نظام آل خليفة ... من التطبيع إلى التهويد.. يتفوق على المطبعين العرب!!
[عبد العزيز المكي]
مما بات معروفاً, إن النظام البحريني نظام آل خليفة, هو من أكثر الأنظمة العربية الخليجية حماساً للتطبيع مع العدو الصهيوني وجرياً نحو الارتماء في أحضانه, فقد سبق الإمارات التي تصفها الأوساط الإعلامية في المنطقة ويصفها العدو نفسه وكذلك إعلامه بأنها الأشد حرصاً على تمتين روابطها وتعزيز تعاونها العسكري والأمني والاقتصادي مع هذا العدو. نقول إن النظام البحريني تخطى حتى الإمارات في إرسال الوفود السياسية والاقتصادية البحرينية وحتى الوفود الدينية إلى الأرض المحتلة, وفي تبادل الزيارات مع وفود صهيونية, ومع مسؤولين صهاينة على رأسهم لابيد يوم كان وزيراً للخارجية, يوم افتتح سفارة للعدو في المنامة, ومنهم رئيس الموساد ووزير الدفاع.
ولا يبخل المسؤولون البحرينيين من آل خليفة, بالتعبير عن حبهم للصهاينة وعن الحميمية التي يكنونها للعدو, حتى إن يائير لابيد عندما أصبح رئيساً للوزراء, وصف حكام البحرين بالحليف المهم لتل أبيب في الشرق الأوسط. وقال لابيد في زيارته للبحرين بعد زيارة بايدن للسعودية: “إنه تحدث مع ولي العهد ورئيس وزراء البحرين سلمان بن حمد آل خليفة, وبحث معه توثيق العلاقات بين الجانبين”! وكان لابيد عندما افتتح السفارة الصهيونية في المنامة في 30 سبتمبر 2021, قد أبرم أكثر من 12 اتفاقاً مع الحكومة البحرينية في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية وما إليها..
وهكذا ومنذ دخول البحرين, أو بالأحرى توقيع الحكومة البحرينية اتفاقات “براهام للتطبيع” مع العدو برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والنظام البحريني يعزز من تحالفاته واتفاقاته وتعاونه مع الجانب الصهيوني لدرجة أنه انتقل من مرحلة التطبيع إلى مرحلة التهويد, أي تهويد البحرين, هذا ما أكده تحالف 14 فبراير البحريني” المعارض في بيان له نشرته بعض المواقع العربية الألكترونية في 19/9/2022, وجاء فيه أن نظام آل خليفة منح الكيان الصهيوني الأذن بإنشاء حي للصهاينة اليهود في المنامة, وقال بيان الحركة البحرينية: “إن نظام آل خليفة بعد تسوية ومنح الجنسية لأجانب من دول مثل الهند وباكستان وسوريا بهدف تغيير التركيبة السكانية للبحرين, يسعى الآن إلى توطين الصهاينة في المنامة”!!بحسب البيان, وأفادت مصادر مطلعة في هذا السياق “بأن خطة تهويد المنامة تهدف إلى تحويل 40% من أحياء المدينة القديمة إلى ممرات ومبان ورموز يهودية من أجل بناء حي يهودي في المنامة, وهناك جهد مستمر لشراء أحياء سكنية بأسعار عالية جداً”!
هذا وحذرت الحركة البحرينية المشار إليها من مخاطر سياسات النظام تلك على البحرين خاصة والأمة الإسلامية عامة. مؤكدة على استمرار معارضة الشعب البحريني لهذه السياسات سيما التطبيع مع العدو الصهيوني وتعزيز العلاقات معه.
وإذ لا تفاجئ سياسات النظام البحريني المتصهين التهويدية للبحرين وتحويل هذا البلد إلى بؤرة استيطانية للصهاينة, المراقبين والمتابعين, فإن ما يقوم به من عملية تهويد تجاوزت كل الخطوط الحمر في التآمر على البلد وعلى الأمة. وتؤشر أيضاً هذه العملية إلى عدة أمور ومنها ما يلي:
1ـ جرأة ووقاحة النظام البحريني في انتهاك قيم الأمة وتعاليم دينها وقرآنها الذي حدد لها الموقف الواضح والصريح من الصهاينة, فهذا النظام بحسب المفهوم القرآني أصبح أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم وجاهر بالعداء الصريح للأمة ولقيمها وتنكر بشكل لا لبس فيه لهويتها, فهو محارب صريح لها, ويتحرك بهذا الاتجاه بفضاضة وتحدي وعنجهية!! وفي هذا السياق يصرح عبد الله بن أحمد آل خليفة, وهو شقيق خليفة بن أحمد آل خليفة, الرئيس الجديد لدائرة الثقافة والآثار, ويقول: “لا نخجل من علاقتنا مع إسرائيل, نحن لا نعمل في الخفاء”. وهناك أحاديث كثيرة لمسؤولين بحرينيين من آل خليفة وممن يدور في فلكهم في هذا الاتجاه!
2ـ التصرف الفضيع الآخر والخطير جداً هو أن نظام آل خليفة المتصهين لا يكتفي بزرع اليهود وتمكينهم من الاستيطان في المنامة, وفي البحرين عامة وحسب, وإنما يتزامن هذا التوسع الاستيطاني الصهيوني مع انحسار قسري للسكان الاصليين وخاصةللطائفة الشيعية, في مناطق أجدادهم وأراضيهم يملكونها ويقيمون فيها منذ مئات السنين وقبل مجيء آل خليفة ليحكموا الشعب البحريني المظلوم, وهذا ما أكدته تقارير المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان, كما أكدته تقارير المعارضة البحرينية مراراً وتكراراً. فطبقاً لتقرير خاص بموقع “مرآة البحرين” ونشر في 21 آب 2022, فإن النظام يقوم بمنع الشيعة من التمدد حتى في مناطقهم, ولا يسمح لهم بالبناء أو الشراء, بل ويحاول بكل الأساليب الملتوية قضم مساكنهم ومناطقهم عبر نقلهم ونفيهم إلى مناطق نائية أو ما شابه ذلك. وتحدث التقرير الآنف عن منطقة المحرق, فمحافظ هذه المنطقة سلمان الهندي اشترط موافقته على البيع والشراء للعقارات في هذه المحافظة, وذلك في عام 2006, ما يعني أن هذه السياسة الجائرة تجري منذ عقود, وحينها لاقى هذا الشرط استهجان الناس واستغرابهم. وفي البداية تظاهرت السلطات بعدم وجود نية لمنع بيع وشراء العقارات خوفاً من ردة فعل الشعب, الا إنه بعد عامين كما يقول التقرير, يعلن صراحة بالمنع, إذ أعلن رئيس مجلس بلدي المحرق محمد حمادة, وجود مخطط تعمل عليه وزارة الأشغال لتطوير مناطق المحرق القديمة ولذلك سيتم وقف البيع!! وأشار التقرير إلى “تواطئ جهاز المساحة والتسجيل العقاري منذ سنوات مع كل القرارات التي تحاصر هوية أغلبية المواطنين البحرينيين, وهي الهوية الشيعية, ولا نذيع سراً حين نقول إن قرارات منع تملك الشيعة في الرفاعين (الشرقي والغربي) هي قرارات معمول بها منذ الأزل, لكن جهاز المساحة تلقى تعليمات جديدة بدأت تطال العديد من المناطق في البحرين”. ويضيف التقرير أن الغرض من كل هذه القرارات إنهاء الوجود الشيعي أو منع التمدد الشيعي للمناطق التي يراد لها أن تبقى سنية بالكامل, أو مسيحية, أو يهودية, حيث يمنع جهاز التسجيل العقاري حالياً الشيعة من التملك في مدينة المحرق, البسيتين قلالي, الحورة, القضيبية, البديع, والمحافظات الجنوبية بشكل عام”.. وينقل التقرير عن أحد موظفي جهاز التسجيل العقاري قوله: “هناك تعليمات بعدم البيع للشيعة في هذه المناطق. يقول التقرير أيضاً: “الآن يمكن للباكستاني المتجنس حديثاً وهو لا يتقن اللغة العربية أن يتملك في قلالي بينما الشيعي الذي ولد وعاش في مدينة المحرق لا يمكنه ذلك”!!
الأمور لا تقف عند هذا الحد, بل إن التقارير تؤكد أن النظام البحريني يقوم بعملية تخريب وتدمير المعالم الثقافية من أجل التخلص من التراث الشيعي ومن المعالم التاريخية, فعلى سبيل المثال, دمر النظام البحريني في العاصمة المنامة أكثر من 45 مسجداً وحسينية بعضها قديم جداً, يمتد عمره في عمق التاريخ لأكثر من 200 عام. وتقول تلك التقارير أن النظام البحريني, يعتبر نفسه اليوم أنه نجح في تغيير خريطة المعالم الثقافية والدينية للعاصمة في المنامة, فأقام على أنقاض التراث الشيعي معابد يهودية وهندوسية؛ لأن هذا النظام يجاهر بالقول إنه يفضل الهوية اليهودية على الهوية الشيعية في العاصمة المنامة وفي بقية المدن البحرينية!!
3ـ إن إقامة حي للصهاينة في المنامة يعني إقامة قاعدة إفساد وتدمير وتآمر, وحياكة الخطط والمؤامرات التي تستهدف المجتمع البحريني, وبقية المجتمعات الإسلامية, وأيضاً قاعدة انطلاق عسكرية وأمنية ضد الشعوب الإسلامية وقواها المقاومة في المنطقة. وفي تجربة التطبيع مع مصر عبرة ودرس لكل المطبعين, فلم يكن حي يهودي في القاهرة, إنما فقط سفارة صهيونية ومركز ثقافي, لكن التخريب أثمر فقط في مجال الإفساد أكثر من عشرين شبكة دعارة وتخريب ثقافي خلال عشرين سنة اكتشفتها المخابرات المصرية, هذا فضلاً عن شبكات التجسس, وشبكات التحريف الثقافي والتاريخي وهي كثيرة يطول الحديث حولها.. وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار احتفال العدو في نهاية شهر آب 2022 بفعالية الذكرى العشرين لتأسيس "منظمة شباب اليهود المثليين الشواذ" أي اللواطين, والذي شارك فيه رئيس الوزراء بائير لابيد, ندرك حجم المأساة المترتبة على وجود هذا الحي, حيث سينقل هؤلاء اللواطين ثقافتهم وتجربتهم وبالتالي تلويث المجتمع البحريني وتدميره!! فهذه المنظمة التي تلقى الدعم من لابيد ونتنياهو وغيرهما, تدير طبقاً لما ذكرت صحيفة يدعوت إحرونوت, تدير 120 مجموعة ونادٍ في فلسطين المحتلة, فإذا استقرت في الحي اليهودي في المنامة فكم من المجاميع والنوادي, المختصة "باللواط" ستنتشر في البحرين؟!
أكثر من ذلك أن الصهاينة يفتخرون بهذا العمل الشائن ويصنعون به التاريخ!
يقول المدير العام لجمعية الشواذ الصهاينة ـ جمعية اللواطين الصهيونية:"هكذا نصنع التاريخ من خلال الأفعال" في إشارة إلى حضور لابيد الاحتفال ودعمه منظمة أو جمعية "اللواطين"!! يضاف إلى ذلك إن الفضائح التي انتشرت مؤخراً عن السفارة الصهيونية, والمتمثلة بتحرش السفير الصهيوني بالفتيات المغربيات, ولم تمض على فتح هذه السفارة إلا عدة أشهر, نقول إن هذه الفضائح تؤكد ما نقوله: إن سفارات الصهاينة ومراكزهم هي بالأحرى مراكز فساد وتدمير ثقافي واجتماعي للمجتمعات, فكيف بحي بأكمله؟ تصور حجم الكارثة!!
4ـ يسعى العدو من خلال إقامته تلك المراكز والأحياء اليهودية بالإضافة إلى القواعد العسكرية والأمنية في الدول المطبعة إلى السيطرة على العالم الإسلامي وتمكنه من اختراقه وتدمير بنيته أو مبانيه الفكرية والثقافية والاجتماعية, كما أشرنا قبل قليل, وهذا ما يعترف به المسؤولون الصهاينة ويصرحون به علناً, وإن بشكل غير مباشر. فالهدف هو السيطرة, كما تقول اييليت نحياس فيربين رئيسة معهد التصدير الصهيوني في مقالها الذي نشرته على موقع "والاه" العبري... " إن (اتفاقيات إبراهيم) تتيح لإسرائيل إعادة بلورة مفهوم جديد أوسع بكثير للمنظومة التجارية بحيث يربط هذا المفهوم بين الدول الخليجية ودول حوض البحر المتوسط سعياً لإنشاء منطقة تجارة واسعة, كبيرة وقوية, حدودها الشرقية في تركيا والشمالية في اليونان والجنوبية في مصر, والغربية في المغرب. وهذه المنطقة تشكل كتلة تجارية كبيرة بصورة جدية تضم ما يزيد عن نصف مليار إنسان, ومتعطشة للتعاون وللتقنية الإسرائيلية
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق