الأمم المتحدة تقلق من تصاعد ظاهرة "الإسلام فوبيا" في الغرب!! من المسؤول عن صنع وتنامي هذه الظاهرة
[عبد العزيز المكي]
أن تقرر الأمم المتحدة يوماً عالمياً في 10 آذار لمكافحة الإسلام فوبيا واعتبار هذا اليوم من 15/3/2024 فذلك يعني أن كراهية الشعوب في العالم، لاسيما في العالم الغربي وصلت إلى مستويات مقلقة، ولذلك حذر مقررو الأمم المتحدة في اجتماعهم في ١٥ آذار ٢٠٢٤ من أن المشاعر المعادية للإسلام في جميع أنحاء العالم وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق .. جاء ذلك في بيان مشترك أصدره المقرون أشاروا فيه إلى أن أعمال الترهيب والاستفزاز على أساس الدين والمعتقد زادت بسرعة في جميع أنحاء العالم، العام الماضي، وأن معاداة الإسلام وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق . ودعا المقررون في بيانهم الدول إلى الرد على جميع أشكال الكراهية الدينية وضمن ذلك معاداة الإسلام، وشرحوا مبررات إعلانهم وتبنيهم لهذا اليوم قائلين إن إعلان اليوم العالمي لمكافحة الإسلام فوبيا تم بهدف ترسيخ ثقافة التسامح والسلام على كافة المستويات، وتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى تشجيع الحوار العالمي.. وذلك ما أكد عليه رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد عبد الرحمن آل ثاني في 17/3/2024 في تغريدة له جاء فيها قائلاً: "إن التفاهم والحوار بين الشعوب والأديان هو الطريق الوحيد للتعايش في عالمنا".. كما دعا إلى "نبذ كافة أشكال الكراهية تجاه الشعوب والمعتقدات، لاسيما التي يعاني منها المسلمون" الذين تم اختزالهم في صورة خاطئة ومشوهة من قبل البعض من منطلقات عنصرية للاسف"..
قرار الأمم المتحدة الآنف، وتحذيراتها من تزايد الكراهية للإسلام في العالم الغربي، ثم دعوات رئيس الوزراء القطري للحوار، كل ذلك، ذكرني بتصريحات المقبور الصهيوني شيمون بيريز التي أدلى بها عام ١٩٩٥ بعد ما راج خبر لوكالة الأنباء الفرنسية يومذاك عن تزايد إقبال الشعوب الغربية على الإسلام وانفتاحها عليه، حيث اعتبر بيريز أن ذلك مؤشر خطر على الكيان الصهيوني، وأن هذا الأخير لابد أن يعمل بكل طاقة لقلب الصورة، أي إبعاد المجتمع الغربي عن الإسلام ووضع حد لهذا الإقبال على هذا الدين!!
ومنذ إعلان بيريز ذاك، تحركت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وأجهزتهما الاستخباراتية لوضع الخطط والمشاريع من أجل وضع حد لهذا الإقبال الشعبي الغربي على الإسلام، وإقامة حواجز نفسية وموانع تمثلت بعرض صور ونماذج بشعة ومشوهة عن الإسلام، ومن اللافت حقاً أن النظام السعودي وبقية بعض الأنظمة العربية شكلت مرتكزاً أساسياً في هذه الخطط الأمريكية الصهيونية والبريطانية المعادية للمسلمين وإسلامهم ومقدساتهم، ومن هذه الخطط ما يلي:
أولاً: وضعت أمريكا والعدو ومعهما بريطانيا، أخبث المشاريع لتشويه الإسلام وشيطنته، ومن خلال نماذج عملية وحية، وتقديمه إلى المجتمعات الغربية وذلك عبر الأساليب التالية:
١- إنشاء وتأسيس جماعات إسلامية متطرفة، حيث وفرت المدارس الوهابية السعودية، في المملكة وفي باكستان وفي باقي دول العالم الكم الهائل من الشباب الذين تربوا في هذه المدارس وتشبعوا بالفكر الوهابي السعودي، وهو فكر تكفيري معروف بإلغائه للآخر وتكفيره وتجويز قتله ومصادرة أمواله وسبي عائلته حتى لو كان مسلماً !! أمريكا وعبر خبرائها ومفكريها وخبراء الصهاينة ومفكريهم قرروا إنشاء جيوش من هؤلاء التكفيريين، وبمساعدة النظام السعودي حيث اضطلع هذا النظام بالدور الرئيسي في تشكيل هذه الجيوش من خلال توفير الأموال الطائلة ومن خلال الرعاية والاشراف الديني والفكري، عبر مد هذه الجيوش بالدعاة الوهابيين، وعبر تجنيد المؤسسة الوهابية السعودية في المملكة بكل دعاتها "وعلمائها" في خدمة هذه الجيوش بإصدار الفتاوى وإسباغ نوع من الشرعية على ممارسات هذه الجماعات، والتي انطلقت تقترف الجرائم، في العالم الإسلامي وفي الغرب، والقصة معروفة، في العراق وفي سوريا وفي فرنسا، كما وظفت هذه المجموعات ضد روسيا في أفغانستان، وللإشارة إن أول عملية ذبح لهذه الجماعات لأحد المنتمين للمذهب الشيعي، اقترفت في العراق ونشرت في فيديو، انتشر في العالم، في مشهد استعراضي إرعابي، تتبرى منه البشاعة والصورة المرعبة والمقززة "للإسلام" الذي يحمله هؤلاء المنحرفون والتكفيريون، والذين يريدون تصدير هذه النسخة المشوهة منه للعالم!! نقول للإشارة إن أول عملية قامت بها هذه الجماعات في العراق بإشراف مباشر من الاستخبارات الأمريكية السي آي اي والموساد الإسرائيلي، حيث الذين قاموا بعملية الذبح هم من أعضاء الموساد في الجيش الأمريكي، أما الضحية فلم يكن عراقياً شيعيا، إنما كان من الجنود الأميركان الذين تمردوا على الجيش الأمريكي بسبب اقترافة الجرائم المروعة بحق الأبرياء من الشعب العراقي!! ونسبت العملية إلى القاعدة وطبل لها الإعلام!! ومنذ ذلك الوقت بدأت القاعدة بعمليات الذبح والقتل والاغتصاب والتفجير في كل مكان، حتى في الغرب لتسويق الصورة المشوهة كما قلنا عبر هؤلاء للمواطن الغربي!!
وذلك ليس مجرد تحليل إنما حقيقة صدح بها الأميركان أنفسهم والصهاينة أيضا، فالمقبور أرييل شارون قال صراحة، نحن من دفع أمريكا لغزو العراق، وشاركنا بشكل مباشر بكل ما يعانيه هذا البلد"!! وإذا رجعنا إلى ما قبل غزو العراق، فإن رئيسة وزراء باكستان بي نظير بوتو كانت قد قالت نحن والسعودية والمخابرات الأمريكية من أنشأ طالبان في أفغانستان!! وإلى ذلك فإنه عندما سئل بريجنسكي أحد أشهر مستشاري الأمن القومي في الولايات المتحدة.. "ألم تقترفوا خطأ كبيرا في التحالف مع تنظيم القاعدة وأمثاله لمواجهة السوفيات في أفغانستان وغيرها، ثم حولتموهم إلى أعداء لكم!؟ فرد بريجنسكي ساخرا: "نعم لقد انقلب المتشددون علينا، وهذا ليس مهما ولا يشكل لنا أي مشكلة، إذ يكفي أننا حققنا من خلال المتشددين هدفاً عظيما بالانتصار على ألد أعدائنا التاريخي، ألا وهو الاتحاد السوفيتي، قارن إذن خسارتنا البسيطة مع الإسلاميين بمكاسبنا العظيمة ضد السوفيات"!! وفي الحقيقة إن هؤلاء التكفيريين لم ينقلبوا على الأمريكان فحتى عمليات الحادي عشر من سبتمبر التي ضربت مركز التجارة العالمي في نيويورك تمت بتخطيط وتنفيذ المخابرات الأمريكية والصهيونية والسعودية وهذا ما يقوله الكاتب الفرنسي تيري ميسان في كتابة الخديعة الكبرى!! كما أن المرشحة الامريكية هيلاري كلينتون، والرئيس السابق رونالد ترامب وقبلهما جوزيف بايدن نفسه وغيرهم اعترفوا صراحة بأن أمريكا هي من صنعت الإرهاب في العراق !
2 - تجنيد جماعات غربية متطرفة، وفي هذا الإطار فإن العدو نزل بكل ثقله في الوسط الغربي لقلب الصورة السابقة عن الإسلام وتمكن بأساليبه الخاصة من تحقيق نجاحات كبيرة فاستطاع تجنيد العديد من العناصر الغربية في ارتكاب العديد من الجرائم بحق الأبرياء من المجتمعات الغربية في فرنسا واسبانيا وألمانيا وغيرها. وإلصاقها بالمسلمين ذلك من أجل تعزيز الصورة التي سوقتها القاعدة وباقي الجماعات الإرهابية في العالم الإسلامي، عند الغربيين وبالتالي تقوية القناعة عند المجتمعات الغربية بأن الإسلام، هو "دين الإرهاب والكراهية والقتل" وما إلى ذلك، ولقد حققت الصهيونية من خلال هذا الجهد من تجنيد جماعات لحرق القرآن الكريم، أو الإساءة إلى النبي الأكرم (ص) في كاريكتيرات في الصحف أو في مقالات وما إلى ذلك، من أجل تعزيز تلك الصورة في ذهنية المواطن الغربي !!
أما على صعيد الوسط السياسي فالعدو نجح في كسب رؤساء أحزاب وشخصيات بارزة في بلاد الغرب وفي الولايات المتحدة تروج له!! وتعمل على تشويه الإسلام!! وفي هذا السياق قالت صحيفة الوثان السويسرية في 26/11/2024 "إن صورة السياسي الهولندي اليميني المتطرف "خيرت فيلدرز" التي تظهره وخلفه العلم الإسرائيلي" بجانب العلم الهولندي، لم تمر بدون ملاحظة، واصفة إياه بالزعيم الشعبوي الذي يسعى لنزع الإسلام من هولندا، وتمثل إسرائيل" له خط الدفاع الأول عن الغرب"!! أضافت الصحيفة في تقرير لها كتبه فريدريك كولر.. "إن تماهي فيلدرز - الذي فاز حزبه المناهض لأوربا والأجانب والمسلمين - مع معارك الاحتلال الإسرائيلي ضد "الإرهاب الإسلامي" والترويج لإسرائيل الكبرى من خلال الاستيطان، أصبح علامة لليمين المتطرف ليس في أوربا فقط.." وأشارت الصحيفة إلى أن خافيير ميلير عندما فاز بالانتخابات الرئاسية في الأرجنتين أجرى أول مقابلة له مع إحدى الصحف ليعلن أن أول زيارة رسمية له إلى الخارج ستكون إلى" إسرائيل" من أجل نقل سفارة الأرجنتين إلى القدس ! وهكذا في بقية دول العالم، حيث تشير الصحيفة السويسرية إلى اتساع نطاق التأييد الغربي في أوساط الأحزاب اليمنية في فرنسا وسويسرا وألمانيا وبقية الدول الأوربية، التأييد المصحوب بمعاداة الإسلام واتهامه بالإرهاب، وبأنه الذي يشكل خطراً على الغرب !!
ثانياً: تجنيد النظام السعودي في ضرب الصورة الحقيقية للإسلام، وإنتاج صورة تتلائم وتتوائم مع المشاريع الأمريكية والصهيونية، وفي مقالاتنا السابقة تعرضنا بشكل مفصل إلى هذا الدور الذي يقوم به بن سلمان، لذلك نكتفي بالإشارة فقط، وفي نقاط سريعة،
لمجرد التذكير فحسب، فبن سلمان وكما بات معروفاً يقوم بما يلي:
1- ضرب المرتكزات الأساسية لثقافة المجتمع الإسلامي في السعودية، من خلال الانفتاح على الغرب، على ثقافته المبتذلة، من خلال إقامة الاحتفالات والمهرجانات المختلطة غير المحتشمة، بمشاركة الفنانين والمغنيين المشهورين الغربيين والأميركان .
۲- الترويج لمظاهر التعري والإفساد والاختلاط بين الجنسين !
3- غسل عقول الشباب والأجيال القادمة عن طريق تغيير المناهج، وهذه العملية جارية على قدم وساق وتحت إشراف الخبراء الأمريكان والصهاينة..
4- ضرب المعالم التاريخية المقدسة، وضرب المظاهر الإسلامية..
وهناك الكثير من الممارسات المسيئة للإسلام التي يقوم بها النظام السعودي بقيادة بن سلمان، والنتيجة هي محاولة تغييب الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام المحمدي الأصيل !!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق