تنقذهم من الإحراج الذي شكلته لهم إهانات ترامب المتكررة، اذ قال هذا المستشار لذلك الأمير السجين..في تغريدة له على توتير نشرتها وسائل الإعلام يوم 4/5/2019..((إنه ما يفتأ ترامب أن يذكر المملكة بجميل حماية أمريكا لها، ويبتزها على هذا الأساس، لن تستطيع المملكة مخالفة السياسة الأمريكية ولكنها تستطيع الرد عليه، حماية امريكا للمملكة في الحقيقة حماية لمصالحهم أولاً وحفاظاً على النفط وأسواقه ثانياً، وبالتالي حماية لأمن النظام العالمي بأكمله".وأشار المستشار إلى أن " ترامب بسياساته يعيد العالم إلى مرحلة الاستقطابات والمحاور، فرص انبثاق نظام عالمي جديد أصبحت كبيرة اليوم، ما يحدث مشابه لفترة الحرب العالمية الثانية وما أفرز بعدها إلى حد كبير، لكن هذه المرة ستكون مختلفة جداً، الدول أصبحت أقوى، وجماعات اللادولة أيضاً، لذلك يجب الاستعداد جيداً )). وكان هذا المستشار قد أعلن قبل ثلاثة أيام من تغريدته الحالية أن "النصف الثاني من سنة 2019 سيكون ساخناً جداً، استعجال بن زايد وبن سلمان بتحقيق ما يهدفون إليه قبل الانتخابات الأمريكية، صفقة القرن، القرار الأمريكي بتصفير صادرات النفط الإيراني، حرب المحاور في طرابلس، ظهور البغدادي وعودته إلى الساحة، كل ذلك سيدخل المنطقة في نفق شديد الظلمة ".
وكما أشرت لكم قبل قليل فأن مستشار بن نايف أكد الكثير من الأمور التي قلنا أنها على جانب كبير من الأهمية ومنها ما يلي:
1ـ اعتراف هذا المستشار بأن تذكير ترامب لآل سعود بحماية أمريكا لهم، هو عملية ابتزاز أمريكية لهم لحلب أموالهم، وهذا ما يتناقض وما يسوقه الإعلام السعودي، بل ويسوقه المسؤولون في هذا النظام ابتداء من الملك سلمان وابنه محمد وحتى أصغر موظف، بأن العلاقة مع الولايات هي علاقة تحالف واحترام، أكثر من ذلك أن بعض الإعلام والإعلاميين الذين يدورون في فلك النظام السعودي أو ممن استأجرهم في الغرب أو في بعض البلدان العربية ذهبوا إلى أن النظام السعودي بات مؤثراً على الإدارة الأمريكية! وله الدور الكبير في إقناع الإدارة الأمريكية، بالانسحاب من الملف النووي الإيراني!! وما إلى ذلك من الادعاءات والمزاعم، في حين أن إهانات ترامب المتكررة تؤكد بما لا يقبل الشك وكما يقول مستشار بن نايف، أن ترامب لا يحترم النظام السعودي ولا يكترث له ويتعامل معه على أساس انه البقرة الحلوب التي لا بد أن يجر منها الحليب حتى تنشيف ضرعها! والرجل قالها صراحة في حملته الانتخابية، واليوم هو يفي بهذه المقولة، ويمارس تطبيقها حرفياً !
2ـ تأكيداً لما مرّ في النقطة الأولى، يؤكد مستشار بن نايف، أن المملكة لن تستطيع مخالفة السياسية الأمريكية، أي ان المملكة تابعة لأمريكا يُملى عليها وليس لها أي رأي، وهذا يعني أن كل ما تقوم به السعودية من تدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية، خاصة منها العراق وسوريا واليمن وليبيا.. وغيرها، هي بأوامر أمريكية وخدمة للمصالح الأمريكية، أما يتحدث عنه آل سعود وإعلامهم باسم "العروبة" تارة وباسم " الإسلام" تارة أخرى، أو ما يتحدثون عن شعارات " وطنية "، و"مصالح قومية " هي مجرد شعارات وعناوين يخفون وراءها ما يقومون به من خدمة المصالح والمشاريع الأمريكية في المنطقة، بتوظيف كل إمكانات وثروات شبه الجزيرة العربية، أي مملكة آل سعود.
3ـ يقر مستشار محمد بن نايف، بأن حماية أمريكا للنظام السعودي، هي بالأحرى حماية للمصالح الأمريكية وحماية للنفط، وهذا ينطوي على اعتراف خطير، فهو يؤكد أن النظام السعودي يساوي المصالح الأمريكية، وهذا ما يؤكده بدوره ما أشرنا إليه في النقطة السابقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فأن هذا الاعتراف يعني أن الرئيس الأمريكي ترامب رغم أنه يقوم حقيقة بحماية مصالحه غير المشروعة بحماية هذا النظام العميل، إلا انه بنفس الوقت يُلزم هذا النظام بدفع ثمن هذه الحماية!! ثم إذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك، إذن لماذا يدفع آل سعود ثمن هذه الحماية بالمليارات، كما قال ترامب في إهانته الأخيرة، وإهاناته السابقة أيضاً!؟ بدون شك أن ذلك يكشف الهوان والذل بالدفع مرتين، المرة الأولى في توظيف كل إمكانات البلد في خدمة المشاريع الأمريكية، حتى ولو صار هذا التوظيف مخالفاً للمصالح العربية والإسلامية، كما في صفقة القرن، وكما في الاستجابة لمطالب ترامب في خدنقة الدول العربية والإسلامية في وجه إيران، وفي تمويل المشاريع العسكرية والصهيونية وما إلى ذلك كثير. والمرة الثانية في تقديم الأموال نقداً. إلى أمريكا لحل مشاكلها الاقتصادية، ومشاكل البطالة عندها، وتشغيل مصانعها المتوقفة وما إلى ذلك.. في حين ما يزال الكثير من أبناء الجزيرة يعيشون في بيوت من التنك والصفيح، كما أن العالم لاحظ كيف أن شوارع جدة ومدن أخرى تحولت إلى أنهار بعد موجة أمطار ضربت المملكة، نتيجة تردي البنية التحتية لهذه المدن، وتخلف شبكة الصرف الصحي، فهذه المأساة والكارثة تكررت لأكثر من سنة، والنظام السعودي لم يحرك ساكناً، فيما يبذر الأموال على بذخ وإسراف الأمراء والأميرات، وتُمنح للاميركان وللصهاينة ولمن لف لفهم!
4ـ يقر هذا المستشار بأن سياسات ترامب تقود العالم إلى مرحلة الاستقطابات والمحاور، بينما النظام السعودي يصطف مع ترامب وينفذ كل املاءاته كما مر بنا، بمعنى ان هذا النظام يقود المملكة إلى الهلاك والدمار، وليس إلى شاطئ الأمان وتبوأ مقاعد الكبار وكما يروج بن سلمان وشلته لتسويق سياساته وخضوعه التام لترامب وللصهاينة، وذلك ما يشكل خطراً كبيراً ليس على آل سعود وحدهم، بل وعلى كل البلاد وشعبها، وحتى يشمل أو يطال هذا الخطر المنطقة برمتها! كما يقر هذا المستشار أن بن سلمان وبن زايد يراهنان على أمريكا وحمايتها، فيما العالم يعيش إرهاصات انبثاق نظام عالمي جديد سيقوم وسينهض على أنقاض نظام القطبية الأمريكية المتهاوي، نظام سوف يقضي تماماً على العنجهية الأمريكية والاستهتار الأمريكي بشؤون العالم، وفي ذلك الرهان بالطبع مخاطر كبيرة على مستقبل المملكة السعودية نفسها، وعلى مستقبل المنطقة، ولكن كما أشرنا وكما يؤكد هذا المستشار فأن نظام آل سعود لا يمكنه الاعتراض على السياسات الأمريكية إنما التسليم والالتزام بكل الاملاءات الأمريكية، يؤديها بكل أمانة، وإلا فسوف يركله الاميركان كما ركلوا غيره من الأنظمة ومن العملاء وهم كُثر.
ارسال التعليق