نكرنا جميل أسودنا وغدرناهم بصمتنا فأكلتهم الكلاب وحكمتنا
[حسن العمري]
* حسن العمري
لست بصدد تاكيد أو نفي المنقول عن ميركل لكنها إن كانت هي من قالت هذا أم لا فالنتيجة واحدة وهي حقيقة نطق بها أحدهم عندما قال: الهند والصين لديهم أكثر من 150 رب، و800 عقيدة مختلفة ويعيشون مع بعضهم في سلام، بينما المسلمون لديهم رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد لكن تلونت شوارعهم باللون الأحمر من كثرة دمائهم القاتل يصرخ الله أكبر والمقتول يصرخ الله أكبر !!.. مضيفاً أو مضيفة: اتعجب كثيرا من وجود فقراء في المجتمعات الإسلامية، رغم أن مداخيل الحج تتجاوز 20 مليار دولار سنويا فلماذا لا توزع الارباح على فقراء المسلمين أم ان مكة لآل سعود فقط؟!..يوما ما سنخبر أحفادنا أن المسلمين هربوا مهاجرين الينا بينما كانت مكة أقرب إليهم منا".
كلام وجيه لا يهمنا من القائل إن كانت المستشارة الألمانية السابقة ميركل قد طرحته خلال كلمتها أمام القمة العالمية للحكومات الذي أقيم في دبي، والتي كانت قد ردّتْ على تصريح وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، الذي اعتبر فيه "إنّ الإسلام لا ينتمي لألمانيا صاحبة التقاليد المسحية الراسخة"، بقولها: "إنّ نحو 4.6 مليون مسلم يعيشون في ألمانيا، ويُعَدّون جزءاً منها، وكذلك دينهم الإسلام بات جزءاً من المانيا" - كما يؤكد ذلك الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة الذي كان ضمن الحضور في الندوة ذاتها؛ أو لم تقله ميركل ولن يطرح مثل هذا الكلام خلال الاجتماع المذكور في الإمارات بل هو قول لشخص آخر، وفق مدعى الذباب الإلكتروني لمحمد بن سلمان في داخل المملكة وخارجها خاصة في مصر المعروف صيت اقلامها المأجورة لآل سعود طيلة العقود الطويلة الماضية بثمن بخس.
الدكتور جابر نصار والذي شارك بمؤتمر"أنظمة التعليم العالي.. رؤية مستقبلية" الملتقى الثاني لرؤساء الجامعات على هامش القمة العالمية للحكومات 2016 دبي، تسائل عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلا: هل يعي العرب والمسلمون ما قالته أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية في القمة الحكومية بدبي؟".. عقود طويلة نخر آل سعود ومكتب الارهاب التكفيري الوهابي السلفي جسد الأمة هنا وهناك ودفع المذاهب الاسلامية للتقاتل والتناحر وتكفير بعضهم البعض من على منابر الصلوات والفضائيات ليل نهار تحشد العقول الساذجة بنحر الأب والأم والأخ .. احكام لم ينزل بها سلطان حتى لدى المكاتب العلمانية فكيف بالدين الإسلامي الحنيف، دين المودة والرحمة والرأفة؟!.
يذكر التاريخ أنه عندما اجتاح المغول مدينة "بخارى" المسلمة عجزوا عن اقتحامها فكتب "جنكيز خان" لأهل المدينة أن من سلم لنا سلاحه ووقف في صفنا فهو آمن ومن رفض التسليم فلا يلومن إلا نفسه.. فانشق صف المسلمين الى صفين اثنين: فمنهم رافض له فقالوا: لو استطاعوا غزونا لما طالبوا التفاوض معنا !!، فهي إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة نغيظ بها العدو.. أما الصنف الثاني فجبن عن اللقاء وقال: نريد حقن الدماء و لا طاقة لنا بقتالهم ألا ترون عددهم وعدتهم؟؟.. فكتب جنكيز خان لمن وافق على التسليم أن "أعينونا على قتال من رفض منكم ونولكم بعدهم أمر بلدكم"، فاغتر الناس بكلامه فنزلوا لأمره ودارت رحى الحرب بين الطرفين، طرف دافع عن ثبات مبادئه حتى قضى نحبه و طرف وضيع باع نفسه للتتار، وفي النهاية انتصر طرف التسليم والعمالة.. لكن الصدمة الكبرى أن التتار سحبوا منهم السلاح وأمروا بذبحهم كالخراف وقال جنكيز مقولته المشهورة: "لو كان يؤمن جانبهم لما غدروا بإخوانهم من أجلنا ونحن الغرباء !!!".
التاريخ يعيد نفسه في بلاد المسلمين من أفغانستان التي باتت تحت رحمة فرقة "طالبان" خريجي مدارس الفكر الوهابي التكفيري لآل سعود على مدى عقود تم تربيتهم في أكثر من 3700 مدرسة بباكستان بالتعاون من الاستخبارات العسكرية الباكستانية.. وكذا الأمر مع الجماعات الإرهابية المسلحة التي عاثت وتعيث الفساد في البلاد والعباد في العراق وسوريا واليمن ومصر والجزائر ونيجيريا و.. باسماء مختلفة أبرزها تنظيم الدولة "داعش" الإجرامي الذي لم يتوان من فعل أقذر الأفعال غير الانسانية، تفجير انتحاري، وسبي النساء وبيع أطفال وحتى أعضاء من يتم قتلهم لمقاومتهم أو رفضهم الإلتحاق بهم، جرائم لا تعد ولا تحصى بات تاريخها أسود قاتم من كثرة الدماء البريئة التي أريقت وتراق حتى لحظة كتابة هذه السطور في شوارع وأزقة بلداننا الاسلامية.. كل ذلك لأن الأمة لم تعتبر من التاريخ فقتلت أسودها وأتاحت الفرصة لأن تأكلها كلاب الأعداء.
حوادث شوهت صورة الاسلام الحنيف في كل بقاع العالم وساعدت اللوبي الصهيوني المحتال على ترويج فكرة الإسلاموفوبيا بكل سهولة بدأت بأحداث 11 سبتمبر عام 2001 لتكون منصة لانطلاق البوفالو الأمريكي بغزو البلاد الاسلامية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الذي أوجده هو بنفسه وبمساعدة آل سعود وقطر بتقديمهم الدعم المالي واللوجيستي لأفراد تنظيم "داعش" الإرهابي، وفق اعترافات وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" والذي صدر عن دار "سيمون آند شوستر" في 600 صفحة تحت عنوان: " Hillary Diane Rodham Clinton, June 10, 2014, Hard Choices, Simon & Schuster, Inc".
"للناس في حياة الأمم والشعوب والأشخاص في الماضي والحاضر والمستقبل تاريخ وحكايات وعبر.. ولكل واحد منهم دوره الفاعل أو المنفعل، والمؤثر أو المتأثر في الحياة البشرية بشكل عام.. إذن، فليكن دور الناس في الحياة هو البارز والمؤثر والفعال.. لا أن يكون دورهم فيها هامشياً أو سلبياً متأثراً أو منفعلاً.."، هي قصتنا وحكاية صمتنا لما جرى ويجري على أحرار ونبلاء شعبنا على يد الطغمة الحاكمة ولنا في ذلك أمثال كثيرة، فلا زالت حكاية ناصر السعيد وكيفية اختطافه واغتياله برميه من طائرة فهد بن عبد العزيز الخاصة من سماء بيروت يدوي صداها في آذان الواعين منا، ثم تجرأ آل سعود مواصلة إجرام اسلافهم حتى احتفل سلمان بالذكرى الأولى لعهده في العرش بعشرات القرابين من خيرة شبابنا وفي مقدمتهم الشيخ النمر، لتتوالى مسيرة القمع التعسفي للسلطة الحاكمة حتى بات مئات بل ألوف العلماء والدعاة والناشطين والمفكرين والمثقفين يقبعون في السجون دون ذنب سوى المطالبة بنبذ التكفير الطائفي والمساواة وحرية الرأي، لم يعرف مصير الكثير منهم.. كله ثمن صمتنا ونكراننا لجميل أسودنا والسماح للكلاب بتمزيقه أجسادهم.
عقود طويلة وآل سعود وذرعهم الديني الوهابي في شبة الجزيرة العربية هما منشأ الإسلام المنحرف والمناصر الرئيسي للمجموعات المتطرفة في طول المنطقة وعرضها، وكما قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب غراهام وهو المؤلف الرئيسي لتقرير سري صادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي عن الهجمات الارهابية في 11 سبتمبر 2011، في وقت سابق من هذا العام: "تنظيم الدولة الإسلامية هو نتاج للمثل الأعلى السعودية والأموال السعودية".. وويكيليكس تنقل على لسان وزيرة الخارجية الإمريكية السابقة هيلاري كلينتون كشفها أدوار قطر والسعودية وتواطئهما في نشر الإرهاب التكفيري في ربوع العالم برمته، حيث تعاونهما الوثيق وكذا الكويت والإمارات في دعم القاعدة وطالبان وغيرها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي لا تزال تنشط في ربوع بلادنا العربية الاسلامي، كل ذلك لأننا سكتنا عن نحر أسودنا وسمحنا لكلاب الاستعمار البريطاني الخبيث من الإتيان بكلابه للحكم علينا.
ارسال التعليق